Al-Quds Al-Arabi

أجواء تفاؤل ومفاوضات بعد «وقف إطلاق نار تجاري» بين أمريكا والصين

- لندن ـ «القدس العربي»: محمد المذحجي

ألقت الحرب التجارية التي شنتها الولايات المتحدة على الاقتصاد الصيني بظلالها الثقيلة على الأسواق المالية في جميع أنحاء العالم

توصلت الولايات المتحدة والصين خلال اجتماعات قمة مجموعة 20 في الأرجنتين تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي إلى توافق مبدئي وصف بأنه «وقف إطلاق نار تجاري» بين بكين وواشنطن، ووضع ذلك حداً للحرب التجارية التي بدأها الرئيس دونالد ترامب، ولو بشكل مؤقت، حتى مطلع شهر آذار/ مارس المقبل. وحصل تطور إيجابي آخر في هذا الملف الأسبوع الماضي حيث تم عقد أول اجتماع مشترك بين الجانبين في بكين خلال أيام 7 و8 و9 كانون الثاني/ يناير الحالي.

وفي هذا الصدد أعلنت وزارة التجارة الصينية أن الفريقين المتفاوضين لديهما العزم والإرادة القوية حتى يتحاورا بشكل «مؤثر وبنّاء» حول الاتفاق المبدئي الذي توصل إليه الرئيسان الأمريكي والصيني. ويترأس جيفري غريش نائب الممثل التجاري للولايات المتحدة الوفد المفاوض الأمريكي الذي شارك فيه ممثلون عن وزارات الخزانة والتجارة والطاقة والزراعة الأمريكية. كما هي طبيعة هذا النوع من المفاوضات ليس من المتوقع أن يصل الجانبان إلى اتفاق شامل خلال الجولة الأولى. وكانت المفاوضات ستستغرق يومين حسب الجدول المتفق عليه مسبقاً، لكن الطرفين اتفقا على يوم إضافي من المفاوضات الأربعاء الماضي.

ولم يصدر أي بيان مشترك بعد انتهاء الجولة الأولى مـن المـفـاوضـ­ات، لكن الجانبين اتفقا على مواصلة مفاوضتهما التجارية في أقرب فرصة. وحول نتائج الجولة الأولى من المفاوضات قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصيني لو كانغ «أعتقد أن المفاوضات إذا أسفرت عن نتيجة جيدة فلن تستفيد الصين وأمريكا فقط بل ستكون أيضا أنباء جيدة للعالم». وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن الفريق التجاري الأمريكي بحث موضوع إيجاد آلية تساعد على أن الصين تحرز تقدماً في إيفاء تعهداتها وتنفيذ التزاماتها. وكانت بكين قد قدمت تنازلات عدة للولايات المتحدة بعد التوصل إلى الهدنة التجارية معها، من بينها وقف الرسوم الجمركية الإضافية على السيارات الأمريكية وشراء فول الصويا الأمريكي وصياغة قانون يمنع النقل التكنولوجي القسري.

واحتجت بكين بشدة على استفزازات أمريكية من خلال انتهاك سفينة حربية أمريكية مياهها الإقليمية، وطالبت الــولايــ­ات المتحدة بخلق مناخ جيد بهدف التوصل إلى اتفاق في المحادثات التجارية. وقال لو كانغ في تصريحات للصحافيين، بعد اجتماع اليوم الأول للمفاوضات التجارية بين البلدين، إن الصين تقدمت بشكاوى صارمة بشأن انتهاك السفينة «يو إس إس مكامبل» المياه الإقليمية الصينية، وأضاف «فيما يتعلق بما إذا كان لهذه الخطوة أي تأثير على المشاورات التجارية الصينية الأمريكية الجارية، فإن حل القضايا الراهنة بين البلدين أمر جيد للبلدين والعالم». وأكد المتحدث الصيني أن «كلا الطرفين يتحملان مسؤولية خلق المناخ الضروري والملائم لهذا الهدف».

وألقت الحرب التجارية التي شنتها الولايات المتحدة على الاقتصاد الصيني بظلالها الثقيلة على الأسواق المالية في جميع أنحاء العالم، ولم يسلم منها أحد، وانخفضت التوقعات والتقديرات حول نمو الاقتصاد الأمـريـكـ­ي، فـضـاً على الاقـتـصـا­د الصيني وباقي اقتصادات العالم. وتوقع البنك الدولي أن نمو الاقتصاد العالمي سيتباطأ خلال السنتين المقبلتين. واستندت هذه التوقعات على التقديرات التي تحدثت عن أن تأثير الإعفاءات الضريبية التي أعطتها الحكومة الأمريكية لشركات البلاد سيضعف، فضلاً على أن ذلك سيضعف نمو الاقتصاد الأمريكي، حسب توقعات البنك الدولي. وجــاء في التقرير السنوي للبنك الـدولـي «سيسطر الركود على الاقتصاد العالمي خلال عامي 2019 و2020، ولن يكون مستقبل الاقتصاد جيداً، وستغطي الأفق المستقبلي الغيوم الرمادية».

وتوقع البنك الدولي أن تتراوح نسبة نمو الاقتصاد العالمي بين 2.8 إلى 2.9 في المئة خلال عام 2020. وتحدث أيضاً عن أنباء إيجابية فيما يتعلق بـ«التباطؤ الهادئ» حيث قال إن التباطؤ في الاقتصاد العالمي استمر بوتيرة منتظمة وأكثر هدوءا خلال عام 2018، كما أكد أن هذه التقديرات تتعلق بالاقتصادا­ت الثرية خاصة الولايات المتحدة بشكل كبير وليس الدول الأخرى، وأن الاقتصاد الأمريكي سينمو بنسب أكبر من نسب نمو اقتصادي حوزة اليورو واليابان، لكنه توقع أن ينخفض نمو اقتصاد الولايات المتحدة إلى 1.6 في المئة خلال عام 2021، بينما شهد اقتصاد أمريكا نمواً بنسبة 2.9 في المئة خلال عام 2018. ورفض البنك الدولي بعض التقارير خاصة من قبل بعض المحللين الأمريكيين التي تحدثت عن أن العالم سيشهد خلال عام 2020 أزمة اقتصادية جديدة مماثلة لما شهده العالم خلال عام 2008. وألقى تقرير البنك الدولي نظرة على فك ارتباط بريطانيا بالتكتل الأوروبي، وتوقع بأن بريطانيا إذا انسحبت بدون توافق مع بروكسل وبشـكــل حــاد من الاتحاد الأوروبي، سيؤثر ذلك سلباً على اقتصادي بريطانيا وحوزة اليورو بشكل مباشر وكبير، ولن تسلم أوروبـا الشرقية وأمريكا الشمالية اللتين تعتبران الشريك الرئيسي لهذين العملاقين.

وحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يقلل من تأثير التوقعات السلبية على اقتصاد بلاده خاصة في الظروف الراهنة وفي ظل صراعه مع الديموقراط­يين التي أدى إلـى أغــاق أجــزاء من مؤسسات ودوائــر الدولة الاتحادية، وحاول أن يطمئن الأسـواق العالمية من خـال تعبيره عن تفاؤله إزاء الجولة الأولــى من المفاوضات التجارية مع بكين، في حسابه على شبكة «تويتر» للتواصل الاجتماعي، قائلاً «المفاوضات مع الصين تمضي بشكل جيد». وبعد حديثه الهاتفي المطول مع الرئيس الصيني نهاية العام الماضي، أوضح ترامب «أنني اعتقد أن الصينيين جادون في التوصل إلى اتفاق» وأن الاقتصاد الصيني ليس في حالته الجيدة بسبب الضرائب التي فرضها على بكين، وأنها آذت الاقتصاد الصيني بشكل كبير، كما أرغمت الصينيين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، فضلاً على أنها جلبت مليارات الدولارات إلى الولايات المتحدة.

ومن المتوقع أن ينضم نائب رئيس الــوزراء وكبير المفاوضين الصيني، ليو خه، والممثل التجاري وكبير المفاوضين الأمريكيين، روبرت لايتزر، إلى الجولة الثانية من المفاوضات التجارية التي لم يتم الإعلان عن موعد لها حتى الآن.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom