Al-Quds Al-Arabi

فرص نجاح المقترح الروسي لإعادة اللاجئين السوريين

- رائد الحامد

توشك الحـرب الأهلية السورية على الانتهاء بعد تسوية الأوضاع في إدلب، واستعادة فرض النظام على معظم الأراضي السورية؛ وتفكر روسيا والحكومة السورية بوضع برنامج استباقي لإعـادة اللاجئين والــنــاز­حــن مــن الــــدول العربية والأوروبية وتركيا إلى سوريا.

خلال فترة ما بعد معركة حلب نهاية عام 2016، حققت قوات النظام والـقـوات الحليفة من المجموعات الشيعية المسلحة بـدعـم إيـرانـي وروسي، مكاسب عسكرية واضحة لانـتـزاع السيطرة على مساحات واسعة من الأراضــي السورية في حلب ودمـشـق ودرعـــا والقنيطرة وأريافها ومحافظات أخرى سواء مــن خــال الـقـتـال أو التسويات المعروفة باسم المصالحات، وهي عملية استسلام لمقاتلي المعارضة وتــســلــ­يــم أسـلـحـتـه­ـم ومـنـاطـق سـيـطـرتـه­ـم فـــي مــقــابــ­ل تسوية أوضاعهم.

وبعد تسوية الأوضاع في جنوب غرب سوريا واستعادة قوات النظام كامل المنطقة في محافظتي درعا والقنيطرة على الحدود السورية مع الأردن وإسرائيل، شهدت مجمل الساحة الـسـوريـة توقف العنف المتبادل في معظم مناطق سوريا، بما فيها مناطق شمال غربي سوريا التي تمثل المعقل الأخير لفصائل المعارضة المسلحة التي تتخذ من محافظة إدلــب قاعدة لتواجد من تبقى من مقاتليها ممن لم يختاروا تسوية أوضاعهم مع النظام.

وتسعى روسيا لتشكيل مجموعة عمل مشتركة تضم دولا عدة لتمويل عملية إعـــادة الإعــمــا­ر، مـن بينها الولايات المتحدة التي تتحفظ على الفكرة الروسية قبل اقرار التسوية النهائية وفقا لمقررات مسار جنيف وقــــرارا­ت مجلس الأمـــن الـدولـي ذات الصلة، وليس التسوية التي ترعاها روسيا بمفاوضات الأستانة بمشاركة إيـــران وتركيا كطرفين ضامنين.

كما ان دول الاتحاد الأوروبي هي الأخرى ترفض المساهمة في تمويل إعادة الإعمار طالما ان هذه العملية لا تشمل الأمم المتحدة وليست تحت اشـرافـهـا، أو انها لا تنطلق على أســاس مسار مـفـاوضـات جنيف الذي ترعاه الأمم المتحدة.

وتقترح روسـيـا على الـولايـات المــتــحـ­ـدة بمــوجــب خــطــة إعــــادة اللاجئين، تشكيل مجموعتي عمل ومراقبة مشتركة احداهما في عمان والثانية في بيروت تضم إلى جانب الـدولـتـن، كـل مـن الأردن ولبنان الـلـتـان تـضـمـان معظم مخيمات اللاجئين السوريين.

في تموز/يوليو الماضي عرضت روسيا على الولايات المتحدة ودول أخـــرى خططا لإعــــادة اللاجئين بالتنسيق مع الحكومة السورية. وجــاءت الخطة الروسية مباشرة بعد الانتهاء من وضع جنوب غرب سوريا تحت السيطرة الكاملة لقوات النظام والقوات الحليفة، الروسية والمجــمــ­وعــات الشيعية المسلحة المدعومة إيرانيا.

فــي 18 تمــوز/يــولــيــ­و المـاضـي أبلغت روسيا والحكومة السورية المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة عن إنشاء مركز إيواء لمساعدة اللاجئين العائدين إلى بلدهم. وأقامت السلطات الروسية والسورية في تموز/يوليو الماضي مركزا ضمن مناطق سيطرة قوات النظام في الداخل السوري لمساعدة اللاجئين في الـعـودة إلـى ديارهم من الخـــارج، ويضم مركز الإيــواء المؤقت مرافق خاصة للاستقبال والتخصيص والإقــامـ­ـة للاجئين يتولى مهمة مراقبة عــودة جميع النازحين مؤقتا فـي الـداخـل إلى مناطقهم الأصــلــي­ــة، والـاجـئـن القادمين مـن الـــدول الأخـــرى إلى أماكن إقامتهم الدائمة.

وتـتـوزع مراكز إيــواء اللاجئين التي ستشرف عليها لجان محلية سورية على 336.500 ألف منطقة في عموم الأراضــي السورية مستعدة لاستقبال اللاجئين والـنـازحـ­ن، منها أكثر مـن 39 ألفا فـي منطقة دومـا بريف دمشق الشرقي التي استعادتها قوات النظام في نيسان/ ابريل الماضي.

تتضمن الخطة الروسية لإعادة اللاجئين مــبــادرا­ت عــدة لتسهيل عـودة ما لا يقل عن مليوني لاجئ مـن بـن 5.6 مليون لاجــئ مسجل لدى الأمم المتحدة بعد اندلاع الحرب الأهلية في اذار/مارس 2011.

شــكــلــت روســـيـــ­ا فـــي دمـشـق مطلع آب/اغــســطــ­س لجـنـة عليا لتنفيذ خطة إعادة اللاجئين ضمت موظفين من وزارات الإدارة المحلية الــســوري­ــة والــصــحـ­ـة والاســكــ­ان والداخلية والخارجية، مع توصيات لاستحداث اللاجئين.

وتحدث ميخائيل ميزينتسيف، وهــو مـسـؤول فـي وزارة الـدفـاع الروسية، عن ان من نتائج اللقاء بين الرئيسين الأمريكي والروسي على هامش اجتماعات هلسنكي في 16 تموز/يوليو الماضي موافقة الولايات المــتــحـ­ـدة عـلـى الخــطــة الـروسـيـة المقترحة لعودة اللاجئين إلى سوريا.

ووفـقـا للخطة الـروسـيـة، فان التوقعات الأولـيـة لـــوزارة الدفاع الروسية تشير إلى احتمالات عودة أكثر من 1.7 مليون لاجـئ سوري في «المستقبل القريب»؛ 890 ألف لاجئ من لبنان، و300 ألف من تركيا و200 ألف من دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة. وزارة تعنى بشؤون

ويؤيد لبنان خطة إعادة اللاجئين الــســوري­ــن الــذيــن يـــرى الرئيس اللبناني ميشال عون فيهم «تهديدا وجـــوديــ­ـا» مـــع انــتــفــ­اء ضـــرورة تواجدهم بعد تأمين مناطقهم في سوريا وعودتها إلى سلطة قوات النظام. ويشترط لبنان التنسيق الأمني المسبق مع الجهات الأمنية الـسـوريـة للموافقة على أسماء الراغبين في مغادرة لبنان قبل ان يتمكنوا من العودة إلى سوريا.

ونجحت روسيا بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية بإعادة أكثر من ألـف لاجـئ من المخيمات اللبنانية إلى مناطق سيطرة النظام أو مناطق أخــرى فـي سـوريـا، ليبلغ عددهم الكلي نهاية تموز/يوليو ما يقرب من 4100 لاجئ أعلن عن وصولهم اللواء اليكسي تسيجانكوف رئيس مركز الاستقبال والتوزيع والإيواء للاجئين.

وتـضـغـط الحـكـومـة اللبنانية ممثلة بالرئيس ميشال عون ووزير خارجيته، ووزراء آخرين من حزب الـلـه اللبناني لإعــــادة اللاجئين السوريين الذين يصل عددهم إلى مليون يشكلون نسبة 25 في المئة من سكان لبنان التي تتخوف معظم التيارات الشيعية والمسيحية في حكومته مـن الاخـــال فـي معادلة التوازن الطائفي لصالح السنة.

امـا التيار السني في الحكومة اللبنانية ممثلا برئيس الحكومة سعد الحريري، فانه يعارض عودتهم في هذا التوقيت لعدم ضمان اعتقالهم أو تعرضهم للخطر، وهي وجهة نظر يشترك فيها مع العديد من الدول التي تخشى على سلامة اللاجئين من انتقام قوات النظام، مثل فرنسا والسعودية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom