ترحيب فلسطيني بـ «صفعة» فشل واشنطن في الأمم المتحدة ونشوة الانتصار لم تمنع المطالبة بمراجعة سياسية لحصول القرار على دعم 87 دولة فقط
قوبل الفشــل الأمريكي في تمرير القــرار الخاص بإدانة حركــة حمــاس والمقاومة الفلســطينية بالمجمــل في غزة، بترحيب فلسطيني كبير من كافة المستويات القيادية، غير أن نسبة التصويت لصالح ذلك القرار الذي فشل لعدم حصوله على ثلثــي الأعضاء، أثار الكثير من المخاوف الفلســطينية، لحصول إســرائيل للمرة الأولى على نسبة دعم فاقت الدعم الفلســطيني، وهو ما أبرز المطالب بضرورة إنهاء الانقسام وإتمام الوحدة.
ورحبت الرئاســة الفلســطينية برفض الجمعية العامة للأمم المتحدة لمشروع القرار الأمريكي، وشكرت جميع الدول التــي صوتت ضده، مؤكــدة انها لن تســمح بإدانة النضال الفلسطيني.
وقال نبيل أبو ردينه الناطق باســم الرئاســة، إن منظمة التحرير الفلســطينية، مدعومة من المجموعة العربية وكافة أحــرار العالم، في تصديهم للمشــروع الأمريكي الموجه ضد حركة حماس «أثبتوا ان العالم يقف مع الحق الفلســطيني، وأن القيادة الفلســطينية بقيادة الرئيــس محمود عباس، قادرة على حماية حقوق شعبنا وإسقاط كل المشاريع الهادفة للمساس بحقوقنا .»
وأشــار إلى أن إســقاط القرار يشــكل رســالة للإدارة الأمريكيــة ولإســرائيل بــأن «كل المؤامرات علــى القيادة والشرعية الفلســطينية لن تمر، وأن هناك قيادة فلسطينية حريصة على حقوق شعبها.»
وقال الدكتور صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية، في تعقيبه على الفشــل الأمريكي «التاريخ ســوف يسجل في ملف أســود ســلوك نيكي هيلي تجاه الحقوق الوطنية المشــروعة للشــعب الفلســطيني، وحقــه فــي الحريــة والاســتقلال». وأكد أن تصويت 156 دولة لصالح مشــروع القرار الذي قدمته ايرلندا الداعي للثبات على خيار الدولتين على حــدود 1967، والقانــون الدولي، يعتبــر دليلا قاطعا على رفــض المجتمع الدولي الحازم للاحتلال الاســرائيلي، ولقرارات الرئيس الأمريكي.
وقال وزير الخارجيــة رياض المالكــي إن التصويت في الجمعية العامــة «يؤكد عدم اقتناع العالــم ورفضه المطلق لفرض الاملاءات وتزوير وتحريف الحقائق الذي تمارســه أمريكا على المستوى الدولي لصالح نظام الاحتلال.»
وأكد أن كل أســاليب التحايل والضغط والترهيب التي مارســتها أمريكا «لم تجــد نفعاً في تمرير مشــروع القرار، الذي يشــوه الحقائق». وتابع «الرد الدولي جاء مدوياً من خلال الدعم الكاسح لمشــروع قرار قدمته ايرلندا، يؤكد على القانــون والشــرعية الدولية ومرجعيات عملية الســام، وأسس أي حل .»
يشــار إلى أن واشــنطن فشــلت مســاء أول من أمس الخميس، في تمرير قرار فــي الجمعية العامة يدين حماس ويتهمها بالإرهاب، ولــم يتم اعتماد مشــروع القرار لعدم حيازته على أغلبية ثلثي أعضــاء الجمعية العامة، وحصل المشــروع على موافقــة 87 دولــة واعتــراض 57 وامتناع 33. وكان المشــروع يدعــو لإدانة حركة حمــاس، وإطلاق الصواريــخ من غــزة، دون أن يتضمــن أي مطالبة بوقف الاعتــداءات والانتهاكات المتكررة التي ترتكبها إســرائيل بحق الفلسطينيين.
وردا علــى هذا المشــروع، تقدمــت ايرلنــدا وبوليفيا، بمشــروع قرار إلى الجمعية العامة للأمم، يتضمن تعديلات على مشــروع القرار الأمريكي، ويدعو المشروع إلى تحقيق حل للقضية الفلسطينية، استنادًا إلى القرارات ذات الصلة، بما فيها قــرار مجلس الأمن 2334، الذي يدين الاســتيطان الإســرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وحصل القرار على الأغلبية.
مخاوف فلسطينية
لكن حصول المشروع الأمريكي المساند لإسرائيل على هذه النسبة العالية من الأصوات، رغم عدم حصوله على الثلثين، أثار مخاوف فلســطينية، من قدرة تل أبيب وواشنطن على حشــد هذه الدعم حــول قراراتهم للمرة الأولــى، وهو أمر تفاخر به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ويخشــى المراقبون في الساحة الفلسطينية من أن يكون ذلك مقدمــة لتمرير مشــاريع أخرى لصالــح الاحتلال في المستقبل داخل أروقة الأمم المتحدة، في حال لم يجر الانتباه فلسطينيا لهذا الأمر.
ودفــع ذلك الأمــر للمطالبة بضــرورة إنهاء الانقســام، ووقوف كل الفصائل خلف برنامج سياسي موحد، وتكثيف العمل الدبلوماسي لمواجهة المخاطر المقبلة، خاصة وأن هناك من الدول الصديقة من امتنع عــن التصويت، وأخرى أيدت المشروع الأمريكي.
وأشــار إلى ذلك كثير من المحللين السياسيين والمتابعين الذين تناولوا الحدث بالكتابة أو التعليق.
وفي هذا السياق، أكد حسين الشيخ عضو اللجنة المركزية لفتح، أن سقوط المشروع يحتاج إلى «وقفة وقراءة سياسية دقيقة لما جرى في الأمم المتحدة»، مشــيدا فــي الوقت ذاته بالدبلوماسية الفلسطينية والشقيقة والصديقة.
وقال معقبا على تصويت 87 دولة مع المشروع، ومعارضة 57 دولة وامتناع 33، إن ذلك يحتاج من الفلســطينيين ومن فتح وحماس الى إعادة النظر في العديد من الملفات الداخلية والإقليمية والدولية، كما يحتاج الى «دراســة جدية عميقة قبــل ان تأخذنا الفرحة المشــروعة الى المغــالاة والمبالغة»، مطالبا في الوقت ذاته بـ «الالتصاق بالشرعية الفلسطينية». وشدد كذلك على ضرورة إنهاء الانقسام.
وأشار إلى أن هناك دولا صديقة صوتت مع مشروع القرار الأمريكي، فيمــا امتنعت دول صديقة أخرى معروفة تاريخيا بمساندة الفلســطينيين عن التصويت. وقال «أسئلة كثيرة نحتــاج للوقوف أمامها بموضوعية وصــدق مع الذات حتى نعطي إجابات تخدم قضيتنا وترســم معالم اســتراتيجية عملنا للوصول الى أهدافنا الكبرى».
هنية يقدر دور السلطة الفلسطينية
إلــى ذلك أكــد رئيــس المكتب السياســي لحركــة المقاومة حماس، إســماعيل هنية، في تعقيبه على فشــل واشنطن، أن الضمير العالمي «أسقط المشــروع الأمريكي في الجمعية العامة ضد حمــاس ومقاومة الشــعب الفلســطيني»، مشــيدا بدور الدول التي ساندت الفلســطينيين «واتخذت موقفاً مبدئياً ضد الاحتلال الإسرائيلي، وسياســته العدوانية ورفضت روايته الكاذبة». واعتبر ما حصل «إنجازا مهما للغاية بالنسبة لشعبنا الفلسطيني بكافة مكوناته ولكل الدول الشقيقة والصديقة التي انحازت إلى القيم والأعــراف». وعبر عن تقديره للجهود التي بذلتها السلطة الفلســطينية من خلال مندوب فلسطين الدائم، وقال «ما حصل في هذا المجال يؤشــر الى أن الهم الوطني قادر على توحيد شــعبنا في مواجهة التحديات». وأكد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، أن «أمريكا طأطأت رأسها وجرت أذيال الخيبة بعد فشــلها في تمرير مشــروع قرارها في الأمم المتحدة لإدانة المقاومة الفلســطينية الشــرعية». وشدد في تصريح صحافي على أن أمريكا «لم تفلح في غطرسة القوة والبلطجة في التأثير على الأحرار وانكســرت ســطوتها على العالم»، مؤكدا على ضرورة إنجاز الوحدة.
واعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن فشل مشروع القرار الأمريكي «يشــكل انتصارًا للإرادة الوطنية الفلسطينية في مواجهــة كل المؤامرات والبلطجــة الأمريكية»، مؤكدة على ضرورة أن يكون هذا النجاح «حافزًا قويًا من أجل العمل وبقوة لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام.»
وقال عضو المكتب السياســي للجبهة الديمقراطية، طلال أبو ظريفة «إن فشل مشــروع القرار الأمريكي صفعة للإدارة الأمريكية تضــاف للصفعة في فشــلها بتمريــر التصويت على مشروع القرار بالأغلبية البســيطة، وانتصار لشرعية المقاومة .»