Al-Quds Al-Arabi

المايسترو سليم سحاب يقود «الأوركسترا الوطنية» اللبنانية بعد غياب

- بيروت – «القدس العربي» من زهرة مرعي:

غاب المايسترو ســليم ســحاب طويلاً عن جمهور لبنان، الذي يتذوق موسيقاه وحضوره، وعاد بدعوة من المعهد الموسيقي الوطني ليقود حفل الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرقية العربية.

عودتــه لم تكن منفردة، بل حملت مفاجأة بتقديمه لإبنته ســارة كمغنية. إلى صالــة «أبو خاطر» في الجامعة اليســوعية تقاطر الجمهور لحضور حفل تخطى زمنه المعتاد ليتجاوز الساعة ونصف الساعة.

بترحاب وحب اســتقبل الناس المايســتر­و الذي اختار القاهرة وتحديداً دار الأوبرا مكاناً لنشــاطه منذ نهاية ثمانينيــا­ت القرن الماضي. ســليم ســحاب معروف بهواه لمحمــد عبدالوهاب، ومع ذلــك كان عادلاً في الاختيــار­ات. فهو مــدرك تمامــاً أن مصر العصر الذهبــي نعمت بموســيقيي­ن بارعين كثــر تركوا أثراً علــى الذائقــة العربية. لهذا اختــار البدء بمقطوعات موسيقية لثلاثة من أقطاب النغم في ذاك العصر الجميــل. بدأ مع ارقى وأجمل وأعذب الألحان «هذه ليلتي» لمحمد عبد الوهاب. ثم بدعة «رقصة كهرمانة» لفريــد الأطرش وختم بـ«لونغا نهوند» لرياض الســنباطي. وإلى هنا انتهت مرحلة المعزوفات ليحل دور الغناء.

وصلت ســارة ســحاب إلى المســرح قــرب والدها مصحوبة بتصفيق لتغني «تعمر تعمر» لزكي ناصيف.

منذ البدء علمنا أن صلة ســارة بالغناء اللبناني ليست وثيقة أو ربما بهذا اللحن بالتحديد. ســارة واثقة من نفســها مدعومة بحضور والدها، تخطت الإمتحان الأول بأقل الأضرار.

من المعروف أن الأغنية الأولى لأي فنان وصــوت تكون بمثابة اختبار بينه وبين الجمهور، خاصة عندما يكون الصوت حاضــراً مع جمهور ومكان جديدين كلياً. لكن ســارة كانت مدعومة عاطفياً على المســرح وبين الحضور، إذ انتشرت عائلة سحاب في أكثر من مكان. من عمّيها الضليعين حتى الإبحار بأصول الفن والموســيق­ى كتابة وبحثاً الياس وفيكتور، إلى أبناء عمومتها الذين شــاهدنا منهم الفنان زياد سحاب، الــذي نظرت ناحيته مراراً وتكــراراً. وربما كان عازف القانون والمؤلف الموســيقي الدكتور غسان سحاب حاضراً أيضاً إنما بعيداً عن مرمى نظرنا. في المحصلة ســارة ســحاب موهبة تحظى برعاية «مُعلم» مشــهود له في اطلاق المواهب. فــي لبنان لا زلنا نذكــر رعايته لصــوت رائع يتابع الــدرب بثبات «ريما خشيش» التي كانت حاضرة. مميزات قطفناها سريعاً من حضور سارة على المسرح، إذ أنها تتعامل مع حضورها بفرح، ولا تخشى الهفوات التي حدثت بين الحين والآخر، تتخطاها بليونة. تتابع مهمتها بابتســامة أو بنظرة لأحد أقطاب العائلة تستمد منــه الرضا، إلى جانــب حضور والدهــا تماماً فوق رأســها بعصا المايســتر­و، وكأنه الملاك الحارس. في غنائهــا لزكي ناصيف كانت ســارة بين بين، الأغنيــة الأولى شــكلت الإختبار وجواز المرور، والثانية لم يكن اختيارها موفقاً. «راجع يتعمر لبنان»، لم تعد اغنيــة تحمل مضموناً في ظل المســار القائم من قبل الطبقة السياســية الحاكمة جميعها. هذه الطبقة التي دأبت على السير بلبنان إلى الخلف بدل التقدم الى أمام، وهي تصرّ ممعنة بفعلتها. فلمــاذا وكيف ســيتعمّر لبنان؟ ولماذا الأغنية من الأساس؟ كان مناسباً تماماً أن سارة لم تحفظ من الأغنية كلمة سوى العنوان تقريباً، وهكــذا دخلت دون قرار منها في لعبة الشــك في الإختيار، وفي القدرة على منحه أي معنى. انحنت على الورق لتقرأه ولم تتمكن منه تماماً، فكانت تترك للموســيقى أن تقول كلمتها. بــن المغنية التي صارت وكأنها زاوية قائمة وبين جمهــور يصفق لـ«عمار لبنان» صار الموقف مضحاً وربما مبكياً. لكن سارة لم ترتبك تعاملت مع واقعها بين «الضحك والجد واللعــب» وكذلك بعض الجمهور، فيما طلب آخرون «أقله تحفظ الكلام». هي اغنية بعكس الريح تماماً. سارة مجيدة لما غنته من الريبرتوار المصري أكثر بكثير من الغناء لزكي ناصيف. وهي مع «ســهر الليالي» للياس الرحباني كانت أكثر اتقاناً وانسجاماً بخاصة لجهة طبقة الصوت. اجتهدت ســارة في الغناء لأم كلثوم في «ألــف ليلة وليلة» و»دارت الأيام». ليس لنا قول الكثير عن حضورها فال»مُعلم» سيقول لها بصدق دون شك كل التفاصيل التي يُفترض منحها مساحة الانتباه.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom