Al-Quds Al-Arabi

عبد المهدي ينتظر التوافق السياسي لحل أزمة استكمال حكومته وسط تحذيرات من احتقان الشارع

«سائرون» يرفض تمرير «مخطط خارج الحدود»... والجبهة التركمانية تشكو التعرض لانتقام متعمد

- بغداد ـ «القدس العربي» من مشرق ريسان:

ما يــزال رئيس الــوزراء العراقي عادل عبد المهدي، متمســكاً بأســماء المرشــحين لشغل الــوزارات الـــ8 المتبقية فــي حكومتــه، آملاً بـ«توافق سياسي» عليها.

ووســط شــدّ وجذّب تحالفي «البناء» من جهة، و«الإصلاح والإعمار» من جهة ثانية، على تمرير الوزارات المتبقية من عدمه، اقترحت كتلة «بدر» النيابية، التابعة لزعيم ائتلاف «الفتح» هادي العامري، أن «يكــون مجلس النواب هو الفيصل في ذلك، عبر طرح عبد المهدي أســماء مرشــحيه للتصويت تحت قبة مجلس النواب، وترك القــرار لنواب الشــعب فــي القبول أو الرفض».

ورشح عبد المهدي كلا من قصي عبد الوهاب الســهيل لوزارة التعليم العالــي، وصبا خير الدين الطائي لــوزارة التربيــة، وعبد الأمير الحمداني لــوزارة الثقافة، وهنــاء عمانوئيل كوركيس لــوزارة الهجــرة والمهجرين، ودارا نور الدين لوزارة العــدل، ونوري ناطق حميد عبطــان الدليمي لــوزارة التخطيــط، وفالح الفيــاض لــوزارة الداخلية، وفيصــل الجربا لوزارة الدفاع.

رئيس كتلة «بدر» البرلمانية، حسن الكعبي، قال لـ«القدس العربــي»، إن «عبد المهدي لديه القناعة الكاملة بالأسماء التي رشحها للوزارات الثماني»، مؤكداً في الوقت ذاته وجود «خلاف على أكثر من اسم من هذه الأسماء».

وأضاف: «من المفترض أن يتم طرح الأسماء على البرلمان، وأي عضو مــن أعضاء البرلمان، ممن لديه اعتراض على أي اســم من الأســماء المطروحة، لا يصوت عليها»، مشــيراً إلى أن في حال تم تمرير هذه الأســماء «فكان بها، وإن لم تمر فعلى رئيس الوزراء استبدالها».

وطبقاً للقيــادي في تحالــف العامري، فإن «الإصــرار على الأســماء المرشــحة للوزارات الثماني هو مــن قبل عبد المهدي»، كاشــفاً عن سبب تأجيل طرح الأخير أسماء مرشحيه على البرلمان لـ«فســح مجال أكبر أمــام الحوارات للتوصل إلى نتائج طيبة خلال الأيام المقبلة».

في الطرف المقابل، رأى تحالف «ســائرون» المدعوم مــن زعيم التيــار الصــدري، مقتدى الصدر، أن هناك «مشروعاً خارجياً» يقف وراء تمرير المرشحين الـ8 أو «بعضهم»، مؤكداً وقوفه بوجه هذا المشــروع ودعم «القرار العراقي» في اختيار الحكومة.

النائب عن «سائرون» ولاء السعبري، قالت في بيان: «ما أقســى هذه اللحظات، ونحن نمرّ بدقائق اختبارٍ عســيرٍ لمصداقيتنـ­ـا، وصدقنا أمام الله أولاً، وأمام الشــعب ثانيــاً، وقائدنا الذي خطّ لنا طريق الإصــاح كمنهج وصراط نحو تحقيق العدالة والحكم الرشيد، سواء في العمل التشريعي والرقابي، أو الأداء التنفيذي والحكومــي، لرفع الحيف والظلــم الذي مرّ به الوطن والشــعب عبــر تصدي غيــر المؤهلين والفاســدي­ن لمفاصلَ أنهكت الدولــة وقدراتها، وأضنت الشعب العراقي الكريم لسنين خَلَت».

وأضافت: «لــم يكن الإصلاح يوماً إلاّ تطهيراً لفساد، والذي يســتوجب منّا السعي لتحقيقه بكل الوســائل والطرق، دون اســتبعادٍ لخيار التغيير، إن اســتلزم الإصلاح ذلــك»، مؤكدة أن «لايماننــا المطلّق بصلاح تلــك الثوابت في نفوســنا، وإدراكنا بضرورة المضي بالمشروع الإصلاحي، السياسي والاقتصادي والتربوي والاجتماعـ­ـي، وكل ما يســتلزم ذلك ابتداء من مسؤوليتنا الشــرعية والقانونية والأخلاقية، وانتهــاء بتحملّنا لكلّ نتائج ذلك، وأن كان ثمن ذلك غالياً».

وتابعت: «عندما قال قائدنا )الصدر( قرارنا عراقي، طبقنا ذلك عملياً. نــدرك كامل الإدراك أن هذا الطريق مليء بالأشواك، فلا نستوحشَ لقلة سالكيه، ولا نكتفي بعمقنا الشعبي وغضب جماهيرنــا مــن تهاوننا إن فــاض بها الغيض لعدم إحقاق الحق ووضعــه في نصابه، وإنما بالســعي الحثيث والجاد بكلّ ما أوتينا من قوة وإصرار مستدام، دون تهاون أو كلل».

وزادت: «عقدنــا العــزم بهمّــة المخلصين، وســعي المصلحين، لنسير بخطى ثابتة وواثقة بــأن الذي خُطّطَ له من خلــف الحدود لن يمرّ، ولم يكن في الحكومة التي نمنحها الثقة، إلاّ من يكون مؤهلا باســتقلال­يته وكفاءته ونزاهته، وغير ذلــك لن يكون، وإن مرّ بغفلة، أو بالتفافٍ وتآمر فنحن له بالمرصاد، لحين ما نأخذ منه حق صراخ المظلومين، وحرقة المحرومين، لنُشفي به صدور المصلحــن، بعد أن امتــأت قلوبهم ألما وحسرة على ظلم السنين.»

«التوافق والانسجام»

ووســط اســتمرار الصراع السياسي على اســتكمال حكومــة لعبــد المهــدي، انطلقــت تحذيــرات سياســية مــن خطــورة «احتقان الشارع»، تزامناً مع تجدد الحراك الاحتجاجي في محافظة البصــرة )جنوباً(، وتلويح بتفاقم الوضع هناك.

النائبــة عــن كتلــة «المواطــن» البرلمانية، التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي، والمنضوي في تحالف «البناء»، منــى الغرابي، حذّرت من احتقان الشارع العراقي، وارتفاع سخطه على الطبقة السياســية بسبب الخلافات بين الكتل، فيما دعــت الــى التوافق والانســجا­م لاكمال الكابينة الوزارية وتنفيذ البرنامج الحكومي.

وحثت، في بيــان، الكتل السياســية، على ضرورة «التوافق بينها وعدم تعميق الخلافات، نظراً لما يمر بــه العراق من ظــروف تدعو إلى تكاتف الجميع وتوحيــد الجهود من أجل حفظ المكتســبا­ت التــي تحققت بعــد الانتصار على العصابات الإرهابية .»

وأضافت أن «الخلافات بين الكتل السياسية، وما حدث مؤخرا في مجلس النواب يؤدي إلى احتقان الشــارع العراقي ويزيد من ســخطه على الطبقة السياســية»، مشــددة على أهمية «التوافق والانســجا­م بين الكتل من أجل اكمال الكابينة الوزارية وتنفيذ البرنامج الحكومي.»

كذلك، رأى رجل الدين الشيعي البارز، محمد الخالصــي، أن عودة التظاهــرا­ت في البصرة دليل علــى نفاد صبر الشــارع العراقي، مؤكداً أن العملية السياســية القائمــة تهيئ الأجواء «لتقســيم العــراق» وتحويلــه إلــى دويلات متعادية. وأشار خلال خطبة الجمعة في مدينة الكاظمية فــي بغــداد، معلّقاً علــى تظاهرات البصــرة، أنها «مؤشــر جديــر بالاهتمام على نفاد صبر الشــارع العراقي من المآسي المتراكمة التي ما زال يعاني منها، بينما ينشغل الأطراف السياسية بالتجاذبات الفئوية والطائفية على الحقائب الوزارية المعســولة، الأمر الذي عرقل إلى الآن اكتمال الاتفاق على تشكيل الحكومة في ظاهرة ســماها بعضهم )بالاختناق السياسي( بديلاً عن مفردة )الفراغ الدستوري( التي طالما تداولوها سابقاً وتلهوا بها».

وأضاف: «في الحقيقة ليســت )اختناقاً( بل )مخانقــة حزبية فئوية للاســتحوا­ذ على أكبر قدر من المغــانم والمنافع على حســاب مصالح الوطن الحيوية، والخدمات الضرورية المعطلة، والتي مــا زال يعاني منها الجمهــور الأكبر من الطبقات المســحوقة(، فإذا كان مجرد تشــكيل الحكومة يســتغرق كل هذا الوقت ويتعثر بهذه العوائق التافهة، فمتى ستتفرغ الحكومة لأداء واجباتهــا وتنفذ برامجهــا إن كانت هناك ثمة برامج أو نية في الإصلاح».

وبــن أن»الجانب الأخطر في هــذه العملية السياسية القائمة، أنها بهذه العقبات والمفاسد والمحاصصــ­ات، إنما تهيــئ الأجــواء وتطبّع النفوس للقبول بالهدف الأبعد للاحتلال الذي طالما صرح بــه دهاقنته، وهو تقســيم العراق وتجزئته لتحويل العراق إلى دويلات محتربة متناقضة متعادية .»

وأوضــح: «أكبر دليل على أن هــذه العملية تسعى إلى هذا الهدف، وإنها وضعت على أسس التجزئــة والتعويــل على التعصــب الطائفي والعرقي والأسري .»

في ظل عدم تسمية ثمانية وزراء في حكومة عبد المهــدي، اضطر الأخير إلــى إدارة بعضها )لا ســيما الأمنية( بالوكالة، فيما قــرر أخيراً، إيكال مهمــة إدارة وزارة العدل )المختلف عليها بين الأكــراد( إلى وزيــر الإعمار والإســكان، بنكين رنكي، الذي ينتمــي للحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني.

والخلاف على مرشح وزارة العدل، ينحصر بين الحزب الديمقراطي، الذي يرى أن من حقه تولــي المناصــب الوزارية المخصصــة للأكراد في حكومة عبد المهدي، بعــد حصول «الاتحاد الوطنــي» على منصــب رئيــس الجمهورية، فيما طالب حزب بارزانــي بمقعد في الحكومة الجديدة، ووســط ذلك، ترى كتلــة «التغيير» الكردســتا­نية المعارضــة، أحقيتهــا في تولي منصب تنفيذي بكونها جاءت في المركز الثالث في ترتيب الكتل السياسية الكردية الفائزة في الانتخابات التشريعية، التي جرت في 12 أيار/ مايو الماضي.

وحتى حسم ذلك الخلاف، أصدر عبد المهدي، أمراً ديوانيا بتكليف وزير الإعمار والإســكان والبلديات، بنكين ريكانــي، بمهام وزير العدل وكالة.

اعتراض تركماني

ورأى رئيس الجبهة التركمانيـ­ـة العراقية، النائب أرشــد الصالحــي، أن «العراق هو خير بلــد يحتــرم حقوق مكونهــم»، مؤكــدا «عدم مشاركته في أي جلسة تشاورية في حال غياب الاستحقاق القومي التركماني عن الحكومة.»

وقال في بيــان: «مع اقتراب اليــوم العالمي لحقوق الإنســان، فــإن التركمان فــي العراق يعتبرون بلدهــم العراق آخر بلــد يُحترم فيه حقــوق الإنســان والتركمان بشــكل خاص، سواء كان تربويا أو صحيا أو سكنيا أو انتهاكا لأبسط المعايير .»

وزاد: «من حق الشعب التركماني أن ينتفض ويتظاهر بطريقته الخاصة .»

وأضــاف: «إننــا فــي الجبهــة التركمانية العراقية، وقائمتها الانتخابيـ­ـة جبهة تركمان كركوك، نرى أن هنالك انتقام متعمد ضد الجبهة التركمانية بأبعادها من استحقاقها الانتخابي والقومــي ولن نتشــرف بحكومــة خالية من الاستحقاق التركماني الأصيل من الحكومة.»

وأوضح «لن نشــارك في أي جلسة تخلو من الاستحقاق التركماني»، داعياً: «جميع النواب التركمان بعدم الجلوس فــي قاعة البرلمان إذا كانت خالية من استحقاقكم التركماني.»

 ??  ?? عبد المهدي خلال لقاء مع مجلس محافظة ديالى
عبد المهدي خلال لقاء مع مجلس محافظة ديالى

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom