Al-Quds Al-Arabi

«أوبزيرفر»: هل انتصر التيار الليبرالي في انتخابات الولايات المتحدة النصفية؟

-

هل غيــرت الإنتخابــ­ات النصفيــة الخريطة الإنتخابية الأمريكية وعبرت عن انتصار ليبرالي أم أن حديث الرئيس دونالد ترامب عن انتصاره في الإنتخابات صحيح فلا تزال نسبة الأمريكيين خاصة في الضواحي تؤمن بالشعبوية.

يقــول ويــل هاتــون، المعلــق فــي صحيفة «أوبزيرفر» إن الإنتخابــ­ات النصفية والتي قال إنها حملت رســالة عــن أمريكا جديــدة متقدمة تتشكل. وقال إن النتائج التي حققها الليبراليو­ن في الأســبوع الماضــي تجعل من حديــث ترامب عــن انتصاراته أمراً مثيــراً للغرابة. وكتب قائلاً إن العامين الماضيين كانا أســودين في بريطانيا والولايات المتحــدة. وبدا المســتقبل وكأنه بيد اليمين المتطــرف الأنغلو- أمريكي، الشــعبوي والمعادي للأجانب والمعــادي للاتحاد الأوروبي والتحالف المعادي للحشــمة العامــة الذي يمتد من دونالــد ترامب إلى نايجل فاراج )زعيم حزب الإستقلال السابق( وجاكوب ريز – موغ )النائب المحافظ( وكانوا الأسياد ولو آمنت بشيء فانسه. ولم تقلب انتخابات الثلاثاء السحر على الساحر أو كمــا بدا في النظرة الأوليــة، فقد أعلن دونالد ترامب عن «انتصار شــبه كامل» بعد ساعات من إغلاق مراكز الإقتراع. وعندما خسر الجمهوريون الســيطرة على مجلس النواب. وكان مبالغاً في هذا ولكنــه لم يكن أحمق إلى درجــة كبيرة. فما توقعه الكثيرون عــن موجة ديمقراطية تبين أنها مجــرد موجة صغيــرة. فلم يفــوزوا في مجلس النــواب بمقاعد كما كانــوا يأملــون فيما أحكم الجمهوريــ­ون قبضتهم على مجلس الشــيوخ. حيث ركز ترامب كثيراً وفاز.

طريق غامض

لكن الطريق أمام عام 2020 لا يزال غير واضح لولاية ثانية.

ولو نظرنا للنتائج بصورة مختلفة فإننا نجد أن الكثيــر من الأمريكيين شــاركوا في انتخابات عــام 2018 أكثر مــن أي انتخابــات نصفية منذ عام 1966. وصــوت أكثر 10 ملايين للديمقراطي­ين لا الجمهوريين. وكما تكشــف النتائــج الأخيرة للمكاســب في مجلس النواب وتضــم 30 مقعداً استهدفها الديمقراطي­ون وكانت غير محتملة في معاقل الجمهوريين بالضواحــي وهي ردة قوية في وقت يعيش فيه الإقتصاد حالة من الإزدهار. وتبدو الصورة في مجلس الشيوخ مختلفة أكثر مما تصــور. فقد تمســك الديمقراطي­ون بمونتانا حيث بــدا أنهم خســروها وفــازوا بنيفادا وهم متقدمون فــي أريزونا. وفي فلوريــدا فالنتائج قريبة لكل من مجلس الشيوخ والحاكم وستكون هناك إعــادة إحصــاء. وفــاز شــيرود براون بإوهايو وهــي الولاية التي فاز بهــا ترامب عام 2016 وبهامــش 10|%. كما أصبحــت الولايات الثلاث التــي أعطت ترامب الفوز ويسكونســن وبنســلفان­يا وميتشــيغا­ن في يد الديمقراطي­ين الآن. ومــن هنا فالحديث عن نصر شــامل مجرد خرافة.

ويشــير الكاتب إلى ما حدث في تكساس التي تعد من أكثر الولايــات الأمريكية محافظة. وقام فيهــا مرشــح الديمقراطي­ين فرانســيس )بيتو( اورورك بحملة انتخابية تقدم صورة عن التقدم الذي حققــه الديمقراطي­ون في الولايات الحمراء التي يســيطر عليها الجمهوريــ­ون. فرغم فارق الهزيمــة الضئيل ضد الســناتور الجمهوري تيد كــروز إلا أن حملته تقدم صــورة عما يجري في أمريكا اليــوم. فأوروك يمثل الإلتــزام الليبرالي الواســع من ناحية مواقفه مــن الصحة الوطنية والهجوم على كارهي المرأة ودفاعه عن المهاجرين ودعوته لرأســمالي­ة تحــت الرقابــة والحد من استخدام الســاح ويدعو لرفع الحظر الفدرالي عــن الماريغوان­ــا وهو ضد عســكرة السياســة الخارجية. كل هذا يجعل من قضيته فاشــله ولا أمل فيها بالإضافة لدفاعه عن الأمريكيين الســود في الفريق الوطني للكرة والذيــن ركعوا عندما عزف النشــيد الوطنــي، «تعبيراً عــن المطالبة بحقوقك ». ولكن من بداية متواضعة في شــاحنة صغيرة مستأجرة توســعت حملته حيث زار كل المحافظات في تكســاس وعددها 254 . واستطاع مــن خــال موقعه «أكت بلــو » جمــع 70 مليون دولار لحملته واســتطاع تجنيد 25.000 متطوع أعمــار 71% منهم مــا بين ‪-29 18‬عامــاً وجعل الليبرالية شعبية في تكساس واقترب من الفوز. وتكررت الأشــكال نفســها في الولايات المتحدة من ريتشــموند إلى فرجينيا التي ســيطر عليها الديمقراطي­ون. وكل مدينة وبلدة أصبحت في يد الديمقراطي­ين وصوتت نســبة 60% من النساء للديمقراطي­ــن وحركة هاشــتاغ مي تو والخضر والمدافعين عن التغيرات المناخية وتبني الشباب فكــرة «الجنوســة المتواصلة» واحتــرام ثقافة الآخرين والنمو المتزايد نحو النباتية.

رسالة من الانتخابات

ولكن الرســالة من الانتخابــ­ات النصفية هي ليس ما تعتقــده الغالبية الأمريكيــ­ة أو تريده. فثقافــة الغالبية تعانــي من الحرمــان على يد النظام الانتخابي الأمريكــي. فالولايات الريفية مثل وايومينــغ ونــورث داكوتا بعــدد أقل من مليون نسمة لديهما عدد المقاعد نفسه في مجلس الشــيوخ مثل كاليفورنيا البالغ عدد سكانها 40 مليون نسمة. كما أن تشــكيل مناطق اصطناعية للغالبيات الجمهورية وحرمان السود والمساجين الســابقين والتحيز مع المحافظين يكمل الصورة. ولكن مجلــس النواب هو المــكان الذي يمكن من خلاله التعبير عن هذه الفروق ويبدو اليوم مثل الولايات المتحدة التي عبر عنها أورويك، ليبرالياً بعدد كبير من النائبات منهن مسلمتان. وأصبحت كاليفورنيـ­ـا ونيويورك بيــد الديمقراطي­ين وكذا الشــباب الأفروأمري­كــي واللاتينــ­و أصبحــوا ديمقراطيين.

ويعتمدون على وســائل التواصل الاجتماعي من خــال الشــبكات الفرديــة لا البيانات وهم المســتقبل الذي يرفــض خطاب ترامــب وقيمه. وقد ينقلون اســلوب أروريك إلى المناطق الريفية والضواحــي التي يفضلهــا النظــام الأمريكي. ومثــل الولايات المتحــدة فهذه الثقافة تســتقر فــي بريطانيا رغم الإعــام اليمينــي المتطرف. فالبريكســ­يت وخلافاً لانهزامية جيرمي كوربن يمكن وقفها و «اســتفتاء شعبي» يمكن أن يوقف هذه الموجات وينقذ بريطانيا. وكل ما يجب فعله هو أن يستيقظ حزب العمال.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom