Al-Quds Al-Arabi

أجهزة الأمن المصرية تتواطأ في منع أقباط من الصلاة في المنيا

أجبرت القساوسة على الخروج من الكنيسة وسط «هتافات مسيئة وصيحات الانتصار والشماتة»

- القاهرة ـ «القدس العربي»:

لم تمــر أيام علــى افتتــاح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أكبر مسجد وكاتدرائيـ­ـة في مصر بعــد الانتهاء من بنائهما في العاصمة الإدارية الجديدة، في مشــهد تضمن كلمات أطلقها شــيخ الأزهر أحمد الطيب من الكنيسة، والبابا تواضروس من المســجد، إلا وشــهدت محافظــة المنيا، وســط مصــر، حادثة طائفية جديــدة، منع فيها متشــددون مســلمون أقباطا من الصلاة في كنيسة مارجرجس في منطقة منشية الزعفران، وأجبروا القساوسة على الخروج منها، تحت أعين قوات الأمن.

وجــددت الواقعة الحديــث عن دور عناصر الشــرطة المصرية فــي حماية الأقباط، وجــددت مخاوفهم من تحولّ عناصر الشرطة المفترض بهم حمايتهم، إلى مصدر خطر على حياتهم.

الواقعة فتحــت الباب أيضا للحديث عن أن أداء النظــام المصري في معالجة الأزمات الطائفية يقتصر على محاولات «الشــو» الإعلامــي، ومحاولــة تقديم نفسه للغرب باعتباره يواجه مثل هذه الأزمات دون تقديم حلول حقيقية لها.

وكان افتتــاح السيســي لمســجد وكنيســة العاصمة الإداريــة الجديدة، أثار جدلا واســعا في الشارع المصري، خاصة أن كلفتهمــا مليارات الجنيهات، حسب تصريحات المسؤولين، دون عائد حقيقي، خاصة أنهما شيد في الصحراء، ما أضطــر نظام السيســي إلى حشــد عناصر أمنيــة، وتقديمهــم باعتبارهم مصلين خلال صلاة الجمعــة الأخيرة، حتى لا يظهر المسجد خاليا من المصلين.

أبرشــية المنيــا وأبــو قرقــاص في محافظة المنيا، وســط مصــر، أصدرت بيانــا رســميًا، أوضحــت مــن خلاله تفاصيــل أزمة كنيســة مارجرجس في منشية زعفرانة.

إذعان للمتشددين

وقالت إنها التزمت الصمت منذ وقوع التعديــات ظهر الجمعــة الماضي، ولكن وبعــد أن تناثــرت الأخبار فــي مواقع التواصل الاجتماعي، قررت نشر حقيقة الأمر.

وتابعت: «تقع قرية منشــية زعفرانة علــى مســافة 5 كيلومتــرا­ت جنــوب شــرق المدينة الفكرية في المنيا، وتمتلك المطرانيــ­ة مكانًــا صغيــرًا تقيــم فيه الصلوات منذ مدة، ويقيم في تلك القرية حوالى ألف قبطي، وفي يــوم 7 يناير/ كانــون الثانــي الجــاري، وبعد صلاة قداس العيد بســاعات، قامت مجموعة من المتشــددي­ن بدخــول المــكان فقام البوليس بإخراجهم منه، بينما اســتمر اثنان مــن الآباء الكهنة مــع بعض من أفراد الشعب في داخل المكان».

وزادت فــي بيانهــا: «يــوم الأحــد الماضــي، تظاهر أكثر من ألف شــخص من المتشــددي­ن ضد الكنيسة، مرددين عبارات مســيئة وتحريضية في وجود قوات الأمن، الذيــن طالبوهم بالهدوء واعديــن إياهــم بأنــه ســيتم لهم ما يريــدون، مــن إخــراج الموجودين من المــكان وإغلاقــه، وخرج الآبــاء ومن معهم بالفعل وســط الهتافات المســيئة من المتشــدّدين، وصيحــات الانتصار والشماتة، وزغاريد النسوة».

وأضــاف البيــان: «هكــذا توقفــت العبادة وأُغلِق المــكان، ورغم أنه ليس المكان الأول الذي يُغلَق، إِلا أن القاســم المشــترك في كل مرة هو الإذعان لرغبة المتشــدّدين، يفرضــون إرادتهــم متى أرادوا، وكأن الكلمة أصبحت لهم، وهكذا تأتي الترضيــة كالعادة على حســاب الأقباط الحل الأسهل».

وأشــار البيان إلــى أن «ذلك يحدث بعد عدة أيام من التصريحات الإيجابية للإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب، حول الكنائس وموقف الإسلام منها، وتأكيد الرئيــس عبد الفتاح السيســي، في كل مناسبة على حق كل مواطن في ممارسة العبــادة والجهــد الكبير الــذي يبذله قداســة البابا الأنبا تواضروس الثاني للحفاظ على الوحدة الوطنية».

وتابع البيان: «حتى الســاعة، ومنذ حدوث الاعتــداء­ات، لم تتخــذ أجهزة الأمن أي إجراء مع المحرّضين والمعتدين، رغــم أن ذلك حدث على مرأى ومســمع منهم، مما قد يشجع آخرين على سلوك مماثل، طالما أنه ليس هناك رادع، وكان قد تم إغلاق كنيســة الأنبــا رويس في حي المنصــورة في بندر المنيــا يوم 27 ديســمبر/ كانــون الأول الماضي، ولم نعلق حينها على الأمر».

محمد أبو حامد، عضو مجلس النواب المصري، علق على الأحداث التي وقعت في منشــأة الزعفرانة، في المنيا، وغلق كنيســة إرضــاء للمتشــددي­ن الذيــن تجمهروا ضدها.

وكتــب علــى «الفيســبوك»: إنه «الاختبار الأول للجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية، وإن لحظه خروج كاهــن كنيســة منشــية الزعفرانــ­ة والهتافــا­ت الطائفيــة التــي أطلقها الأوباش والهمــج المحيطون به أثناء خروجه تؤكد مأساة الوضع في المنيا، لا بد من ردع و إلا فلا أمل».

وأعلنــت مصر، قبل أيام، تشــكيل لجنة عليا لمواجهة الأحداث الطائفية، بقرار من السيسي.

ونشــرت الجريدة الرســمية قرار السيســي، بـ«تشــكيل اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية، برئاســة مستشــار رئيس الجمهورية لشؤون الأمــن ومكافحة الإرهــاب، وعضوية ممثلــن عن هيئــة عمليــات القوات المســلحة، والمخابــر­ات الحربيــة، والمخابــر­ات العامة، وهيئــة الرقابة الإدارية، والأمن الوطني.»

وتضمن القــرار أن «تتولى اللجنة وضــع الاســترات­يجية العامــة لمنع ومواجهة الأحداث الطائفية ومتابعة تنفيذها، وآليات التعامل مع الأحداث الطائفية حال وقوعها.»

ونص علــى أن «للجنة أن تدعو من عناصر من الأمن المصري تراه من الوزراء أو ممثليهم أو ممثلي الجهات المعنيــة عند نظر الموضوعات ذات الصلة .»

أكثر المحافظات إرهابا

يذكــر أن محافظة المنيا هي من أكثر المحافظات المصرية التي تشهد حوادث «إرهابية»، واشتباكات طائفية.

وكانــت قد شــهدت في ديســمبر/ كانــون الأول الماضي اشــتباكات بين مسلمين وأقباط في قرية كوم الراهب، على خلفية الأزمــات المتكررة المتعلقة برفض المســلمين اســتخدام الأقباط لمبان في القرى لممارســة شــعائرهم الدينية.

جاء ذلك بعد يوم واحد من تعرض أقباط القرية لهجوم من متطرفين على منازلهم بالحجارة.

ويمثل الأقباط نحو 10 ٪ من سكان مصر ويشــكون منذ فتــرة طويلة من التمييز. وكثيرا مــا تعرضوا لهجمات ينفذها متشــددون إســاميون، مما دفع السلطات لوضع حراسة مسلحة خارج الكنائس والأديرة.

وفي نوفمبر/ تشــرين الثاني قتل متشــددون ســبعة أشــخاص لدى عودتهــم مــن تعميــد طفل فــي أحد الأديرة فــي المحافظة التــي تقع على مسافة نحو 260 كيلومترا إلى الجنوب من القاهرة.

وكانــت واقعة مقتل أب مســيحي ونجلــه، علــى يد حــارس كنيســة نهضة القداســة أواخر العام الماضي، فــي محافظــة المنيــا وســط مصر، أثــارت غضــب الأقبــاط ومخاوفهم من تحولّ عناصر الشــرطة المفترض بهم حمايتهم، إلى مصــدر خطر على حياتهم.

يحق للسلطات بموجبها مراقبة الصحف ووسائل الاتصال وتوسيع صلاحيات الجيش

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom