Al-Quds Al-Arabi

«ناشيونال إنترست»: روسيا استفادت من الحرب السورية وعرفت مكامن ضعفها

- لندن - «القدس العربي» من إبراهيم درويش:

كتبت هيئة التحرير في مجلة «ناشيونال إنترست» أن الحرب الســورية كانت مفيدة للمؤسسة العسكرية الروســية. وأشــارت إلــى ما قالــه الرئيس الروســي فلاديميــر بوتين العــام الماضي مــن أن الحرب حققت إنجازاتهــ­ا لروســيا والمهمة أنجزت. وقال إن روســيا ســتبدأ عمليات الخروج من ســوريا إلا أنه في تجربة مماثلــة لأمريــكا فــي كل مــن العــراق وأفغانســت­ان فالقوات الروســية ستظل موجودة في هذا البلد الذي دمرته الحرب وفي المستقبل المنظور.

هذه كانت خلاصة مؤتمر أعده مركز إنترناشــو­نال إنترســت وشــارك فيــه كل من بــول ســوندرز المدير التفنيذي لمركز ناشــونال إنترســت والعقيــد المتقاعد روبرت هاميلتون والمحاضر في كلية الحرب الأمريكية ومايــكل كوفمــان، الباحــث البــارز في مركــز نافال أنالسيس وأداره جيل بارون دولار من المركز.

وقال ســوندرز إن استراتيجية روسيا قبل التدخل العســكري قامت على منع ســقوط نظام بشــار الأسد ومواجهــة الإرهــاب فــي ســوريا وليس في روســيا. وكانت روســيا تحاول أن تجبر الولايات المتحدة على حوار في ســوريا بعد العزلة التي عانتها موســكو من ضم شــبه جزيرة القرم. وأضاف: «طبعاً عندما وصل الــروس إلى ســوريا وبحجم كبير، طور العســكريو­ن الروس عدداً من الخطط الأخــرى المفيدة» بما في ذلك تأمين الوجود العسكري المتزايد هناك. وأكد سوندرز على أن بناء نظام سياســي مستقر سيكون صعباً لكل من ســوريا وروســيا وإيران بدون دعم مالي خارجي مميز لإعادة إعمار البلد المحطم.

وناقــش أن الحكومــات الغربيــة لــن تقــدم الدعم المطلــوب لبشــار الأســد وهناك قلــة مــن الحكومات ســتقبل تحمل مســؤوليات للإعمار. ولهــذا ناقش أن الولايــات المتحــدة لديها نفــوذا في ســوريا أكبر مما يعتقد البعــض. وقال إن التعامل مع مشــكلة المقاتلين الأجانب ســتكون مشــكلة خاصة أن لا دولة ســتقبل بعودتهــم واســتقبال­هم. أما مايكل كوفمــان فقد قدم تحليلاً للحملة العســكرية في سوريا. وقال إن سوريا من المنظور السوري كانت عبارة عن «ثلاث حروب.»

ثلاث حروب

الأولى «إعادة الغزو» التي قام بها النظام السوري لاســتعادة الأراضي التي خســرها بعد اندلاع الثورة وظهور تنظيم الدولة.

أمــا الثانية فقد كانت الحرب الوجودية بين الأتراك والأكــراد والثالثة كانت حرب الإســتنزا­ف بين إيران واســرائيل. وهذه الحرب هي الأكثر خطورة لروســيا لأنها الحرب التي لم تأت لتخوضها في سوريا وتحمل الكثير مــن التداعيــا­ت الكبــرى، فحرب إســرائيلي­ةإيرانية ستجبر موسكو على التخلي عن وعودها التي قطعتهــا لأي مــن الطرفين خاصــة أنها تعتبر نفســها الطــرف الوحيــد الذي يتمتــع بعلاقات جيــدة مع كل منهمــا. ووصــف كوفمان الأثــر الذي تركتــه الحرب على العســكرية الروســية حيث وصف ســوريا بأنها الســاحة التي حققت فيها العســكرية الروسية تحولاً نوعياً وأدت إلى «تجربة وإبداع وبالنســبة للعسكرية الروسية فهي حرب سعيدة». وكانت مسرحاً للقوات الروســية للحصول على خبرات قتالية. فقد استخدم الجيش الروســي ثلثي قواته الجويــة في جولات في ســوريا. وحصل الضباط والجنود علــى خبرة قتالية يمكنهم استخدامها في الحروب المقبلة.

وقال كوفمان أن التكتيكات قامت على التكنولوجي­ا والرؤيــة المســتقبل­ية. وقــارن التكيتــكا­ت فــي الأداء العســكري للحرب الروســية الجورجيــة عام 2008 والتــي حقق فيها «تحــولاً في ليلــة وضحاها» ولكنه حذر من أن القوات الروسية قامت بعملياتها العسكرية وأثبتت قدرة على إظهار قوتها في ســوريا ولكن بدون منافســة أو قوة تفحص حيوية هذه القوة العسكرية. وواجهت العســكرية الروســية سلســلة من المشاكل الفنية مثل تلــك التي تتعلق بالذخيــرة حيث احتاجوا لذخيرة طويلة المدى ومدافع أكثر دقة. وتحتاج روسيا لحل التنافس داخل الدوائر العســكرية للحصول على أخلاقيات حربية متماسكة. ولم تكن روسيا لتكتشف العيوب هذه لولا الحرب في ســوريا التي كانت بمثابة الســاحة التي تعمــل منها الــروس. و»هــذا واحد من الأســباب التي تجعل الروس يحبون ســوريا ويرغب القــادة العســكريو­ن في البقــاء فيها ولا يســتطيعون الحصــول علــى مقارنة فــي القــدرات العســكرية مع أمريــكا فــي أي مكان فــي العالم». واختلــف كوفمان مع ســوندرز في مسألة النفوذ الروســي ودفع الدول على المســاهمة في إعمار سوريا. مشيرا إلى أن النظام الســوري قــد يســتخدم ورقة اللاجئــن لدفــع ألمانيا والدول الأوروبية للمساهمة مالياً.

ووصــف العقيــد روبــرت هاميلتــون، القائد الأول لعمليــات تجنب الصدام في الجــو حيث قال إنه يجب التفريــق بين تجنب الصــدام الذي تم فيــه الإتفاق مع الروس بعد التدخل العسكري ومحاولة تجنب النزاع الــذي وصل لنقطة الصدام في حزيران )يونيو( 2017 عندمــا منح الــروس مهلــة للأمريكيين لإخــاء قاعدة التنف على الحدود الســورية مع إيران والعراق. وفي مكالمة حامية طلب جنرال روســي الإخلاء سريعاً فرد نظيــره الأمريكــي إن كان هــذا تهديداً فعليــه أن يغلق الهاتف كي يتصل مع قائده على الارض هناك ليحضر والدفاع عن نفســه. وإلا فعليه الحوار بدلاً من التهديد فرد الجنرال الروسي «دعنا نتحدث حول هذا». وقال هاميلتــون إن عمليــة إدارة التحالف كانت جديدة على الروس، خاصة في ظل وجود الكثير من الشــركاء في الحرب.

اختلاف الأجندات

ولاحظ هاميلتون أن روســيا «تخطــت النقطة التي باتــت فيهــا تطلب من شــركائها العمل بــدون أن تفي بوعودهــا». كمــا أن اختلاف الأجندات على الســاحة الســورية يمثــل تهديداً لهــا ولا يمكن حلها بســهولة. فمن المشــكوك بــه أن تدعم موســكو مشــروع الهلال الإيرانــي الممتد من طهران إلى بيروت بدون أن تخاطر بمواجهــة مــع إســرائيل وحتــى الولايــات المتحــدة. وتطرق هاميلتون إلى ما يراه تحديات رئيسية للروس في ســوريا من مثل «كيف تترجم تدمير قدرات عدوك العسكرية إلى إنجاز سياسي يستحق كل هذا القتال». وبتجربة الحــرب الأمريكية في العراق وأفغانســت­ان فــا يوجد خط واضح بين الإنجاز العســكري والحل السياسي المرغوب.

 ??  ?? طائرة حربية روسية في قاعدة حميميم العسكرية في اللاذقية
طائرة حربية روسية في قاعدة حميميم العسكرية في اللاذقية

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom