Al-Quds Al-Arabi

مؤتمر باليرمو حول ليبيا ينطلق اليوم: رغبة إيطالية في مواجهة النفوذ الفرنسي

شكوك حول إمكانية تحقيق نتائج إيجابية من عقده

-

■ رومــا - د ب أ:تتبلــور فــى الوقــت الراهــن ملامح ومعالم القمة الدولية الرئيســية المرتقبة حول ليبيا، والتي تســتضيفها مدينة باليرمــو الإيطالية، لتأخذ شــكل حدث دبلوماسي ذي مدى محدود نسبياً، ولكنه قد يسفر في الوقت ذاته عن نتائج مفيدة.

وخلال القمة التــي تنطلق اليوم الإثنين وتســتمر حتى الثلاثاء في مدينة باليرمو في جزيرة صقلية الإيطالية، كان رئيس الوزراء الإيطالى جوزيبي كونتــي يأمل في التفاعل والتواصل مع قادة من أمثال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية آنغيلا ميــركل والرئيس الفرنســي إيمانويل ماكــرون، في الوقت الذي يقود فيه دفعة جديدة لاســتقرار البلــد الذي تضربه الصراعات.

ومع ذلك، لن يكون هنــاك حضور لقادة الولايات المتحدة وروسيا وألمانيا وفرنسا. وســيمثل باريس وزير الخارجية إيف لو دريان في حين من المتوقع أن ترسل العواصم الثلاث الأخرى مسؤولين على مستوى أدنى.

وقد يكون ذلــك بمثابة عدم إبــداء كثير مــن التقدير لـ «كونتي» شــخصياً، الذي أكد قبل ثلاثة أسابيع علانية على حضور ميــركل على «تويتر». ومن المقــرر أن يمثل الحكومة الألمانية وزير دولة مغمور في وزارة الخارجية، هو نيلز أنين.

وتقول كلوديــا جاتســيني، وهي خبيرة في الشــؤون الليبية في «المجموعــة الدولية للأزمات»، إنه بســبب عدم وجود الكثير مما يمكن أن يفــرزه مؤتمر باليرمو، فليس من المســتغرب أن العديد مــن الزعماء لا يعيرونــه اهتماماً ولا يحضرون .

وقالت فــي تصريح صحافــي: «لقد ولد المؤتمر بشــكل رئيســي من رغبة إيطاليا في إظهار قيادتهــا وموازنة نفوذ فرنســا المنافس بشــأن ليبيا، وليس بسبب وجود تطورات على الأرض بررت ذلك».

وفي تقرير إلى مجلس الأمن الدولي، يوم الخميس، رسم غســان ســامة مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا صورة لمأزق سياســي دائم، وقال «إن عدداً لا حصر له من الليبيين ضاقوا ذرعاً بالمغامرات العســكرية والمناورات السياسية التافهة» من قبل الأطراف الفاعلة على الأرض.

يذكــر أن ليبيا أصبحت مركزاً للهجرة غير الشــرعية إلى جوزيبي كونتي أوروبا ومــاذاً للإرهابيين، وتعاني مــن الاضطرابات منذ العملية المدعومة من حلف الناتو للإطاحة بالزعيم )الراحل( معمر القذافي عام 2011.

وتوجد في البــاد حكومتان متنافســتا­ن علــى الأقل: إحداهما في العاصمــة طرابلس معترف بهــا من قبل الأمم المتحدة، وأخــرى في مدينة طبرق شــرق البــاد. وهناك أيضًا العشــرات من الميليشيات المتناحرة التي تتنافس على السلطة.

وينبغــي لمحادثــات باليرمو علــى الأقل إعــادة توحيد الأطراف السياسية الفاعلة الأساسية.

وهذه الأطراف هي: رئيس الحكومــة المدعومة من الأمم المتحدة، فايز السراج؛ والمشير خليفة حفتر العسكري الذي يسيطر على شرق ليبيا ورئيسا برلمانين اثنين متنافسين هما خالد المشــري من المجلس الأعلى للدولــة وعقيلة صالح من مجلس النواب. آنغيلا ميركل

واجتمعت الشــخصيات الأربع في باريس في أيار/مايو تحت رعايــة الرئيس الفرنســي إيمانويل ماكــرون، الذي اقترح يوم العاشــر من كانون الأول/ديسمبر موعداً لإجراء انتخابــات برلمانية ورئاســية، وهو ما ثبت بأنــه أمر غير واقعي إلى حد بعيد.

وعارضت إيطاليا الخطة الانتخابية الفرنســية، وســط استياء شــديد في روما بســبب تدخل باريس في الشؤون الليبية. وتعتبر إيطاليا، الدولة الاســتعما­رية الســابقة في ليبيا، البلد جزءاً من مجال نفوذها الجغرافي.

كما أن التنافس الفرنســي - الإيطالي على ليبيا يصطبغ بألوان المصالح المتنافسة لشركتي النفط والغاز في البلدين «توتال» و«إيني». وقد أبدت باريس انحيازها إلى حد بعيد إلى حفتر، في حين أن روما قد دعمت السراج.

وقال رومانو برودي، رئيس الوزراء الإيطالي الأســبق ورئيس المفوضيــة الأوروبية، لصحيفة «إل ميســاجيرو» إيمانويل ماكرون اليومية أمس الأول السبت، إنه يتعين على البلدين أن يعملا معاً لأن فرنســا وإيطاليا قويتان بما يكفي «لمقاطعة خطة كل منهما الآخرى تجاه ليبيا، وليس لإنجاحها.»

ويوفر اســتخدام محادثات باليرمــو لتوحيد الصفوف وراء خطة الانتقال السياســي التي أعلنها ســامة، والتي تتوقــع إفراز مــا يســمى بالمؤتمــر الوطني، المــؤدي إلى الانتخابات في وقت مــا من عام 2019 ، الفرصة أمام باريس وروما لإنهاء نزاعهما.

وفــي تقريره يــوم الخميس الماضى، قــال مبعوث الأمم المتحــدة إن ليبيا بلد «ثــري» يتم إفقار شــعبه من جانب الجماعات الإجرامية التي «تســرق المليــارا­ت من الخزائن الوطنية»، وقال إن وحدة المجتمع الدولي «حاسمة» لتحقيق الاستقرار في البلاد. ويصر كونتي على أن إيطاليا مستعدة للقيام بدورها. وكتب رئيس الوزراء على «فيسبوك» يوم الجمعة يقول: «نحــن بالتأكيد لا نتوقــع حل كل المشــاكل، ولكننا نريد أن نوفر فرصة مستدامة للحوار» في محادثات باليرمو، واصفاً الحدث بأنه يمثل «خطوة رئيســية» في الاستراتيج­ية التي تقودها الأمم المتحدة تجاه ليبيا.

وفي وقت لاحق من أمس وصل كونتي إلى مدينة بنغازي شرقي ليبيا في زيارة غير معلنة مسبقًا.

وقــال عضو المجلس المنعقــد في مدينة طبرق )شــرق(، مفضلا عدم الكشــف عن هويته، إن كونتي وصل على رأس وفد إلى منطقة الرجمة، في بنغازي للقاء حفتر، في مقر قيادة قواته.

وأضاف أن الزيارة تهدف إلــى «إقناع» حفتر لحضور المؤتمر مشــيرا إلى أن «قناعة روما هــي أنه إذا لم يحضر أحد أهم الأطراف الليبية المؤتمر فسيكون مصيره الفشل».

ونقلت وكالة «ســبوتنيك» الروسية، أمس، عن مصدر مســؤول في قيــادة قوات حفتــر أن الأخيــر لن يحضر المؤتمر. وأرجــع البرلمانــ­ي الليبي، امــس، رفض حفتر الحضور إلى «ثلاثة أســباب، أولها أن الحكومة الإيطالية بينت في الفترة الأخيرة عداءً كبيرًا لشخص حفتر وكذلك لليبيا، فــي مقابل دعمها لحكومة الوفاق، ومحاولة إيجاد موطئ قدم لها عسكريًا في ليبيا».

وأضاف المصدر أن «الحكومة الإيطالية حاولت إنشــاء قاعدة عســكرية في جنوب ليبيا، وهــو ما عارضه حفتر بشــدة». وتابع: «لإيطاليا وجود عســكري فــي مدينة مصراتة )200 شــرق طرابلس(؛ بحجة حماية مشفى لها هناك، وهذا انتهاك صريح لســيادة ليبيا ارتضاه المجلس الرئاســي لحكومة الوفاق ورفضه الجيش )يقصد قوات حفتر)».

وحدد ثاني أســباب الرفــض بأن حضــور حفتر لمؤتمر إيطاليــا يعني «فشــل» قمة باريــس، التي رعتها فرنســا، وحضرها الأول.

ولفت المصدر إلى أن فرنســا هــي «أول الداعمين» لحفتر وقواته.

أما الســبب الثالث، وفق البرلمانــ­ي الليبي، فهو «حضور شخصيات ودول في مؤتمر يرفض حفتر الجلوس معها على طاولة واحدة، وأهمها دولة قطر، التي أعلنت المشاركة بوفد رفيع المستوى».

 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom