تونس: «الاتحاد الوطني الحر» يندمج في الحزب الحاكم ومراقبون يحذّرون من تواصل «السياحة الحزبية»
أعلــن حــزب «الاتحــاد الوطنــي الحــر» اندماجــه فــي حــزب «نــداء تونــس» الحاكــم، في خطــوة جديدة أثــارت جدلاً داخل الطبقة السياســية فــي تونــس، حيــث قلــل البعــض من أهميتهــا ووصفهــا بـ«العبثيــة»، معتبــرًا أنهــا تدخل في إطــار الصراع المســتمر بين نجل الرئيس التونســي ورئيــس الحكومة، فيما حــذر آخرون من تواصــل «الســياحة الحزبية» في البلاد.
وأصــدر «الاتحــاد الوطنــي الحر» بيانًا أعلن فيــه «اندماجه» في الحزب الحاكم، كما دعا في الوقت نفسه إلى تشــكيل حكومة تونســية جديدة، في دعوة غير مباشــرة لرئيــس الحكومة يوسف الشاهد بالاستقالة.
وبررت ســميرة الشوّاشي الناطقة باســم «الاتحاد الوطني الحر» خطوة الاندمــاج بوجــود «أوضــاع وطنيــة طارئة تتمثل في الواقع الذي تعيشــه البــاد، علــى خلفيــة فشــل العمــل الحكومــي والضبابية التي تشــهدها الســاحة السياســية»، مشــيرة إلــى أن فكــرة الاندمــاج تــراود حزبها منذ ســنوات عدة «نظرًا لوجود تقارب مع نداء تونس على جميع المستويات.»
ورحّــب حــزب «نــداء تونــس» بما أســماه «القــرار الهــام الــذي اتخــذه حزب الاتحاد الوطني الحر بالاندماج في حــزب نداء تونــس، والتقاء إرادة الطرفــن مــن أجــل قيــام مشــروع سياســي وطني وديمقراطــي مفتوح، يســتجيب للاســتحقاقات الوطنيــة ويضمن للتــوازن السياســي ويحمي تونس مــن كل المخاطــر، وخاصة من النهج السياسي المغامر.»
ودعا «جميع القوى والشــخصيات الوطنيــة الوســطية والحداثيــة إلــى حوار وطني أساسه التقييم والتجاوز لإرساء التقاء وطني وجمهوري حول مشــروع الباجي قائد السبسي». كما جــدد دعوته إلى إجــراء «تغيير عاجل وشــامل للحكومــة لإيقــاف الانهيــار الاقتصــادي والاجتماعــي وتجــاوز الأزمة السياســية التي تهدد الانتقال الديمقراطي .»
وكشــفت مصــادر إعلاميــة عــن التركيبــة الجديــدة لحــزب «نــداء تونس» إثــر عملية الاندمــاج الأخير، حيــث أشــارت إلــى احتمــال تعيــن سليم الرياحي )رئيس حزب الاتحاد الوطنــي الحــر( أمينًــا عامًــا لحزب «نــداء تونــس»، فضــاً عــن إلغــاء منصــب المدير التنفيــذي في الحزب، وتعيين حافظ قائد السبســي )المدير التنفيــذي الحالي للنــداء( على رأس هيئة سياســية موسّعة تضم قيادات من كلا الحزبين.
وأثــارت خطــوة «الاندمــاج» بــن الحزبين جدلًا كبيرًا في تونس، حيث توقع لزهر العكرمي القيادي السابق في حزب «نداء تونس» ألا يستمر هذا التحالف طويلًا، مشيرًا إلى أنه «مبني على مصالح مشــتركة بــن الطرفين، وقد لا يستمر أكثر من شهرين.»
واعتبــر كــريم الهلالــي النائب عن كتلــة «الائتلاف الوطنــي» أن اندماج حزبي «النــداء» و»الوطني الحر» هو نوع مــن «العبث السياســي»، معتبرًا أن «السياســة مهنة نبيلــة ولا ينبغي الإساءة إليها بتصرفات وفق مصالح آنية».
وأضــاف: «قــرار الاندمــاج خطير لأنه يعنــي حل حزب الاتحاد الوطني الحــر، وهــو قــرار يُتخذ فــي مؤتمر، وهــذه مشــكلة فــي مســار الانتقال السياســي، حيث توجد مشــاكل في تسيير الأحزاب».
فيما وصــف وليد الجــاد النائب عــن الكتلــة ذاتهــا، الاندمــاج بــن الحزبــن بـــ»زواج المتعــة»، لكنــه اســتدرك بقولــه: «هــذا خيــار حافظ قائــد السبســي وســليم الرياحــي ونحترم ختياراتهما».
ودوّن النائــب الصحبــي بــن فرج علــى صفحته في موقع «فيســبوك»: «حرب الأعصاب والتلاعب بالمفاهيم: ينددون بســياحة النــواب وانتقالهم مــن كتلــة إلــى كتلــة ويعتبرونهــا خيانة ويستبشــرون بارتمــاءة حرة لحزب فــي أحضان حــزب، وبكامل مكوناتــه وبــدون استشــارة نوابه، ويعتبرونهــا دهــاء وضربــة معلــم. يتهمــون خصومهــم بالارتمــاء فــي أحضان النهضة وقد كانوا طيلة أربع ســنوات في الجيب الصغير الخاص بالنهضــة، ويســتدعون رئســها لمؤتمرهم ذي الجناحين، ويعتبرونها حليفًــا اســتراتيجياً ويراهنــون فــي الكواليــس علــى اســتمالتها مجــددًا لتشــكيل حكومــة معهــا. يتهمــون خصمهــم بأنه يهدد ويبتــزّ الأحزاب والنــواب، ويعتبــرون الوعد الصريح برفع إجراء قضائــي مقابل الانقلاب في الموقف، فتحًا سياســيًا مبينًا ينمّ عن خبرة واحترافية وخبث سياسي محمود .»
وتشير بعض المصادر إلى أن 14 نائبًا من الكتلة البرلمانية لـ»الاتحاد الوطنــي الحــر» مــن المنضمــن حديثًــا إلــى كتلــة «الائتــاف الوطني،» ســيقدمون اســتقالتهم مــن «الائتــاف الوطنــي»، على أن ينضمــوا لاحقًــا إلــى كتلــة «نداء تونــس»، التــي يُتوقــع أن تصبــح لاحقًا الكتلــة الثانية فــي البرلمان، بعد كتلة حركة «النهضة».