Al-Quds Al-Arabi

جدل في تركيا عقب تخصيص موازنة هائلة لـ«رئاسة الشؤون الدينية» تعادل 5 أضعاف موازنة المخابرات

أردوغان بنى في عهده 13 ألف مسجد جديد ورفع عدد طلاب المدارس الدينية إلى 1.3 مليون

- إسطنبول ـ «القدس العربي» من إسماعيل جمال:

تصاعــد الجدل فــي الآونــة الأخيرة فــي تركيا حول رئاســة الشــؤون الدينية عقب ارتفاع مصروفاتها بشكل هائل خلال الســنوات الماضية ورفع موازنتها بشكل كبير للسنوات المقبلة، لتصبح أكبر من موازنة عدد من الوزارات الهامة وتعــادل 5 أضعــاف موازنة جهــاز المخابرات في البلاد، حســب المعارضة التركية التــي انتقدت توجهات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في هذا الإطار بشدة، لا سيما مع الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد في الأشهر الأخيرة.

وحسب حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية الذي شــارك نوابه في النقاشــات حول الموازنة المقدمة للعام المقبل، فإن الموازنة المقترحة لرئاسة الشؤون الدينيــة لعــام 2019 أكبر مــن الموازنة المقترحــة لعد من الــوزارات الهامة ومنها وزارات الطاقــة الموارد الطبيعية والخارجية والصناعة والسياحة.

وبالتزامن مع ذلــك، طالب حزب الشــعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة وآلاف المغردين عبر مواقع التواصل الاجتماعي بإقالة رئيس الشــؤون الدينيــة علي إرباش بسبب قيامه، الســبت، بزيارة داعية ومؤرخ تركي اشتهر بما تقول المعارضة بـ«احتقار أتاتــورك»، وذلك بالتزامن مع إحياء الأتراك الذكرى الـ80 لوفاة مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال اتاتورك.

وفي تركيــا لا توجد وزارة أوقاف أو وزارة للشــؤون الدينية، وتتولى رئاسة الشــؤون الدينية التابعة بشكل مباشــر لرئاســة الجمهورية الشــؤون الدينية في البلاد التي يشــكل المسلمون فيها ما نســبته 99٪ من السكان. والموازنــ­ة الحالية تعتبــر أول موازنة يتــم العمل عليها بموجب النظام الجديد الذي بدأ تطبيقــه فعلياً عقب فوز أردوغان في الانتخابات الرئاسية الأخيرة منتصف العام الحالي.

وفي عام 2017 بلغت ميزانية رئاســة الشؤون الدينية 7.3 مليار ليــرة، وبينما كان مخصصــاً موازنة بقيمة 7.7 مليار ليرة لعام 2018، رفعت الرئاسة توقعاتها لمصروفاتها إلى 8.4 مليار ليــرة، في التقييم الذي جرى منتصف العام بعدمــا صرفت أكثر من 4 مليار ليــرة في النصف الأول من العام الحالي.

وفي الموازنة التي يجري مناقشــتها في البرلمان التركي لعام 2019، تقول المعارضــة إنها تحتوي على طلب يقضي برفع موازنة رئاسة الشؤون الدينية إلى 10.4 مليار ليرة، وهو الرقم الــذي يتجاوز موازنــة 29 وزارة وهيئة مهمة في البلاد، وحسب تقرير نشــرته صحيفة «جمهورييت» المعارضة، فــإن موازنة رئاســة الشــؤون الدينية باتت توازي 5 أضعاف موازنة رئاســة الاســتخبا­رات التركية على الرغم من أهميتها.

ويبلغ عدد العاملين في رئاســة الشؤون الدينية قرابة 145 ألــف موظــف، منهم حوالــي 100 ألف إمــام ومؤذن يعملون في مســاجد البلاد، وقرابة 20 ألف مدرس للقرآن إلى جانب وظائف أخرى تتعلق بالإفتاء والتعليم الديني وغيرها. والأحد، أعلنت رئاســة الشــؤون الدينية، انها ســوف توظف 6100 موظف جديد بوظائف كاملة وعقود في دوائرها بعموم البلاد خلال عام 2019.

ويتهــم معارضــون لا ســيما أنصــار حزب الشــعب الجمهــوري أكبــر أحــزاب المعارضــة حــزب «العدالــة والتنمية»، والرئيس رجب طيب أردوغان بالاهتمام ببناء المساجد والمدارس الدينية على حساب دعم التعليم وبناء المــدارس وتطوير الجامعــات والبحث العلمــي، وهو ما ينفيه أردوغان بقوة ويذكر أرقاماً يقول إنها تظهر النهضة الهائلة التي قام بها في رفع عدد المدارس والجامعات وبناء المطارات والمستشــف­يات وغيرها من المرافق الخدماتية في البلاد. وحســب الأرقام الرسمية التي اســتقتها «القدس العربي» من الموقع الرسمي لرئاســة الشؤون الدينية في البلاد، فإن عدد المساجد حتى عام 2018 بلغ 90 ألف مسجد في كافة أنحاء البلاد، مقارنة بـ77 ألف و151 في عام 2004، أي أن قرابة 13 آلف مسجد تم بنائهم في عهد حزب العدالة والتنمية الذي تسلم الحكم عام 2003.

وعلى مدار العام تقوم رئاســة الشؤون الدينية بالعمل على تطوير وترميم عشــرات المساجد التاريخية الضخمة في إســطنبول والمحافظات الأخرى، كمــا تعمل على بناء مساجد جديدة بطراز معماري تاريخي مستلهم من الطراز العثمانــي، ويتركز البنــاء على المرتفعــا­ت ليبدو المظهر العام للمحافظات مليء بالقباب والمآذن، ويعتبر مســجد تشــامليجا على أعلى قمة مطلة على مضيق البوسفور في الجانب الآســيوي من إســطنبول الأبرز في البلاد حيث سيكون عقب اكتمال بنائه بشــكل نهائي الأضخم والأكبر في عموم البلاد، وضمن الأكبر في العالم.

وحرص أردوغان على بناء مسجد ضخم سماه «مسجد الأمة» في قصر الرئاسة الجديد الذي أثير حوله الكثير من الجدل بســبب ضخامته ورقيه واتهمت المعارضة الرئيس بتبذير المال العام في بناء القصر.

كمــا ارتفع عــدد الطلاب في المــدارس الدينيــة «إمام خطيب» التي تخرج منها الرئيس رجب طيب أردوغان من 71 ألف طالب عام2004، إلى 474 ألف طالب في عام 2014، وصــولاً لـ«مليون و300 ألف طالب» فــي عام 2018، وهي زيادة هائلة في عدد الطلاب رافقها بناء عشــرات المدارس الدينية وتحويل الكثير من المدارس الحكومية العادية إلى مدارس «إمام خطيب» الدينية.

ومن غير المعروف إلى أي مدى ممكن ان تؤثر هذه الأرقام على حظوظ حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية/ البلدية المقــررة في آذار/مارس المقبــل، لكن الحزب يعتمد على شــريحة «الأتراك المحافظين» الذيــن يدعمون الحزب من منطلقــات فكرية وخدمية، ويؤيــدون الإجراءات التي قام بها أردوغان لا ســيما السماح للمحجبات بالدراسة في الجامعات والعمل في جميع دوائر الدولة وتوســيع قاعدة الحريــات الدينية، وزيــادة الاهتمام بالشــؤون الدينية، وتمكن من خلال الترويــج لهذه الأعمال من الفوز في جميع الانتخابات التي شهدتها البلاد طوال الـ16 عاماً الماضية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom