Al-Quds Al-Arabi

اعتراض إيراني على اتفاق سوتشي

تتركز الحسابات الاستراتيج­ية الإيرانية على الحفاظ على العلاقة مع تركيا، إلا أن من الواجب تذكير حلفائها بين الفترة والأخرى بأنها القوة الضاربة في معسكر حلفاء النظام. في رسائل عملية التسلل ضد «جيش العزة»:

- منهل باريش

فـي أكـبـر خــرق لاتـفـاق سوتشي المتعلق بمنطقة خفض التصعيد في إدلب، شنت وحدة مهام خاصة مشتركة من حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني هجوما مباغتا ليل الخميس/ الجمعة على مواقع تابع لـ«جيش العزة»، أبرز الفصائل المعتدلة في ريف حماة الشمالي، وتحديدا في منطقة الزلاقيات التابعة لبلدة اللطامنة، المعقل الرئيسي للفصيل المذكور.

واتهم القيادي في جيش العزة، العقيد الطيار مصطفى البكور، «مجموعات من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله مزودة بأجهزة رؤية ليلية بالتسلل إلى إحدى نقاط رباط جيش العزة في منطقة الزلاقيات مستغلة انعدام الرؤية بسبب الضباب الكثيف وقـامـت بمهاجمة عناصر النقطة من الخلف، وقتلتهم واحتلت النقطة لفترة زمنية قصيرة. اكتشفت قيادة جيش العزة الأمر فوجهت مجموعات من عناصرها إلى المنطقة واشتبكت مع القوة المهاجمة ودارت مواجهات عنيفة بكافة أنواع الأسلحة، لتتمكن قوات العزة من استعادة السيطرة على النقطة التي تقدمت إليها المجموعات وكبدتها عددا من القتلى والجرحى، وخسر جيش العزة عددا من الشهداء والجرحى وعاد الوضع إلى ما كان عليه قبل العملية».

وفـي بيان صوتي مسجل، تلقت «القدس الـعـربـي» نسخة منه، أشــار البكور إلــى أن «الهجوم حصل بقيادة ودعم روسيين من خلال طائرات الاستطلاع».

وقــال الناطق الرسمي فـي جيش العزة، النقيب مصطفى معراتي في تصريح لـ«القدس العربي»: «استشهد 19 مقاتلاً من مقاتلينا، فيما تأكدنا من مقتل 6عناصر من القوة المهاجمة التابعة لحزب الله والحرس الثوري الإيراني».

هــذا وأكـــد سليمان شـاهـن أحــد الـقـادة العسكريين في «قوات النمر»، التابعة للنظام السوري والتي يقودها العميد سهيل الحسن، ضلوع «قوة خاصة من الحرس الثوري الإيراني إلى جانب جيش النظام». وأضاف على حسابه الشخصي فـي موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، قيام تلك القوة «بعملية تسلل نوعية إلى بعض نقاط جيش العزة مستغلين الظروف الجوية السيئة وضعف الرؤيا بسبب الضباب، والسيطرة عليها لعدة ساعات ثم الانسحاب منها «. فيما اعترف القيادي بمقتل أربعة من منفذي العملية فقط.

ووصـف العملية بأنها «أكبر خرق لاتفاق مناطق خفض التصعيد» بعد خروقات عديدة قامت بها المعارضة المسلحة في أوقات سابقة، حسب قوله.

مصدر محلي وصــف لـ«القدس العربي» ما حصل بــ»الخـرق الأمني الكبير لـدى أكثر الفصائل انضباطاً». وعن مجريات العملية، قال: «تسللت الوحدة المشتركة من الزلاقيات باتجاه اللطامنة وتمترست على بناء مؤلف من طابقين يتخذه مقاتلو المعارضة كنقطة رباط وقتلت من فيها، وقامت بعمليات قنص للمؤازرات المتقدمة بواسطة القناصات الليلية».

توتر الأحداث في منطقة اللطامنة دفع بعض فصائل المعارضة لقصف مناطق النظام في جبهتي ريف حماة الشرقي والشمالي بالمدفعية.

وأغلقت الشرطة العسكرية الروسية معبر مورك بعد أسبوع من إعادة تشغيله للبضائع والمدنيين.

ويلحظ أن عملية التسلل هي على مرمى حجر من نقطة المراقبة الإيرانية المتمركزة في معرزاف شرقاً. وهـو ما يحمل إيــران مسؤولية خرق اتفاقي خفض التصعيد وسوتشي معاً، فلا يمكن حصول التسلل أمام نقطة مراقبتها دون عملها أولاً، إضافة إلى أن هجوما كالذي حصل لا تمتلك أي من الميليشيات المحلية إمكانية القيام به، فهو يفوق قدراتها من ناحية التسليح والعتاد والتقنيات اللوجستية، ومن ناحية الإعداد القتالي والبدني العاليين فهو محصور بوحدات صغيرة في جيش النظام، فيما تعتبر عمليات التسلل خلف خطوط «العدو» من أكثر ما يجيده مقاتلو حـزب الله. وهـو ما يرجح فرضية أن تكون الفرقة المهاجمة من حزب الله والحرس الثوري الإيراني دون مشاركة «جيش النظام». فالإيرانيو­ن يفضلون دائماً القيام بالعمليات الدقيقة وحدهم بعد فشل عملياتهم المشتركة مع جيش النظام، وبعد تجربة ريف حلب الجنوبي، حيث سربت تسجيلات صوتية لمقاتلي حزب الله وهم يشتكون من مقاتلي النظام الذين لا يتمتعون بأي خبرة.

وتدلل العملية الإيرانية على تبدل ما في الموقف من اتفاق سوتشي، أو أن طهران أرادت تذكير الطرفين الروسي والتركي أن موافقتها على الاتفاق لا يعني استبعادها من الترتيبات الأمنية والعسكرية المتعلقة بمراقبة وجود الفصائل «الراديكالي­ة الجهادية» في منطقة الـ 20كم، أو مراقبة خروج السلاح الثقيل للفصائل المعتدلة من المنطقة.

ومن المرجح أن ما أثار غضب إيران هو التفاهم الأولي حول فتح الطرق الدولية، دون إشراكها بمراقبة الطريق، فاستبقت التوافق المحتمل لتكون موجودة على الطرق الدولية وحاضرة بـقـوة على الـشـرايـن الرئيسية للاقتصاد السوري. فحضورها على الطرق الدولية يكمل ما بدأته في نشر نقاط المراقبة حول مدينة حلب ومدخليها الشمالي والجنوبي.

واعتُبر هذا بمثابة سيطرة على بوابة الطريق بين حلب وعنتاب من خلال إقامة نقطة متقدمة باتجاه إعــزاز، ونقطة الراشدين التي تشكل عقدة طــرق بـن حلب ودمـشـق وريــف حلب الغربي والطريق الذي يتجه إلى مدينة الرقة.

ورغم أن الحسابات الاستراتيج­ية الإيرانية تتركز على الحفاظ على العلاقة مع تركيا، إلا أن من الواجب تذكير حلفائها بين الفترة والأخرى بأنها القوة الضاربة في معسكر حلفاء النظام. وكانت قد اعترضت سابقا على اتفاق إجلاء المعارضة من حلب الشرقية وفرضت إجلاء مدنيين وبعض عسكريي بلدتي الفوعة وكفريا، وعطلت اتفاق أستانة أيضا، وفرضت نفسها كضامن بقبول من المعارضة المسلحة رغم بعض الحركات الاستعراضي­ة لبعض قادة المعارضة.

العملية الإيرانية الخاطفة، ستعيد ترتيب التفاهمات في اتفاق سوتشي بين موسكو وأنقرة وتولّد آليات مراقبة جديدة بين الأطراف الثلاثة حول الطرق الدولية )طريق حلب - دمشق، وطريق حلب - اللاذقية( المزمع فتحها قريباً.

 ??  ?? «جيش العزة»
«جيش العزة»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom