Al-Quds Al-Arabi

الإغراءات المالية وسيلة الميليشيات و«حزب الله» في تجنيد الشباب في دير الزور

-

أنطاكيا - دير الزور - «القدس العربي»:

بعد اســتعادة قــوات النظام الســيطرة على محافظة ديــر الزور أواخر عام 2017، بمســاندة مقاتلي« حزب الله» اللبناني وميليشيات شيعية عراقية أخرى، بدعم جوي من الطيران الروسي؛ شــهدت مدن المحافظة انتشاراً واسعاً لنشاط تلك الميليشيات وحراكاً اجتماعياً مختلفاً بين السكان المحليين.

تركــزت معظم تلك النشــاطات على مســائل تتعلق بتحســن صــورة الميليشــي­ات وعمليات تجنيد واسعة في أوساط الشباب الذين يعانون مــن الحاجة إلــى وســائل العيش، كمــا يرغب معظمهم في تجنب التجنيد لدى قوات النظام التي تسعى لالحاقهم بالخدمة العســكرية للقتال ضد المعارضة المســلحة. عمليات التجنيد باستخدام الاغراءات المالية، حققت تقدماً في الاشهر الاخيرة في دير الــزور، وأبلغ «القدس العربي»، ناشــط من قبيلة الشــعيطات هو «أبو سفيان الشعيطي» عــن «تخريج دفعــة جديدة من أبنــاء دير الزور للانضمام إلى ميليشــيات« حزب الله» اللبناني المدعومة من ايران .»

200 دولار للمتطوع

هــؤلاء، وفقاً لـــ «الشــعيطي»، «معظمهم من أبناء محافظة دير الزور التي تشــهد فيها مسألة الانضمــام إلى الميليشــي­ات اقبالاً كبيراً، ســواء لحزب اللــه اللبناني او لميليشــيا­ت لواء القدس نظراً لحاجة الناس إلى الرواتــب والمبالغ المالية الإضافية التي تقدمها هذه الميليشيات لعناصرها، على العكس من القوات النظام، سواء للملتحقين بصفوف القــوات النظامية او الميليشــي­ات التي يرعاها النظام وروسيا».

من بين تلك «الميليشــي­ات، ميليشــيات الدفاع الوطني التي تدفع راتباً شــهرياً يصل إلى 30 ألف ليرة سورية، أي ما يزيد عن 60 دولاراً، فالرواتب المتدنيــة في قــوات النظام تدفــع عناصرها إلى اعمال التعفيش والنهب والسلب المنظم بالتنسيق مع الضباط العاملــن فيها، كما يفــرض عناصر ميليشــيات النظام الاتاوات علــى المدنيين وعلى ســائقي شــاحنات النقل على الحواجــز الأمنية ونقاط التفتيش.

وفي الوقت الذي «تدفع ميليشيات النظام مبلغ 30 الف ليرة ســورية راتباً شهرياً لمنتسبيها، فإن الراتب الشهري للمنتسبين إلى ميليشيات« حزب الله» اللبناني تصل إلى 80 ألف ليرة شــهرياً، أي اقل من 200 دولار بقليل، ويتقاضى المنتسبون إلى لواء القدس نحو 70 الف ليرة سورية شهرياً.

وإضافة إلى الرواتب الشــهرية العالية مقارنة باقرانهم المنتســبي­ن لميليشــيا­ت النظام، يتسلم المنتســبو­ن إلى ميليشــيات« حزب الله» ولواء القدس مســاعدات شهرية منتظمة مكونة من سلة غذائية وألبسة، كما انهم يتمتعون بحصانة امنية وحماية من ملاحقة الأجهزة الأمنية للنظام، وهذا عامل مهم من عوامل زيادة الاقبال على الانتساب إلى هذه الميليشيات.

توطين شيعة

امــا الانتســاب إلــى عضوية« حــزب الله» كعضــو عامل فــي الحزب وليس مجــرد مقاتل، فان طالب الانتســاب يجب ان تتوفر فيه شروط معينــة، وان يتم دراســة حالته امنيــاً وجلب وثائق رســمية تثبت ان لا حكــم عليه من وزارة الداخلية الســورية وغيرها من الشــروط التي من بينها الحصول علــى تزكية عضو او أكثر من عضو ســابق في« حزب الله» سواء من الأعضاء اللبنانيين او من السوريين».

ويقول الناشط «الشعيطي»، إنه «على الرغم مــن كل الامتيازات التي يكتســبها المنتســبو­ن لميليشــيا­ت لواء القــدس او« حــزب الله»، فان هــؤلاء كثيراً ما يتعرضون لمخاطر جســيمة عبر اســتهدافه­م من قبــل طيران التحالــف الدولي او الطيران الإســرائي­لي، لذلك لا يتمركزون في مواقع ثابتة، وغالباً ما يعيشون بين السكان في الاحياء السكنية او في مقرات مؤقتة».

فبعد حادثة اســقاط الطائرة الروســية في سبتمبر/أيلول بأكثر من عشرة أيام، نفذ طيران حربي لم تعرف هويته، هجوماً على «مستودعات تابعة للميليشــي­ات في وســط مدينــة الميادين بمحافظــة دير الــزور، وهي فــي الاصل مخزن تجاري كبير يقع بالقرب مــن منزل الحاج رجب الوهيبي، وهو شخصية اجتماعية معروفة.

وســبق لطيران مجهول الهوية أيضاً ان شن ضربات جوية علــى مواقع تابعة لميليشــيا­ت« حزب اللــه» في منطقــة البوكمــال بالقرب من الحــدود العراقية فــي 10 يناير/كانــون الثاني الماضــي أدى إلى مقتــل واصابة العشــرات من عناصــر الميليشــي­ات وتدمير عدد مــن مخازن السلاح التابعة لها.

أكدت مصادر ســورية محلية، أمس، وصول عشرات العائلات الشيعية لعناصر وضباط من الحرس الثوري الإيراني والميليشــ­يات التابعة لــه، إلى مدينتين ســوريتين شــرق البلاد، بعد عبورهم الحدود العراقية السورية، الخاضعة لسيطرة الحشد العراقي.

العائلات الشــيعية قصــدت كلاً من مدينتي البوكمال الحدوديــة، والميادين فــي ريف دير الزور الشــرقي، حيث تم توزيع الأســر الوافدة على منازل مملوكة لمدنيين ســوريين مهجرين أو معتقلين أو مقتولين، ومن أبرز الأحياء السكانية التي اســتقرت فيها العائلات في البوكمال، هي أحياء «الجمعيات والمساكن .»

وأشــار المرصد الســوري لحقوق الإنسان، إلى وصــول 50 عائلــة إيرانيــة وأفغانية، إلى مدينة «الميادين» الواقعة في القســم الغربي من نهر الفــرات، منوهاً إلى أن هــذه العائلات هي لأسر شيعية لمقاتلين من الميليشــي­ات الأفغانية والإيرانية، إذ «تتحدث العوائل اللغة الفارسية واللغات المحكية في أفغانستان، وأكدت المصادر أنه جــرى توطينهم في منطقــة «ضهر العلوة» بمدينة المياديــن، في منازل كان تنظيم «الدولة» استولى عليها سابقاً، بذريعة «وجود أصحابها في بلاد الكفر».

اســتقدام العوائل الشــيعية، يأتي بعد فتح الحرس الثوري الإيراني بــاب «التطوع» للمرة الأولى أمام للمواطنين الســوريين في المحافظة ضمن صفــوف قواتــه العاملة علــى الأراضي الســورية في محافظة دير الزور، بعد أن كانت عمليات التطوع سابقاً تشــمل فقط الميليشيات الممولة إيرانيــاً والمدعومة من القوات الإيرانية، كميليشــيا­ت حركــة النجبــاء وأبــو الفضــل العباس وحزب الله، فيما كان غالبية المتطوعين السوريين من محافظات دير الزور وحلب وريف دمشق.

المحلل العســكري الســوري أحمــد حمادة، قال بدوره لـ «القدس العربي»: تشــهد المناطق التي يســيطر عليها الحرس الثــوري الإيراني والميليشيا­ت الموالية له في دير الزور السوري، ارتفاعاً ملحوظاً في تعداد الشــركات الإيرانية الفاعلــة بملفات حيوية وخطيــرة، ومن أهمها، العمل على تأمين مســاكن للعائلات الشــيعية الوافــدة عبر الحدود العراقية الســورية، في المنطقة.

وأضاف «حمــادة»، المشــروع الإيراني يمتد ويتسع تدريجياً وبشــكل متزايد شرق سوريا، فيما اعتبــر مراقبون، أن إيــران تريد الحصول على قاعدة ســكانية محلية شــرق سوريا، عبر دفع العائلات لعبور الحدود العراقية، وتشكيل طوق ســكاني للمواقع الاقتصادية الســورية، والتي تعرف باسم «ســوريا المفيدة»، وأن هذه الخطوة، تأتي تحســباً لأي ضغــوط دولية قد تجبر إيران على الخروج من ســوريا، وفي حال حصل ذلك، ســتخرج القوات العسكرية، ويبقى ســاح العائلات متمركــزاً في مواقعــه تمهيداً للمستقبل.

 ??  ?? عنصر من الميليشيات الموالية للنظام يحمل العلم الإيراني وسط دير الزور
عنصر من الميليشيات الموالية للنظام يحمل العلم الإيراني وسط دير الزور

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom