Al-Quds Al-Arabi

قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل البحث عن «الشبح» منفذ عملية «بركان» رغم مرور شهر على تنفيذها

تمارس العقاب الجماعي ضد أهله وقريته

- لندن ـ رام الله - «القدس العربي»:

تواصل قــوات الاحتلال الإســرائي­لي عمليــات البحث عن أشرف أبو شــيخة نعالوة )23 عاما(، الذي أصبح يطلق عليه محليا «الشــبح»، بعد أكثر من شــهر على تنفيذه عملية فدائية في مجمع صناعي اســتيطاني شــمال الضفة الغربية قتل فيها مستوطنين، وجُرحت مستوطنة.

وتفرض العقوبــات الجماعية على عائلة أشــرف نعالوة وأهل قريته شويكة في طولكرم شــمال الضفة الغربية. وفيما أفرجت عن شقيقته فيروز بعد ان فرضت عليها غرامة مالية مقدارها 4500 شيكل )ما يزيد عن 1200 دولار(، فقد أبقت على والده البالغ 65 عاما لسبعة أيام أخرى.

يذكر ان قوات الاحتلال اعتــدت على العائلة في منزلها، وجرفت محيط المنزل الذي كان قد صدر قرار من الجيش الإســرائي­لي بهدمه، وأطلقت عــدة قذائف صاروخية مضادة للأفــراد وقنابل صوت في داخله قبل مغادرته.

ولفتت إلى ان قوات الاحتــال تفرض حصارا على الضاحية منذ حوالى الشــهر، وتقتحمها يوميا هي والقرى المجاورة لها، واعتقلت 100 مواطــن على الأقل من محافظة طولكرم خلال أكتوبر/ تشــرين الأول، بينهم 11 سيدة.

كما شــددت قوات الاحتلال من إجراءاتها على الحواجز في المدن والبلدات المحيطة بمكان ســكن العائلة في ضاحية شــويكة، إضافة الى المداهمات اليومية في الليل والنهار لتفتيش بيوت الســكان في المنطقة، وتشــديد الإجراءات الأمنية بحق المواطنين على الحواجز وعلى الطرقــات الواصلة بين البلدات في شــمال الضفــة الغربية المحتلــة، وغيرها من الإجراءات التعســفية، التــي تأتي كجزء من العقوبات الجماعية.

ورأت مؤسســات حقوقية أن قــوات الاحتلال تتخــذ من عملية «بركان» ذريعة لفرض العقوبات الجماعية الانتقامية - والمحظورة بموجب المادة )33( من اتفاقية جنيف الرابعة- بحق عائلة نعالوة، وهنالك احتمالات بتفعيل إجراءات تســمح بممارســة أقسى أنواع التعذيب علــى المعتقلين من عائلة وأصدقاء أشــرف بموجب إجراء «القنبلة الموقوتة»، بحجة الوصول إلى معلومات توصلهم إليه.

وطالبت الــدول الأطراف المتعاقدة على اتفاقيــة جنيف الرابعة بإلــزام دولــة الاحتــال باحتــرام القانــون الدولي الإنســاني، ومحاســبته­ا على ما ترتكبه من انتهــاكات وعقوبات جماعية بحق ســكان الأرض الفلســطين­ية المحتلة، التي منها ما يرتقي إلى جرائم حرب.

الأمن الإسرائيلي يعتقد أنه «منفذ منفرد»

الى ذلك أشــار موقع واللا العبريّ، نقلاً عــن مصادر أمنيّةٍ وعسكريّةٍ، وصفها بأنّها رفيعة الُمســتوى في تل أبيب، إلى أنّ منفّذ العملية الفدائيّة في «بركان»، أشرف نعالوة، لا يزال حرًا طليقًا، مؤكداً في الوقت عينه على أنّ المؤسسة الأمنية ترى أنّه «مُنفّذ مُنفرِد» قّرر من تلقاء نفســه تنفيــذ عمليةٍ من دون بنيةٍ تحتيّةٍ تنظيميّةٍ تقف خلفه، على حدّ قوله.

ورأى الموقع، نقلاً عن المصادر نفســها، أنّ عدم اعتقال مُنفّذ العملية حتى الآن بعد مرور أكثر من شــهر، إذْ أنّ العملية نُفذّت في السابع من شــهر تشرين الأوّل )أكتوبر( الماضي، تشير إلى تغييرٍ نوعيٍّ في المنطقة وتصاعد مســتوى الانفجار الذي حذِّر منه رئيس الأركان في جيش الاحتلال، الجنرال غادي آيزنكوت في الأشهر الأخيرة، وتطرق الى ذلك أيضا قبل ثلاثة أيام رئيس جهاز الأمن العّام الشاباك الإســرائي­ليّ، ندّاف أرغمان، وقال إنّ الهدوء الذي يُميّز المنطقة هــو هدوء ما قبل العاصفة، وإنّ الأوضاع قد تنفجِر من لحظةٍ إلى أخرى، حسب قوله.

بالإضافــة إلى ما ذُكر أعلاه، قال الموقــع إنّ الضفّة الغربيّة الُمحتلّة شــهدت في الســنة الأخيرة تغييرًا مهمــا على خلفية التصريحات السياسيّة بين الســلطة الفلسطينية واسرائيل، التــي أدّت إلى تزايــد التوتر، خصوصًا لعدم وجــود أيّ أفقٍ سياسيٍّ في الخلفية.

وطرح الموقع العبريّ تســاؤلات عديــدة وصفها بالصعبة حول المنفذ المسّــلح الطليق، منها على سبيل الذكر لا الحصر: هل اســتخلص جهاز «الشــاباك» وبقية أجهزة الأمن، العبر من حقيقة أنّ الملف الشــخصيّ لمخربٍ كهــذا نجح في اختراق المنظومــة والدخول إلى المنطقة التي يعمل فيها إســرائيلي­ون وفلسطينيون؟

عُلاوةً على ذلك، لفت الموقع إلى أنّ قيادة المنطقة الوســطى في جيش الاحتلال بقيادة الجنــرال نداف بدان، أوكلت طاقم مهمة خاصا يعمل على مدار الساعة وأيام الأسبوع لفحص كلّ قصاصة معلومات من «الشاباك» تُحضَر إلى الطاولة في إطار ملاحقة المخرب، مشــيرًا إلى أنّه حتى الآن تمّ تنفيذ مداهمات، وأقيمت حواجز، وشــنت عمليات مركزة ترافقت مع اعتقالات وأُجري تحقيق للوصول إلى الُمخرّب، لكن بدون نتائج تؤدّي إلى اعتقاله.

كما ذكرت المصادر الأمنيّة والعســكريّة، حســب الموقع، أنّ القلق في المؤسســة الأمنيّة ليس فقط من حقيقة أنّ ما أسمته «مخربًا» منفردًا نجح في التحايل على منظومات الاستخبارا­ت التابعة للشــاباك والأجهزة العملانية في المنطقة، بل بســبب وجود ثغرةٍ خطيرةٍ في منظومة الردع، على حدّ تعبيرها.

وخلُــص الموقع العبريّ إلــى القول إنّ هــذا الواقع يأخذ الحادثة إلى مكان أكثر حرجًا وهشاشةً، التنسيق الأمنيّ بين الأجهزة الأمنيّة التابعة للسلطة الفلسطينيّة وبين نظيراتها من الاحتلال الإســرائي­ليّ، لافتًا إلى أنّه فــي واقعٍ يكون فيه أحد التحدّيات الأكثر تعقيدًا للشاباك هم المنفذون المنفردون، يجب على إسرائيل»تعزيز التنســيق الأمنيّ والحفاظ عليه واعتباره إحدى الثروات الجليّة مع الفلســطين­يين»على حدّ قوله.

إيجاد الأعذار للفشل

فــي الســياق ذاته، حــاول مُحلّل الشــؤون العســكريّة في «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشــمان، إيجاد الأعذار للفشــل «الإســرائي­ليّ» في اعتقال نعالوة، ناقلاً عن مصادر أمنيّةٍ واسعة الاطلّاع في تل أبيب قولها إنّ الشــاباك قام بتغيير الرواية، وبدأ يتحدّث عن أنّ نعالوة لم يعمل بشــكلٍ مُنفــردٍ، وأنّ هناك العديد من الجهات والأشــخاص الذي يُوفّرون له الحماية، لافتًا إلى أنّ الشاباك فشل في إحباط العملية قبل حصولها، وأنّ الفشل ما زال مُستمّرًا بسبب عدم اعتقاله.

ولاحَــظَ الُمحلّل أنّ جهــاز الأمن العّام بدأ يتحــدّث عن تنظيمٍ محلــيٍّ، لا يتبع لتنظيمٍ فلســطينيٍّ، الذي أعّــد العملية وطريقة إخفاء الُمنفّذ، مُشدّدًا على أنّ تقييد الموظفة، التي قتلها فيما بعد في المصنع، كان هدفه اختطافها وأخذها رهينةً، كاشفًا عن أنّ سيارةً فلسطينيّةً كانت بانتظاره، وهي التي فرّ فيها بعد تنفيذ العمليّة، حسب تعبيره.

ووفق الُمحلّل فيشمان، يُثير بقاء نعالوة مُطاردًا المخاوف لدى قادة الأجهزة الأمنيّة الإســرائي­ليّة خشية تنفيذه عملياتٍ أخرى، أسوةً بالشــهيد أحمد نصر جرار الذي طاردته وحدات الاحتلال الخاصّة نحو ثلاثين يومًا في يناير/ كانون الثاني الماضي.

واختتم قائلاً إنّ نعالوة يُشكّل لغزًا لإسرائيل التي تُحاوِل من خلال كل أجهزتها الأمنيّة حلّه، مُوضحًا أنّ كثيرًا من الأسئلة حول نعالوة ما زالت بدون حلٍّ لها بعد مرور شــهرٍ على تنفيذه العملية في منطقة «بركان» الصناعيّة الإســرائي­ليّة شمال مدينة سلفيت، في الضفّة الغربيّة الُمحتلّة.

بقي أنْ نُشــير إلى أنّ «إســرائيل» لم تتمكّــن من معرفة أيّ شيءٍ عن جلعاد شــاليط الجنديّ الإســرائي­ليّ، الذي أسرته حركة حماس في عام 2006، واضطرت لإبرام صفقةٍ مع الحركة لتحريره مُقابل إطلاق أكثر من ألف أســيرٍ سياسيٍّ فلسطينيٍّ كانوا يقبعون في سجون الاحتلال.

 ??  ?? عائلة «الشبح» المعتقلون لدى قوات الاحتلال
عائلة «الشبح» المعتقلون لدى قوات الاحتلال

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom