Al-Quds Al-Arabi

نظام السيسي يستخدم أساليب التحري السيئة لسجن المعارضين

الأجهزة الأمنية تفبرك التحريات... والضباط يعتمدون على البلطجية سيئي السمعة

- القاهرة ـ «القدس العربي»:

أطلقت «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» أمس الأربعاء، تقريراً بعنوان «الطريق إلى الســجن مفروش بالتحريات السيئة»، يتناول التوسع والاستخدام المفرط للتحريات كسند للحبس الاحتياطي وللأحكام بالسجن في مصر في العديد من القضايا ذات الطابع السياسي، رغم فبركة بعضها، وعدم معقولية بعضها الآخر، فضلاً عن عدم الفحص في حقيقة وجدية تلك التحريات، من قبل النيابة أو القضاء.

وتنــاول التقرير تعريف التحريــات ومن هو مجريها، ونمــاذج منها غير عقلانية ولا تتســم بالمنطق، ســواء في مدتهــا أو التناقضــا­ت بها. وكذلك، أمثلــة لبعض القضايا السياســية التي صدرت بها أحــكام الإدانة بناء على التحريات المرفقة، دونما وجود أدلة أو قرائن، ودون بذل جهد جاد للتحقق من صحة ما ورد بتلك التحريات التي أصبحت مبررا للسجن وسلب الحرية للعديد من المواطنين وسجناء الرأي.

تدريب كوادر

وحســب الشــبكة«ﻻ بد من تدريب كوادر فــي وزارة الداخلية على إجراء التحريات بشــكل جاد وحقيقي، وسماع شهود الواقعة وعدمﻻعتماد على المصدر الســري والاطلاع على التقارير المرفقة بالأوراق، باﻻضافة إلى منح الوقت الكافي لإجراء التحريات».

كمــا أكدت على ضــرورة أن «تفحص النيابة العامــة والقضاء التحريات التي ترفق بأوراق القضايا والامتثال للمبادئ التي أرســتها محكمة النقض مــن عــدم الاعتماد علــى التحريــات كدليــل والتحقق مــن مصدرها وصحة ﻻتهــام قبل إصدار أحكامــا بالإدانة، مع النظر في إمكانيــة عقاب الضابط أو مجــري التحريــات الذي يثبت كذبه وفبركته، لاســيما حين ينتج عن هذه الأكاذيب والفبركات سلب حرية مواطنين أبرياء».

وتناول التقرير مســاوىء التحريات في مصــر، موضحاً أنه «في أغلب الأحيان يعتمد الضبــاط القائمون على جمع تلك التحريــات على البلطجية سيئي السمعة، والمجبرين على التعامل مع ضباط المباحث».

وأشــار إلى «قصر مــدة التحريات، ففي أغلب القضايــا ترفق التحريات خلال 24 ســاعة من طلــب النيابة العامة، وهــو ما يؤثر علــى مصداقيتها، وعدم اتســاقها مــع باقي الأدلة من أقوال شــهود أو اعترافــات متهمين أو تقاريــر فنية وغيرهــا من أدلة في القضايــا، إضافة إلى عــدم معقولية تلك التحريات».

وشــدد على أن «أغلــب التحريات لا يفصح مجريها عــن مصدرها مكتفيا بقول) الحفاظ على المصدر الســري وعدم تعريضــه للخطر(، رغم أن صحة التحريــات تقتضــي أن يفصح مجــري التحريات عن مصدره الســري الذي اعتمــد عليه في إجــراء تلك التحريــات لكي تقــوم النيابة العامة بســؤالهم واستجوابهم».

كذلــك تنــاول التقرير عــدة قضايا ســاهمت فيها التحريات الســيئة في إصدار أحكام ضد سياســيين، ومنها القضية رقم 34760 لســنة 2018 جنح مدينــة نصر أول، والمتهم فيها عز الدين ســعد عبد الحميد رئيس حزب «غد الثورة».

هذه القضية، وفق الشبكة «تمثل مثالا صارخا على عدم صحة التحريات، إذ حــوت تلك القضية تحريات من مباحث قســم شــرطة مدينــة نصر أول، وتحريات من قطاع أمن الوطنــي إلا أن كلا من التحريات بها تناقض صارخ فيما بينها».

وقد «بدأت وقائع تلك الدعوى بإصدار إذن بالقبض على رئيس حزب غد الثورة بناء على تحريات أجريت بتاريخ 26 يونيو/ حزيران الماضي، بمعرفة ضابط في قسم شرطة مدينة نصر أول بناء على معلومات من مصدر سري يتهم عز الدين سعد بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين والتحريض على أعمال العنف ضد مؤسســات الدولة»، طبقا للتقريــر، الذي أضاف أن «عبد الحميــد أحيل لمحكمة جنح مدينــة نصر أول عن واقعة حيازة المنشــورا­ت، وفــي جلســة 15 أكتوبر/ تشــرين الأول الماضــي، قضت المحكمة بحبســه سنتين مع الشغل والنفاذ وغرامة مئتي جنيه».

وأيضــاً، تنــاول التقريــر الحكم الصــادر فــي القضية المعروفــة إعلامياً بـ«تيران وصنافير»المقيدة برقم 6768 لسنة 2016 جنح الدقي و10901 لسنة 2016 جنح مستأنف الدقي.

وقالت الشبكة إن «وقائع تلك القضية تعود إلى 25 أبريل/ نيسان 2016، عندمــا ألقــي القبض على عدد 79 شــخصا من محيط منطقة قســم شــرطة الدقي، قبل عرضهم على النيابة في اليوم التالي، التي أصدرت قرارها بطلب تحريات عن الواقعة».

مخالفة الأدلة

وبينــت أنه «بتاريخ 27 أبريل/ نيســان 2016 أي بعد أقل من 24 ســاعة، وردت تحريات من قطاع الأمن الوطني على عدد 79 شــخصا الذين اتهمتهم بضلوع أعضاء ما يسمونها باللجنة الإدارية العليا لتنظيم الإخوان باﻻتفاق مع قيادات بعض القوى الموالية لهم ولتوجهاتهم السياســية على استغلال ﻻتفاقيــة الأخيرة لترســيم الحدود البحرية مع الســعودية لإثارة المواطنين ضد مؤسســات الدولــة، والتظاهــر تنديداً بتلــكﻻتفا­قية فــي 25 إبريل/ نيسان 2016 في عدد من الميادين العامة».

وزادت: «تلك التحريات خالفت الأدلة، كما شــابها عدم المعقولية، فكيف أجرى الضابط تحرياته على 79 شخصا في أقل من 24 ساعة؟».

وكذلــك تنــاول التقرير الحكــم الصادر فــي القضية المعروفــة إعلامياً بـ «خليــة الماريوت»، حيث كانت محكمة النقض قضت بقبول الطعن على حكم محكمة الجنايات بمعاقبة 18 متهماً بأحكام تراوحت ما بين الســجن المشدد ما بين 3 و 10 سنوات وبراءة اثنين آخرين.

وأوضح أنه «جاء من بين طيات أسباب الحكم، بطلان إذن النيابة العامة بالضبــط والتفتيش لاســتناده علــى تحريات غيــر جدية»، مشــيرة إلى أن «الأصــل في القانون أن الإذن بالتفتيش هو إجــراء من إجراءات التحقيق لا يصح إصــداره إلا لضبط جريمة جنائية أو جنحــة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى متهم معين».

وأكدت أن «هناك من الدلائل ما يكفي للتصدي لحرمة مســكنه أو حريته الشخصية، وأن الحكم السابق اكتفى في الرد على بطلان إذن التفتيش ولم تبــد رأيها في التحريات الســابقة علــى الإذن بالتفتيش أو نقــل كلمتها في كفايتها لإصدار الإذن من سلطة التحقيق».

وأشــارت المنظمة إلى «خطورةﻻســت­ناد إلى التحريات التي قد يسطرها مجريها في القضايا ذات الطابع السياسي، وفقاً لأهوائه وميوله السياسية، إذ يتم الزج بالعديد من المتهمين في غياهب السجون بناء ما سطره من مكتبه بسرد صحة واقعة محضر الضبط دون تكبده عناء التحقق من صحة ما يرد فــي محضره من اتهامات، إضافة إلى أنه لا بد وأن تقوم النيابة العامة وكذا القضاء بعدمﻻعتماد على التحريات بمفردها في إحالة المواطنين للمحاكمة وكــذا على القضاء عدمﻻكتفاء بمحضر التحريات وحده في الحكم بحبس المتهمين بناء عليها «.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom