Al-Quds Al-Arabi

لجنة حكومية لمناقشة موازنة 2019 مع البرلمان العراقي... ورئيس الحكومة يسعى لـ«تحقيق العدالة والإنصاف»

اعتراضات شيعية ـ سنّية ـ كردية... والمحافظات المدمّرة والمحرومة أبرز المتضررين

- بغداد ـ «القدس العربي» من مشرق ريسان:

أجمعت القوى السياســية الشيعية والســنّية والكردية، على ضرورة تعديل مشروع قانون الموازنة المالية الاتحادية لعام 2019، وتضمين حقوق المحافظــا­ت «المدمّرة» بفعل الحرب ضد تنظيم «الدولة الإســامية»، والمدن «المحرومة» في الجنوب، إضافة إلى تعديلات أخرى يطالب بها الأكراد.

مشــروع القانون المعدّ من قبل الحكومة السابقة برئاسة حيدر العبادي، لم يشــهد أي تعديلات من قبل الحكومة الجديدة برئاسة عادل عبد المهدي، الذي قرر إرسالها للبرلمان مباشرة بعد تسلمه منصبه الجديد.

وتعدّ موازنة 2019 الاختبار الأبرز للحكومة الجديدة، بكونها ستدخل في أول مواجهة مباشــرة مع مجلس النواب الجديــد، العازم على تفعيل دوره الرقابي والتشريعي في الدورة الحالية.

نــواب محافظــة نينوى، إضافــة إلى الأنبــار وصلاح الديــن، هددوا بإجراءات «قانونية ودستورية» في حال تم تمرير الموازنة بشكلها الحالي، معلنين رفضهم القاطع لها.

النائبة عن محافظة نينوى، بســمة بســيم قالت لـ«القــدس العربي»، إن «هنــاك توجها لدى نواب نينوى بالشــروع بفتح الملفــات العالقة، بعد اكتمال تشــكيل الحكومة واللجان البرلمانية، بالتعاون مع نواب المحافظات الأخرى».

ورأت إن أبــرز هذه الملفات التي وصفتها بـ«الحيوية» هو «حصة نينوى من موازنة 2019»، مشــيرة إلى أن «الموازنة جاءت من الحكومة الســابقة برئاسة حيدر العبادي إلى البرلمان، وهي موازنة خجولة جداً، ولا تتناسب وحجم احتياجات محافظة نينوى، والضــرر والمظلومية التي تعرضت لها المدينة، ولا حتى نسبة السكان».

وجددت، رفض نواب المحافظة للموازنــة، ملوّحة بـ«إجراءات قانونية ودستورية في حال تم تمريرها».

وختمت النائبة عن ائتلاف «النصر» بزعامــة حيدر العبادي، بالمطالبة بـ«تعديــل الموازنــة، وأن يكون للمحافظــا­ت المحررة والمنكوبــ­ة ميزانية خاصة، واهتمام خاص».

في المــوازاة، قال النائب عــن محافظة نينــوى أيضاً نايف الشــمري لـ«القــدس العربي»، «ســجلنا ملاحظات أخرى تخــص محافظات الأنبار وصلاح الديــن، إضافة إلى نينوى، وهي محافظــات مدمرة وكانت محتلة من قبل تنظيم داعش الإرهابي، هــذه المحافظات لم تنقل إليها الصلاحيات )بموجــب قانون رقم 21 ينص علــى نقل صلاحيات بعــض الوزارات إلى الحكومات المحلية(، ناهيك عن حصة نينوى فــي موازنة 2019 والتي تبلغ 11٪، غير إن الحكومة خصصت لها 1٪ فقط».

وأضــاف: «من المقرر أن تحصل محافظة نينــوى على 7 تريلونات دينار )نحــو 6 مليارات دولار(، لكــن أعطونا 143 مليار دينــار فقط )119 مليون دولار(. هذا إجحاف كبيــر»، لافتاً إلى أنه «كان من المتوقع أن تعطى نينوى أكثر من حصتهــا، باعتبارها مدينة مدمرة وتحديــداً الجانب الأيمن منها، لكن الحكومة الســابقة غبنت نينوى غبنا كبيرا جداً، ونأمل من عبد المهدي تضمين حقوق المحافظة في موازنة 2019».

دمار هائل

وأعلن نواب «المدن المحــررة» رفضهم الموازنة الماليــة للعام 2019، فيما طالبوا بإعادتها للحكومة العراقية وتعديلها، بما يضمن تخصيص الأموال التي تتناسب مع «الدمار الهائل» الذي لحق بمناطقهم.

وحســب بيان للقيادي فــي تحالف «المحــور الوطنــي»، النائب عادل المحلاوي، قال: «للأســف الشــديد فوجئنا بموازنة ظالمة لعام 2019، بحق المحافظات المنكوبة، وهنا أوجه سؤالي للحكومة التي وضعت الموازنة، هل تعلمون ما حصل في تلك المحافظات المدمــرة وحجم الخراب الذي حل بها، وكيف هو وضع أهلها المأساوي الذين ما زال مئات الآلاف منهم يعيشون في المخيمات بوضع كارثي لا يمكن وصفه في بيان؟».

ولفت إلى أن «المحافظات المنكوبة ظلمت طوال الســنين الماضية في أوجه مختلفة، ومن تلك الأوجه حرمانها من الدرجات الوظيفية للسنوات الأربع الماضية، وعدم تعويضها في موازنة 2019».

ويخــوض عبد المهدي اختباراً صعباً، يتمثل بتقــديم موازنة تتوافق مع البرنامج الحكومي للســنوات الأربعة المقبلة، وتضمــن تنفيذه بمدد ألزم نفسه بها.

وفي هذا الشأن، أوضح النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني أحمد الصفار لـ«القدس العربي»، أن «مشــروع قانــون الموازنة المالية الاتحادية لعام 2019، لا يعبر عن برنامج الحكومة الحالية الذي صوتنا عليه»، مشيراً إلى أن مشروع القانون «جاء بكثير من النواقص وعدم العدالة في التوزيع، خصوصا المحافظات المنكوبة والمحررة التــي تعرضت للدمار والحرب مثل الموصل والأنبار وصلاح الدين».

واعتبر أن هذه المحافظات «تعاني من كوارث، ناهيك عن افتقار المواطنين في البصرة إلى أبســط الخدمات الأساســية»، منوهاً في الوقت عيّنه بأن الموازنة «لــم تنصف أيضاً إقليم كردســتان العراق. هنــاك إجحاف بحق الإقليم، ولهذا طالب النواب الكرد والعرب من الســنة والشــيعة، بإعادة مشروع قانون موازنة 2019 إلى الحكومة مرة أخرى لغرض تعديلها».

وختم النائب عن حزب مســعود بارزاني، حديثه بالتشديد على أهمية أن «تعبّر الموازنة عن وجهة نظر وبرنامــج الحكومة الحالية، بكونها تمثل سياسة الحكومة بلغة الأرقام والبيانات».

ووســط موجة الاعتراضات على مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2019، قررت الحكومة تشــكيل لجنة لمناقشة مشــروع القانون مع البرلمان، وفقاً لقواعد «العدالة والإنصاف».

وقال عبد المهدي في كلمته الاســبوعي­ة، مســاء أمــس الأول، «كنا أمام احتمالين، الأول امــا إعادة موازنة 2019 إلى مجلس الوزراء، أو يناقشــها مجلس النواب ويقرها كما وصلته من الحكومة السابقة، لاسيما ونحن في حالة حرجة ولا نريد بدء السنة الجديدة بدون موازنة».

وأضاف: «اتفقنا مع البرلمان على إبقاء الموازنة عنده ومناقشتها وشكلنا لجنة برئاســة وزير المالية )فؤاد حســن( وتذهب للبرلمــان وتطرح رؤية الحكومــة الجديدة عليها بشــكل واقعي»، وفيما أكد «عــدم وجود إمكانية لتغييــر كل أبــواب الموازنة»، أعرب عــن أمله في أن «يســهم التعاون بين السلطتين بالإسراع في إقرارها».

وعن حصة إقليم كردســتان العراق، أشار قائلاً: «سنبحث موازنة إقليم كردســتان بشكل واقعي، ولا اســتطيع أن أقرر شخصياً ذلك، هناك مجلس وزراء ووزارة مالية ومجلس نواب وإقليم كردستان، وستكون هناك لجنة أخرى تضم ممثلين عن الإقليم والمحافظات لحل العقبات».

وأكــد «لا توجد قرارات فوقيــة في الموازنة وســنناقش حصصهم وفق قواعد واضحة، ولابد من مسوغات قانونية ومالية تحقق العدالة وتنصف المحافظات والشعب العراقي بشكل متوازن».

إغفال حلبجة

حركة «الجيل الجديد» الكردية أصدرت بياناً تطرقت فيه للموازنة، قائلة «بعد الاطلاع على مشــروع قانــون الموازنة العامة الاتحادية لـــعام 2019 تعلن كتلة حراك «الجيل الجديد» في مجلــس النواب ومن منطلق حرصها على حقوق جميــع المحافظات العراقيــة وتماســكها الاجتماعي، تحفظها وملاحظاتها على بعض المواد والفقرات الــواردة فيه ونرى ضرورة ملحة في مراجعتها وإجراء التعديلات فيها قبل طرحها للمناقشة»

وأشار البيان إلى «إغفال ذكر محافظة حلبجة التي أقرت وفق السياقات القانونيــ­ة المتبعة فــي العراق، وكذلــك عدم تخصيص مبالــغ كافية لحل مشاكل مدينة البصرة التي تعد الشــريان الاقتصادي للبلد وتلبية مطالب محتجي هذه المحافظة من تأمين مياه الشــرب وحل مشــكلة التلوث المائي والبيئي وخلق فرص العمل لشــبابها، ومن غير المنطقي أن تعاني العاصمة الاقتصادية للعراق من مشكلة مياه الشرب وهي ترفد ميزانية البلد بالأموال وزير المالية العراقي فؤاد حسين اللازمة عبر حقولها النفطية».

ولفت أيضاً إلى «عدم إنصــاف المحافظات والمناطق المتضررة من الحرب وفي مقدمتها نينوى والأنبار وصــاح الدين بعد تعرضها للدمار والخراب جراء العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية»..

وانتقد «استمرار سيطرة الروح الانتقامية ضد إقليم كردستان منذ تأزم العلاقة بين الجانبين عبر زيادة النفقات الســيادية والحاكمة وتقليل نسبة الإقليم مــن 17٪ إلى 12.69٪ خلافــاً للاتفاقات الســابقة بين الجانبين والعرف الذي شكل أساساً للشراكة بين الجانبين».

وذكــر بـ« إغفال حقوق قوات البيشــمرك­ه التي تعد جــزءاً من منظومة الدفاع العراقي وقــد أدت دوراً بطولياً في معارك تحريــر المدن المحتلة من قبل تنظيم الدولة والتصدي لهذا الأخير الذي شــكل تهديداً وجودياً لجميع مكونات الشعب العراقي».

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom