Al-Quds Al-Arabi

أنباء عن اتفاق روسي - أردني على إغلاق مخيم الركبان

- دمشق – «القدس العربي»:

تهتم الســلطات الأردنية بإزالة مخيم الركبــان الذي يؤوي نحو 60 ألــف نازح يقبعون على حدودها مع ســوريا، لكن ما يثير مخاوف هــؤلاء ليس إزالة المخيم البالغ الســوء من ناحيــة الخدمات وتقديم الاحتياجات الأساســية، بل ان الخطر الحقيقــي ان يجبر هؤلاء على العودة إلى ســطوة النظام الســوري بعــد ان فروا من بطشــه قبل سنوات، وتأكيداً على رســم خريطة جديدة لهؤلاء، ذكرت الخارجية الروســية بأن الحكومة الأردنية أعربت عــن موافقتها على العمل مع موســكو بخارطة طريقها الخاصة بإغلاق مخيــم الركبان على حدود المملكة، وقال ممثل الخارجية الروسية، إيليا مورغولوف، في اجتماع لجنتي التنســيق الوزاريتين الروسية والســورية الخاصتين بعودة اللاجئين: «أكد الأردنيون، أثناء جلسة للمركز الروسي الأردني المعني بقضية اللاجئين الســوريين في عمان يوم 31 أكتوبر، اهتمامهم بإزالة مخيم الركبان في أسرع وقت ممكن بعد نقل جميع اللاجئين والنازحين المقيمين فيه إلى سوريا .»

توافق دولي

وتابع مورغولوف بأن الجانب الأردني أشار خلال الاجتماع إلى أنه «مســتعد للعمل على ذلك وفق خريطة الطريق الروسية» موضحاً ان «الأولوية بالنسبة للأردن تكمن في إغلاق المخيم، الأمر الذي يتطلب، حســب الأردنيين، تكثيف العمل التوضيحي المشترك مع المقيمين هناك لا سيما من قبل السلطات السورية».

ويتهرب النظام السوري والأردن وروسيا وامريكا من استحقاقات إنســانية بتوفير العودة الآمنة والطوعية لاهالي مخيم الركبان )60 ألفاً(، حيث تزيد نســبة الأطفــال دون الـ 15 عاماً عــن 50% ، فترك القضية للفاعلين الدوليين ستفضي حسب مراقبين إلى تلاعبات النظام وروسيا وتسويق نظريتهم حول عودة اللاجئين ونهاية الحرب.

يبــدو ان هناك توافقــاً دولياً على إعادة النازحين الســوريين إلى قبضة الأسد، وفق الخطة الروسية، وسط دعوات المنظمات الإنسانية إلى تكثيف مساعدة هؤلاء، حيث قالت الخارجية الروسية «سنناقش قضية الركبان مع الأردن والولايات المتحدة في عمان يوم 11 نوفمبر»، خلال الاجتماع المشترك الذي سيستضيف مندوبين عن روسيا والأردن والولايات المتحدة والمنظمات الإنســاني­ة الدولية لمناقشة الوضع في مخيم الركبان والذي وصفه الدبلوماسي الروسي بالكارثي.

واشار مورغولوف إلى «غياب نهج مشترك» للأطراف العاملة على حل قضية الركبان، موضحاً أن كلا من برنامج التغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحــدة للطفولة واللجنة الدولية للصليــب الأحمر والولايات المتحدة تدعو لتكثيف إيصال المســاعدا­ت الإنســاني­ة إلى المخيم، في الوقــت الذي يؤكد فيــه منــدوب الأردن لدى الأمم المتحــدة لـ»نقل اللاجئين إلى سوريا في أسرع وقت ممكن».

«أبو محمود» احد ناشطي مخيم الركبان أوضح ان مخاوف الأهالي لا تترتب على فرض التهجير وترك المخيم «فأوضاعهم لا تســّر، ولكن الخطــر الحقيقي أن يُجبروا بالعودة إلــى مناطق النظام ويمنعوا من التوجه للشمال المحرر».

وأضاف: «كنا متوقعين ذلك اثناء دخول حملة الاغاثة الاممية لانهم لم يدخلوا مكاناً الا وجابوا الويلات لأهل المنطقة اللي دخلوها، فهو أمر متوقع، ولكن لدينا شروط».

نقلهم أهالي المخيم للشمال السوري ينبع من خلال شعورهم بغدر النظام وعدم مصداقيته امام التزاماته والرغبة بالانتقام منهم كما فعل في مناطــق المصالحات بعد عودة القبضة الامنية وســط انعدام بيئة آمنة للاستقرار والحياة.

وعقب المعارض الســوري وعضو هيئة التفاوض السورية فراس الخالدي على اغلاق المخيم بالقول «لا علم لي بأن الأردن وافق على ان يكون بالتعاون مع النظام» لكن الحل الأساســي برأيي أن لا يتم نقلهم إلى الشمال او أي عملية غير عودتهم لمناطقهم مكرمين ولذلك كنّا نعمل على تقديم العون لهم لا كســرهم امام من حاصرهم ودمر المدن والقرى وهجر ساكنيها».

وأضاف لـ»القدس العربي»، «لذلك على كل الدول التي تريد ان تمد العون للشعب السوري ان تكون صادقة وتعمل بقوة كي تفعل العملية السياسية ورحيل منظومة حكم جعلت سوريا رهينة احتلالات ودمار وفقر . مخيم الركبان ســبقه حالات مشــابهة مثل داريــا والزبداني ومناطق كثيرة ونقل ســكان تلك المناطــق او فرزهم او حتى من رضخ لســطوة النظام، وكلهم لم تحل مشاكلهم، بل انتقلوا من الفقر والعوز إلى غياب الامن».

وزارة الدفاع الروســية ذكرت انه يجب إعادة اللاجئين السوريين من الركبان إلى بيوتهم فوراً وان الولايات المتحدة تتحمل المســؤولي­ة الأساســية عن ذلك، وقال رئيــس المركز الوطنــي لإدارة الدفاع عن الاتحاد الروســي المشــرف على الجهود الروســية في إطــار إعادة اللاجئين الســوريين، اللواء ميخائيل ميزينتســي­ف إن «هذه القضية يجب حلها فوراً وبصورة حاســمة، والمسؤولية المباشرة عن ذلك تقع بالدرجة الأولى على عاتق الجانب الأمريكي».

غياب نهج مشترك

وأشار ضابط روسي رفيع إلى أن موسكو مستعدة لتقديم كل أشكال الدعم مع شــركائها الســوريين لعمليات إيصال المساعدات الإنسانية إلى الركبان وإعادة اللاجئين من كل المنطقة الواقعة في محيط القاعدة العسكرية الأمريكية في التنف إلى بيوتهم.

وتواصلت «القدس العربي» مع مكتب رئيس الحكومة المؤقتة جواد أبو حطب، الذي اعتبر ما يجري في مخيم الركبان «جريمة حرب دولية وابادة جماعية ضد الشعب المقهور المحاصر» وأضاف مدير المكتب أنه «يجب تقديم هؤلاء المجرمين من رؤوس النظام وعلى رأســهم بشــار الاسد والميليشيا­ت التابعة له إلى محاكم الجرائم الدولية.»

وقال، الحكومة السورية ليست طرفاً في المفاوضات ولم تكن سابقاً طرفاً في التفاهمات المبرمة في باقي المناطق الســورية التي تم تهجير الاهالي بشكل قسري منها، اما اليوم فسوف تقف الحكومة المؤقتة اذا ما افضت التفاهمات الدولية إلى اغلاق المخيم ونقل اهله إلى الشــمال السوري «مع المحاصرين مثل بقية المناطق بالغوطة والحمص».

وتتداخــل قضيــة مخيم الركبــان بين اربعــة اطــراف: الأردني والسوري والروســي والامريكي وكل طرف له رؤيته للعلاج، الأردن يتوقــع بإجراءاته الصارمة منــع تزويد الركبــان بالمعونات وحظر دخول لاجئي الركبان حقاً سيادياً، كون المخيم يقع على أراض سورية تلاصق حدوده، ويدعي ان حكومتهم الاولى ان تعيدهم آمنين لمناطقهم الأصلية او نقلهم للشمال السوري، وهو يتهرب بذلك من استحقاقات دولية وفــق اتفاقية اللاجئــن والحروب ، بحجة انــه يحتضن 600 الف ســوري فــي مخيمات علــى أراضيه ويصــل العــدد لمليون مع الســوريين في الداخل الأردني، حيث تقدم الامم المتحدة ودول داعمة لاســتقرار­هم المؤقت كالمانيا واوروبا اموالاً ومواد عينية تغطي جزءاً كبيــراً من نفقاتهم لكن الأردن يطلب تمويــل المزيد ويدعي عدم قدرته على اســتيعابه­م ويطالبهم بالعودة، وخطوتــه نحو الركبان تنطلق من مصالحه وليس استحقاقات إنســانية، ويشيع ان تفكيك الركبان سيســاهم بإعادة جزء من السوريين اللاجئين في الأردن نحو سوريا كرسالة طمآنه.

ومن جهة المصالح الروســية، قال المعارض السوري مروان العش لـ«القدس العربي»، ان الروس يســعون لتفكيك الركبان لرفع الحجة الامريكيــ­ة ووجودها بالمنطقــة لحمايتهم، ومنع فتح طريق مباشــر طهــران بيروت عبر دمشــق الذي يخدم مشــروع إيران التوســعي بالمنطقة و يرسخ وجودها عسكريا و استراتيجيا.

بينمــا تنظر امريكا إلى ضرورة بقائها في التنف وشــرق ســوريا بحجج إنسانية وسياســية، تشترط نقل لاجئي الركبان نحو الشمال خارج سيطرة النظام خصوصا ان من تدعمهم اربعة فصائل عسكرية ويتوقع نقلهم للشمال سيكون ورقة لها.

اما روسيا حسب العش، فأنها تعجل بمباحثات مع الأردن وامريكا لتسويق نظريتها بإنتهاء الحرب ومعالجة آثارها التي تقضي بإغلاق الركبان وعودة لاجئيه لأماكنهم داخل سوريا متناسين ومتجاهلين ان معظم لاجئي الركبان مطلوبون للنظام كبقية الســوريين الذين قاموا بوجه اســتبداد النظــام وديكتاتوري­ته و معاناتهــم من داعش ايضا التي لم يدافع عنهــم النظام وتركهم لمصيرهــم بالهروب نحو الأردن وترك اراضيهم التي يستولي على اجزاء منها ميليشيات إيران وحزب الله والنظام ويعفــش محتوياتها في بادية ومدن الرقة والدير وتدمر والقريتين وجوارهم.

 ??  ?? لاجئون سوريون في مخيم الركبان يتلقون المعونات من الصليب الأحمر
لاجئون سوريون في مخيم الركبان يتلقون المعونات من الصليب الأحمر

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom