Al-Quds Al-Arabi

التهمة أهم من العدالة

-

عندما يرســم رســام كاريكاتير رجلا مرتديا للنقاب يسأل زوجة خائنة: إزاي حشــوفك من ورا جوزك يا جميل؟ بعد حملة إلغاء النقــاب، بذريعة حق المواطن في قلع الهدوم، وحق الدولــة في حرمانه من ارتداء النقاب، فهذا يعني أن العرب يعيشون أزمة خلاعة، كما ظهر في قناة «الشرق»!

ثــم أن ينصب لمحمد صلاح بطل العــرب التاريخي في ملاعــب الغزاة، تمثال لشخصية اللص «مارف» في فيلم «هوم ألون »، كما تراه «بي بي سي » البريطانية، فهــذا يعني أننا نعيش أزمة تماثيل لا أزمة أبطال، وحين تصبح «العربية» في هذه الحــرب الفضائية على القنصلية، مجرد «غايب طوشــة»، فهــذا يعني أن الأزمة ليســت دبلوماســي­ة، إنما إعلامية، كما قال ســامي كليب في برنامج «العالم في أسبوع»، وحين يصبح ســيف الإسلام خارج «سيســتام حكموه ولاد المتحايلة، وصيــد في قفصه مربوط، يحبــوه قاعد في زنقة مرفود» فهــذا يعني أن القذافي كائن إعلامي مهجن، وحين لا يطالب المســلمون في هــذا الكوكب، بمحاكمة رجال الدين وإعدامهم في الســاحات العامة على المعلومات المغلوطــة، فهذا يعني أنك تعيش أزمة معلومات!! الجريمة الحقيقة في هذا المشــهد، هي إعادة إنتاج الموتى، وتدوير الجريمة، في ممالك الخوف الإعلامية، التي نحرسها بسقوطنا في حفرها، وتحرســنا بفخاخها، فأين تُراه يجتمع ولي الأمر بولي الــدم: في بيت العريس المغدور في اســطنبول؟ أم في لقاء الأخوين خاشــقجي على «سي أن أن»؟ أم في خزينة المال في الرياض!

الإعلام نجح بارتكاب جريمة أفظع من جريمة القنصلية، حين اســتخدم الجثة المجازية، لإنتاج شخصية وهمية، في الأفق الانتخابي، لا تمت بصلة للحقيقة، إنما تتذرع بالحقائق لإخفاء الأدلة، والاكتفــا­ء بالفضيحة، فهل تهم العقوبة إن كانت التمسك بالتهمة أهم من الإصرار على العدالة!

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom