Al-Quds Al-Arabi

معركة حظر النقاب تحتدم في مصر: نواب يؤيدون... وحزب «النور» يردّ بالدعوة لمنع مراكز التجميل

الأزهر يرفض... وطالبات يدشنّ حملة للتصدي لمشروع قانون في البرلمان

- القاهرة ـ «القدس العربي» من تامر هنداوي:

شــهدت مصر جدلا واســعا بســبب دعوات أطلقها برلمانيون وفنانون وأدبــاء، خلال الأيام الماضية لحظر ارتداء النقاب في المؤسسات العامة.

ودشــنت طالبــات في كلية الدراســات الإســامية جامعة الإسكندرية، حملة تحت عنوان «مصر لن تحظر النقاب».

ونشــرت الطالبات صورا لهن في بهــو الكلية وهن يرتدين النقاب، ودعون زميلاتهن في مختلف الجماعات لاتخــاذ نفس وســيلة الاعتراض، ونشــر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي.

كما أطلقن هاشــتاغ «مصر لن تحظــر النقاب»، الذي احتل المركز الأول فــي قائمة أعلى الوســوم تداولا في مصر.

وشــهدت مصر خلال الأيــام الماضيــة تصاعد ا في الانتقادات الموجهة لمرتديات النقاب والحجاب من نواب برلمانيين وأساتذة أزهريين عبر وسائل الإعلام المحلية، مطالبين بمنع النقاب على غرار قرار الجزائر قبل أيام، ما قوبل بالرفض لدى العديد من العلماء.

النائبة فــي البرلمان المصــري غادة عجمي، ســبق أن تقدمت بمشــروع قانــون لحظر ارتــداء النقاب في المؤسسات العامة، مســتندة الى وجهة نظر اجتماعية وأمنيــة فقط، بغــض النظر عن رأي الشــرع في قضية ارتداء النقــاب. وقالت إنها «لم تنســق مــع الأزهر أو الحكومة قبــل تقديم مشــروع القانون لأنــه لا يتعلق بمســائل دينية قــدر تعلقــه بقضايا الأمــن القومي». وأعربت عــن اعتقادها أن «المجتمع الــذي يمر بظروف أمنية صعبة ويحــارب الإرهاب من حقه أن يمنع ارتداء النقاب في الأماكن العامة نظرا لأنه يخفي شــخصية من يرتديه». واستشــهدت بعدد من الجرائــم التي ارتكبها رجــال كانوا يرتــدون النقاب لإخفاء شــخصياتهم أو لتهريب مواد محظورة أو لخطف أطفال صغار.

وتنص مواد مشروع القانون على «فرض غرامة مالية قيمتهــا ألف جنيه مصري )حوالــى 57 دولارا أمريكيا( على كل شــخص يرتدي النقــاب في الأماكــن العامة، كالمستشــف­يات والمــدارس والمبانــي الحكومية وغير الحكومية، ومُضاعفة الغرامة إذا تكررت المخالفة».

ولم تكن هذه هي المــرة الأولى التي يخرج فيها نائب برلماني ليطالب بحظــر ارتداء النقاب في المؤسســات العامة، فسبق ذلك مطالبة النائب محمد أبو حامد وكيل لجنة التضامن في البرلمان بحظر ارتداء النقاب.

هبة هجرس، عضو البرلمــان وعضو المجلس القومي للمرأة، أعلنت هي الأخــرى تأييدها لفكرة حظر النقاب بشروط محددة وليس بالشكل المطلق.

وقالت إنها «تؤيد حظر النقاب في الأماكن العامة في ظل الظروف الاســتثنا­ئية التي تمر بها البلاد، وتخفي الإرهابيــ­ن وراءه لتنفيــذ عمليات إرهابيــة، وكذلك في المعاملات الخدميــة، منعا لوقــوع عمليات النصب والاحتيال في الخدمــات الحكومية، إضافة إلى عمليات التدريس والتعلم بالمدرسة، ومن حق الطفل أن يتعرف على معلمته ومشاهده تعبيرات الوجه أثناء التعلم.»

وأوضحت أن «الحرية الشــخصية تتوقف عند وقوع تأثير مضاد علــى المجتمع، ولكن من حــق المرأة ارتداء النقــاب في منزلها وفي الأماكن التي لا يمكن أن تســبب فيه ضررا على المجتمع».

وأثارت تغريدات لفنانين وأدباء تدعو لحظر النقاب جدلا على مواقــع التواصل الاجتماعي، ونشــر الفنان نبيل الحلفاوي، تغريدة عبر حســابه الشــخصي على موقع «تويتر»، يرد فيها على ســؤال أحد جمهوره حول رأيه في قضية منع النقاب، قائــاً: «في حدود علمي لم يصدر مثل هذا القرار.. لكن عموما أنا ضد إخفاء الوجه سواء للرجال أو النساء في الشوارع والأماكن العامة».

علاء الأســواني أثار جــدلا في تغريــدة على مواقع التواصل الاجتماعــ­ي قال فيها: «ما رأيكم في شــخص يقود سيارة بدون لوحات معدنية وزجاجها أسود معتم لا يمكن أن تستدل منه على شخصية من يقود السيارة. هل تعتبر هذه حرية شخصية؟».

إيمان بيبرس رئيســة جمعية نهوض وتنمية المرأة، قالت إنها مع قرار حظر النقاب لعدة أسباب، وبررت ذلك بأن النقاب عادة مأخوذة من عادات اليهود.

وأضافت أن النقاب «يشكل خطرا على الأمن في مصر بشــكل عام، لأنه يســمح للرجال بالتخفي من خلاله، وأيضاً للإرهابيين والرجــال الملثمين الذي يتخفون فيه ليسيروا بأمان في الشوارع.»

وأيدت الكاتبــة الصحافية نشــوى الحوفي، عضو المجلــس القومي للمرأة، مشــروع القانــون المقدم إلى مجلس النواب لحظر النقاب، مؤكدة أنها ضد النقاب.

وقالت في تصريحــات صحافية إن «النقاب ليس من الديــن بل هو عادة يهودية في الأســاس»، موضحة أن «حظر النقــاب ليس تعديا على الحرية الشــخصية بل تعدٍ على الحرية المجتمع، وعلى الأمن القومي، وكثير من الأعمال الإرهابية والإجرامية ارتكبت بسبب النقاب.»

وأضافت «من تريد ارتداء النقاب عليها أن تجلس في بيتها، ولا تخرج للشارع.»

حرية شخصية

موقف علمــاء الأزهر جاء رافضا للدعــوات المطالبة بحظــر النقاب، وقال أحمد كريمة، أســتاذ الفقه المقارن فــي جامعة الأزهر، إن «الحرية الشــخصية للمواطن لا سلطان لأحد عليها، والنقاب حرية شخصية».

وأضاف أن «الأمم المتحدة أرســلت خطابا إلى فرنسا لعدم حظر النقاب لأنه حرية شخصية»، مشيرا إلى أنه «كان من الأولى بالدول الإسلامية أن تكون هي الأسبق فيما طالبت به الأمم المتحدة».

وأوضح أســتاذ الفقه المقارن أن «منع ارتداء النقاب داخل المؤسســات الحكومية يجــب ألا يعمم ولا يطلق، بمعنى أنــه إذا كانت هناك مهنة تقتضــي التواصل بين الموظفة التي ترتدي النقاب والجمهور، فلا توجد مشكله في منعه، وإذا كانت هنــاك وظيفة لا يكون فيها تواصل مباشر، فلا يحق لأحد إجبار الموظفة على خلع النقاب».

وزاد: «فــي الحقيقة أنا اعترض علــى هذا الأمر لأنه حرية شــخصية، فلم نســمع يوما عن قانــون يطالب بمراعاة الذوق العام في المصالح الحكومية، كمنع ارتداء البنطلونات الممزقة والأزياء الغريبة».

أدلة شرعية

حزب النور الســلفي أعلــن رفضه لحظــر النقاب، وأعتبر، ســامح عبــد الحميــد، القيادي الســابق في الحزب والداعية الســلفي، أن المطالبــا­ت بحظر النقاب هدفها «إثارة البلبلة فــي المجتمع». وبين أن «النقاب في الشــرع له أدلة صحيحة وثابتــة، وليس بدعة حديثة، وهو حرية شــخصية لا يمكن التعدي عليها، كما أنه من العادات والتقاليد المصرية الراسخة في المجتمع.»

وتابــع أن «الأولى بالمنع، هي مراكــز التجميل، لأنها تُخفــي ملامح وجوه النســاء الحقيقيــة، بعد أن تضع العدســات الملونــة، وتصبغ الشــعر، وتنفخ الشــفاه والخدين، وغير ذلك مما يخفي وجهها الحقيقي.»

وأضاف: «نحن لا نعترض على أن تكون هناك شُرطة نســائية، تتأكد من شــخصية المنتقبات في الجامعات، حرصا على الأمن والأمان.»

 ??  ?? من حملة «مصر لم تحظر النقاب»
من حملة «مصر لم تحظر النقاب»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom