Al-Quds Al-Arabi

«ميركل الصغيرة» تخلف الكبيرة وتفوز برئاسة «المسيحي الديمقراطي»

بعد معركة حامية ضد مليونير ووزير يريد دفع الحزب نحو اليمين

- برلين ـ «القدس العربي» من علاء جمعة:

في ما يشــكل نهاية حقبة اســتمرت لسنوات طويلة في ألمانيا. انتخب حزب الاتحاد المســيحي الديمقراطي الألماني المحافظ أمس الجمعة أنغريت كرامــب كارنبــاور ما يشــكل تطورا كبيــرا على مستوى مســتقبل المستشــار­ة والبلاد بأسرها. وتعتبر هذه الانتخابات داخل الحزب المســيحي الديمقراطـ­ـي هي الأولى من نوعهــا منذ ما يقارب الخمســن عاما، حيث لم يشهد الحزب انتخابات متعددة المرشحين منذ عام 1971.

وفازت كارينبــاو­ر )56 عامــا( بأكثر من 51 ٪ من الأصوات في الجولــة الثانية من الانتخابات في مؤتمر الحزب فــي مواجهة فريدريش ميرتس خصــم ميركل الــذي أراد تغيير سياســة الحزب باتجاه اكثــر نحو اليمين. ووزيــر الصحة ينس شــبان وهو مثلي الجنس. ومــن أصل 999 صوتا تم الإدلاء بها في مؤتمــر الحزب في هامبورغ، أيد 517 منهم كرامب كارنبــاور، بينما حصل محامي الشــركات المليونير فريدريش ميرتس، الرئيس الأســبق للكتلــة البرلمانية للحــزب، والذي كان يحاول العودة لمعترك السياســة، بعد أن همشته ميركل قرابة عقد من الزمان، على 482 صوتا فقط. ووصفت صحيفة «بيلد» الألمانية المرشحة كرامب ـ كارينبــاو­ر بـ«ميركل الصغيرة» وأحياناً أخرى بـ «توأمة ميركل .»

وكانت المستشــار­ة الألمانية أعلنت في تشرين أول/أكتوبر الماضــي عزمها التخلي عن رئاســة الحــزب الديمقراطي المســيحي، مــع احتفاظها بمنصب المستشــار­ية. وأعلنت ميــركل في وقت سابق أنها لن تترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة ولن تنافس على منصب المستشارية مجددا عقب انتهاء الفترة التشــريعي­ة الحاليــة في2021 فيما قام حوالي 2000 صحافي مــن كافة أنحاء العالم بتغطية هذه الانتخابات.

وقالــت خــال المؤتمر العــام للحــزب الذي ســينتخب قيادة جديدة خلفا لها: «أدرك الحزب المســيحي الديمقراطـ­ـي والحــزب المســيحي الاجتماعــ­ي البافــاري، بمرارة خلال الســنوات الأخيرة إلى أين يقودنا خــاف لا ينتهي». تجدر الإشــارة إلى أن الحــزب المســيحي الديمقراطي والحــزب البافــاري يشــكلان ما يعرف باســم )التحالف المسيحي(.

وأضافــت أن وحدة المســيحيي­ن الديمقراطي­ين تقود في المقابل إلى وجهة واضحة، وهي تنصيب الحزب المســيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري للمستشار الألماني على مدار 50 عاما من إجمالي 70 عامــا في تاريخ جمهورية ألمانيــا الاتحادية. وكانت ميــركل )64 عاما( التي كان يلقبهــا الألمان بــود عند فوزهــا بـ«موتي» )الام(، اضطــرت في تشــرين الأول/أكتوبر بعد انتخابات في اثنتين مــن المناطق جاءت نتائجها مخيبــة للآمال، للإعــان عن تخليهــا عن قيادة الحزب. إلا أن المستشــار­ة التي تقود منذ 13 عاما أكبر اقتصاد أوروبي، حريصة على إكمال ولايتها هذه حتى نهايتها، أي حتى 2021. وقالت الخميس «يسعدني أن أواصل العمل كمستشارة»، وهذا ما سيحدده خيار المندوبين لرئيس جديد للحزب.

ويبقــى فتح أبواب ألمانيا أمــام أكثر من مليون لاجــئ القــرار الأبــرز في المســيرة السياســية للمستشــار­ة أنغيلا ميركل، لكنه قــد يكون أيضا وراء تســريع رحيلها عــن الســلطة. واعتبرت صحيفة «دي تســايت» أن هذا هو «قرار حياتها.» فيما كتبــت مجلة «دير شــبيغل» أنــه «كان من الخطــأ تحول الاتحاد الديمقراطي المســيحي إلى اليسار مما سمح للبديل لألمانيا بتسلم زمام اليمين كاملا. وكان من الخطأ السماح بغياب مراقبة على الحدود لأشهر». وأضافت أن «الاتحاد الديمقراطي المســيحي يجب أن يعترف بذلــك وإن كان الأمر سيكون أشبه بقتل الأم.»

ويرى كثيــرون أن عجز الاتحــاد الاجتماعي المســيحي عــن التنصل مــن برنامج المستشــار السابق غيرهارد شرودر «أجندة 2010» هو سبب تراجعه. وهذا الإصلاح الكبير لسوق العمل مطلع العام 2000، أدى إلى خفض البطالة بشكل واضح لكن مقابل إضعاف وضع الموظفين، مما تسبب في خسارة الحزب لناخبيه.

وقد اغتنم اليمــن المتطرف، الذي كان يحتضر مطلــع عــام 2015، مخاوف بعض الألمــان ولعب ورقة التنديد بميركل. في عام 2017، دخل الحزب «البديل لألمانيا» الى البرلمان الفدرالي مع 92 نائباً متعهدا «مطاردة» المستشارة.

وكان فريدريــش ميرتس، من أكثر المرشــحين إثارة للجدل. في الســباق من أجل الفوز برئاسة حيث خرج ميرتس في منتصف تشــرين الثاني/ نوفمبر بتصريحات تشــكك في الحق الفردي في اللجوء، الذي يضمنه القانون الأساسي الألماني. وقال إنه من الضروري إجراء نقاش على مستوى الرأي العام بشــأن مــا إذا كان يمكــن لهذا الحق الأساســي البقاء بهذا الشــكل، مــا إن كان هناك حاجة إلى سياسة لجوء وهجرة أوروبية

وتواجه حكومــة ميركل الرابعة التي تشــكلت بصعوبة في آذار/مارس أزمات حول قضية الهجرة يغذيها الجناح اليميني في ائتلاف ميركل.

 ??  ?? المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وإلى جوارها أنغرت كارينباور الفائزة برئاسة الحزب خلفا لها
المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وإلى جوارها أنغرت كارينباور الفائزة برئاسة الحزب خلفا لها

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom