Al-Quds Al-Arabi

خليط استراتيجي

إسرائيل مطالبة بالإعلان عن مفهوم حربي جديد ضد لبنان

- إسرائيل اليوم 2018/12/7 غيرشون هكوهن

■ إن مســؤولية حكومة لبنان عن الأعمــال الهجومية ضد دولة إســرائيل والتي تتم في أراضيها، هي مســألة مركزية ومحتمة. فقد برزت المســألة في صيــف 2006 لتكون في مركــز الخلاف بين رئيس الأركان دان حلوتس ورئيس وزراء إســرائيل ايهود أولمرت في إدارة حرب لبنان الثانية.

في اعتبار دولة لبنان كمسؤولة عن الأعمال الهجومية لحزب الله، والتي تتم من أراضيها، طالب رئيس الأركان حلوتس بمهاجمة البنى التحتيــة الوطنية لدولة لبنان. أما رئيس الــوزراء أولمرت فمنع هذا الهجــوم، وذلك ضمن أمور أخرى نتيجة للضغط الذي مارســه عليه قادة دول الاتحاد الأوروبي. لقد عبــر انتهاء هذه الحرب بقرار الأمم المتحدة 1701 عن توقع لإعادة ســيادة حكومــة لبنان على ما يجري على الحدود الإســرائي­لية. ولهذا الغرض، فقــد فُرضت في قرار الأمم المتحدة قيود على نشــاط حزب الله في جنوب لبنان، ودعي الجيش اللبناني لأن ينتشر في المنطقة من جديد.

ولم يتحقق هذا التوقع إلا ظاهراً، فما نشأ منذ نهاية الحرب لا يبين فقط أن حزب اللــه تعاظم من كل النواحي وفي كل الأراضي اللبنانية بل إن الجيش اللبناني أصبح بقدر كبير شــريكاً في مساعي التنظيم والتعاظم لحزب الله.

ومن داخل قيود قــرار الأمم المتحدة 1701، تطورت أنماط التعاون بين الجيش اللبناني وحزب الله. فالشرعية السياسية لجيش لبنان منحته فضائل تســمح بتمثيل رســمي وعلني في الســاحة الدولية للمصالح اللبنانية، مثلما يتم في اللقاءات الشــهرية التي تجرى بين ضباط الجيش اللبناني وضباط الجيش الإسرائيلي، بتوجيه وإدارة قيادة القوة الدولية للأمم المتحدة.

من هو مسؤول عن تمثيل الخلاف على مسار خط الحدود اللبنانية بين إســرائيل ولبنان ـ رغم قرار الأمم المتحدة في الموضوع من خلال قرار 425، الذي اتخذ قبل انســحاب الجيش الإســرائي­لي من لبنان ـ هو الجيش اللبناني، وهو الذي يهدد إســرائيل بالمســاعي لمنع إقامة الجدار الجديد على الحدود اللبنانية.

بين دولة لبنان الرســمية وحزب الله نشــأ واقع جديد يعبر عن خليط نافع وتقسيم اســتراتيج­ي للعمل. جنود الجيش اللبناني في التمثيل السياسي هم المســؤولو­ن عن الفحص الأمني والحراسة في بوابات حي الضاحية في بيروت حيث تقع قيادة حزب الله.

أما مقاتلو حزب الله من الجهــة الأخرى، فهم الذين قادوا الجهود القتاليــة في ســوريا في مســاعدة حكم الأســد كتمثيــل للمصلحة اللبنانية. درجة عالية من التعاون العملياتي بين حزب الله والجيش اللبناني وجدت تعبيرها في قتال مشترك كتفاً بكتف ضد قوات داعش في جبال قلمون على الحدود السورية ـ اللبنانية.

في هذه الظــروف لا يمكن اســتبعاد إمكانية أن من شــأن قوات الجيش اللبناني فــي حرب بين الجيش الإســرائي­لي وحزب الله أن تتخذ دوراً نشــطاً في مســاعدة حزب الله في الجهــود لصد هجوم الجيش الإســرائي­لي في عمق لبنان. في هذه الأثناء، في الســنوات الأخيــرة، يحظى جيش لبنــان بدعم أمريكي بالســام وبالتوجيه المهني.

دولة لبنان، كمخلــوق مميز، تلخص بذلك الفضائــل الكامنة في قدرتها على الســلوك الذكي وشــق الطريق بين قطبــن متعارضين: بين الصلة بالدول الغربية، ولا ســيما فرنسا والولايات المتحدة، في تعاون عسكري واقتصادي سعياً إلى الاستقرار، وبين الصلة الوثيقة بإيران وسوريا من خلال منظمة حزب الله ـ التي تجسد ميل الصراع والتآمــر. وهنــا يكمن بقدر كبير ســر نجاح لبنان فــي الحفاظ على وجوده كجزيرة استقرار في الهزة الشرق أوسطية في العقد الأخير.

في نمط الســلوك هذا، حققت دولة لبنان حصانة من تشخيصها في الســاحة الدولية كشريك لنشــاط حزب الله. وفي ضوء التعاظم المتصاعد لقوة حزب الله، وفي انتشــاره الهجومــي والدفاعي ضد إســرائيل في كل الأراضي اللبنانية، وبحجم لم يشــهد له مثيل حتى الآن، فإن دولة إسرائيل مطالبة بالإعلان عن مفهوم حربي جديد ضد لبنان.

صحيــح ما فعله رئيــس الــوزراء نتنياهو بإعلانه المســؤولي­ة الســيادية للبنان عما يجري في أراضيها ضد إسرائيل، لكن هذا هذا لا يكفي، فعلى حكومة إســرائيل أن تقود جهداً سياسياً لإيضاح جملة المعانــي النابعة من ذلــك على لبنان في نتائج الحــرب التالية إذا ما نشبت بين إسرائيل وحزب الله.

 ??  ?? تخوف إسرائيلي من عودة عناصر حزب الله من سوريا
تخوف إسرائيلي من عودة عناصر حزب الله من سوريا

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom