Al-Quds Al-Arabi

فن نحت التماثيل في الكويت يتطلّع للخروج من القاعات المغلقة

-

■ الكويت - أ ف ب: أنجز النحات الكويتي ســامي محمد تمثالا للشــيخ عبد الله الســالم الصبــاح، أول أمير لدولة الكويت، بطول خمســة أمتار في العــام 1972. لكن التحفة البرونزية لا تزال حبيسة قاعة مغلقة.

فعلــى الرغم من وجــود حياة فنية وثقافية ناشــطة في الدولــة الخليجيــة، إلا أن عرض التماثيــل يصطدم برفض جماعــات محافظــة، إذ يــرى البعض فــي هــذه التماثيل «أصناما». ويأمل محمــد، كغيره من النحاتــن، بأن يتغيّر هذا الأمر لتخرج أعمالهم مــن القاعات، وتعرض في الأماكن العامة، كما هو الحال في دول عربية اخرى.

وقال محمــد )75 عاما( الذي تعلّم النحت في صباه «نحن مســلمون ومتديّنون وفي بلد إســامي»، ولكــن «علينا أن نتجاوز هذه الأمور لأن الانسان يملك عقلا وفكرا ويستحيل أن يرجع إلى عبادة الأصنــام». وتابع النحات الذي يمارس مهنته الحرفية هذه منذ أكثر من خمسة عقود «لسنا في عصر الجاهلية. نحن في عصر التكنولوجي­ا».

كهف

ولا يحظر القانــون الكويتي وضع منحوتــات وتماثيل لأشخاص في أماكن عامة، ولكن الجدل الذي يثيره هذا الفن يعيق ذلك، اذ يرى كويتيون وبينهم رجال دين وسياسيون إسلاميون نافذون أن التماثيل التي تشبه أشخاصا قد تعيد التذكير بحقبة عبادة الأوثان.

وفي متحف الفــن الحديث في الكويت الــذي افتتح عام 2003، لا تــزال تماثيل صنعهــا فنانون كويتيون حبيســة القاعات المغلقة. أمّا تمثال الشــيخ عبد الله السالم الصباح فيقبع في قاعــة مغلقة في مقر صحيفة «الــرأي العام» التي توقّفت عن الصدور.

وتضــم الكويت عــدة متاحــف أهمّها المتحــف الوطني الحكومــي إضافة الى متاحــف خاصة بينهــا متحف الآثار الاســامية الذي يحتوي علــى مقتنيات اسلامية نادرة.

ورأى النحــات الشــاب بــدر فاضل علمدار )42 عاما( ان «خوف» المســؤولي­ن من التصادم مع المتشــدّدين هو ما يحول دون وضع هــذه التماثيل في الســاحات العامة، مضيفــا انه هوجم مرارا بســبب أعماله الفنية.

وكان النائــب الكويتي الســلفي محمد هايف المطيري كتب على حسابه عبر تويتر فــي أيلول/ ســبتمبر الماضــي ان التماثيل «وتسمى بالمجســما­ت أخذت تغزو جزيرة العرب حتى وصل التســاهل لإنشاء معابد في بعض دول الخليج وفِي الكويــت». وتابع «هي خطوات منكرة )...( ويجب على وزير التجــارة منعها». وأثير جدل كبير فــي الكويت في أيلول/ ســبتمبر الماضي مــع المطالبة على وسائل التواصل الاجتماعي بإغلاق أبواب متجر يقوم بطباعة ثلاثية الأبعاد لتماثيل صغيرة عن طريق تكنولوجيا حديثة.

وزار النائب أحمد الفضل المقرّب من الحكومة المتجر ونشر تسجيلا مصوّرا أعرب فيه عن غضبه جراء المطالبات باغلاق المتجر.

وقال في الفيديو وهو يشير الى الرفوف الفارغة «سأطلب الآن أن يصنعوا لي صنمي الخاص، وسأضعه في مكتبي في مجلس الأمة، وسأنتظر لأرى من سيعلّق على هذه الأمر».

وتابع «أريد ان أعرف الى متى سيستمر هذا التخلف )...( المفروض ألاّ ترضخ لهؤلاء الاشخاص بل أن تواجههم فنحن بلد حريات وقانون. بعد 1400 ســنة تقولون أصنام؟ عليكم ان تجلسوا في كهف وتبقوا فيه».

يتعوّدون عليها

فــي العقديــن الأخيريــن، أقــدم متشدّدون في عدة دول إسلامية على تدمير تماثيل للأسباب ذاتها، وبينهم حركة طالبان في أفغانستان في العام 2001، وتنظيم الدولة الاسلامية أثناء سيطرته على مدينة الموصل العراقية في العام 2015 . واضطــرت الســلطات القطرية في 2013 الــى إزالة تمثــال «نطحة زيدان » للفنان الفرنســي الجزائري عادل عبدالصمد بعد أقل من شهر من وضعه على كورنيش الدوحة، بعد جدل حول نصب التماثيل التي اعتبرها البعض «أصناما».

ونشــرت الصحف ومواقع التواصــل الاجتماعي صورا لعملية ازالة التمثال الذي بلغ ارتفاعه خمســة امتار وجّسد «النطحة» التاريخية التي قام بها لاعب كرة القدم الفرنســي الجزائــري الأصل زين الدين زيدان خــال المباراة النهائية لمونديــال 2006 فــي المانيــا ضد اللاعــب الايطالــي ماريو ماتيرازي.

فــي المقابل، تســتضيف دولــة الامارات المجــاورة عدة متاحف تضم تماثيل لأشــخاص. كذلك، تعــرض الكثير من الــدول العربية، وبينها العراق وســوريا ومصــر ولبنان، تماثيل في شــوارع مدنها وفي الساحات العامة لشخصيات سياسية وحتى لفنانين.

حتى ان الســعودية المحافظة، اســتضافت فــي أيلول/ ســبتمبر الماضي معرضا للفن الصينــي ضم تماثيل لمحاربي «تيراكوتا».

بالنسبة للأمين العام المســاعد لقطاع الفنون في المجلس الوطنــي للثقافة والفنون والآداب الحكومــي الكويتي، بدر الدويش، فإن هــذه الخطوات الانفتاحية تدعــو الى الأمل بحدوث تغيير في بلده.

وقال إن المجتمع الكويتي قــد «يتعود على المنحوتات في المســتقبل». ويحمل النحات سامي محمد الأمل ذاته، ويقول «لا يمكننا أن ننفصل عن العالم».

 ??  ?? سامي محمدوتمثال للشيخ عبد الله السالم الصباح
سامي محمدوتمثال للشيخ عبد الله السالم الصباح

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom