Al-Quds Al-Arabi

انتخابات الجولة الثانية: معضلة المقدسيين

المتنافسان على بلدية القدس محيران فلكليهما مزايا إيجابية وسلبية

- نداف شرغاي إسرائيل اليوم 2018/11/11

■ حرج كبير يعيشه كثير من المقدسيين في ضوء إعادة الانتخابــ­ات بعد غد للاختيار بــن بركوفيتش وليئون؟ واضح للجميــع أن كليهمــا متعلقان بالقــوة الأصولية الصاعدة في مجلس البلدية. غير أنه لدى ليئون، الذي لم ينجح في أن يدخل حتى نفسه إلى مجلس البلدية، هناك تخوف بأن التعلق سيشتد ليصبح ربطة عنق خانقة. هل هناك احتمال أن يدير ليئون سياســة مستقلة وألا يكون فاعلاً ينفذ إرادة درعي وجفني وليبرمان؟

من جهة أخــرى، ينبغي الاعتراف بــأن مجال مناورة بركوفيتــش، الذي ســيتعين عليه أن يعمــل مع مجلس أصولي كدي ـ ضيق جداً. يحتمــل أن يكون قرب ليئون بالذات من الأصوليين سيسهل عليه الوصول إلى توافقات في صالح كل الفئات الاجتماعية. وســيكون بركوفيتش مستقلاً بأضعاف في مواجهة الإملاءات الأصولية. كتلته «اليقظة» هي الأكبر في المجلس البلــدي، وماله من ظهر، لاتخاذ موقف مســتقل يأخذ بمصلحة كل ســكان المدينة، ويكون أكثر اتساعاً بأضعاف من ظهر ليئون.

يتحــدث بركوفيتــش في الأيــام الأخيــرة كثيراً عن التزامــه بالقــدس الصهيونيــ­ة. أما ليئــون، كما ينبغي القول، فليــس أقل صهيونيــة منه، ولكن مشــكلته هي أن قســماً من الحاخامــن والمتفرغين السياســيي­ن الذين جلبوه إلى حد كرســي رئيس البلدية ـ ليسوا بالضبط الصهاينة الكلاسيكيي­ن. يســأل مؤيدو ليئون لماذا تكون شــاس وليبرمان، وديغل واغودات يسرائيل «شرعيين» كشــركاء في الحكومة، ومرفوضين على المستوى المحلي. هم محقــون، ولكنهــم لا يأخذون بالحســبان بأنه على المستوى المحلي، فإن الشراكة، ولا سيما بأغلبية أصولية ـ غامضة أقل، وتلمس مباشرة لدرجة أن الكثيرين يرون فيها «تهديداً».

لليئون ميزة بــارزة واحدة: فهو مجرب أكثر بأضعاف من بركوفيتش في إدارة منظومات كبيرة على المســتوى القطري. فقد ترأس ســلطة تطوير القــدس، وأدار ديوان رئيس الــوزراء. وهو خبيــر ومتمرس أكثــر بأضعاف مــن بركوفيتش فــي العمل مــع المســتويا­ت الحكومية والبرلماني­ة، ما سيســهل عليه الحصــول على الميزانيات للمدينة. وأثبتت الأشهر الأخيرة بأنه يخوض المفاوضات على نحو أفضل من بركوفيتــش، حين نال تأييد الليكود، واغودات يســرائيل، والبيت اليهودي، وشــاس وديغل هتوراة. وبالمقابل، فإن سحابة شبهات وتحقيقات تورط فيها في الماضي، وإن كان خــرج منها «دون ضر»، لا تزال تجعل من الصعب على بعض الجمهور التصويت له.

يقول ليئــون إنــه ملتزم بعمــل فاعل يمنع تقســيم القدس. أما بركوفيتش فيرفض حتى هذه اللحظة التعهد بطريقة مشابهة في موضوع على هذا القدر من الأساسية والجذرية. والادعاء بأنه ليس لرئيس البلدية تأثير على القرارات السياســية، ليس صحيحاً ببســاطة؛ فالمدينة فــي يديه كالمادة في يــد المبدع، وكذا القــرارات أو غياب القرارات في مواضيــع التخطيط، والبنــاء والأراضي، وتصمم الخريطة، التي يتعين على القيادة السياســية أن تراعيها.

اليمينيون الواضحون يقســمون فــي الأيام الأخيرة على أن بركوفيتــش «منا». وكذا من يصدقهم ومســتعد لأن يتبنــى التفســير ـ بأن صمتــه ينبع مــن التزام بـ «قاعدته» الانتخابية الواســعة وللرفــاق في قائمته من اليسار ـ يصعب الإجابة، هل هذا الالتزام سيستمر حتى بعد الانتخابــ­ات أيضاً؟ بمعنى هل أن بركوفيتش كرئيس للبلدية سيمتنع عن أعمال مبادر إليها ومطلوبة، وغايتها منع تقسيم المدينة في المستقبل؟

كلاهما تهمها القــدس. بركوفيتش يعد: الاســتقام­ة، والمســاوا­ة، والشــفافي­ة والعمل من أجل كل السكان في المدينة. ليئون يعد أن تدوس قدماه الشوارع من واحد إلى آخر، مثلما فعل تيدي كوليك. كلاهما يتحدث عن ضرورة أن يحتوي الناس بعضهم بعضاً. كلاهما سيزداد صعوبة في الالتزام بذلك؛ فالتخوف والخوف متجذران وعميقان جداً. سيحســنان الصنــع إذا ما عملا بعــد الانتخابات الواحــد مع الآخر وليــس الواحد ضد الآخر. السياســة ليســت خطة تعدها كما تريد، والامتنــا­ع عن التصويت ليس خياراً، وحتى يوم الثلاثاء ســيتعين على المقدسيين أن يحسموا هذه الأسئلة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom