Al-Quds Al-Arabi

حماس لم تكسب حقائب المال

الحركة هي الأخرى خرجت خاسرة في أنها فقدت ادعاءها بالتمثيل الوطني

- شمريت مئير

1. إذا اعتقــدتم أن مشــهد حقائــب الــدولارا­ت، وبعدها احتفــالات الأموال النقدية فــي غزة تحــرج نتنياهو )وهي قاســية له بالتأكيد(، فلعلكم تجدون المواساة في أنها ألحقت ضرراً كبيــراً بصورة حماس. فالتوثيق المصــور لأكوام المال والطوابير للحصول على المنحة خطأ جســيم لمن يخيل أنهم تخلوا تمامــاً عن ادعاء تمثيل كل الفلســطين­يين، وعلى الأقل ســكان غزة، ويتصرفون كقادة حزب، وميليشــيا، وطائفة مقربين.

2. حاولت حماس توسيع دائرة المســتفيد­ين من صدقات قطر، بما في ذلك توزيع 100 دولار لخمسين ألف عائلة. ويعمل هذا على النحو التالي: أنت تدخل رقم الهوية وتاريخ ميلادك إلى موقع أقيم خصيصاً، والمنظومة تروي إذا كنت تســتحق الهديــة أم لا. كل غزة تفحص، ولكن 50 ألفاً فقط ســيفوزون بالقرعــة، وبالغالب من لهــم هذه العلاقــة أو تلك بحماس. أما كل الباقــن، نحو مليون ونصف شــخص، فخائبو الأمل ومستاؤون.

3. في حماس أصــروا على الأموال النقدية ويمكن التخمين لماذا: من المال النقدي، مهما كان مراقباً يمكن الاقتطاع بسهولة أكبر. ولكــن كلما كان المال ملموســاً أكثر يكــون من الصعب الإخفاء إلى أين ذهب ـ والرقابــة هائلة. والعلاقة بين العنف والرشــوة لم تكن مرئية أكثر. حياة الشباب الذين ماتوا في أشــهر التظاهرات على الجدار اســتبدلت بالــدولار­ات، بكل معنى الكلمة، وهذا يثير الاشمئزاز والنفور في أوساط العديد من الفلســطين­يين. ويضاف إلــى ذلك الحملة التــي يديرها الســعوديو­ن، وتصف حماس كجريرة إيرانية باعت الكفاح ضد إسرائيل وأجساد شباب غزة مقابل حفنة دولارات تضمن بقاءها.

4. كحجــم الادعاء، حجــم الإهانة: من بدأ بـ «مســيرات العودة» وبعــث تلاميذ المدارس مع المفاتيــح الكرتونية على الرقبة للسير نحو فلســطين 1948، ينهي وقف نار بعيد المدى مقابل إذن إسرائيلي للحصول على مساعدة دولية، ونموذج لا يختلف فــي جوهره عن النموذج الذي نقيمه مع الســلطة الفلسطينية تحت أبو مازن.

5. هنا يأتي الجواب على ســؤال كيف نفكر بالتســوية مع حماس، على فرض )متفائل( تصمد أكثر من بضعة أسابيع أو أشــهر: إذا لم يكن في هذا الوقت احتمال لخطوة تاريخية مع الفلســطين­يين، فإن الوضع الذي تقيم فيه إسرائيل «هدنتين» مع كيانين فلســطينيي­ن متنازعين في ما بينهمــا ليس وضعاً سيئاً. مع أبو مازن أيضاً ومع السلطة لا يوجد سلام، بل تفاهم حول النسب في الحكم الذي فضائله الاقتصادية وغيرها من عــدم العنف تفوق نواقصــه. طالما يوجد مــا يكفي مما يمكن خسارته، فالعنف تحت السيطرة. هذا الوضع لا يستدعي من الفلســطين­يين أن يحسموا في مســألة تقسيم فلسطين ولكنه أيضاً لا يلزمهم بأن يجوعوا.

6. وماذا إذا انفجر هذا؟ ســنعلم أننا ـ علناً ـ كل شيء، بما في ذلك خرق قوانين تمويــل الإرهاب التي نعمل عليها في كل العالم، كي نمنع الحرب. قد يكون الجيش الإســرائي­لي سحق مصداقيتــه ومكانته في الجمهور الإســرائي­لي في الأشــهر الأخيرة، في المحاولات شــبه اليائسة للامتناع عن التصعيد، ولكن الجــولات الســابقة علمتنا بأنه في اللحظــة التي تتم فيها التحويلة الإســرائي­لية فإن حماس في الغالب تندم على اللحظة التي شدت فيها الحبل. في الجيش يفهمون أن تعادلاً غامضاً آخر على نمط «الجــرف الصامد» لن ينجح، ويفكرون بتعابير الحسم الســاحق. وبالطبع السؤال هو ما هي الخطة لليوم التالي؟

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom