Al-Quds Al-Arabi

فرنسيون يدعون إلى الانقطاع عن تناول الأسماك واللحوم الحمراء كل يوم اثنين

يرون هذا الإجراء قد يكون مفيدا لكوكب الأرض وللإنسانية جمعاء

- باريس ـ «القدس العربي»: آدم جابر

تحت عنوان «الاثنين الأخضر» دعت 500 شخصية فرنسية إلى اتباع نظام غذائي نباتي كل يوم اثنين في عريضة نشروها هذا الأسبوع.

فنانون وعلماء وأنصار حماية البيئة التزموا في هذه العريضة باتباع نظام غذائي نباتي كل يوم اثنين من الآن فصاعداً داعين جميع المواطنين إلى الالتزام بذلك. واعتبر الموقعون أن هناك أسباباً مقنعة للحد الجماعي من استهلاك لحوم الحيوانات في فرنسا، وأنه بإمكان كل شخص أن يقوم بخطوة هامه في هذا الاتجاه.

وتأمل الشخصيات الخمسمئة أن يقوم ما بين 50 ألف إلى 500 ألف شخص بالالتزام باتباع نظام غذائي يتمثل في الكفّ عن تناول الأسماك أو اللحوم الحمراء يوم الاثنين خلال العام 2019.

وبالإضافة إلى قضية رعاية الحيوان يضمن الموقعون أيضاً أن مثل هذه المبادرة قد تكون مفيدة لكوكب الأرض بأكمله وللإنسانية جمعاء. لكن السؤال المطروح، هو إلى أي مدى تعتبر هكذا خطوة مهمة للإنسانية؟

حسب دراســـات مختلفة فــإن لاستهلاك اللحوم انعكاسات على البيئة إذ يمثل إنتاج الثروة الحيوانية 15 في المئة إلى 18 في المئة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في جميع أنحاء العالم، وهي نسبة أعلى من تلك المسجلة في قطاع النقل بما في ذلك النقل الجوي. فهَضْمُ الحيوان يؤدي في واقع الأمر إلى انبعاث غاز الميثان في الغلاف الجوي وإنتاج الأسمدة وانبعاث ثاني أكسيد الكربون وغذاء الحيوانات )الصوجا على وجه الخصوص(. كما أن إنتاج اللحوم أيضا يعني استهلاك المياه: إنتاج 500 غرام من لحم البقر يتطلب حوالي 7000 لتر من الماء، عشر مرات أكثر من الأرز أو القمح.

ولكن هل يمكننا حقا تغيير الوضع من خلال استهلاك القليل من اللحم؟ وفقاً للدراسات الأكثر تحفظًا حول هذا الموضوع فإن أحد سكان البلدان المتقدمة عندما يصبح نباتياً تقريبا بنسبة 100 فـي المـئـة، سيقلل فقط بنسبة نحو 10 في المئة من انبعاثاته الفردية من الغازات الدفيئة )بعض الدراسات الأكثر إثارة للجدل تذهب لتقييم أثر النظام الغذائي النباتي على خفض انبعاثات غازات الدفيئة إلى 50 في المئة أو أكثر(. وقد أكـد باحثان في جامعة كامبريدج في مجلة

البريطانية أن «أقل بنسبة 10 في المئة يعادل سحب 8 ملايين سيارة من الطريق في المملكة المتحدة - ربع السيارات البريطانية» لذلك فإن تأثير استهلاك الإنسانية من اللحوم على البيئة أمر مؤكد. لكن خفض هذا الاستهلاك مرة واحـدة في الأسبوع سيكون له تأثير ضئيل إلى حد ما.

أما بالنسبة للأسماك فإن القضية تتعلق أساسًا ببقاء المخزون. واليوم يتم استغلال 90 في المئة منه وفق الجمعيات البيئية، وبالتالي هناك خطر انقراض الأنواع على المدى المتوسط. في عام 2015 صنفت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان

) اللحوم الحمراء واللحوم المصنعة على أنها «مسببة للسرطان وربما مسرطنة». وفي العام نفسه توصل مركز أندرسون للسرطان في هيوستن الأمريكية إلى أن هناك صلة بين اللحم المطهي وسرطان الكلى. يضاف إلى ذلك خطر ارتفاع مستويات السكر في الدم أو السمنة المرتبط بالإفراط في استهلاك اللحوم.

وأوصــت منظمة الصحة العالمية باستهلاك ما لا يتجاوز500 غرام من اللحوم في الأسبوع أو 72 غرامًا في اليوم. أما بالنسبة للأسماك، وخاصة الأسماك الزيتية، فهي كافية للاستهلاك مرتين أسبوعياً أو مرة واحدة كل عشرة أيام للأشخاص الأكثر هشاشة )الأطفال والنساء الحوامل …إلخ(.

من وجهة النظر هذه فإن الكفّ عن استهلاك اللحوم والأسماك مرة واحــدة في الأسبوع سيكون له تأثير حقيقي على الصحة، على الأقل بالنسبة للمستهلكين الكبار. ويبدو أن الفرنسيين يسيرون في هذا الاتجاه شيئا فشيئا، حيث تستهلك اللحوم الحمراء في المتوسط بمعدل 52.5 غرام يوميا، أي ما يعادل 25 في المئة أقل من التوصيات. لكن هذا الرقم يخفي تفاوتا كبيرا37 في المئة يأكلون أقل من 245 غراماً في الأسبوع، و 28 في المئة يستهلكون أكثر من 500 غرام.

وأظهرت دراسة أجرتها جامعة أكسفورد أن 2.4 في المئة من الوفيات الناجمة عن الغذاء في العالم ـ 5 في المئة منها في الدول المتقدمة ـ يُمكن تجنبها عن طريق الحد من استهلاك اللحوم، خاصة لحم البقر.

والحجة النهائية لتقليل استهلاك اللحوم، تتمثل في أن الأمر من شأنه أن يساعد في إطعام المزيد من الناس حول العالم. فحسب منظمة الأغذية والزراعة تستخدم 83 ف ي المئة من المساحات الزراعية حول العالم لتربية المواشي )رعي الماشية وإنتاج الحبوب لإطعامها(. ومع ذلك تنتج الثروة الحيوانية 18 في المئة فقط من السعرات الح رارية اللازمة لاحتياجات البشرية. ووفقاً للأمم المتحدة فإنه إذا استخدمنا هذه الأراضي الزراعية فقط لإنتاج الغذاء من أجل البشر )القمح والأرز والخضروات ...( وليس الغذاء الحيواني فيمكن في هذه الحالة إطعام أربعة مليارات شخص إضافي.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom