Al-Quds Al-Arabi

شبكة لبنانية لتبييض أموال كارتيلات المخدرات الكولومبية تمثل أمام محكمة في باريس بطلب من القضاء الأمريكي

-

■ باريــس - أف ب:تجري اعتبارا من غد الثلاثاء محاكمة شــبكة واســعة لتبييض أمــوال المخدرات أمام محكمــة الجنايات في باريس، فــي قضية تفتح ملفات تمويل كارتيل ميديين وأنشطة الشبكة اللبنانية لإعادة تحويل أمواله إلى كولومبيا بعد توظيفها في شراء مجوهرات وسيارات فاخرة.

وسيمثل 15 رجلا يحاكمون بدرجات متفاوتة من المسؤولية عن عمليات جمع أموال المخدرات وتبييضها ضمن عصابة منظمة، في محاكمة تستمر حتى الثامن والعشرين من الشهر الحالي، وأبرز المتهمين فيها رجل أعمال لبناني يدعى محمد نور الدين عمره 44 عاما وينشط في القطاع العقاري وتجارة المجوهرات.

وكلنــت المديريــة الأمريكية لمكافحة المخــدرات هي التي رفعــت القضية إلى القضاء الفرنسي في سياق تحقيق تجريه بشأن شبكة تنشط منذ عام 2012 بين أمريكا اللاتينية وأوروبا والشرق الأوسط.

وإحــدى طرق التبييض التي رصدتها المديرية تجعل من فرنســا، حيث يقيم عدد من المتهمــن، مركز تهريب المخدرات فــي أوروبا. وفيها يتــم جمع الأموال الناجمة عن بيع الكوكايين في أنحاء القارة، ثم ترسل إلى لبنان ومن هناك تعاد إلى المهربين الكولومبيي­ن عبر حوالات مالية.

ويعود نظام الحــوالات لنقل الأموال بين الدول إلى مــا قبل المصارف، حيث كانــت الأموال تنقل عبر القوافــل على طرق الحرير والتوابــل، مما كان يتطلب وجود شبكات متينة بين الأشــخاص القائمين بعملية النقل تستند إلى ضمانات ثقــة قديمة. وهنا يبرز دور «الصرافين» الذين كانوا مفصلا أساســيا في شــبكة الحــوالات المالية إذ يتبادلون ديون زبائنهم وفق نظام لا يترك اي أثر في النظام المصرفي.

وبعد فتح التحقيق في باريس في فبراير/شباط 2015، جرت حملة توقيفات واسعة النطاق شملت بشكل شبه متزامن فرنسا وإيطاليا وبلجيكا وألمانيا. وبعد بضعة أشــهر، أوقفت الولايات المتحدة رئيس الشبكة، واسمه محمد عمار يعرف باســم «أليكس»، والذي كان يتنقل بين كولومبيــا وكاليفورني­ا، وأقر بارتباطه بكارتيلات المخدرات الكولومبية.

ويتحدث التحقيق الفرنســي في نشــاطات «الشــبكة اللبنانية» أو «قضية الأرز» عن «شــبكة على درجة عالية من الهيكليــة والتنظيم» تمكنت من تبييض عشرات ملايين اليورو في السنة الواحدة لحساب تاجر المخدرات الكولومبي إل تشابولين، المسؤول عن إرسال حاويات من الكوكايين إلى أوروبا.

وكان المهربون يعمدون إلى تغيير هواتفهم الذكية بانتظام ويستخدمون لغة مشفرة. وتتضمن الشبكة رؤساء فرق وجباة أموال وناقلين.

وفي مرحلة أولى، كان يتم جمع الأموال النقدية الناتجة عن تهريب المخدرات في جميع أنحــاء أوروبا من خلال الصرافــن. وفي المرحلة الثانية يتم شــراء مجوهرات وســاعات وســيارات فاخرة، قبل أن يعاد بيعها في مرحلة ثالثة في لبنان وغــرب إفريقيا. وأخيرا، يعاد تحويل الأمــوال المبيضة بهذه الطريقة إلى الكولومبيي­ن من خلال مكاتب الصيرفة.

غيــر ان عمليات التنصت علــى الاتصالات نجحت في رصد مواقع الشــبكة الجغرافية وكشف رموز اللغة المستخدمة بين المهربين، فكانت عبارة «مرسيدس 250» تعني جمع 250 ألف يورو، و»شاحنة» مليون يورو. أما «الفرن» فكان يعني هولندا و»الطاحون» بلجيكا.

وأقر المتهم الرئيســي محمــد نورالدين بتنظيم عمليــات الجباية، لكنه نفى أن يكون على علم بمصدر الأموال. ونفى بشــدة أن يكون قســم من الأموال التي تم جمعهــا مخصصة لحزب اللــه اللبناني، وفق خيط تقصتــه مديرية مكافحة المخدرات غير أن التحقيق الفرنسي لم يتبعه.

ورأى محامي أحد المتهمين وليام جولييه، الخبير في الملفات الجنائية العابرة للبلدان التي تشارك فيها الأجهزة الأمريكية والأوروبية، أنه «إن كان لا بد من هذا التعاون بالطبع، إلا أنه غالبا ما تفرضه آليات تقوم بالتضخيم أو التشويه بهدف توسيع نطاق التوقيفات والاتهامات قدر الإمكان، ما يؤدي إلى وقوع أفراد ذوي أدوار ثانوية في شباك القمع». وهو يؤكد أن هذه تحديدا هي حال موكله، المقرب من محمد نورالدين، الذي أكد على براءته وقضى 18 شهرا في السجن قبل إطلاق سراحه ووضعه قيد المراقبة القضائية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom