Al-Quds Al-Arabi

سن التقاعد ... مرحلة لاكتشاف النفس والهوايات والصداقات الجديدة

للمجتمع دور كبير في تهميش المسنين أو دفعهم للعطاء والإبداع

- وجدان الربيعي

بعد العمل الشاق لسنين طويلة والعطاء المستمر في تربية الأبناء وتطوير الذات، يأتي سن التقاعد الذي يعتبر مرحلة طبيعية يمر بها أي إنسان فـي حياته لكنها قـد تكون مرحلة صعبة إذا لم نتعلم كيف نشغل الفراغ الكبير الذي قد نتعرض له عند الكبر. يــرى مختصون أن التقاعد مرحلة جديدة نستطيع أن نجعلها جميلة إذا عرفنا كيف نخطط لها بطريقة صحيحة وكيف لا نـدع الفراغ يؤثر فينا وأن نستثمر الوقت ونفكر بأشياء جديدة ربما لم يكن بوسعنا تحقيقها والقيام بها في الماضي بسبب عدم وجــود الـوقـت الكافي والانشغال بتربية الأطــفــا­ل والـعـمـل. وينصح الخبراء بأن تكون فترة سن التقاعد مرحلة لاكتشاف النفس والهوايات واكـتـشـاف العالم كـالاشـتـر­اك في مكتبة عمومية للقراءة أو الاشتراك في رحــات والسفر لمـدن جديدة أو هواية الطبخ أو قضاء وقت أكثر مع الأحفاد والأبـنـاء والأهــل والتعرف على صداقات جديدة من خلال إنشاء مجموعة للمتقاعدين يتشاركون فـي الـعـديـد مـن الـهـوايـا­ت كالمشي والموسيقى والـقـراءة بالإضافة إلى الاسـتـفـا­دة مـن كـل مسن وتجـاربـه الغنية في الحياة، وهذا من شأنه أن يجعل التقاعد مفيدا وممتعا ومسليا حتى تكون حياته أسعد له ولعائلته.

فهل هـنـاك سـن للتقاعد وكيف يمكن التعامل مع التقاعد في حياتنا اليومية؟ كيف نستعد لهذه المرحلة الجديدة والمختلفة؟ كيف يمكن التكيف مــع الأمــــرا­ض المـصـاحـب­ـة وتأخير وقوعها أو الوقاية منها؟ هل تؤثر على الصحة النفسية؟ ولماذا يخاف منها الناس؟

دكتور أسامة أبو حمر استشاري الـطـب النفسي والأعــصــ­اب وعـاج الإدمـــــ­ان وعــضــو الـكـلـيـة الملكية البريطانية للأطباء النفسيين تحدث لـ «القدس العربي» قائلا: هذه السن تعرف على أنها لا يمكن للإنسان خلالها أن يجابه متطلبات الوظيفة ومتطلبات الحياة، سن التقاعد ممكن أن تبدأ مبكرا بين سن 40 إلى 45 سنة لكنها تكون أصعب بعد سن 65 وتكمن المشكلة هنا بعدم قدرة الإنسان على التجاوب مع المحيط خاصة فيما يتعلق بضغوطات في العمل أو يبدأ بالشعور بـــأن الحــيــاة روتـيـنـيـ­ة ولا يستطع مواجهة كل ذلك فيبدأ بالتفكير هنا بسن المعاش أو التقاعد ويتخذ قراره.

ويضيف أن فـي مرحلة 60 إلى 65 سنة يشعر الإنسان بأنه لم يعد يستطيع أن يعطي ويعمل كما كان في سن مبكرة وذلك له أسبابه حيث يبدأ الإنسان بفقد قدرات معينة مع الوقت ولا يستطيع تحمل الوظيفة التي يعمل بها خصوصا لو كان يعمل طيلة حياته في البحث والتفكير فيفقد التركيز وتـقـل المـــهـــ­ارات وتـصـعـب مواكبة العصر، وهنا تحـدث لـدى المتقاعد تغيرات فيسيولوجية وصحية مثل عدم التحمل، الترهلات، قلة التركيز، تأثر السمع والبصر.

وعن القدرة على العطاء في سن التقاعد وكيفية الاستفادة من خبرات المتقاعدين يقول د. أبو حمر: هناك فئتان بعد سـن الستين فئة المسن النشط الـذي يستطيع أن يصل إلى عمر منتصف السبعين وهو يتحرك ويقوم بواجباته ويقود السيارة، أو المرأة المسنة ممكن أن تحضر الطعام وتنتبه لأحفادها من غير أي مساعدة وتمارس الرياضة في النادي وأمور أخـرى. أما الفئة الثانية فهي المسن الكهل )سـن الكهولة( الــذي يحتاج إلى مساعدة أثناء المشي ويبدأ في الجـلـوس على كـرسـي للصلاة ولا يستطيع المشي لمسافات طويلة إلا بمساعدة من الأحفاد أو الأبناء أو من المساعدين التي توفرهم الدولة لرعاية المسنين.

وأشار أبو حمر إلى أن الفترة من 65 وما بعدها تحدث فيها تغيرات كبيرة في حياة المسن مرحلة الانسحاب من المجتمع، والأولاد يكبرون ويعتمدون عــلــى أنـفـسـهـم بــــدون مـسـاعـدتـ­ه والأصـدقـا­ء قد غيبهم المــوت، وبعد المسافات، والأبناء الذين كان يعتمد عليهم قد انشغلوا بحياتهم وابتعدوا وتـزوجـوا أو سـافـروا ولـم يعودوا قـادريـن على أن يهتموا بأمهاتهم وآبائهم المسنين لفترات طويلة نتيجة انشغالهم بأمور الحياة.

وعـن تأثير الفقدان على التوازن النفسي للمسن يقول أبو حمر: يحدث فقدان للتوازن الداخلي عند المسن ويـصـاب بـــالأرق والـتـوتـر والكآبة وقد يصاب بداء الخرف )الزهايمر( وتكثر هــذه الأعـــراض لـو كــان عند المــســن اســتــعــ­داد وراثــــي. فـهـؤلاء يتعرضون لسرعة اندفاع في أمور كثيرة مثل البكاء الشديد الهستيري والفرح الزائد عن الحد، ويحدث عدم تــوازن داخلي يجعلها المسن يبقى متماشيا مع الأمــور التي تجـري من حوله لو وجد أحد يعنف أو يضرب في التلفزيون يبقى مرعوبا داخليا، ممكن يكرر الكلام وممكن يعجز عن اختيار الكلمة المناسبة أثناء الحديث مع الآخرين.

ينصح استشاري الطب النفسي قائلا: نحن مختلفون في استعدادنا لـأمـراض ومختلفون فـي الـعـادات والتقاليد، فالنصيحة هي أن نستعد لهذه المرحلة ويجب أن نبحث عن الأمـــراض المـوجـودة داخــل الأســرة، مضيفا أن العمل المستمر مع النشاط والــوقــا­يــة تـبـدأ مــن عـمـر الأربـعـن والخمسين وتقينا إلى حد كبير من التعرض للأمراض التي تتعلق بكبر السن في وقت متأخر حتى لو كان عندنا استعداد داخلي وجيني لهذه الأمــــرا­ض، بـالإضـافـ­ة إلــى ضــرورة الاهتمام بـجـودة الحـيـاة والـتـوازن الذي يساعد على ملء الفراغ الداخلي لــإنــســ­ان مـــع الخارجي أيضا. الاهــتــم­ــام بالمظهر

ومـــن خـــال عـمـلـه مــع المسنين يــرى د. أبــو حمر أن المـسـن يشعر بالتهميش والـكـآبـة واضـطـرابـ­ات في التفكير والادراك والحـس ويبدأ يشكك بالآخرين بسبب انفصاله عن العالم وبسبب الوحدة. للمجتمع دور كبير في أن يهمش أو يشجع المسنين على العطاء والإبداع والاستفادة من خبراتهم الطويلة، ودمجهم في العمل التطوعي والإنساني.

واعتبر أن المــرأة في مجتمعاتنا العربية لها وضعها الخاص والمقدس فهي مـحـروسـة بــــالأول­اد والأخـــوة والـزوج والأحفاد فعندما تصل سن الكبر وتعجز عـن القيام بأمورها اليومية تجد الكثير من الناس تحاول مساعدتها لأن المجتمع يوصي بالمرأة.

أما الدكتور أحمد عايش يونس، أستاذ العظام والتأهيل والأعصاب

 ??  ?? في جامعة لندن فتحدث لـ «القدس العربي» عن ضرورة الاهتمام بالحركة والمشي وممارسة التمارين البسيطة للمسن ليقي نفسه مــن الأمـــراض ويعيش حياته لفترة أطـول وبـدون مساعدة من أحد.
ويضيف قائلا: يجب على المسن بداية الاهتمام بعلاج أي التهابات حتى لا يتعرض إلى انتكاسات بسببها وأن يعيش عيشة متوازنة كالاندماج في فعاليات المجتمع، التواصل مع الأولاد والأحـفـاد. لابد أيضا من أن يـقـومـوا بـزيـارتـه بشكل متواصل والأهم عدم توجيه اللوم له أو إشعاره بالعجز أو أنه غير قادر على القيام بأي شيء فهذا يؤلمه. حركة الإنسان تقل وتركيزه يقل لذا يجب أن يهيأ له جو معين حتى يمكن الاستفادة من خبرته لأطول فترة معينة.
ويرى د. يونس أن كبر سن الإنسان لا يعني أن يصبح خارج مجال الخدمة، مشيرا إلـى أن من ضمن إيجابيات الشيخوخة أو سن التقاعد هو أن كل إنسان وصل لهذه المرحلة من السن فقد وصل إلى درجة عالية من الخبرة.
أما عن الأمراض التي تصيب كبار السن فيقول د. يونس إنها كثيرة منها المتعلق بالأمراض المزمنة كالسكري والضغط والأمــراض المعدية المعوية بـالإضـافـ­ة إلــى أمـــراض التغيرات الفيسيولوج­ية للمفاصل والعضلات والجــلــد وهـــي تــؤثــر عـلـى الحـركـة والتنقل، تغيرات فيسيولوجية تقلل من حركة الإنسان كبير السن، وتكثر في هذه السن الأمراض الروماتيزم­ية حيث تحدث عملية التآكل في البنية التركيبية للمفصل وخاصة في الركبة والعمود الفقري.
وعن المرأة وما تمر به من صعوبات فـي هــذه المرحلة العمرية يقول د. يــونــس: يـوجـد اخــتــاف بــن المــرأة والــرجــل فــي هـــذه الـسـن فالشكل الخـارجـي للمرأة بالنسبة لها مهم جدا، والمشاكل الهورمونية تؤدي إلى اضطرابات أكثر.
في جامعة لندن فتحدث لـ «القدس العربي» عن ضرورة الاهتمام بالحركة والمشي وممارسة التمارين البسيطة للمسن ليقي نفسه مــن الأمـــراض ويعيش حياته لفترة أطـول وبـدون مساعدة من أحد. ويضيف قائلا: يجب على المسن بداية الاهتمام بعلاج أي التهابات حتى لا يتعرض إلى انتكاسات بسببها وأن يعيش عيشة متوازنة كالاندماج في فعاليات المجتمع، التواصل مع الأولاد والأحـفـاد. لابد أيضا من أن يـقـومـوا بـزيـارتـه بشكل متواصل والأهم عدم توجيه اللوم له أو إشعاره بالعجز أو أنه غير قادر على القيام بأي شيء فهذا يؤلمه. حركة الإنسان تقل وتركيزه يقل لذا يجب أن يهيأ له جو معين حتى يمكن الاستفادة من خبرته لأطول فترة معينة. ويرى د. يونس أن كبر سن الإنسان لا يعني أن يصبح خارج مجال الخدمة، مشيرا إلـى أن من ضمن إيجابيات الشيخوخة أو سن التقاعد هو أن كل إنسان وصل لهذه المرحلة من السن فقد وصل إلى درجة عالية من الخبرة. أما عن الأمراض التي تصيب كبار السن فيقول د. يونس إنها كثيرة منها المتعلق بالأمراض المزمنة كالسكري والضغط والأمــراض المعدية المعوية بـالإضـافـ­ة إلــى أمـــراض التغيرات الفيسيولوج­ية للمفاصل والعضلات والجــلــد وهـــي تــؤثــر عـلـى الحـركـة والتنقل، تغيرات فيسيولوجية تقلل من حركة الإنسان كبير السن، وتكثر في هذه السن الأمراض الروماتيزم­ية حيث تحدث عملية التآكل في البنية التركيبية للمفصل وخاصة في الركبة والعمود الفقري. وعن المرأة وما تمر به من صعوبات فـي هــذه المرحلة العمرية يقول د. يــونــس: يـوجـد اخــتــاف بــن المــرأة والــرجــل فــي هـــذه الـسـن فالشكل الخـارجـي للمرأة بالنسبة لها مهم جدا، والمشاكل الهورمونية تؤدي إلى اضطرابات أكثر.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom