Al-Quds Al-Arabi

«مسافة السكة»

-

لقد كان السيســي يحتاجهم لمسافة السكة، فلما حكم مصر، وقضى منها وطراً، تعامل على «المكشــوف»، فهو يرى أن مهامه الوظيفية، حماية أمن اسرائيل، هكذا بدون خجل أو وجل، والســفير الإسرائيلي في واشــنطن، لم يهاجم عبد الناصر «الجديد»، ولكنه هاجم «الجزيرة» مع هجومــه على قطر وتركيا، لأنها تلعب ضد مصالحه، وتحرض على إســقاط رجلهم في المنطقة الزعيــم خالد الذكر محمد بن سلمان، «الصديق الأنتيم» للزعيم خالد الذكر أيضاً عبد الفتاح السيسي.

وقد اكتشــفت يا قراء، أن هناك من يطلقون على السيسي لقب «الزعيم»، حيث طالعت مقــالاً لرئيس تحرير جريــدة «الأخبار» المصرية يــوم الأربعاء الماضي، وفوجئت به لم يذكر اســم السيسي قط، فهو عنده «الزعيم»، و»الزعيم المصري»، وجرى تكرار هذا أكثر من خمسين مرة، ولم أكد أنتهي من قراءته حتى رأيت عادل إمام وهو يهتف في مسرحيته الشهيرة: «أنا الزعيم»! تقريباً كنت قد نمت، مسلية جدا مقالات القوم، إنها أقرب إلى «حواديت» مــا قبل النوم التي تخاطب الأطفال الأبرياء!

ما علينا، فالذين قاطعوا «الجزيرة» اســتمروا في مقاطعتها بعد أن حصحص الحق وتبين الرشد من الغي، لأن الظهور على شاشاتها مخاطرة كبرى، وقد سُجن رئيس حزب مصر القويــة الدكتور «عبد المنعم أبو الفتوح» بعــد مقابلة مع قناة «الجزيرة مباشر»!

وبطبيعــة الحال لن يقاطعوا «الحرة»، لأنها ســتمثل بالنســبة لهــم لعباً في المضمون، وقد بدأت القناة في انطلاقة جديدة، انتظرتها، لأنها ستمثل اضافة، كما مثلت انطلاقتها الأولى اضافة، في نقل الرأي الآخر للناس في بلد ليس مســموحاً حتى بالرأي الأول، فالمســموح به هو الرأي الواحد للرجل الواحد، وهو شخص عبد الفتاح السيســي، الذي يتكلم، وليس على المستمعين إلا الاستغراق في هذه «الاشراقات» والدُر الذي يتفوه به.

هل تدرك الإدارة الجديدة المطلوب منها لأن تنافس في المشــهد العالم العربي، أم ينتهي بها الأمر كما المرحلة السابقة «نسياً منسياً»، وهل يمكنها الانحياز للربيع العربي ولو بحضور الثورة المضادة لإثراء الحوار، و»الحرة» ليست «الجزيرة»، فلن يعترض المحافظون «الجدد» و»القدامي» على المشــاركة في برامجها، فأمامها مساحة من الضيوف أوسع.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom