Al-Quds Al-Arabi

جماعة «العدل والإحسان» المغربية تحِّذر من انفجار وشيك وتثِّمن الحراك المجتمعي السلمي المتنامي

- الرباط – «القدس العربي»:

حــذرت جماعــة العدل والإحســان، أقــوى الجماعات المغربية ذات المرجعية الإسلامية، من «انفجار وشيك لا قدر الله». فهل توفر الجماعة الغطاء السياســي للاحتجاجات؟ وهل هي قادرة على ذلك؟

وقالــت في بيــان صادر عــن المجلس القطــري للدائرة السياســية بـ»اســتمرار فشــل الدولة الذريع فــي تدبير مختلف مجالات السياسات العمومية، التي تعاني الطبقات المســتضعف­ة من ويلاتها فقراً وحرماناً وعســفاً وجوراً، في ظل استفراد المؤسسة الملكية بالسلطة والحكم بعيداً عن أي شكل من أشكال المحاســبة، مقابل تحميل المسؤولية واللوم لمؤسسات صورية وواجهات تنفيذية للاستهلاك والتعمية .» وربطت هذا الفشــل للدولة في مختلــف المجالات بـ»تنامي حركية مجتمعيــة جماهيريــة متجددة، تتوســع دائرتها لتشــمل العديد من القطاعات والفئــات والمناطق، مقاومة للإعدام المخزني الممنهج للحياة السياســية الجادة، والفعل المجتمعي المؤثر، والأمل في التغيير المنشود». وللخروج من هذا المأزق، اقترحت «خلاصات للمســاهمة فــي إنقاذ البلد وتجنيبــه المجهول الذي ينتظره»، من دون أن تكشــف عن ماهية تلك الاقتراحات.

ونــددت الجماعة «بالانتهاك الصارخ لحقوق الإنســان، والتضييق على الحريات، ومصادرة حرية الرأي والتعبير، والزج بخيرة شباب البلد في المعتقلات، واستمرار التعذيب والإفلات من العقــاب»، وطالبت بإطلاق ســراح المعتقلين السياســيي­ن وحذرت من «مغبة الإصــرار المخزني على نهج سياســة صم الآذان، وتفضيل المقاربة القمعية في التعاطي مع المطالب العادلة والمشــروع­ة لفئات واســعة من الشعب المغربي، وفــي معالجة الوضع الاجتماعــ­ي المتأزم الذي لن يزيــده القمع والتجاهــل إلا احتقاناً ينذر بانفجار وشــيك لا قــدر الله»، في الوقت الذي ثمّنــت فيه «الحراك المجتمعي الســلمي المتنامــي، وتنويهنا بالقــدرة الإبداعية المتجددة التي تميزه، والتــي كان من صورها المقاطعــة الاقتصادية الأخيرة»، ودعت «المســؤولي­ن إلى الإصغاء لنبض الشارع قبل فوات الأوان».

وأكد تقرير الجماعة «أن واقع الفساد والاستبداد يكبلان مسارات التغيير في بلادنا، ويعرقلان الطموحات الشعبية نحو تنمية شــاملة وكرامة إنسانية وحرية حقيقية وعدالة منصفــة»، وأن ما اســتقر من ســنين طويلة من ســلطوية واستبداد يميز القبضة الملكية على مجمل مفاصل السياسة، أصبح يزاحمــه أيضاً ســؤال فاعلية هذه المؤسســة التي وضعت في يدها كافة الصلاحيات الدســتوري­ة والسياسية وكل الممكنات المادية والمالية».

المؤسسة الملكية

وشدد التقرير على أن المؤسسة الملكية في المغرب تحتكر جل الســلطات، إضافة إلــى جوهر الطبيعة الاســتبدا­دية لنظام الحكم، المتمثلة في اســتفراد حاكــم فرد غير منتخب بالسلطة، إلى جانب حاشيته ومستشــاري­ه، دون إمكانية أية مســاءلة أو محاســبة، مقابل منتخبــن يوضعون في الواجهة دون قدرة حقيقية على ممارســة السلطة، وتطرق لـ»تضخــم ثروة الملــك وعائلتــه، وهو ما يعكســه حجم الأرباح الضخمة التي تحققها شركاتهم المهيمنة على الكثير من القطاعــات الاســترات­يجية، والتي تجد تفســيرها في حجم الريع والامتيازا­ت التــي يتمتعون بها»، وأن الصمت المفــروض اتجاه هــذه الكلفــة العالية والثــروة المتزايدة على حســاب مقدرات البلد ومواطنيه، يؤكد طبيعة النظام ونوعية العلاقة التي تربطه بـ »مؤسسات الرقابة .»

وأبــرز أن خطابــات الملــك تجنــح دائماً نحــو تصدير للمسؤولية لباقي الفاعلين رغم أنه رئيس السلطة التنفيذية وصاحــب القــول التشــريعي النهائــي ورأس العديد من أذرع الدولة ومؤسســاته­ا وهياكلها، ولا يتردد في التنصل من مســؤوليته تجاه الاختلالات المتعــددة ويحملها لتلك المؤسســات التي تتبع له، حتى أصبح من ســمات الخطب الملكية إدانــة تهاون الأحــزاب وتباطؤ البرلمــان وتراخي الحكومــة وفســاد الإدارة، وأن هذا الخطــاب يبدو وكأنه صادر عــن المعارضة، لكنه في العمق يعكــس قواعد اللعبة السياسية المنغلقة، بعنوان «الحكم لي والمسؤولية عليكم،» الشيء الذي يطرح سؤال المســؤولي­ة إزاء احتكار السلطة والثــروة، خاصة مع الأســفار المتكررة للملــك وغيابه لمدد طويلة عن الساحة الوطنية وتفاعلاتها.

المؤسسات الرسمية هياكل تحت الطلب

ووصــف تقرير جماعة العدل والإحســان المؤسســات الرســمية أنها هياكل تحت الطلب تتســابق لخدمة السيّد، ولا تســتنكف عن تبرير ســلطويته وتعزيزهــا وتثبيتها، وهو ما اتضح بشــكل لا لبس فيه بعد إقرار دســتور 2011، عبر الانحياز الواضح نحو تنزيلٍ وتأويلٍ وتفســيرٍ يرسخ الاســتبدا­د وينتصــر للملكية التنفيذيــ­ة ويبتعد عن فصل السلط وربط المسؤولية بالمحاسبة، وهو ما كرسته وما تزال القوانين والقواعد والممارسة.

وقال إن الحكومة عاجزة عن ممارسة سلطتها التنفيذية خارج منطق التعليمات والخطط التي تؤشر عليها الجهات العليا، حيث إن البرنامج الحكومي تنتهي صلاحيته بمجرد عرضه علــى البرلمان، لتصبــح الأجنــدة الحكومية تابعة للبرامج والخطب والتعليمات الملكية.

واســتنكرت الجماعة «توســع التطبيع السافر بمختلف أشــكاله مع الكيان الصهيوني الغاصب»، ونددت «بتواطؤ قوى الاستكبار العالمي في دعم حرب إجهاض ربيع الشعوب المســتضعف­ة التواقة للتحرر من ربقة الاستبداد والاستعباد والجور»، وشجبت «جرائم الاغتيال السياسي للمعارضين والصحافيــ­ن وأصحاب الــرأي، التي كان آخــر ضحاياها الصحافي جمال خاشــقجي رحمه الله، الذي قتل غدراً في جريمة بشعة مكتملة الأركان.»

وقال رئيس الدائرة السياسية في الجماعة، عبد الواحد المتــوكل، إن العمل السياســي فــي المغرب بــات محكوماً بعقليتين: عقلية تقوم على «الكياسة»، وعقلية الحكام التي وصفهــا بأنها «عقلية جامدة تصر على الســعي بالبلد نحو التعاســة والهلاك». وتوجه «إلى العقلاء؛ نســتحثهم على التفكير الجدي والمبادرة قبل فوات الأوان، والتأسيس لعمل مشــترك قوي، يضع البلاد على الســكة الصحيحة للتغيير والبناء».

ويتأكد هذا العجز الحكومي، حسب التقرير، مع التخبط والارتجال الــذي دبرت به الحكومة قــرار اعتماد التوقيت الصيفي طوال السنة وما رافقه من تدابير ارتجالية ومرتبكة وتصريحات متناقضة على مســتوى الوزارات في محاولة لأجرأة سريعة لقرار لم تساهم في صياغته والإعداد الكافي والناجــع لتطبيقــه، إضافة إلى أنها تعيــش على وقع عدم الانسجام والمناكفات والملاسنات.

 ??  ?? صورة أرشيفية لجماعة «العدل والإحسان» المغربية
صورة أرشيفية لجماعة «العدل والإحسان» المغربية

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom