هروب 600 شخص عبر ممرات مائية تحت نيران التحالف الدولي شرق الفرات
تتوجــه الأنظــار نحــو الخطر الأكبــر الذي يهدد مســتقبل الأراضي السورية، في مناطق شــرقي الفرات، حيث تدعم واشنطن وتدرب أقليــة عرقية تتمثل بوحدات حماية الشــعب، مهمشــة الأكثريــة من ملايــن العــرب الذين يواجهون مصيــراً مجهولاً، تحــت العديد من الحجــج والذرائــع، وهــو ما وصفتــه منظمة العفــو الدوليــة بجرائــم حــرب يتعــرض لها العرب شرق بلادهم.
وفــي ســياق السياســة الأمريكيــة أعلــن الجنرال جوزيف دانفور، رئيس هيئة الأركان المشــتركة للقــوات المســلحة الأمريكيــة، إن الولايــات المتحدة بحاجة إلــى تدريب 40- 35 ألف مقاتل محلي في ســوريا. ووفقاً له، فقد أنجزت العمل بنسبة 20 بالمئة، في حين تعتبر موســكو ان التواجــد الأمريكــي غير شــرعي ويمتهــن اللعــب بالورقــة الكردية، وتقســيم سوريا، بغض النظر عن التصريحات الرسمية التي تزعم الالتزام بوحدة أراضي سوريا.
وقال دانفــورد في مؤتمــر نظمته صحيفة «واشــنطن بوســت» الخميــس: «وفقــاً لتقديراتنــا، يجــب تدريب حوالــي 30 إلى 45 ألــف مقاتــل محلــي لضمــان الاســتقرار في % المنطقــة، أعتقد أننا أنجزنــا حوالي 20 من تدريبات القوى». وعن مهام الولايات المتحدة في ســوريا، أشــار دانفورد إلــى أن التحالف الدولي يقاتــل تنظيم «داعش». بالإضافة إلى ذلــك، وحســب الجنرال، فــإن الــدول «تدعم الجهود الدبلوماســية لوزير الخارجية مايكل بومبيو لحل الأزمة في سوريا».
تحالــف الولايــات المتحــدة مــع الامتــداد الســوري لحزب العمال الكردســتاني، الذي تعتبره هي تنظيمــا ارهابيا دفعها إلى البحث عــن مخــرجٍ لهــذا التناقض، وقــد وجدته في تغييــر «غــاف» اســم التنظيــم إلــى «قوات ســوريا الديمقراطية»، وهو مــا أكده المتحدث الســابق باســم تلك المجموعة المسلحة، طلال ســلو، بعد انشــقاقه عنها، عندما كشــف أن ســبب التســمية الجديدة طمأنة تركيا، حيث دربت القــوات الأمريكيــة اذرعها العســكرية في المنطقة «قســد» وأمدتها بالســاح والمال والذخيــرة، الأمــر الــذي ســمح للأخيــرة بالســيطرة على ثلث الأراضي السورية شرقا والمعروفة بغناها بالثورات النفطية.
وأعلنت «قسد» في بيان رسمي لها الجمعة «إن مقاتليها تقدموا علــى محورين كل محور مســافة كلــم واحــد واســتطاعوا تثبيــت 14 نقطة، وذلك بعد اشــتباكات عنيفة اســتولت خلالها «قسد» على أســلحة، وفجر المقاتلون لغمين كان قد زرعهما الإرهابيون لإعاقة تقدم المقاتلــن، تصدوا لمحاولة «داعــش» الهجوم على نقاط استطاعوا تثبيتها في وقت سابق، وقتلوا من العناصر المهاجمة 12 إرهابيا».
ونفذت طائــرات التحالف الدولي حســب البيــان عــدة غــارات علــى مواقــع تنظيــم الدولــة ودمــرت مواقــع وتحصينــات كانوا يســتخدمونها كما فجرت سيارات وأسلحة، وأن حصيلــة قتلــى التنظيــم خــال المعــارك الأخيرة بلغت 30 مقاتــا. وفي المقابل ذكرت وكالة «أعمــاق» الناطقة باســم تنظيم الدولة امــس الجمعــة أن طائــرات التحالف الدولي نفــذت أكثر مــن 100 غارة جوية علــى منطقة هجين بريف دير الزور منذ مساء الخميس.
وجود غير قانوني
المتحدثة الرســمية باســم وزارة الخارجية الروســية، ماريا زاخاروفا، كانت قد اعتبرت أن وجــود القــوات الأمريكية في ســوريا غير قانوني ويهدف إلى تقســيم الدولــة. وقالت زاخاروفا خلال إيجاز صحافي ان «الأنشــطة المشــبوهة التــي يقوم بهــا التحالــف بقيادة الولايــات المتحــدة فــي ســوريا تدعــو لقلــق متزايــد». وتابعت: «مــن وجهة نظر أوســع، نرى أن غاية الوجود الأمريكي غير الشــرعي يتمثــل في محاولــة اللعب بالورقــة الكردية، والســعي نحو تقســيم ســوريا، بغض النظر عن التصريحات الرســمية التي تزعم الالتزام بوحدة أراضي سوريا.»
ميدانيا، ارتكــب طيران التحالــف الدولي، بقيــادة الولايــات المتحدة خلال الـ 72 ســاعة الفائتــة، مجزرتــن راح ضحيتهمــا عــدد من المدنيين فــي ريف مدينة ديرالزور، وحســب شــبكة اخبار «الفــرات بوســت» المحلية، فإن طائرات التحالف الدولي أغارت يوم الخميس على مدينة هجين في ريف دير الزور الشرقي، وارتكبــت مجزرة مروعــة بحق عائلــة كاملة مؤلفة من 5 أشخاص تتحدر من بلدة المريعية شرق المحافظة.
وكشــف المصــدر عــن أســماء الضحايــا موثقــن بالاســم، وذلــك فــي اعقــاب توثيق مجــزرة أخرى قتــل خلالها عائلــة مؤلفة من 8 أشــخاص، نتيجــة قصــف مماثل مــن قبل التحالــف الدولــي، وذلــك علــى مدينة هجين شــرق دير الــزور، حيــث تتحــدر العائلة من مدينة تدمر.
نزوح 600 مدني
ويعانــي العشــرات مــن أهالــي المنطقــة الشــرقية ممن تمكنــوا من الفرار إلــى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية من ظروف إنســانية بعــد رحلــة النــزوح التــي رافقتها مشــاهد الموت والتفجير، وســط توتر واضح بين أهالي المنطقة وقوات «قســد» على خلفية محاولة الأخيرة نقل النازحين إلى مخيم السد في ريف محافظة الحسكة، فيما وثّق المرصد الســوري هروب عشرات المدنيين بينهم نساء وأطفال مــن مناطق ســيطرة تنظيــم «الدولة الإســامية» في ريف دير الزور الشــرقي عند ضفــاف نهر الفــرات الشــرقية، عبــر ممرات مائية تكونــت مع مرور الأيام بفعل الســيول التي تعرضــت لهــا المنطقة بوقت ســابق، إذ تابع الفارون مسيرهم لمسافات طويلة ضمن هــذه الممــرات حتى وصلــوا إلى أحــد النقاط التابعة لقوات ســوريا الديمقراطية في محيط جيب تنظيم «الدولة الإسلامية» الأخير شرق دير الزور.
فيمــا تأتــي عمليــة الخــروج هــذه في ظل محاصــرة التنظيــم للمدنيين، معتبــراً كل من يحاول الخروج «كافراً» حيث كان التنظيم قد عمد بالفترة الســابقة إلى تنفيذ إعدامات عدة لأشــخاص بتهمة أنهم «مهربــون» ويعمدون إلى تهريــب المدنيين إلى خارج مناطق التنظيم شرق دير الزور.
وقــال المرصد الســوري لحقوق الإنســان أن مئات العوائل خرجت من مناطق ســيطرة تنظيــم «الدولــة الإســامية»، ضمــن الجيب الأخيــر له شــرق الفرات، حيث أكــد خروج 5 عوائــل من منطقــة هجين التي يســيطر عليها التنظيــم كآخــر موقــع لــه عنــد ضفــة النهر الشــرقية، ونقلــوا إلى مناطق ســيطرة قوات ســورايا الديمقراطية ومراكز الإيواء، مشيراً إلــى ان مجمــوع الأشــخاص الذيــن وصلوا إلى مناطق ســيطرة «قســد» قــد زاد عن 600 مدنــي بينهم نســاء وأطفال ومســنون وذلك منــذ الثلاثين مــن تشــرين الأول / اكتوبرمن العام الجاري، مؤكداً أن التنظيم نفذ إعدامات ميدانيــة بحــق مــن يعتقله خــال فــراره من المنطقة، بتهمة «الخروج إلى بلاد الكفر»، فيما خاطر الذين خرجوا بحياتهم مقابل الوصول إلى المنطقة.