تظاهرة في الرباط ترفض إضافة ساعة إلى توقيت غرينتش وتطالب بالإصلاح ومواجهة الفساد

شاركت حشــود مغربية، أغلبها من التلاميذ، في مســيرة في الربــاط، احتجاجاً علــى القرار الانفــرادي للدولــة باعتماد التوقيت الرســمي المغرب بإضافة ساعة إلى توقيت غرينتش المعتمد منذ ســتينيات القرن الماضي، وأعادت المســيرة شعارات الحراك الشــبابي المغربي الذي انطلق 20 فبراير 2011 إلى شــوارع المغربية، حيث رفع المحتجون شــعارات تطالب بالإصلاح والعدالة الاجتماعية وإسقاط الفساد.

وبعد تردد الحديث عن إمكانية مشاركة جماعة العدل والإحسان، أقوى الجماعات المغربية ذات المرجعية الإسلامية، في مسيرة، أمس الأحد، التي من بين شعاراتها رفض قرار «الساعة الإضافية،» قطعت الجماعة الشك باليقين، بمشاركتها المكثفة في المسيرة الرافضة للخطوة الحكومية.

وقبيل انطلاق المســيرة، من ساحة باب الأحد في العاصمة الرباط، توافد العشرات من الوجوه المعروفة في جماعة العدل والإحســان إلى جانب نشطاء يساريين، في مســيرة التعبير عن رفض القــرار الحكومــي القاضــي باعتمــاد التوقيت الصيفي طيلة الســنة، في أول شــكل احتجاجي من هذا النوع وســط العاصمة. وإضافة إلى هذا المطلــب، رفع المحتجون شــعارات أخــرى قوية مطالبة بالتوزيع العادل للثروة وإسقاط الفساد.

وأطلق النشــطاء قبل أيام الدعــوة للتظاهر تحــت شــعار «احترمــوا كرامة ورأي الشــعب المغربي»، للتعبير عن رفض «القرارات الانفرادية التي تمس مصالح الأســر المغربية، والاســتهتار بصحة وتعليم ونقل وتشغيل المغاربة.»

إطلاق النشطاء

وطالبوا بالمشــاركة المكثفة للتعبير عن رفض «تدميــر القــدرة الشــرائية للشــعب المغربي، والمقاربة العنفية الأمنية ضد الاحتجاج السلمي ،» مطالبين بـ »إطلاق جميع نشطاء الحراك السلمي، وصيانة الحريــات والديمقراطيــة، والحق في الحياة الكريمــة، وكذا التوزيــع العادل لثروات البلاد المســتحوذ عليها، فضلاً عــن تقدير كفاءة النساء والشباب في بناء مغرب جديد.»

وأكــد المحتجون مــن خلال الشــعارات التي رددت واليافطات التي رفعت، على عدالة المطالب التي نزل من أجلها نشــطاء الحراك في كل ربوع المغرب. ويطالبــون بضرورة العــودة لتوقيت غرينتش، والســراح الفــوري لمعتقلــي حراك الريف، وإقرار العدالة الاجتماعية والتراجع عن الزيادة في الأســعار، وتصحيح وضعية ساكنة الدواوير التي طالها الإفراغ في عدة مدن.

وقــال رئيــس الجمعيــة المغربيــة لحقــوق الإنســان، أحمد الهايج إن «مشاركة الجمعية في المســيرة مبدئية على اعتبار أن أي مطلب يخرج من أجله المواطــن، لا بد أن نكــون إلى جانبهم، خصوصاً وأن هذه المطالب هي مطالب مشروعة، وما حركنــا ودفعنا للحضور هو تصلب الحكومة وسياسة صم الآذان التي تتعامل بها الحكومة مع مطالب المواطنين». وأضاف أن «الحكومة تتعامل وكأن المواطنين لا يمثلون بالنسبة إليها إلا أرقاماً وأعداداً ليس إلا، ولا تنظــر إليهم بأن لهم حاجة ومطالــب وحقوقاً ينبغــي مراعاتها والعمل على تلبيتها. التوقيت الصيفــي الذي قررت الحكومة مظاهرة حاشدة للمطالبة في الرباط أمس باعتماد التوقيت الرسمي والتوزيع العادل للثروة استمراراً العمل به في هذه الفترة من السنة».

وأكد الهائــج أن قرار التوقيت الجديد هو تحد للمواطنين وتعد على حياتهم، وما دام أن المواطن عبر بوســائل متعددة عــن رفضه لهــذا القرار فالأولى للحكومــة أن تتراجع عنــه وتعبر على أنها بالفعــل حكومة تؤمــن بالديمقراطية ورأي المواطن.

وقال أحمد الزفزافي، والــد ناصر الزفزافي، قائد حراك الريف المحكوم بـ 20 ســنة سجناً، إن حضوره في المسيرة «يأتي لكوني مواطناً مغربياً يشــارك في احتجاج سلمي كما عهدناه في أرض الريف، ويحق لي المشــاركة في مسيرة الرباط، كما شاركت في عدة مسيرات قبل اعتقال نشطاء حراك الريف وقبل الحراك، ومن يعطي لمشاركتي دلالة أخرى فهو حر، وأنا أشــارك في المســيرة لأننــي لســت اســتثناء»، وأكــد أن «القرارات الحكومية مرفوضة من طرف الشعب وليس فقط من طرفي أنا».

ورفع المتظاهرون في «مســيرة الكرامة»، أمام مقر البرلمان وســط الرباط، شــعارات تضامن مع معتقلــي الحــراكات الاجتماعيــة، مطالبين بإطلاق سراحهم، ووقف حملات التضييق على الحريات، وصدحت حناجر المتظاهرين بشــعار «الشعب يريد سراح المعتقل».

وفي مكناس وعــدد من المدن المغربية الأخرى وتزامناً مع مسيرة العاصمة الرباط صباح أمس الأحد، منعت سلطات المدينة مسيرة مماثلة كانت قد دعت إليها هيئات حقوقية. وقال عبد الرحيم بندياب، رئيس التحالف المدني لحقوق الإنسان، إن وقفة احتجاجيــة كان قد دعا لهــا التحالف الذي يرأسه، صباح أمس الأحد، منعتها سلطات المدينــة. وأضــاف أن التحالــف توصــل بقرار المنع من ســلطات المدينة، بحجة أن «الاحتجاج يمكــن أن يهدد الأمن العام»، ليتم إلغاء الشــكل الاحتجاجي الذي كان مترقباً أمس الأحد.

وقال بندياب إن المســيرة التــي كانت مقررة )أمس( الأحد وســط مكناس، دعا إليها الائتلاف تفاعــاً مع رغبة عــدد من المواطنــن والفاعلين المدنيين والحقوقيــن الرافضين لقرار الســاعة الإضافيــة فــي المدينة التــي عرفــت على مدى ثلاثة أيام متواصلــة، احتجاجات قوية لتلاميذ جل المؤسســات التعليمية، تعبيــراً عن رفضهم للإجراء الحكومي الجديد، بســبب تأثيره على أوقات التمدرس أســفرت يوم الجمعة عن وفاة تلميذ في حادثة شــير أثناء مشاركته في إحدى هذه المسيرات.

وأسفرت الأبحاث الميدانية والخبرات التقنية التي باشــرها الأمن في المدينة عن تحديد لوحة ترقيم ســيارة نقــل البضائع التي تســببت في الحادثة ومكنت من تشخيص هوية سائقها.

وقال بــاغ للمديرية العامــة للأمن الوطني أن مصلحــة حــوادث الســير بمدينــة مكناس فتحت بحثــاً قضائيــاً، تحت إشــراف النيابة العامة المختصة، مع الســائق البالغ من العمر 30 ســنة، وذلك لتحديد ظروف وملابســات وقوع هذه الحادثة، والكشــف عن خلفيــات مغادرته مكان وقوعها، وأن البحث ســيطال أيضاً ثلاثة أشــخاص كانوا يرافقون الســائق عند ارتكاب الحادثة.

وأوضــح أن ولايــة أمــن مكنــاس كانت قد باشرت، صباح الجمعة، إجراءات معاينة حادثة ســير نجمت عنها وفــاة تلميذ يبلغ مــن العمر 13 ســنة بالقرب من المؤسســة التعليمية التي يدرس بها، في حين كان ســائق المركبة قد غادر مكان الحادثة قبل أن تسفر الأبحاث المنجزة عن تشخيص هويته والاهتداء إليه.

ضد ساعة العثماني

وحســب بلاغ للمديريــة الإقليميــة لوزارة التربية الوطنية في مكنــاس، فإن التلميذ الذي كان يســمى قيد حياتــه «زهير.و»، مــن مواليد 2005، كان يتابــع دراســته في الســنة الأولى إعــدادي، تعــرض لحادثة ســير يــوم الجمعة الماضــي، نقل علــى إثرها إلى مستشــفى محمد الخامس، حيث فارق الحياة.

وفي قلعة السراغنة أحال وكيل الملك )النائب العام( لدى المحكمــة الابتدائيــة للمدينة، ملف أربعة تلاميذ متابعــن على خلفية الاحتجاجات التي شــهدتها مؤسســات التعليم الثانوي ضد «ســاعة العثماني»، لجلسة يوم بعد غد الأربعاء في حالة سراح.

وأكــدت تقاريــر محليــة أن التهــم الموجهة للتلاميذ الأربعة تتعلق بالتجمهر بدون ترخيص وإلحاق خســائر في ملــك الدولــة، وذلك أثناء مشاركتهم في مسيرات.

وشــهدت ثانويــات المدينة، يــوم الخميس الماضــي، تظاهــرات انتهت بتوقيــف قاصرين اشتبه في مشــاركتهم في تكسير زجاج وأبواب المؤسســات التعليمية، على هامش المســيرات الاحتجاجية، ضد قرار الحكومة ترسيم الساعة الإضافيــة، والإجــراءات المرافقة التــي أعلنت عنهــا وزارة التربية الوطنيــة والتي تهم تغيير التـوقيت.