Al-Quds Al-Arabi

14عاما على رحيل «القائد ياسر عرفات» والقاتل معروف ولا يزال طليقا

- غزة ـ «القدس العربي»:

قبــل أربعة عشــر عاما أعلن في مستشــفى «بيرســي» العسكري الفرنســي، عن وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياســر عرفات )أبو عمار(، جراء مــرض خطير أصابه خلال حصار فرضتــه حكومة الاحتــال الإســرائي­لية، التي كان يتزعمها في ذلك الوقت أرئيل شــارون، فــي مقر إقامته في «المقاطعة» في مدينة رام الله.

وجاءت عملية اغتياله بعد مشوار نضالي طويل قاد خلاله الثورة الفلسطينية المعاصرة، التي واجهت إسرائيل بالسلاح قبل الدخول في مفاوضات سلام، لم يجن الفلسطينيو­ن ثمارها بسبب التعنت الإسرائيلي والدعم الأمريكي.

أربعة عشــر عاما مرت على رحيل «الزعيم الفلسطيني»، دون أن يكشــف بشكل رســمي حتى اللحظة عن القاتل، ولا عن الطريقة التي اســتخدمت للتخلص منه، رغم إعلان كبار المسؤولين معرفتهم القتلة.

أربعة عشــر عاما مرت على رحيل الرئيس الفلســطين­ي الراحــل، الــذي يتذكــره الفلســطين­يون جيــدا كبارهــم وصغارهــم، ويعرفه حتى من ولدوا بعــد وفاته من كوفيته المميزة، وخطاباتــه وكلماته التي لا تزال تتردد، ومن أبرزها تلك الجملة التي نطقها عند اشــتداد حصــاره من الدبابات الإســرائي­لية فــي مقر «المقاطعــة»، الذي تعــرض للقصف والتدمير في عام 2002، خلال الحرب التي شــنتها إسرائيل وأعادت خلالها احتلال مناطق الســلطة الفلسطينية، التي أطلق خلالها مقولته المشــهورة وقال فيها متحديا إسرائيل «يريدوني إما أسيراً أو قتيلاً أو طريداً، وأنا أقول لهم شهيداً، شهيداً، شهيداً».

وفارق الرئيس الرمز الحياة، متأثرا بالمرض الخطير الذي أصابه بشــكل مفاجئ خلال إدارته للشؤون الفلسطينية من داخل مقر إقامته المحاصر، وفشــلت في بدايــة الأمر طواقم أطباء أحضــرت من عدة بلدات عربية فــي علاجه أو معرفة ما أصابه، ما اســتدعى إلى نقله بعد ســماح إســرائيل عبر طائرة عمودية إلى العاصمة الأردنيــة عمان، ومنها نقل في «طائرة إسعاف» فرنسية، إلى العاصمة باريس، حيث أدخل مشفى «بيرسي» العســكري، وهناك فارق الحياة، بعد فشل الأطباء في اكتشاف مرضه، أو السبب الذي أدى إلى انهياره ودخوله في غيبوبة، حتى وافته المنية.

منذ اللحظة الأولى للإعــان عن مرضه المفاجئ، وخلال الأيــام التي قضاها في المشــفى الفرنســي، وهــي أيام لم ينقطع خلالهــا الفلســطين­يون في الداخــل والخارج عن متابعة أخبــاره وآخر تطورات المــرض، وجهت الاتهامات لإســرائيل بالمشــارك­ة في عملية «تســميم» نفذت بحرفية للخلاص من الراحل أبو عمار، وزاد ذلك بعد عملية الوفاة، وتشــكيل لجنة تحقيق من عدة جهــات، لا تزال قائمة حتى اللحظــة، دون التوصل رغم إجرائها تحقيقــات مع الكثير من الأشخاص، ومتابعات للملف بشكل دقيق لهوية القاتل الحقيقي، أو الطريقــة التي تمت فيها عمليــة التخلص من الرئيس الفلسطيني الراحل.

لكن أكثر الملفات خطورة التي كشــفت عقــب الوفاة، هو تحقيق أجرته «قناة الجزيرة» اســتعانت خلاله بمختبرات متخصصة في سويســرا، أثبــت احتــواء مقتنيات خاصة بالرئيس عرفات، على مادة «البولونيوم» المشع، وهي مادة سامة قاتلة، ما استدعى بعد ذلك موافقة الجهات الفلسطينية المختصة على إخراج رفاته، وأخذ عينات من جسده، من قبل طواقم سويسرية وروسية، لفحصها من جديد.

اتهام الاحتلال الإسرائيلي بقتله

واتهمت مؤسسة الشهيد ياسر عرفات التي يتولى رئاستها ناصر القدرة، ابن شــقيقة عرفات، الاحتلال بالوقوف وراء العملية، وقالت بعد الكشــف عن تلك المادة «منذ استشــهاد الرئيــس الراحل ياســر عرفات قلنا انه تم اغتياله بالســم، ولــم يكن لدينا دليل مــادي ملموس، لكن بعــد تحقيق قناة الجزيرة والتأكد من انه تم تســميمه بمــادة البولونيوم، لم يعد الموضوع مجرد قرائن وشــكوك، والدليل المادي حصلنا عليــه». وطلبت المؤسســة وقتها بإجــراء محاكمات دولية للمسؤولين عن الأمر.

وبالرغــم من مــرور هذه الأعــوام على رحيــل الرئيس عرفات، إلا أنه لم يتم حتى اللحظة الإعلان بشكل رسمي عن الأشخاص الذين نفذوا العملية، ولا الطريقة التي استخدمت، رغم أن الرئيس محمود عبــاس أعلن قبل عامين أنه يعلم من قتل الزعيم الفلسطيني عرفات، لكنه دعا وقتها لانتظار لجنة التحقيق المكلفة بهذه القضية للكشف عن المتورطين.

لم يكشف عن الفاعل رغم معرفة هويته

وســبق ذلك أن أعلن اللواء توفيق الطيراوي رئيس لجنة التحقيق، أنه جرى التوصل إلى الشخص الذي نفذ الاغتيال، دون الكشــف عن مزيد مــن التفاصيل، واكتفــى بالقول أن الاحتلال يتحمل المسؤولية.

لكن رغم ذلك لم يكشف حتى اللحظة عن شخصية المنفذ، خاصة وأن إجراءات التحقيق والبحث «صعبة ومعقدة »، كما وصفها سابقا رئيس اللجنة.

وفي الذكرى الـــ 14 على رحيل عرفــات، أقيم العديد من طفلة فلسطينية تشارك الفعاليات والنشاطات الشــعبية، لإحياء الذكرى، في كافة المناطق الفلســطين­ية في الضفة الغربية وقطاع غزة، تمثلت في مسيرات شعبية وندوات سياسية، وفعاليات في المدارس وريــاض الأطفــال، التي لم يشــهد أطفالها حيــاة الرئيس الراحل، كما أن منزله الواقع غــرب مدينة غزة، الذي تحول إلى متحف لمقتنياته، يزوره مئات الزوار.

وكان الرئيــس محمــود عباس قد قال فــي كلمة له بهذه المناســبة، إن «النصــر قــادم لا محالــة وإن الاحتلال إلى زوال ولو بعد حين». وتابع «المرحلة التي يعيشــها شــعبناً وقضيتنا، قد تكون واحدة من أخطر المراحل في حياة الشعب الفلســطين­ي، فالمؤامرة التي بدأت بوعد بلفور لم تنته بعد، وإذا مرّ ذلك الوعد المشؤوم، فلن تمر صفقة القرن.»

الفصائل بما فيها حماس تستذكر

واستذكرت الفصائل الفلســطين­ية في بيانات أصدرتها الرئيس عرفات، فــي ذكرى استشــهاده، وذكرت مناقبه ونضاله فــي كافة مراحــل النضال الفلســطين­ي. وأكدت حركة فتــح التي أسســها الرئيس عرفات في ســتينيات القرن الماضي، تمســكها بنهج النضال والانتصار للمشروع الوطني، والقرار الوطني الفلســطين­ي المســتقل، وبلورة الهوية الفلســطين­ية الوطنية العربية الإنسانية، وتحقيق الحرية والاســتقل­ال والتحــرر والتقدم وترســيخ قواعد دولة فلسطين المستقلة، ذات الســيادة وعاصمتها القدس والاســتمر­ار على منهج الوحــدة الوطنية، التي كرســها عرفات كـــ «عقيدة سياســية لكل الوطنيــن الأحرار في فلسطين .»

من جهتها أكدت حركــة حماس في ذكرى رحيل عرفات، حرصهــا على إنجــاز الوحــدة الوطنية، وتجــاوز حالة الانقســام، وقال عضو المكتب السياســي للحركة حســام بدران «لــو كان أبو عمار حيا لربمــا وجدناه الآن في غزة يجلس مع قادة الفصائل كلها، في إطار التوافق على أساس مواجهــة الاحتلال والتصــدي الجماعي لصفقــة القرن،» مؤكدا أن «انتفاضة الأقصى» ما كانت لتتصاعد وتشتد لولا موافقتــه ودعمه ومباركته لها. وقال «لــو كان بيننا اليوم فإنني اعتقد أنه كان قادرًا بأســلوبه على إنهاء الانقسام،» وأكد بدران على ضرورة كشــف ومحاسبة من تورطوا في اغتياله .»

وجــددت الحكومة الفلســطين­ية على لســان المتحدث باســمها، يوســف المحمــود، دعوتها الــى «نبــذ الفرقة والانقسام والانحياز الى مصالح شعبنا العظيم، من خلال إعلاء مصلحة الوطن فوق أية مصلحــة أخرى والالتفاف حول القيادة .»

وقال ناصر القدرة رئيس مؤسسة الشهيد ياسر عرفات، إن المؤسسة تواصل عملها الدؤوب في جمع وحفظ أرشيف عرفــات المرئي والمكتوب والمســموع، وشــدد القدوة على أهمية التمســك بالوحدة الأرض والشعب وضرورة العمل على اســتعادة غزة وإنهاء الانقســام والتمســك بمنظمة التحرير الفلسطينية وبالوحدة داخل هذه المنظمة.

وقال النائب في المجلس التشــريعي جمال الخضري إن الذكرى الرابعة عشرة لرحيل الرئيس عرفات «رمز الوحدة الوطنية»، يجب أن تحيي الأمل بـ «شراكة حقيقية ووحدة وطنية، وأن تكون هي عنوان المرحلة المقبلة.»

يشــار إلى أن جثمان الرئيس الراحل عرفات، نقل بعد وفاته إلــى القاهرة، حيــث أقيمت هناك جنازة رســمية بمشــاركة زعماء عرب وأجانب، ومن هنــاك نقل على متن مروحية مصرية إلى مدينة رام الله، حيث أقيمت له جنازة شعبية شارك فيها مئات الآلاف من الفلسطينيي­ن.

 ??  ?? مجموعة من الأطفال يشاركون في احياء الذكرى
مجموعة من الأطفال يشاركون في احياء الذكرى
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom