اليمن: معركة الحديدة تثير المخاوف من الكلفة الإنسانية الكبيرة جراء توسع دائرة المواجهات
في حال طالت أمد الحرب في الحديدة التي لا يبدو في الأفق أي بوادر لتحريرها قريبا، يخشى أن تكون نسخة أخرى من الحصار الحوثي الذي يطال مدينة تعز منذ عام 2015.
ارتـفـعـت وتـيـرة المخـــاوف من العمليات العسكرية التي تشنها الــقــوات الحـكـومـيـة والمـقـاومـة الشعبية المــســنــودة مــن قــوات التحالف العربي بقيادة السعودية، جراء تأخر عملية الحسم وتحوّلها إلـــى حـــرب شــــوارع مــع سيطرة القوات الحكومية على العديد من الأحياء في مداخل مدينة الحديدة، من الجهة الجنوبية والشرقية.
وقـــالـــت مـــصـــادر سـيـاسـيـة لـ«القدس العربي» ان «السكان المحليين فـي محافظة الحـديـدة يرغبون في تحرير مدينتهم من الانقلابيين الحوثيين لكنهم في الـوقـت نفسه أيضا يتعرضون لأوضـــاع فـي غاية الـسـوء جـراء القصف الجوي والبري على أحياء المدينة الذي تصاعد مع بدء القوات الحكومية عملياتها الواسعة لتحرير مدينة الحديدة من ميليشيا جماعة الحوثي الانقلابية».
وذكرت أن «العمليات العسكرية الحالية في مدينة الحديدة كشفت أنه لا توجد خطط واضحة لتفادي الكلفة الإنسانية التي ستكلف السكان المحليين خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات وستزيد من تعقيدات الحياة المعيشية، في ظل الحرب».
واشتدت المواجهات المسلحة خلال اليومين الماضيين مع تقدم الــقــوات الحكومية نحو أعماق مـديـنـة الحـــديـــدة ونــحــو ميناء الحـــديـــدة الــبــحــري فــي أقصى شمال غرب المدينة، عبر الطريق الــســاحــلــي، رغــــم مـواجـهـتـهـا باستماتة كبيرة من قبل الميليشيا الحــوثــيــة لـاحـتـفـاظ بالمدينة وتحديدا الميناء البحري فيها، الذي يعد أحد المــوارد المالية الرئيسية لتمويل جماعة الحوثي وأيضا استخدامها في عمليات التهريب، بحكم سيطرتهم على إدارتـهـا. واضطر سكان الحديدة إما للبقاء داخل المدينة بدون مقومات الحياة الأساسية أو الهرب إلى خارجها فـــرارا مـن ويـــات الحـــرب، وفي الحالتين تعد حركتهم نوعا من الانتحار، وبالذات في حالة طالت أمد الحرب في المدينة والتي لا يبدو في الأفق أي بوادر لتحريرها قريبا من الانقلابيين الحوثيين، والتي يخشى أن تكون نسخة أخرى من الحصار الحوثي الذي يطال مدينة تعز منذ صيف العام 2015.
وذكرت مصادر إعلامية محلية، أن الـقـوات الحكومية المسنودة بمقاتلات التحالف العربي أحكمت السيطرة على مستشفى 22 مايو فــي الحــديــدة فــي الــوقــت الــذي تستمر فيه المعارك ضد ميليشيا الحوثيين.
وقال موقع «المصدر أونلاين» الإخباري، إن «القوات الحكومية سيطرت على المـنـاطـق المحيطة بمستشفى 22 مـايـو فـي شـارع الخمسين شرقي مدينة الحديدة، فيما تزايدت حدة المعارك بالقرب من مدينة الصالح التي تبعد عن ميناء المدينة نحو 5 كيلومترات فقط».
وأوضح ان «المسلحين الحوثيين يشنون قصفاً مدفعيا من وسط الأحــيــاء السكنية على الـقـوات قوات حكومية في الحديدة الحكومية وإن القوات الحكومية تــرد على مـصـادر الـنـيـران، مما يتسبب فـي سقوط ضحايا من المدنيين».
وكــانــت المـفـوضـيـة السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أعلنت أن قرابة نصف مليون يمني اضطروا إلى الفرار من مدينة الحديدة نتيجة المواجهات المسلحة هناك.
وقالت المفوضية في بيان لها، ان نحو 445 ألف شخص من سكان محافظة الحديدة فروا منذ حزيران )يونيو( الماضي من المحافظة التي يبلغ سكانها نحو 3 مليون نسمة.
وأعربت عن قلقها بشأن سلامة سكان الحديدة المحاصرين فيها، حـيـث تـــدور عمليات عسكرية مكثفة «تقيد بشكل متزايد السكان وتقطع طــرق الخـــروج. وأن من الصعب قياس الأرقام المتعلقة بمن لا يزالون في الحديدة».
وتـــزامـــنـــت الــتــصــعــيــدات العسكرية في مدينة الحديدة مع إعــان التحالف العربي بقيادة السعودية والإمــــارات أنــه طلب من الولايات المتحدة وقف تزويد طائراته بالوقود جوا في العمليات العسكرية الجارية في اليمن.
مشيرا فـي بـيـان رسـمـي إلى أن الــقــوات الجــويــة السعودية والإمــاراتــيــة تمكنت مــن زيـــادة قدراتها في مجال تزويد طائراتها بـالـوقـود جــوا خــال عملياتها العسكرية في اليمن، ما استدعى تـوقـيـف الاســتــعــانــة بـالـقـوات الأمريكية بهذا الصدد.
مـن جانبه أعلن وزيــر الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس أن قرار التحالف الـسـعـودي الإمــاراتــي توقيف تزويد طائراته في اليمن بــالــوقــود الأمــريــكــي جـــوا جـاء بالتشاور مع واشنطن.
وأوضـــح أن بــاده ستواصل العمل لتقليل أعـــداد الضحايا المدنيين وتوسيع جهود الإغاثة العاجلة فــي الـيـمـن. مــؤكــدا أن واشنطن تخطط للتعاون على «بناء قوات يمنية شرعية للدفاع عن الشعب اليمني وتأمين حدود بـــاده والإســهــام فــي التصدي للقاعدة وداعــش )تنظيم الدولة الإسلامية( في اليمن والمنطقة».
وكانت مصادر إعلامية أمريكية قالت إن الإدارة الأمريكية كانت بصدد إنـهـاء الـدعـم الــذي يؤمن للطائرات السعودية القاذفة القيام بـرحـات طويلة والتحليق في الجو أوقاتا أطول لشن الهجمات على أهدافها في اليمن. ويبدو أن الخطوة الأمريكية جـاءت نتيجة الضغوط المحلية والدولية بشأن الـوضـع الإنساني المتدهور في اليمن بشكل عــام وفــي مدينة الحــديــدة خـاصـة جـــراء تصعيد العمليات العسكرية هناك.