Al-Quds Al-Arabi

طريقنا مرصوفة بالـ «القنافذ»

المخططات التي حيكت لطرد السكان العرب الذين ظلوا في البلاد كشفها يهود يقفون ضدها

- هآرتس 2018/10/15

■ حزن ثقيل ألَمّ بي عندما قرأت مقالة عوفر أديرت عن المذبحة في كفر قاسم في 1956 )هآرتــس ‪/10(. 12‬وبشــكل خاص إزاء الكشــف عن أن المذبحــة كانت جزءاً من عمليــة «القنفذ»، التي حيكت في أقبية الجيش الأكثر أخلاقيــة في العالم، والتي كان هدفهــا طرد ســكان المثلث الجنوبي. بحزن وشفقة فكرت بالســكان البسطاء لقرية كفر قاســم الذين صدّقوا أن الدولة الشابة التي أعلنت أنها قائمة على مبادئ ســامية، لن تذبحهم. حزن ثقيــل ألَمّ بي عندما فكرت بالخيانــة الكبرى. فمن طبع الإنســان أن يحافــظ على حيــاة أولئك الموجودين تحت رعايته. كيف اســتطاع المخططون والمنفــذو­ن تغيير جلدهم بهذه الصورة. الخيانة هي طبع إنســاني فيهم. وحتى في عالــم الحيوانات فإن التصرف بالكائنات العاجزة يكون برفق أكثر.

حزن ثقيل ألَمّ بي إزاء التشويه الكامل للتاريخ: كيف حولوا شــعباً كاملاً، الذي جميعه نسخة من ســكان كفر قاسم، إلى أشــخاص «ثاروا على اليهود لإبادتهم،» وكل هــذا من أجل اســتغلال تهكمي لقول هنا وقول هناك لزعيم عربي كان في بعض الحالات عميلاً للحركة الصهيونية.

وداخل دوامة الحزن والتســاؤل هذه، ثار ســؤالٌ في رأســي: كيف لم يكن لدى الفلسطينيي­ن، مع كل الشر الذي يلصقونه بهم، أية خطة يمكنهــم من خلالها التعبير عــن نواياهــم الخبيثــة؟ كيف لــم يكن لديهــم الخطــة «د» (التي حيكت عشــية النكبة(، وليس لديهــم خطة «الصنوبر» )التي حيكت عشــية حرب لبنان الأولى(، وبالطبع ليس لديهم «عملية قنفذ» خاصة بهم؟

الحزن ألَمّ بي إزاء حقيقة أن مخططات الطرد لم تتوقف منذ ذلك الحين. في 1967 طردوا سكان غور الأردن، والآن يطردون من منطقــة «ج». حزن ألَمّ بي عندما فكرت في هذا النظــام، الذي كل وظيفته تنطوي على جلب البــؤس للآخريــن وتنغيص حياتهم. مســاكين من اختاروا هذه المهنة، لن تجد لديهم سعادة أبداً.

الحزن تزايد عندما بدأت بالتســاؤل، كم مــن البرامــج من نــوع القنفــذ تقفز بعصبية الآن فــي أدراج المكاتب المعنية؟ كما أتساءل: ألا يعدّ إهمال المجتمع العربي وتركه بين فكي كماشة العنف خطة «قنفذ» من إنتاج آلــة وزارة الأمن الداخلي: جعل المثقفــن والقادريــ­ن في أوســاط العرب الانتقال إلى مدن يهودية، ووضعهم تحت رحمة الهجمات العنصرية للفاشــيين، في حين أن وضــع البلدات العربية ســيزيد تدهوراً إلى درجة الفقدان التام للأمل؟

هــل أرى ظل الجبال كجبــال؟ لا أعتقد ذلــك، وخاصــة عندمــا يحــوِّل الوزير المســؤول عن أمنــي الشــخصي، جلعاد أردان، المعلم المرحوم يعقوب أبو القيعان إلى أحد نشطاء داعش، ورؤساء السكان العــرب إلى أعداء للدولــة، وعندما يدعو وزير الدفاع بســعادة لطــرد العرب من الدولة.

لهذا، وباســم الشــفافية والأكثر دقة باسم الحياة، أنا أدعو لكشف كل الخطط المخبأة في الأدراج والتــي موضوعها هو مستقبل السكان العرب. ماذا يطبخون لنا نحن الذين بقينا هنا؟

الدعوة للعمل لإحباط الخطط السرية ليســت موجهة للعــرب فقط، بــل أيضاً وبالأساس لليهود، الذين يجدون صعوبة فــي التعرف إلى وجوههــم إذا نظروا في المــرآة، وأنــا بالتحديد متفائــل؛ لأن من كشــف عن خطة القنفذ ليس ســوى آدم راز، اليهودي الذي عمــل بصورة حثيثة ووصل إلى الحقيقة عن كفر قاسم. وعضو الكنيســت مئير فلنر اليهــودي هو الذي وصــل مع عضو الكنيســت توفيق طوبي العربي إلى كفر قاســم ونقلوا المعلومات إلــى أوري أفنيري اليهــودي، والحقيقة )حتى وإن كانت جزئية( كُشــفت، وبهذا مُنــع ـ وهذا ما أنا مقتنع بــه ـ تنفيذ خطة «قنفــذ» أخــرى مــن الخطــط الموجودة بالأدراج. علينا ألا ننســى التراث المضاد الذي وضعه المتنورون فــي الدولة. هكذا نبتت مفاهيم سامية مثل «أمر غير قانوني بصورة واضحــة»، الذي يرفــرف «علم أســود» عليها، وخاصة علينا ألا ننســى صرخــة الشــاعر مردخاي آفي شــاؤول اليهودي بعد كفر قاســم الذي حذر من أن الشجرة السامة لم تقتلع بعد.

 ??  ?? وقفة احتجاجية لفلسطينيين ضد الانتهاكات الإسرائيلي­ة
وقفة احتجاجية لفلسطينيين ضد الانتهاكات الإسرائيلي­ة

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom