Al-Quds Al-Arabi

إنهم يحِّذرون فرنسا... ويحبون «محمد ناصر!»

- ٭ صحافي من مصر

اندلعت المظاهــرا­ت في باريس، فارتعدت فرائس الأذرع الإعلامية للسيســي وشركاه في القاهرة!

أما شركاه، فلا يمكن أن تعتبر أن عمرو أديب سيساوياً خالصاً، وهو الذي يدار من قبل أولي الأمر في المملكة الســعودية، وبواســطة مندوبهم السامي في مصر «طال عمره .»

ومعروف أنه بدأ التقديم التلفزيوني في القنوات السعودية، ثم عاد اليها، بعد تجربتــه في «الحياة»، ثم «أون» قبل أن تؤول ملكيتها للسيســي ذاته، الذي بدد شملهم، فغادر إبراهيم عيســى إلى «الحرة»، وعمرو أديب إلى «أم بي سي»، بعد جلســة التعاقد مع تركي آل الشــيخ، الذي بدا فيها الأخير بتصرفاته، كما لو كان «تاجر مواشــي»، خبط بيده على المذكور الخبطة الأولى، وهو يبشره بأنه صار أغلى إعلامي في الوطن قبل أن يردف: «اللي بعده!»

ولا يمكن القول إن ولاء أحمد موســى كاملاً للسيســي، لأنه موجود في موقعه كمذيع من قبل الانقــاب، وهو من مجموعة من الإعلاميــ­ن يتصرفون على أنهم أصحــاب فضل عليه، لأنهم حملــوا أرواحهم على أيديهم وهــم يواجهون الحكم الإخوانــي، حتى تمكنوا من أن يأتوا به رئيســاً للبلاد، وهو لديه حساســية من أصحــاب الفضل، وقد تخلص من كثيرين وبقي كثيرون، فتخلص من وزير العدل أحمد الزند، ووزيــر الداخلية محمد إبراهيم، وفي مجــال الإعلام بدأ بالتخلص من قناة «الفراعين»، وصاحبها «توفيق عكاشــة »، والذي أعيد للشاشــة مكسوراً وباهتاً، ويذكرنا بابراهيم عيسى، عندما قرر الاستحواذ على شعبية عكاشة، في واحدة من عمليات وقفه عن العمل، فعكاشــة الآن يقلد عكاشة المتوفي، وقد فشل في ذلك!

لميس الحديــدي أيضاً لزمت دارهــا، وهي واحدة من زعمــاء 30 يونيو، التي أنتجت الانقلاب العســكري في 3 يوليو، كما غادر يوســف الحســيني إلى داره، ودينا عبد الرحمن، وباســم يوسف، وريم ماجد، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، فالعســكري عندما يحكم يكون كـ «الفريك لا يحب شريكا»، بحسب المثل المصري، الذي أوردناه بتصرف!

و»الفريــك» للأعاجم، هو حبات القمح قبل أن تنضــج، ويجري جمعها مبكراً، وتنشيفها لكي تستخدم في حشــو الطيور، والحمام بالذات، ولا تقبل أن يضاف إليها ما يفسد نكهتها مثل الأرز وخلافه، وندرك أنه ليس كل الشعوب تأكل الحمام، الذي تصطحبه «العروس» في المجتمعات التقليدية معها في «ليلة الدخلة» ليطلق عليه عندئد «الونســة»، من الاســتئنا­س، وهذا ليس موضوعنا، «فمن يأكل على ضرسه ينفع نفسه !»

لا يمكنني حصر مقدمي البرامج الذين أحالهم السيسي للتقاعد، وعدد القنوات التي أغلقها، لكني اكتشــفت في أحداث فرنسا، أنه لا يزال يحتفظ بعدد لا بأس به مــن القنوات ومقدمي البرامج، ورغم هذا فإن لميــس جابر، أذرفت الدمع الهتون، وهي تنظر في نصف الكوب الفارغ، وتستنكر )بأدب طبعا( وقف البرامج، واغلاق القنوات، وتســريح المذيعين، على أساس أن هذا يصب في خدمة قنوات المعارضة في الخارج مثل «مكملين» و»الشــرق»، لا أعرف لماذا لا يذكرون «وطن»،؟ وقنوات الخارج ثلاثا، بعد إغلاق قناة «الثورة»، أو «رابعة»!؟

فواحــد من أبناء الحــال قدم خدمة للانســاني­ة، بأن جمــع تعليقات الأذرع الإعلامية للسيســي في فيديو واحد، فإذا بنا نقف على أن هناك من لا يزالون في مواقعهم لم يســرحوا ولم تغلق قنواتهم، فلا يزال عمرو أديب، وأحمد موســى، وخالد أبو بكــر، وعمرو أديــب، ومحمد الغيطــي، وهؤلاء احتشــدوا لينددوا بمظاهرات فرنسا!

على قيد الحياة

وكانــت فرصة طيبة مكنت المــرء من أن يطمئن على ســامة «أبو بكر» وأنه لا يــزال على قيد الحيــاة، ولا أنكر أنني عندما رأيت فيديو مــن حلقة له، أعلن فيها % عــن دخول الإمارات على خط قناة الســويس، واســتحوذت علــى 49 منها، اعتقدت أنها لحلقة قديمة، وخشــيت أن تكون «الجزيرة» قد أخطأت عندما أعادت نشــر هذا الخبر منســوباً له، فلا ذكر للمذكور، على نحو يؤكد أنه ذهب إلى أهله يتمطــى كما الكثيرين من الأذرع الإعلامية لعبد الفتــاح! يا إلهي، لقد تذكرت الآن أن قناة «العاصمة» قد أغلقت، وتم تســريح عزمي مجاهــد، وتامر عبد المنعم، أما الأول فقد غادر إلى بيته غير مستأنس لحديث، وأما الثاني فقد هرب إلى الإمارات بعد صدور حكم بســجنه في إحدى القضايا، وكان آخر أعماله من الدنيا أنه شن هجوماً حاداً على إدارة القناة ممثلة في شخص يدعى «ياسر سليم» ومن يتصرف فيها على أن الاعلاميين مجرد حاشــية في بلاطه، وأدهشني هذا، بحجم دهشتي من هجوم الفنانة غادة عبد الرازق على شــركة إعلاميين المصريين، بعد تهديدها وغيرها بالمنع من العمل والجلوس في البيت! مصدر الدهشــة، أن كلاً من «تامر» و«غادة» دخلا حارة ســد، فالشركة مملوكة للأجهزة الأمنية، و»ياسر» نُشر عنه، أنه ضابــط مخابرات في الأصل، ولم تنف أي جهة ذلــك، وفي جميع الأحوال هو مندوب لهذه الأجهزة، التي تســيطر على الإعلام بأمثال هذه الشركة وأمثال هذا الشخص، نيابة عن المالك الأصلى لوسائل الاعلام، عبد الفتاح السيسي!

وعد تامر عبد المنعم، ببث مباشر جديد على صفحته، لكنه قبل أن يفي بوعده، كان فــي أبو ظبي. أما غادة عبد الرازق، فقد حذفت المنشــور، بعد أن عرفت قيمة من كتبت تستعدي «جمهورها» ضده، ومعلوم أن الشركة المخابراتي­ة المتحكمة مع غيرها في المشهد الإعلامي، احتكرت مجال الدراما، لتهبط بعدد مسلسلات رمضان ومن )52( مسلسلاًت في شهر رمضان سنة 2017، لم يجد منها )22( مسلسلاً نوافذ للعرض فتم تأجيلها إلى ما بعد الشــهر الفضيل، فإن الانتاج في رمضان المقبل هو (8( مسلسلات فقط «أول عن آخر».

اللافت أن الغيطي بعد أن أبلى بلاء حســناً في مظاهرات فرنســا، غادر القناة وهو يهتف «لا تطفئوا النور»، والقناة نفســها أغلقت مــن بابها بقرار من المجلس الأعلى للإعلام، قال إنه سيعيد النظر في إعادة فتحها بعد توفيق أوضاعها، ومن الواضح أن قرار الإغلاق إلى الأبد! ومع هذا فإذا كانت «الفرقة» قد نقصت واحداً، فقد استمر عمرو أديب، وأحمد موسى، وهو ما أكده الموقف من مظاهرات باريس، التــي أقلقت أهل الحكم في القاهرة، خوفاً من أن تنتقــل إليهم بالعدوى، فالثورة المصرية انتقلت من تونس، بعد أن تأكد المصريون أن المظاهرات الســلمية وحدها تستطيع أن تســقط الرئيس، فاستلهمت الثورة المصرية درس الثورة التونسية، كما استلهمت هتافها الأثير: «الشعب يريد اسقاط النظام»، ويوم السبت 28 يناير/ كانون الثانــي 2011، كتبت في هذه الزاوية تحت عنوان: «عندما هتف المصريون الشــعب يريد إســقاط النظام»، أن المتظاهرين في 25 يناير/كانون الثاني رددوا هذا الهتاف، رغم ركاكته في الوهلة الأولى، في حين أن المظاهرات المصرية أبدعت عشرات الشــعارات المنضبطة نصاً ورحاً طيلة السنوات الأخيرة، لكن الثورة في يومها الأول لم تلتفت لها لحساب شعار الثورة التونسية!

شيطنة المظاهرات

لقد احتشــد القوم للتحذير من أن يحذوا المصريون حذو الفرنســيي­ن، الذين أدخلوا بلادهم في الفوضى، لسبب بسيط وهو ارتفاع أسعار الوقود، وقام عمرو أديب بشيطنة المتظاهرين، فالمصريون لن يكونوا مثلهم، لأنهم أكثر رقياً، وتساءل عن سر ســكوت المنظمات الحقوقية على التدخل الخشن من قبل الشرطة، ليبرر عنف قوات الأمن المصرية، لكن فاته أن الأمن الفرنسي لم يضرب بالرصاص الحي في سويداء القلب، ولم يقم باحراق الجثث!

ووصف خالد أبو بكر ما جرى بأنه تخريب، وقلل من الأســباب التي أدت اليه. فماذا جرى لكل هذا؟ زيادة أسعار الوقود؟ يوشك أن يقول: لقد فعلناها في مصر! أما موسى فقد صرخ صرخته الشهيرة وهو يقول إن مصر ليست فرنسا! وكان لا بــد من وجود من يقــول إن الإخــوان وراء هذه المظاهــرا­ت ليكتمل السيناريو، وهو ما أكد عليه «الغيطي» قبل أن يغادر وتغلق القناة!

لقد تحســس القــوم «بطحتهم» في القاهــرة، ومن ثم انطلقــوا يحذرون من المظاهرات التي تقود للخــراب، ولأنهم أصحاب دروس فقــد حذروا ماكرون من الانصياع لمطالب المتظاهرين، لكنهم هزموا تمامــًا، عندما تم الإعلان عن التراجع في قرار رفع ســعر الوقــود! والغريب، أن لميس جابر لــم تنتبه إلى وجود هؤلاء وهي تكتب مرثية للقنوات التي أغلقت، والبرامــج التي توقفت، والمذيعين الذين تم الاســتغنا­ء عن خدماتهم، ربما لم تعد الآن تخرج من استوديو إلى استوديو، وقد أخذت تعيد وتزيد في أن المشــاهدي­ن ذهبوا إلى قناتي «الشرق» و»مكملين»، ليشــاهدوا معتز مطر، ومحمد ناصر، وكيف أن كثيرين بــدوا معجبين بهما، وأن هناك من قال لها إنه يحب محمد ناصر، وعليه «نصبت مناحة»!

ولدى لميس وكل لميس مشكلة في التوصيف، فقد ذهبت السكرة وحلت الفكرة، وإذ ذهب المشــاهدو­ن إلى «الشــرق» و»مكملــن»، فقد ذهبوا مــع وجود توفيق عكاشــة، عمرو أديب، وأحمد موســى، والغيطــي، والذي غادر قبــل أيام قليلة، وإبراهيم عيسى في الحرة وإسلام بحيري انتقل من ضيف إلى مذيع، فأي معتوه هذا الذي يشاهد ما قيل في المظاهرات الفرنسية ثم يستمر في مشاهدتهم!

وفي الحقيقــة، أن هذا الانصراف إلى قنوات اســطنبول ومــن الفريق المؤيد للسيسي كان في وجود كامل «فرقة حسب الله».

المشــكلة في الاســتبدا­د يا لميس، «عاشت الأســامي» فقد تذكرنا الغالية لميس الحديدي!

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom