Al-Quds Al-Arabi

سياسيون وإعلاميون مصريون ينتقدون خطاب بومبيو في القاهرة: يؤكد دفاع أمريكا عن الأنظمة المستبدة

البرادعي: لم يتحدث عن تطلعات الشعوب للحرية... والميرازي: لا مجال للمقارنة بينه وبين أوباما

- القاهرة ـ «القدس العربي»:

أثار خطــاب وزيــر الخارجية الأمريكــي، مايك بومبيو، خلال وجوده في مصر، جدلا واســعا حول سياســات واشــنطن في منطقة الشــرق الأوسط ودعمهــا للأنظمة المســتبدة وتصديهــا لتطلعات الشــعوب في الحريــة ودعمها لإســرائيل، وفتح الباب للمقارنة بينه وبين خطاب الرئيس الأمريكي الســابق باراك أوباما الذي ألقاه في جامعة القاهرة عام 2009.

وكان بومبيــو غادر مصر أمــس الجمعة، بعدما ظهــرت زوجته ســوزان بالحجاب أثنــاء زيارتها لمسجد الفتاح العليم، قبل أن يتوجها إلى الكاتدرائي­ة الجديدة في العاصمة الإدارية الجديدة.

سياسيون وإعلاميون اعتبروا أن حديث بومبيو عن ثورات الربيع العربي، واعتباره مساندة أوباما للثورات الشــعبية في ذلك الوقت خطأ فادحا أضر بالمنطقة، رســالة مفادها أن واشنطن تدعم الأنظمة المستبدة ضد أي تحركات شعبية محتملة للحصول على الحرية.

محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية المصري الســابق، حذر من زيارة وزير الخارجية الأمريكي لمصر وحديثة عن الإسلام المتطرف.

وقــال في تغريــدة له علــى صفحته الرســمية على»تويتر»: «إذا كانت الرؤية الأمريكية للشــرق الأوســط كما وردت على لســان وزير خارجيتها، تقتصر علــى مواجهة الإســام المتطــرف وإيران وضمان أمن اســرائيل والتفاخر بنقل السفارة إلى القدس دون أي اشارة إلى آمال وتطلعات الشعوب في الحرية والكرامة، فالرسالة واضحة».

واختتــم تغريدته بقوله: «علينــا أن نعتمد على أنفسنا وأنفسنا فقط».

الكاتــب الصحافــي أنــور الهــواري، علق على الخطاب وكتب على «الفيسبوك» : «المشكلة الكبيرة ليست في خطاب وزير الخارجية الأمريكي، المشكلة الحقيقية إذا قرر الحكام فــي المنطقة العربية اتخاذ سياســات طويلة المدى تأسيســاً على مــا ورد في الخطاب».

وأضــاف: «هذا خطاب نصفــه أكاذيب خاصة ما يتعلق بأن أمريــكا قوة خير وســام، وهذا الكلام الفارغ، لكنه رغم ذلك مهم مــن ناحيتين على الأقل، الأولى، تتمثل في إهالة التراب على سياســة أوباما التــي انتهــت بصعود الإخــوان إلى حكــم مصر، والثانية تؤكد على أن الدولة الوطنية حجر الزاوية في النظام العالمي .»

وزاد: «بذلك غير مســموح علي الإطلاق، بإسقاط الأنظمــة عبر الثــورات، وخلــق فراغ سياســي أو فوضى، مهما تكن الأســباب، وتســتطيع أن تقول أن هذا الخطاب هو النقيض الكامــل لخطاب أوباما في جامعة القاهرة عام 2009.»

الإعلامــي حافظ الميــرازي، علق هــو الآخر على خطاب بومبيو، وكتب على «الفيســبوك»: «من غير الإنصــاف المقارنة بين خطــاب رئيــس أمريكي في مكانة أوباما، وتمثيله شخصيا بلونه وأصل وديانة والده، لأفضل ما لدى أمريكا من تعددية صادقة، وبين وزير خارجية مثل بومبيو ينتمي لليمين التبشــيري المســيحي، غير القابل للآخــر، وكان اختيار ترامب له لمنصبه الســابق مديرا للمخابرات لتشــدده ضد التشدد الإسلامي وقبوله أساليب انتزاع الاعترافات في معتقل غوانتانامو .»

وزاد: «لا داعي لمقارنة مكان خطاب بومبيو، حتى في القاعة المتواضعة الأقل رونقا من بين باقي قاعات الجامعة الأمريكيــ­ة، في القاعــة التاريخية لجامعة القاهرة التــي ألهب فيهــا أوباما حمــاس كل ألوان الطيف السياسي المصري في يونيو/ حزيران 2009.»

وتابع : «لنهبط بالمقارنــ­ة، إلى خطاب ألقته أيضا في الجامعــة الأمريكية في القاهــرة )ولكن في المقر التاريخي فــي التحريــر وليس القاهــرة الجديدة الآن( وزيرة الخارجيــة الأمريكية كوندوليزا رايس في يونيو/ حزيران 2005 ممثلة رئيســا غير محبوب أيضا، هو جورج بوش )الابن(، لكنه ليس بســوء أو بذاءة لغة ترامب .»

خطاب رايس

ولفت إلــى أن «خطاب رايس تحدثــت فيه عن الحريات والتحــول الديمقراطـ­ـي، وقالت لرجال ونســاء هذه المنطقة المتطلعين للحرية نقف معكم، مثلما مدحت الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك على تعديل الدستور ليحول اختيار الرئيس من الاســتفتا­ء إلى الانتخابات المتعددة المرشحين، كما تحدثــت عن حق الفلســطين­يين فــي دولتهم المســتقلة ضمن حل الدولتــن، وهنأتهم على أول انتخابات فلسطينية آنذاك .»

وأوضح أن «مايك بومبيو لم يشــر ولو بالكلام الفــارغ بكلمــة حق إلــى الدولتين، بــل دافع عن اعتراف رئيســه بالقدس عاصمة لإســرائيل بنقل ســفارته اليها، دون أن يوضح لمــاذا أحجم ثلاثة رؤســاء قبله على فعلهــا، وأوضــح بومبيو أنهم أخطأوا في سياستهم مع شــعوبنا من قبل، ورأوا مســاوئ ما حدث من تغيير، وأنهم الآن مع الدولة كدولة وليس بالتعامل مع الشــعوب والتنظيمات أوالائتلاف­ات .»

واختتــم: «كل المطلــوب أن تُســعدوا بومبيو وترامب من الخليج للمحيط بعزف النشيد الوطني الإسرائيلي في ملاعبكم ومسارحكم.»

على النقيض، جاء موقف مؤيدي نظام الرئيس عبد الفتاح السيســي مشــيدا بما جاء في خطاب الوزير الأمريكي. النائب طارق الخولي، أمين ســر لجنــة العلاقات الخارجيــة في مجلــس النواب، قال إن «خطاب بومبيو فــي الجامعة الأمريكية في القاهرة، مثل رســالة تحدث فيها إلى الأمة العربية والإسلامية من قلب القاهرة.»

وأضاف في تصريحات متلفزة، أمس الجمعة، أن «خطاب وزير الخارجية الأمريكي الذي جاء بعد 10 ســنوات من خطاب الرئيس السابق باراك أوباما، يعطي رســائل مضادة بل وأطلــق الرصاص على سياســة أوباما القديمة في المنطقــة»، موضحًا أن «الخطاب كشــف عن رؤية وخارطة طريق جديدة للسياسة الأمريكية .»

وتابع: «الرســالة مفادها طمأنة وإشــارات الى أن أخطاء الماضي ســيتم تفاديها فــي التعامل مع الشــركاء من الدول في المنطقة»، لافتًا إلى «حرص بومبيو على زيارة مسجد الفتاح العليم وكاتدرائية المسيح في العاصمة الإدارية الجديدة.»

الخطوط العريضة

وكان بومبيو فــي القاهرة، على مدار يومين، في إطار جولته الشــرق أوســطية التي تستمر تسعة أيام، حيث بــدأت الثلاثاء الماضي مــن الأردن، ثم توجه إلــى العراق في زيــارة غيــر معلنة، حتى حطــت طائرته في مطار القاهــرة الدولي في وقت متأخر مســاء الأربعاء الماضي. وأعلنت الخارجية الأمريكية أن «الهــدف من زيارة بومبيو للشــرق الأوســط هو وضع الخطوط العريضة للسياسات الأمريكية حيال المنطقة، بعد التطورات التي حدثت أخيرا، كان أحدثها ســحب القــوات الأمريكية من ســوريا»، موضحة أن «المســؤول الأمريكي سوف يطرح القضايا الإقليمية الحيوية، التي بينها ملف إيران ووضع غزة ومحاربة الإرهاب والتعاون في مجالي الطاقة والاقتصاد».

وأوضح، عبــر تغريدة على حســابه في موقع «تويتر»، إن «جولته تهدف إلى بحث الاستراتيج­ية الأمريكية في المنطقة، وخطط واشنطن مع حلفائها وشركائها لزيادة الضغط على إيران».

وكان بومبيو أشــاد في خطابه الــذي ألقاه من مقر الجامعة الأمريكيــ­ة في القاهرة، بالجهود التي يبذلها السيسي لمواجهة التطرف، معربا عن شكره له لـ«شجاعته».

وبين أن بلاده «تمثل قوة تخدم الخير في الشرق الأوســط». وهاجم سياســات الرئيس الأمريكي السابق بارك أوباما، قائلا: أمريكا صديقكم القديم كانت غائبة بصورة كبيرة في تلك الفترة لأن قادتنا أخطأوا في قراءة تاريخنــا، والحظوظ التاريخية التي صادفــت تلك الانتفاضــ­ات، وتم التعبير عن سوء الفهم الأساسي في هذه المدينة في عام 2009، وأثر بصورة ســلبية على حياة مئــات الملايين من شعب مصر وفي جميع أنحاء المنطقة».

وأضاف «هنا، وفــي هذه المدينــة بعينها وقف أمريكي آخــر يخاطبكم وقال إن إرهاب الإســام المتطرف لا ينبع مــن أيديولوجية، وقال إن أهداف الحادي عشر من سبتمبر دفعت بلاده إلى التخلي عن مثلها العليا لا ســيما في الشرق الأوسط، وقال إن الولايات المتحدة والعالم الإسلامي بحاجة إلى بداية جديدة وكانــت نتائج هذه الأحكام الخاطئة وخيمة».

وتابع «بسبب إســاءة التقدير بأننا قوة تساهم في آفات الشرق الأوسط تخوفنا من تأكيد قوتنا في حين أنه في ذلك الوقت شــركاؤنا كانوا يطالبوننا بذلك، لقد أســأنا التقدير وبصورة فادحة في مدى قوة وشراســة الإســام المتطرف، وهو عبارة عن فرع محرف من الإيمان يسعى إلى قلب جميع أشكال العبادة».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom