Al-Quds Al-Arabi

هل هو احتلال؟

يريد نتنياهو حل صراع الشرق الأوسط بدون مراعاة لحقوق الفلسطينيي­ن

- زهافا غلئون هآرتس 2018/11/8

■ فــي يــوم الإثنين الماضــي في جــزء مغلق من جلســة حزب الليكود، قال بنيامين نتنياهو الأقوال التالية: «الشــعوب تحترم الأخــاق حتى حد معين ويحترمونني أكثر. نحــن نكفر بعقيدة الاحتلال. إذا كان الاحتلال هو الموضوع فهناك عدد من الدول تحتل دول أخــرى ولا أحــد يتحدث بأي كلمــة عنها. دول كبــرى معروفة. لم ينبس أحد ببنت شــفة عن تركيا وشــمال قبرص». من المعروف أن هذه الأقوال غرقت على الفور في المياه الضحلــة التي تقع بين الحيونة الأخيرة لاورن حزان وجنسوية اليعيزر شتيرن.

لقد مرت 30 ســنة فقط في العمل السياسي، ولكن أخيراً ســمعت الحقيقة مــن نتنياهو )همســت في غرفة مغلقة بالطبع(: الاحتــال ليس هو الموضوع. الســكان الموجودون تحت الاحتلال ليســوا مهمين. ملايين الأشخاص الذين تســحق حقوقهم يوماً بعد يوم، والذين حياتهم ليســت حياة ـ لا يهمون رئيس حكومة إســرائيل، وهو لا ينشــغل بذلك. القوة هي الأمر الوحيد المهم. القوة اليهودية.

ومن هذه الناحية فإن نتنياهو بالذات راض. «من المهم طــرح هذه الأمور لأنها تحدثت عن تســونامي، بأنــه يجب حل القضية الفلســطين­ية»، قال نتنياهو في الجلســة. «هــذا لا يجب أن يوقفنا أمــام النجاح السياسي الكبير الذي نحققه».

في الانتخابات المحلية، اختار ســكان كريات أربع تغيير ملاخي لفنغر، في حين أنه بالنســبة لســكان الخليــل لم يتم إجــراء انتخابات. فــي جنوب جبل الخليــل بنــى الناس بــؤراً اســتيطاني­ة على أرض مســروقة، في حين أن سكان الخان الأحمر مرشحون للإخــاء. المســتوطن­ون يحــق لهم البناء بســبب «التكاثر الطبيعي»، والســكان في المناطق لا يســمح لهــم بتخطيط المبانــي ـ «وفقاً لتعليمات المســتوى السياسي»، كما اعترف مؤخراً رئيس الإدارة المدنية. «سكان» عديمي الإنســاني­ة، يمكن الدوس عليهم أو «استبدالهم» مثلما تتم إعادة البضاعة في البقالة.

رغم هــذه الأمور الفظيعة من الجدير قول شــيء ما عن تلك القوة التي يتــوق لها نتنياهو مثل جائزة القيثارة الهوليوودي­ة. القوة هي أكثر من مجمل القوة الاقتصادية والعســكري­ة للدولة. اقتصاد إســرائيل وقوتهــا العســكرية متعلقــان بتحالفاتهـ­ـا، وهذه متعلقة، ضمن أمــور أخرى، بقيمها. إســرائيل وفق وثيقة الاســتقلا­ل هي دولة حازت ما يكفي من القوة من أجل الدخــول إلى تحالف مــع الولايات المتحدة والدول الأوروبية. إسرائيل نتنياهو تزحف وراء كل طاغية محلي مستعد لنقل السفارات.

الدول القوية لا تنجر لمســاعدة فيكتــور اوربان الهنغاري الذي تنضج حملته الانتخابية باللاسامية، أو زئير بولسونرو البرازيلي الذي يتحدث عن إعادة الديكتاتور­ية العســكرية في بــاده. ولكن يبدو أن شــراكة قيمية خلــف المصالح التي تقع في أســاس سلسلة هذه التحالفات تختفي أيضاً. ذات مرة تعامل رؤســاء الحكومات هنــا مع حلف الأقليــات، والآن تقدموا إلى حلف المجذومين.

مقولة نتنياهو لــم تحظ تقريباً بــأي اهتمام. لم يطلب أحد منــه أن يوضح أقواله وأن يشــرح كيف تتوافق مع الأكاذيب التي أطلقها في خطاب بار ايلان. ربما لم يتوقعوا منه قول الحقيقة.

عن مستقبل المناطق ترتفع وتسقط انتخابات في إســرائيل، ورئيس الحكومة يعتقد أنه من المشــروع الحفاظ على الغموض. من الســهل فهم ذلك مع الأخذ بالاعتبار السياســة التي يؤيدها. الأكثر صعوبة هو فهم لماذا يقبل الجمهور بخضوع هذه الإهانة.

تحدث نتنياهو عــن علاقات دوليــة، لكنه يؤيد السياســة عديمة القيم والمســممة بالقــوة حتى في الميدان السياســي. إذا لم نتوخّ الحذر فإن إسرائيل ســتكون أكثر شــبهاً لدمية فــي يد نتنياهــو: دولة بارانويا تتحدث عــن «الإخلاص»، ولكنها تتوق إلى الاســتخذا­ء، دولة كل مواطنيها هم أعداء محتملون. نحن نقف على شــفا الهاوية، وفي الأســفل يظهر لنا وجه نتنياهو.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom