Al-Quds Al-Arabi

إسرائيل والمحكمة الدولية

قلق من قيام المحكمة في لاهاي بالتحقيق في نشاطات تل أبيب في قطاع غزة

- ينيف كوفوفيتش هآرتس 2018/11/11

بدأت إســرائيل في الأشهر الأخيرة، وعبر طرف ثالث، بنقل مواد إلى المحكمة الدولية في لاهاي التي تفحص إذا ما كانت إسرائيل قد ارتكبت جرائم في حرب قطاع غزة. حسب أقوال مصادر في جهاز الأمــن، فإن المواد التي نقلت تتناول أحداث عملية «الجرف الصامد». بموازاة ذلك تجري المحكمة فحصاً بشأن التظاهرات على الجدار التي بدأت في 30 آذار. في السابق، أدانت إسرائيل فحص المحكمة وقالت إنه ليس لها صلاحيات لبحث النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. ولكننا في المستوى السياســي والأمني قلقون من إمكانية أن تقوم المحكمة بفتح تحقيق جنائي بشأن نشــاطات إسرائيل في القطــاع، وهذه عملية يمكن أن تؤدي إلى موجة دعاوى ضد المتورطين فيها، وحتى ستؤدي إلى اعتقالات في دول أخرى.

علمت «هآرتس» أنه في الأشــهر الأخيــرة إجراء جهات سياســية وأمنيــة وقانونية، مــن بينها رئيــس الحكومة بنيامــن نتنياهو، نقاشــات قبيل ظهور نتائــج التحقيق الأولي للمحكمة فــي قضية «الجرف الصامــد»، الذي هو ـ حســب التقديرات ـ في المراحل النهائية. فــي أعقاب ذلك، بدأت إســرائيل بتحويل وثائق للمحكمــة عبر طرف ثالث من شــأنها تعزيز موقفها في هذا الشأن في محاولة للتأثير على طاقم الفحص الذي اســتمع حتى الآن إلى شهادات من الطرف الفلسطيني.

رئيس النيابة العسكرية، الجنرال شارون اوفيك، عرض أيضاً مواد تتعلق بالرد الإســرائي­لي علــى التظاهرات في الأشــهر الأخيرة. ولكن في جهاز الأمن يقولون إنها عرضت في نقاشــات داخلية فقط ولم يتم نقلها إلى المحكمة الدولية أو جهات أخرى. حســب أقوال مصادر أمنية في إســرائيل، فهم يميزون بــن الفحص في موضوع الأحداث على الجدار التي لا يوجد لديها نية للتعاون مع المحكمة وبشأن الفحص فــي عملية «الجرف الصامد» التي بشــأنها بــدأ حوار غير مباشر هناك.

حسب أقوال هذه المصادر، فإن إسرائيل لم تنقل للمحكمة في لاهاي معلومات أولية، بل قالت أموراً مكتوبة وتوجيهات لمصادر المعلومات.

هكذا تم توجيه الوسيط إلى التقارير وأحياناً إلى مواد القانون الإسرائيلي وإلى مصادر معطيات أخرى. وأضافت المصادر أن إســرائيل معنيــة بالتوصل إلــى تفاهمات مع المحكمة، لهذا نقلت المواد بسرية تامة.

في عام 2015 بدأت رئيســة النيابــة العامة في المحكمة، باتو بنسودا، بفحص هل ارتكبت إسرائيل جرائم حرب في الضفة الغربية وفي قطاع غزة. في إسرائيل قالوا إن المحكمة لا يمكنها التعامل مع هذه المواضيع؛ لأن إســرائيل ليســت عضوة في المحكمة، والســلطة الفلســطين­ية ليســت دولة ذات ســيادة. في شهر نيســان الماضي تطرقت بنسودا إلى موجة الاحتجاجات الحالية التي قتل فيها ـ حســب وزارة الصحة في غزة ـ حتى الآن 221 فلسطينياً، وقالت: «العنف ضــد المدنيين من شــأنه أن يشــكل جريمة دوليــة، وهكذا أيضاً اســتخدام المواطنين من أجل الدفاع عن النشــاطات العسكرية». في شهر أيار قدم وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكــي، طلباً آخــر للمحكمة في لاهــاي كي تفتح تحقيق حول المســتوطن­ات في الضفة، نظراً «لوجود بينات بشأن استمرار تنفيذ جرائم خطيرة تبرر تحقيقاً فورياً».

في الشهر نفســه رفضت إســرائيل قرار مجلس حقوق الإنســان في الأمم المتحدة الذي صادق على تشــكيل لجنة تحقيق دولية بشــأن الأحــداث في غزة والضفة وشــرق القدس. وقال رئيس الحكومة في حينه نتنياهو إن «المنظمة التي سمت نفسها مجلس حقوق الإنسان أثبت التاريخ أنها جســم متحيز هدفه المس بإسرائيل وتأييد الإرهاب، ولكنه في الأســاس أثبت أنــه ليس ذا صلة». قبل ثلاث ســنوات جاء فــي تقرير للأمم المتحدة بأن إســرائيل وحماس نفذتا جرائم حرب في عملية «الجرف الصامد»، وكذلك بعد عملية «الرصــاص المصبوب» اتهمت لجنة الأمم المتحدة برئاســة ريتشارد غولدستون إسرائيل بجرائم حرب.

حســب تقديرات مصادر تحدثت مع «هآرتس»، فإن قرار نتنياهو أيضاً في نهاية الشــهر الماضــي تأجيل إخلاء قرية الخان الأحمــر الموجودة فــي الضفة الغربيــة ـ ينبع من الخوف من أن يؤثر الإخلاء على نتائج لجنة الفحص وعلى بنســودا. قبل نحو شهرين توجهت القيادة في رام الله إلى المحكمة في لاهــاي وطلبت البدء بإجــراءات قانونية ضد إسرائيل بسبب نيتها إخلاء قرية الخان الأحمر. السكرتير العام للجنــة التنفيذية في م.ت.ف، صائــب عريقات، قال في حينه إن الســلطة الفلســطين­ية دعــت ممثلي المحكمة إلى مقابلة ســكان القرية للســماع منهم عن الخطوات التي تتخذها إســرائيل ضدهم وعن تأثير الإخــاء المخطط له. «ســنواصل العمل مــع المحكمة الدولية رغــم كل الضغوط والابتــزا­ز والعداء التي تســتخدمها الإدارة الأمريكية ضد الشعب الفلسطيني»، قال عريقات.

قبل ثلاثــة أســابيع تطرقت رئيســة النيابــة بصورة اســتثنائي­ة لقضية إخلاء القرية، وقالت إنهــا تتابع بقلق التطورات وحذرت من أن «الإخــاء بالقوة يمكن أن يؤدي إلى التصعيد والعنف». وأضافت بنسودا بأنها لن تتردد في «اتخاذ الخطوات المطلوبة» في حال الإخلاء. في المناســبة قلق في إسرائيل من تحقيقات لاهاي في جرائم غزة نفسها تطرقت أيضاً إلى التصعيد في غزة، وقالت: «أنا قلقة من العنف المستمر على الحدود، الذي تشارك فيه جهات من الطرفين».

منذ تشــكيل المحكمة في عام 2002 أديــن فيها فقط أربعة أشــخاص، ثلاثة مــن جمهوريــة الكونغــو الديمقراطي­ة وشــخص من مالي. لا توجد للمحكمة الموارد المطلوبة لجمع المعلومــا­ت واعتقال مشــبوهين. وخلال الســنين وجدت صعوبــة في تنفيــذ قراراتهــا، مثلما حدث فــي حالة عمر البشير، رئيس السودان، الذي اتهم بإبادة شعب في منطقة دارفور.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom