Al-Quds Al-Arabi

مقاطعة الجزيرة

-

الشاهد، أن موقفهم تغير بعد الانقلاب العســكري، فقاطعوا «الجزيرة»، وهي التي كانــت تحتفي بهم ويدينون لها بنجوميتهم، لكنهم اعتبروا أن الهجوم عليها من حس وطنية المرء، ومنهم من اندفع يطالب باسقاط عضوية نقابة الصحافيين عــن من يعملون فيها من المصريين، ومنهم من يتفاخــر بأن «الجزيرة» اتصلت به ليشارك فيها مقابل القناطير المقنطرة من الذهب والفضة، فهمت به وهموا بها وقال معاذ الله، فجينات الوطنية تحركت في أمعائه الغليظة، فرفض أن يتعامل مع هذه القناة الخائنة، العميلة، التي تعمل على هدم مصر، بتحريض اسرائيلي، إذ كانوا وقتها يروجون لعبد الفتاح السيســي على أنه عبــد الناصر، الذي عاد على قدر، ليوحد القطرين، ويقود الجيوش العربية إلى حتفها بمشيئة الله تعالى!

لقد قاطعوا «الجزيــرة»، وتواصلوا مــع «الحرة»، ومرة أخــرى كانوا جزءاً من حالة الاســتغنا­ء تعود إلى حالة التشــبع، فهؤلاء كانوا ضيوفاً على القنوات التلفزيوني­ة المصرية، على كثرتها، وكانت تحظى بنســبة مشاهدة معقولة، ولكن بعد المرحلة الأولى من الانقلاب، وُضع الخط الفاصل بين ثورة 25 يناير، وانقلاب 3 يوليو، وتوقفت الاســتعان­ة بمن شــاركوا فــي الثورة وإن مثلــوا غطاء ثورياً للانقلاب العســكري، ومنذ فوز السيسي في انتخاباته الأولى، ولم يبق للقوم من وجود إلا في المجلس القومي لحقوق الإنســان، بعد التخلص منهم من المؤسسات الأخرى، ويبدو أن السيسي نسى إعادة تشكيل المجلس المذكور، الذي لا يزال على حاله منذ أن شــكله «المؤقت» عدلي منصور، أو صدر قرار التشكيل يحمل توقيعه فالرجل، وكما عُرف عنه، يفتقد للقدرة على «الهش والنش»!

الاستدعاءا­ت التلفزيوني­ة لأصدقائنا القدامى، توقفت إلا «في الشديد القوي»، وهناك من عُرف عنه أنه لا يُستدعى سوى لمهمة واحدة، وهي الهجوم على الفريق أحمد شــفيق، الذي كان يمثل قلقاً للسيســي، ولكن بعد أن قامت أبو ظبي بحركة غدر ضده، وترحيله إلى مصر، لتُفرض عليه الإقامة الجبرية، تم الاســتغنا­ء كلية عن صاحب المهمة الواحدة.

ولا يزالون إلى الآن يقاطعــون «الجزيرة»، مع أن القنوات المصرية توقفت عن التعامــل معهم، ثم أن كثيراً من البرامج السياســية ألغيت، وحــدث للباقي منها تعديل مســار، جزاء وفاقاً، وبعض المناضلين هؤلاء، كانوا يقبلون أن يستضيفهم مخبر أمن الدولة، بكل انحيازاته للعهد البائد، ويتعاملون مع الظهور على شاشة قنــاة «الجزيرة» على أنه خيانة وطنية، وهي التــي وقفت معهم على «خط النار» في ثورة يناير!

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom