Al-Quds Al-Arabi

لماذا العقوبات الأمريكية على الباسيج الإيراني؟

- د. صالح محروس محمد ٭

لم تهدأ الولايات المتحدة الأمريكية في عصر الغطرسة الأمريكية عن فرض العقوبات على الدول الإسلامية بحجة الحماية أو بحجة انتهاك حقوق الإنســان وهي أول من ينتهك حقوق الإنسان وتغض البصر عن ما يحدث لمسلمي بورما وافريقيا الوسطى وفلسطين وما حدث في سجن أبوغريب في العراق وغيرها.

فالأمريــك­ان لم يتوقفــوا عن التدخل في سياســات دول العالم المعاصــر. وحســب وكالات أنبــاء وصحف عالمية فرضــت وزارة الخزانــة الأمريكيــ­ة عقوبات جديــدة على إيران، شــملت منظمة «الباسيج» وشبكات تدعم بنيتها التحتية، والتي ضمت 20 مؤسسة من بينها 5 شركات اســتثماري­ة و3 مصارف. واستنادا إلى وسائل إعلام إيرانية فرضت الولايات المتحدة عقوبات على بنك ملت ومهر وبارسيان، وشركة «تراكتورســ­ازي» تبريز وشركة «صنايع فولاد مبارك» أصفهان، وجاءت قائمة الشركات على النحو التالي.

تمويل «الباسيج»

شــركة اســتثمارا­ت « انديشــه مهرواران»، مجموعــة بهمن، شــركة إنتاج زينك، بندر عباس بنك ملت، مؤسسة تعاون باسيج، شــركة كالســمين، شــركة فولاذ مبارك، اصفهان للصلب، شــركة تراكتورســ­ازي للجــرارات، شــركة تنمية التعدین زينــك ايران، مجموعة مهر المالية، بنك مهر الاقتصادي، شركة استثمارات نجين، ساحل رويال، بنك بارســيان، شركة كاتاليست شيمايي بارسيان، شركة ذوب زنك قشم، بنك سينا، شركة استثمارات «طبيعت جردان آتيه»، شركة استثمارات تكتار، الشركة الهندسية تكنوتاز، وشركة زنجان لصناعة الأسيد.

وقــال مســؤولون فــي الإدارة الأمريكيــ­ة إن هذه الشــركات والكيانات تمول «الباسيج» التابعة للحرس الثوري والتي تشارك في عمليات العنف في الداخل الإيراني وانتهاكات حقوق الإنسان، كتجنيد الأطفال في القتال في سوريا. وقد نددت طهران بالعقوبات الأخيرة التي فرضتها الولايات المتحدة على قوات الباســيج وعلى «شــبكة مالية واســعة» تدعمها، فــي إطار تصعيــد ضغطها على الجمهورية الإسلامية.

لكن من هو الباســيج ولماذا العقوبات الأمريكية على الشــركات التي تموله؟ الباســيج )بالفارسية: ســازمان بسیج مستضعفین( وتعني قوات تعبئة الفقراء والمستضعفي­ن وهي قوات شبه عسكرية تتكون مــن متطوعين من المدنيــن ذكورًا وإناثًا، أُسّســت بأمر من القائد الســابق للثورة الإســامية روح الله الخميني في نوفمبر/ تشرين الثاني 1979. القائد الحالي للباسيج هو العميد غُلامحُسين غيب برور.

تضم المنظمــة الأصلية المدنيين المتطوعــن، وتتألف القوة غالبًا من الشــباب الإيرانيين. حاليا الباســيج يقــدّم مختلف الخدمات التطوعية بمثابة القوة المســاعدة وتشــارك في أنشطة مثل الأمن الداخلي وتوفير الخدمات الاجتماعية، وتنظيم الاحتفالات الدينية العامة. تتبع الباسيج الحرس الثوري الإيراني )الباسدران( الذي يتبع بدوره إلى ســلطة المرشــد الأعلى للجمهورية الإســامية في إيــران. وعناصر قوات الباســيج معروفون بالــولاء لقائد الثورة الإســامية. كذلك تضم قوات الباســيج مجموعات من رجال الدين وتابعيهم. كان لتلك الميليشــي­ا نشــاط بارز أثناء الحرب العراقية الإيرانية فــي الثمانينيا­ت. ويبلغ عددهم حاليًــا قرابة الـ 90.000 متطوع ومتطوعة، ويمكن أن يرتفع إلى مليون عند الحاجة.

عند دخــول العقوبــات الأمريكية الاقتصادية علــى إيران حيز التنفيذ، هل تنجح أمريكا فى تركيع إيران؟ وهل يمكن القول إنه من الممكن أن تســتجيب إيران أو ترضخ بمعنى أدق للمطالب الأمريكية وتقبل بالتوصــل إلى اتفاق جديد يشــمل برامجهــا الصاروخية الباليستية ودورها الإقليمي ووجودها العسكري في سوريا واليمن والعراق ولبنان وفلســطين. وقد تتعايش إيران مــع العقوبات إذ يتجه كثير من الباحثين في دوائر صنع الأبحاث المتعلقة بالشؤون الإيرانية، إلى أن إيــران قد تتعايش مع العقوبات من خلال خبرتها التاريخية في هذا الصدد لاســيما أنها واجهت سبعة مشاريع أممية تمخضت عن قرارات صادرة من مجلس الأمن الدولى، وتعايشت مع تلك العقوبات بدءا من العام 2006 وحتى العام 2013.

الحلفاء والالتزاما­ت

ووفقًا للمدير العام لمركز دراسة إيران الحديثة، رجب سافاروف، فــإن 95٪ من العقوبات ضــد طهران لم تكن قــد رفعت، والغرب بقيادة الولايات المتحدة لم يف بالتزاماته بشــأن الصفقة النووية. ويعتقد سافاروف أنه ليس من المســتبعد أن يكون لتلك العقوبات بعض التأثير السلبي على الاقتصاد الإيراني. وبالرغم من ذلك فإن إيران مســتعدة منذ فترة طويلة لنظام العقوبات، فعلى مدى أربعة عقود، نجحت في دراســة طبيعة السياســة الغربية التي تقودها الولايات المتحــدة، وأعدت الخطة «ب» لــكل الاحتمالات، في حال تنصل الأمريكيون وحلفاؤهم من التزاماتهم.

تهدف الولايات المتحدة لتنسيق السياسات مع إيران في منطقة الشرق الأوسط وكذلك مراقبة المشروع النووي الإيراني. فالعقوبات تهدف إلى تركيع إيران لترضخ أمام السياسات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.

٭

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom