Al-Quds Al-Arabi

ميزانية تونس للعام المقبل تواجه تحديات كبيرة أبرزها هبوط أسعار صرف العملة الوطنية وارتفاع النفط

-

■ تونس - الأناضول: يتطلــع خبراء اقتصاد ومطلعون على الأوضــاع المالية في تونــس إلى ميزانيــة البلاد للعام المقبــل 2019 بحالــة من التخوف، بســبب جملــة تحديات تواجه تطبيقهــا. بل ان بعض الأوســاط الاقتصادية تقترح إقرار قانون ميزانية تكميلي للميزانية الرئيســة للعام المقبل، لمواجهة أية معيقات قد تعترض مسار الميزانية الرئيسة. وفي 12 أكتوبر/تشــرين الأول الماضي أحالت الحكومة التونسية مشروع الميزانية للدولة لسنة 2019 إلى مجلس نواب الشعب ) البرلمان( للمصادقة عليه.

ويقدّر حجــم ميزانية 2019 ما قيمتــه 40.861 مليار دينار (14.489 مليار دولار( أي بزيادة 8.5 في المئة مقارنة بالنتائج المحتملة لسنة 2018. ويقدر مشروع الميزانية التونسية للعام 2019 معدل النمو الاقتصــاد­ي بنحو 3.1 في المئة مقابل معدل النمــو المتوقع 2.6 في المئــة لكامل 2018. كما يفترض ســعرا لبرميل النفط عنــد 75 دولارا، مقابــل 54 دولارا للبرميل في قانون المالية لعام 2018.

وقال الخبير الاقتصادي محمد الصادق جبنون ان «هناك نقطتين يمكــن أن تمثلا خللا في تصوّر الميزانية، وهما فرضية سعر برميل النفط، وفرضية معدل النمو الاقتصادي المتوقع». وأوضح أن «كل دولار إضافي في سعر النفط يكلّف الدولة 120 مليون دينار )42.5 مليون دولار( سنويا».

وتحوم أسعار النفط الخام حاليا قرب 72 دولارا للبرميل، أي أقل بـ 3 دولارات عن الســعر المقترح في مشروع الميزانية، في ظل غموض سوق النفط في 2019.

واعتبر أنّ «فرضيــة تحقيق معدل النمو اقتصادي عند3.1 فــي المئة متفائلــة، ما لــم يعد الفوســفات إلى كامــل قوته الإنتاجية، ويتحســن تصدير النفط واستكشافه في البلاد.» وتراجع إنتاج البلاد من الفوسفات من 8 ملايين طن في 2010، إلى أقل من 4 ملايين طن ســنويا حاليا، وفق مصدر رسمي في تونس. يذكــر ان هاتين النقطتين )النمو الاقتصادي وســعر برميل النفط المقــدر( كانتا غير واقعيتين فــي ميزانية العام الجاري 2018. وأضاف «الحكومة توقعت تسجيل معدل نمو 3 في المئة لكن من المتوقع أن تنتهي السنة الحالية عند نسبة 2.5 في المئة، وأيضا بالنســبة إلى سعر برميل البترول )54 دولار للبرميل وأمــس 76 دولارا للبرميل(. الخفــض في الضرائب أصبح ضروريا، وقد تم إقرار التخفيض في نســبة الضرائب على الشــركات ذات القيمة المضافة العالية من 25 في المئة إلى 13 فــي المئة، لكن هذا الإجراء لن يدخــل حيز التطبيق إلا في 2021». وختم تحليله بالقول «ســنحتاج إلى قانون ميزانية تكميلي لسنة 2019، مثلما هو الحال عليه منذ سنة 2012.»

أما الخبير الاقتصادي رضا الشــكندال­ي فيرى أن «قانون المالية من المفــروض أن يتضمن إجراءات اقتصادية وجبائية وماليــة، تمكّن من تحقيق نســبة نمو 3.1 في المئــة». كما ان «الإجــراءا­ت الجبائيــة لدفــع القطاع الخاص للاســتثما­ر، الواردة في مشروع قانون المالية لســنة 2019، مؤجلة لسنة 2021». ولفت إلى أنّ «مشــروع ميزانية الدولة لســنة 2019، لم ينص على فرضية سعر الصرف، وهذه سابقة تحدث لأول مرة في ســنوات ما بعد الثورة». وأضاف «إن عدم ذكر سعر الصرف )ســعر الدينار التونســي أمام الدولار( يوحي كأنه سيســتقر، لكن ما نلاحظه هو أن العجز التجاري يتفاقم يوما بعد يوم، وربما لا يساعد على استقرار سعر الصرف وبالتالي فقيمة الدينار ستتراجع».

وقال أيضا «ما يميّز هذا القانون هو فرضية بلوغ عجز في الميزانيــ­ة عند حدود 3.9 في المئة مــن الناتج المحلي الإجمالي في 2019، ونســبة مديونية 70.9 في المئة، وذلك شيء جيّد». ويتوقع أن يبلــغ عجز ميزانيــة الدولــة 4.512 مليار دينار (1.6 مليار دولار( أي ما يعــادل 3.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 5.214 مليار دينار )1.84 مليار دولار( أو 4.9 في المئة متوقعة لسنة 2018.

يذكــر أن البرنامج الاقتصــاد­ي والاجتماعـ­ـي للحكومة التونسية في أفق 2020 يطمح إلى تقليص نسبة عجز الميزانية إلى مســتوى 3 في المئة، وهي نفس النسبة المعتمدة في دول الاتحاد الأوروبي.

ويقدر مشــروع الميزانية التونســية تراجــع حجم الدَين العمومــي إلى 70.9 فــي المئة من الناتج المحلــي الإجمالي في نهاية 2019، أي ما يعــادل 82.890 مليار دينار )29.393 مليار دولار(، من 71.7 في المئة متوقعة في كامل 2018.

واعتبر الشكندالي أن «مشــروع قانون المالية لسنة 2019 أحســن من قوانين المالية الماضية وخاصة قانون سنة 2018، ولكن ليس هناك مفر من قانون مالية تكميلي منذ بداية السنة المقبلة». وشــدد على ضرورة إقرار قانــون مالية تكميلي في ظل «غياب فرضية ســعر الصرف، وأيضا نتيجة المفاوضات في القطاع العــام، والمفاوضات القادمة في الوظيفة العمومية التي ستؤثر على نفقات الأجور». وتابع «تراجع قيمة الدينار يعكس ارتفاعا على مســتوى الأســعار المتأتــي )الناتج( من العجز التجاري، وليس هناك إجــراءات للحد من هذا العجز في مشروع قانون المالية».

وفي مطلع الشــهر الماضي، دعا «صنــدوق النقد الدولي» تونس إلى مزيد من تشــديد سياســتها النقدية )رفع أسعار الفائدة( لمواجهة مستويات التضخم القياسية في البلاد.

يشــار إلى أن معدل التضخم بتونس اســتقر عند 7.5 في المئة في أغســطس/آب الماضي، دون تغيير عن مســتواه في الشهر السابق له، بعدما بلغ 7.8 في يونيو/حزيران من العام الجاري.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom