Al-Quds Al-Arabi

نينوى: الفساد والابتزاز يربكان الوضع الأمني وسط تعتيم إعلامي

نائب عراقي: القوات الأمنية تحتجز الأهالي بحجة تشابه الأسماء

- بغداد ـ «القدس العربي» من مشرق ريسان:

كشــفت مصادر مطلعة في نينوى، لـ«القدس العربي»، عن معلومات تفيد بـ«فساد» قادة أمنيين في المحافظــة، إضافة إلى احتجاز أعداد كبيرة من المواطنين «بحجة» تشابه أســمائهم مع مطلوبين ينتمون لتنظيم «الدولة الإسلامية».

النائــب عن نينــوى، نايــف الشــمري، قال لـ«القدس العربــي»، إن «هناك إربــاكاً أمنياً في محافظة نينوى، لكن، وعلــى الرغم من ذلك، فإن الوضع مستقر نوعاً ما، بمســاعدة أهالي نينوى ومدينة الموصل بشكل خاص «.

واعتبــر أن الســبب الرئيســي فيمــا وصفه «الإخفاق الحقيقي»، يعــود لـ«عدم وجود قيادة من القيادات الأمنية في نينوى من أبناء المحافظة. بعض القيــادات أتــت لنينوى لتســتفيد مادياً. الفســاد موجود في هذا الأمر»، لافتــاً في الوقت عيّنه إلى أن «اســتخبارا­ت الشرطة في المحافظة يحتجــزون عدداً كبيــراً جداً مــن أهالي نينوى بحجة تشــابه الأســماء )مع عناصــر في تنظيم الدولة الإسلامية( وما إلى ذلك».

وطبقــاً للمصدر، فــإن «القيــادات الأمنية في نينوى تتجه صوب الفساد، وهذا ما أبلغنا به كل الجهات، لكن لا يوجد تحرك حتى الآن».

وكشف عن اجتماع أكثر من 12 نائباً من نينوى لـ«تعديل المســار والذهاب إلى رئيــس الوزراء عادل عبد المهدي والجهات المعنية الأخرى، لإيجاد حل لمحافظة نينوى»، محذراً من خطورة «العودة إلى المربع الأول».

وفي 10 حزيران/ يونيو 2014، ســيطر تنظيم «الدولــة» على نينــوى، وبدأ زحفــه نحو بقية المناطق الشــمالية والغربية للعراق، حتى وصل مشارف العاصمة بغداد، عند حدودها الشمالية. وبعــد مــرور 3 أعوام أعلنــت القوات المســلحة المشــتركة تحريــر مدينة الموصل، فــي حزيران/ يونيــو 2017، بعد خوضها معــارك ضد التنظيم استمرت نحو 9 أشهر.

ورغم تحرير المدينة مــن قبضة «الدولة»، غير أن أطرافها ما تزال تشــهد عمليــات على نطاقين، الأول يتمثل بهجمات مســلحة ينفذهــا التنظيم بين الحــن والآخر عند أطــراف الموصل الغربي، فيما تنفــذ القوات المســلحة المشــتركة عمليات تمشيط لصحراء المحافظة، فضلاً عن القبض على مطلوبين داخل المدينة.

تعتيم إعلامي

وفي وقت سابق من الأســبوع الجاري، كشف فرع الحزب «الديمقراطي الكردســتا­ني»، بزعامة مســعود بارزاني، في الموصل، عن عودة عناصر التنظيم «بشــكل يومي» على شــكل مجاميع إلى الأراضي العراقية، وفيمــا اعتبر الأوضاع الأمنية في الموصل «ســيئة»، لفــت إلى وجــود «تعتيم إعلامي» على هذا الأمر.

لكن قائد عمليات نينوى، اللواء نجم الجبوري، نفى، أمس الخميس، تلك التصريحات، معتبراً أن المعلومات التي وردت «لا تستند» للواقع بشيء.

وقــال فــي بيــان إن «الموصــل آمنــة بأهلها وبســواعد القــوات الأمنيــة، وأهلها هــم أدرى بواقعها ولا وجود لأي تعتيم إعلامي، فالإعلاميو­ن والصحافيون منتشــرون في الموصل من أجانب وعرب وعراقيون ووســائل الإعلام بمســمياته­ا كافة، من مقروءة ومســموعة ومرئية، ولم يطلب أحد منهم أن يتغاضوا عن أي سلبية، سواء كانت أمنية أو خدمية .»

وتســاءل «أين هذه الانفجارات التي يتحدث عنها الحزب الديمقراطي الكردستاني في الموصل( أعنده علــم الغيب أم هو يرى ما لا يراه من يعيش في المدينة ؟».

وتابع: «أمــا المخيمــات التي يتحــدث عنها، فليســت لها علاقــة بواقــع أمني، إنمــا الناس أصناف فيهــا، منهم عائلات دواعش ويرفض أهل القرى عودتهم، ومنهم من لا مــورد لديه ليعيش فاستســهل الحياة هنــاك حيث المأكل والمشــرب والكهرباء والرعاية الصحيــة المجانية، بل حتى أن قسما منهم أجّروا دورهم وسكنوا في المخيمات ومنهم من هدمت قراهم أو دورهم.»

وحول الــكلام عن هجــرة من الموصــل، قال «المدينة تغص بعدد الســكان وحدودها ممسوكة من قبل الجيش في قســم منها ومن قبل الحشــد الشــعبي والعشــائر­ي في قســم آخر، ومعززة بطائرات الاستطلاع .»

وأعتبــر أن «أهــل الموصــل هم حجــر زاوية أمنها، وأبناؤها من القوات الأمنية نذروا أنفسهم للحفــاظ عليها. قد تحدث عمليــة إرهابية لكن لا عودة لتنظيم الدولة .»

استغلال وابتزاز

ويأتــي إيضاح القائــد العســكري تزامناً مع الكشــف عن وجود حالات «استغلال» لدور تعود لعناصر تنظيم «الدولة» أو أخرى هجرها أهلها في أثناء عمليات التحرير، من قبل ضباط في القوات الأمنية.

النائــب الســابق عــن محافظة نينــوى عبد الرحمن اللويزي قال لـ«القــدس العربي»: «بعد عــودة المواطنــن إلــى مناطقهم )فــي نينوى(، انحســرت بشــكل كبيــر ظاهرة اســتغلال دور المواطنين»، لكنه لم ينف وجــود «هذه الظاهرة، إنمــا قلّت بشــكل كبير جــداً، ويمارســها بعض الأشخاص باســتغلال الغطاء الرسمي بانتمائهم للأجهزة الأمنية والحشد».

وأضاف: «في بداية عمليــات التحرير، جميع القوات الأمنية من الشــرطة الاتحادية والجيش والحشد والشرطة المحلية وغيرها، كانت تستغل المنــازل التــي تعــود لتنظيم داعــش الإرهابي، كمقرات أمنية مؤقتة، أو يسمحون لبعض عائلات الشــهداء أو المدنيين الفارين من مناطق الاشتباك بإشغالها».

وزاد: «مؤخراً، وتحديداً في مفاوضات تشكيل الحكومــة، صدر كتاب رســمي مــن نائب رئيس هيئة الحشد الشــعبي أبو مهدي المهندس، يقضي بسحب قطعات الحشد من داخل نينوى، ومنعهم من التدخل وفتح مكاتب وممثليات داخل المدينة»، معتبــراً أن «هذا الإجــراء كان له الأثــر في نزع الغطاء من بعض الفصائل التي كانت تستغل اسم الحشد الشــعبي لإدارة عمليات ابتزاز لصالحها الخاص ولتحقيق منافع».

وكشف في الوقت ذاته عن «انسحاب الشرطة الاتحادية من نينوى بشكل كامل، وتوجهت صوب كركوك».

وفي وقت ســابق مــن الأســبوع الجاري، أعلنت المفوضية العليا لحقوق الانسان )تابعة للبرلمان(، رصدهــا العديد مــن «الانتهاكات» والمشاكل في مديرية الاســتخبا­رات ومكافحة الإرهاب في محافظة نينــوى والفروع التابعة لهــا. وقال نائــب رئيس المفوضيــة علي ميزر الشــمري، في بيان، «زار مديرية استخبارات ومكافحــة الإرهــاب في نينــوى، برفقة فريق العدالــة الجنائية التابع لمكتــب المفوضية في المحافظــة، والتقى بمــاكات المديرية وضباط قســم التحقيقــا­ت، الذيــن بينــوا للوفد أهم المشاكل والمعوقات التي تواجههم في استكمال إجراءات التحقيــق في الدعــاوى المعروضة أمامهم».

وأضاف: «لقد شــخصنا العديد من المشاكل خلال الزيارة ومن أهمهــا قلة ضباط التحقيق والكادر المختــص، مقارنة بالدعاوى المعروضة على المديريــة، إضافةً إلى قلــة التخصيصات الماليــة وعدم توفير المســتلزم­ات الأساســية لإنجاز الأعمال الموكلة إليهم.»

وواصل: «إننا وخــال زيارتنا برفقة فريق العدالة الجنائية فــي مكتب نينوى إلى قاعات الموقوفين، رصدنــا أمورا عــدة أبرزها وجود انتهاكات في حقوق الإنســان، منها الاكتظاظ الحاصــل في القاعــات والذي يســبب فقدان الموقوفين والنزلاء لكرامتهم الإنسانية، إضافة إلــى معاناتهم مــن أمراض الجــرب والتدرن والتهاب الكبد الفايروسي .»

وطالــب «الحكومــة العراقيــة ممثلــةً في مجلس القضاء الأعلى ورئاســة الادعاء العام ووزارات الداخلية والعــدل والصحة ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية للقيام بواجباتهم بصورة عاجلة واتخاذ التدابير اللازمة.»

وأكد أن علــى «الســلطات القضائية إنهاء معاناة الموقوفين وحسم قضاياهم ضمن الفترة القانونية المحددة، إضافــة إلى توفير الملاكات الكافية من ضبــاط التحقيق والملاكات الأخرى من أجل ضمان ســرعة إنجاز القضايا الخاصة بالموقوفين والنزلاء .»

 ??  ?? عراقي بترت ساقه خلال الحرب في الموصل
عراقي بترت ساقه خلال الحرب في الموصل

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom