Al-Quds Al-Arabi

صراعات القرطاجيين والفراعنة تحتدم على نار هادئة لتصل أوجها

- تونس ـ «القدس العربي»: روعة قاسم

بـاتـت المـنـافـس­ـات الرياضية التونسية - المصرية، سـواء على مستوى الأندية أو المنتخبات، من التقاليد المهمة في القارة السمراء، ناهيك أن القرطاجيين والفراعنة، وخـافـا لبلدان إفريقية أخــرى، يسيطرون إلى جانب الجزائر على رياضات جماعية أخرى على غرار كرة اليد والكرة الطائرة وأيضا كرة السلة التي فاز التونسيون مؤخرا بلقبها القاري. فإذا كان الفراعنة أصحاب الرقم القياسي في الفوز بكأس أمم إفريقيا لكرة القدم فإن التونسيين هــم أصــحــاب الرقم القياسي في الترشح إلى المونديال عن القارة الإفريقية، منذ السنوات التي كان يخصص فيها لأفريقيا مقعد يتيم تشتد عليه المنافسة مع بقية العمالقة من بلدان القارة.

و بالإضافة إلى ذلك فإن في كلا البلدين أندية تلعب الأدوار الأولى على المستوى الـقـاري والعربي، وعادة ما تلتقي بعضها بعضا في الأدوار المتقدمة حين يشتد التنافس ويتم الإقتراب من الحصول على الألــقــا­ب. ولعل وصــول الترجي الرياضي التونسي والنادي الأهلي المصري إلـى نهائي دوري أبطال إفريقيا في نسخته لهذه السنة يبقى المـثـال الأبـــرز على اشتداد التنافس بين التونسيين والمصريين على الفوز بالألقاب القارية والعربية وحصد أكبر قدر منها.

وبقدر ما قربت هذه المنافسات المتتالية والمتتابعة بين الشعبين الـشـقـيـق­ـن وخــلــقــ­ت صــداقــات وعـــاقـــ­ات مـتـيـنـة بـــن الأحــبــا­ء والجماهير من هذا الجانب وذاك، حتى صار للأهلي على سبيل المثال، مشجعون فـي تـونـس، وللترجي مشجعون في مصر، بقدر ما خلقت أيضا عــداوات وأجــواء مشحونة وصلت إلى تبادل الشتائم والقدح في الأعــراض والعنف المــادي بين الجماهير في أحيان كثيرة. ويحصل أن يتم القبض على جماهير هذا البلد من مثيري الشغب في البلد الآخر، وتـتـدخـل السلطات السياسية لتطويق الأمر والإفـراج عن من يتم إيقافهم، وهـو ما يخلق حالة من الفرقة والشعور بالظلم من هنا ومن هناك، وينسف الكثير من الأشياء الجميلة التي جمعت بين الشعبين عبر التاريخ، وأيضا التضامن الذي ميز مرحلة التحرر من الإستعمار بالنسبة لتونس، وحروب مصر مع الكيان الصهيوني.

وقد خشي الكثيرون من العقلاء من البلدين من أن تتطور الأمـور في مباراتي النهائي لدوري أبطال إفريقيا بين الترجي والأهلي إلى ما لا يحمد عقباه، خاصة بعد عبث حكم مـبـاراة الـذهـاب بالنتيجة، والتعطيل الـــذي حصل للاعبي الترجي قبل دخولهم إلـى الملعب في مباراة الذهاب. وبقيت أحداث أم درمان التي حصلت أثناء وبعد تلك المــبــار­اة الشهيرة بـن مصر والجزائر في تصفيات كأس العالم في جنوب إفريقيا 2010، ماثلة في الأذهان وخشي الطرفان من تجدد السيناريو، خاصة وأن جماهير الـكـرة فـي تـونـس صعبة المــراس وكثيرا ما عجز الأمن التونسي عن السيطرة عليها رغم سطوته وشدة بأسه.

وكدليل على توالي المنافسات الــريــاض­ــيــة بـــن الــبــلــ­ديــن، فـإن المنتخبين يلتقيان مجددا بعد أيام من النهائي الإفريقي بين الترجي والأهـــلـ­ــي، وهـــذه المـــرة فــي إطــار تصفيات كـأس أمم إفريقيا التي ستجرى فـي الـكـامـيـ­رون السنة المقبلة، وذلـك في مباراتين أيضا، واحدة ستقام في مصر يوم الجمعة المقبل، وأخرى حسمها التونسيون 0/1 فـي تـونـس، ليستمر ارهــاق الأعصاب على نار هادئة وانهاك استعدادات قوى الأمن في البلدين. و لئن كان التونسيون قد حسموا أمرهم بالترشح المبكر وقبل انتهاء التصفيات، والمصريون بدورهم، ومنطقيا، في طريق مفتوح نحو الترشح، إلا أن الأجـواء المشحونة الـتـي رافــقــت مــبــارات­ــي الترجي والأهــلــ­ي ستلقي بظلالها على مباراة المنتخبين يوم الجمعة المقبل، وسيسعى الطرف الذي لم يحالفه الحـظ للفوز بكأس دوري أبطال إفريقيا إلـى رد الإعتبار وإسعاد جماهيره. كما أن سعي كـل بلد لتدعيم رصـيـده مـن الإنتصارات والفوز بالألقاب وتحصيل الأرقام القياسية، سيجعل المنافسة شرسة بين المنتخبين، ومثلما جرت العادة، خاصة مع عــودة بعض اللاعبين الـذيـن أصيبوا فـي كــأس العالم الأخـيـرة الـى المنتخب التونسي، على غـرار حـارس نيس الفرنسي معز حسن، ومع المستوى الكبير والمشرف لكل العرب الذي يقدمه لاعـب ليفربول الإنكليزي محمد صلاح. ويبقى الأمل في أن لا تؤثر هذه المنافسات المتكررة وفي الأدوار المتقدمة والحاسمة للترشح والفوز بالألقاب على العلاقات الجيدة والمتينة والتاريخية التي تجمع بين الشعبين الشقيقين في كل مرة يضع القدر وجها لوجه منتخبين يستمدان إسميهما مــن أعـــرق حــضــارات المتوسط كانت لهما مساهمة فاعلة في مسيرة الإنسانية قاطبة.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom