Al-Quds Al-Arabi

كيف تم إلغاء وجبة الفطور في المحكمة العليا؟

- افيغدور فيلدمان هآرتس 2018/12/7

■ قد يكون لدي شــعور بــأن المحكمــة العليا تعمل مؤخراً أكثر من المعتاد، وأن شخصاً ما علق لافتة على لوحــة الإعلانات في الطابــق الثالث، طابــق القضاة، قــرب المصعد، كتب عليها: «كل الإجــازات ألغيت، وأن رفع الكؤوس قبل عيد الأنوار لن يحصل. عفواً، سعادة القاضي جورج قــره العزيز، أنت تعرف أننا نحترمك، ولكن هذه الســنة سنضطر إلى التنازل عن شجرة عيد الميلاد». وإلى جانب ذلك ظهرت صورة حزينة لشجرة عيد الميلاد وبابا نويل وهو مكبل.

لــم يتم إعطــاء أي تفســير صريــح لهــذه الخطوة، لأنــه منــذ زمــن ألغيت وجبــة الصبــاح المشــتركة في الغرفــة الدائريــة، التــي تطــل نافذتهــا علــى محطــة الريــاح لمونتفيــو­ري، «رمزي»، كانت لدغة من تســفي غبيــزون، وكان القاضــي اهــارون براك يــأكل فطيرة البيــض والخيــار، والقاضــي اســحق انغلــر اقتــرح عليــه البندورة مع الملــح وقال بصوت مميــز: «خذ، يا اهارون، هــذا صحي». وكان بذلك يتم حســم قرارات المحكمــة العليــا. «نحن بحاجــة الآن أكثر إلــى قرارات بشــأن حقــوق المثليين»، هــذا ما كانــت داليــا دورنر تقولــه. «هناك محكمة دينية أعلنت أن زواج الشــاذين جنســياً والتائبــن يحتاج إلى اذن خــاص منها»، قال تســفي طل. «ممتاز، ممتاز»، قال مشيل حشين. «لدي بعض الــردود من الحاخام يوتم مركوزا حول أســئلة البراءة»، الذي يتناول هذه المسألة.

الآن لم تعــد هناك وجبة فطور مشــتركة، وأيضاً لا توجــد محبة كبيرة بــن القضاة. فمنذ فترة لم أســمع قاضياً ينادي قاضياً آخر مــن فوق المنصة بأخ، مثلما كان غبرئيــل باخ ينــادي ابراهام حليمــة، ولكن أيضاً دون أن يأكلــوا معــاً بوظــة «دكتــور لاك»، التــي كان القاضــي قره يحضرها معه من يافا، جميعهم يعرفون أن المحكمة العليا تحاول وضع نفسها كمصنع مجتهد ومربح للأحكام، مثل كشــك في شــارع أبــو العافية، الــذي صبح مســاء يخــرج منه صــوت المطرقــة التي تضرب الصفيح ولا يخطر ببال أحد أن يغلقه. «الكشك ليس كشكنا الصفيحي العزيز»، سيقول المسؤول عن المشــروع الصغير في الجلســة التي خصصت لتقرير تقليــص كبير فــي ميزانية كل المشــاريع التي تشــغل أقــل مــن 50 عامــاً. لذلــك، تطــرق المطرقة فــي الليل وفــي النهار، الجيران يشــتكون ولكن الرئيســة تقول «مــإذا تريــدون؟ هنــاك طلبــات مســتعجلة». وهناك حكم يتدحرج مــن ماكينة الطرق ويســقط يومياً فوق الصفيــح، الذي يســتخدم كمؤثر صوتي فــي الإذاعة مثل الرياح والأمطار والبرَد.

ولكن اســمحوا لي بأن أقول إن هذا النشاط والجد جاء على حســاب النوعيــة، الصفيح الــذي يخرج من الماكينــة فقد خاصية المرونة المدهشــة التــي كانت له، القــدرة علــى المرونة كي تكيف نفســها مع كل ســطح متخيــل تحتــاج إلــى تغطيــة. الأفاريز وحفــر الرماية والوحــوش القوطيــة والياهو النبي، كل ذلك ناســب الصفيــح المطــروق وانثنى وتمــدد. الآن الأمــر لم يعد هكذا. الصفيح يعاني من مشــكلات داخلية وهناك من يقولــون تصلب. وإلــى عالم مفاهيم الأحكام تســللت مفاهيم مثل البقع الصدئة على الصفيح المغلف.

في الأســبوع الماضــي صــدرت أحكام عــدة كانت متروكة في المخزن منذ بضع ســنوات، وكأن الرئيسة قالــت: احضروا لي طلبات قديمــة، احضروا الصفيح الذي وضعناه في مخزن يوســكا، النجار المجاور، كي نتخلص منه.

مثــاً، الالتماس الذي قدمــه المحامي ايتي ماك على قرار حسب قانون حرية المعلومات. طلب قديم يجلس في المخزن منذ بضع ســنوات. القاضية اللوائية قررت عدم إعطاء معلومات حول تزويد السلاح من إسرائيل لروانــدا فــي فتــرة إبــادة الشــعب الــذي نفــذ بأبناء التوتسي. ماك قال إن هناك «اهتماماً عاماً كبيراً». في المحكمــة العليا طرقــوا على الصفيــح بالمطرقة وقرروا أنه لا يجب كشــف أي شــيء لأن هناك «مصلحة عامة معينــة ». «احضــروا واحــداً آخــر »، قالــت الرئيســة، وجروا لــوح صفيح آخــر ـ اســتئناف جمعية حقوق المواطــن ضــد أمر منذ ســنتين يمنع الفلســطين­يين في الخليل من استخدام درج قرطبة الذي يؤدي من شارع الشهداء إلى مدرسة قرطبة وحي الرميدة. الأمر فعلياً يمنع ســكان الخليل المســنين والأطفــال والمعاقين من الخروج من بيوتهم ويرســل الآخرين إلى طرق ملتوية بديلة تزيد مسافة الطريق بساعة على الأقل. «من لديه الوقت للتقدم إلى الماكينة؟» ســألت الرئيسة. القاضي اســحق عميت تقدم، وهو دائماً مجتهــد ولديه الوقت وضغــط على دواســة الطــرق بقــوة وطــرق. المطرقة ســقطت وضربت. «صحيح أن الضــرر للملتمس ليس قليــاً»، لكــن لم يتم عــرض «بديــل مناســب لتحقيق الهدف الأمني» أمام القضاة.

ماذا يســبق مــاذا، «ليس صغيــراً» علــى «مصلحة جمهــور معين»؟ القاضي شــمعون اغرانات الذي أقام كشــك الصفيح، والــذي دققت بكلماتــك مثل الصائغ الــذي يعد الذرات ويــزن كل ذرة بميــزان دقيق، عليك وضع حد لهذا التخلي اللفظي. لا يمكن للطرق بالمطرقة أن يخفي البضاعة التالفة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom