Al-Quds Al-Arabi

إدلب تواجه مصيراً مجهولاً... وتعزيزات عسكرية تركية كبيرة حولها

وسط حسابات تركية جديدة و«معارضة سورية جاهزة» للعمل العسكري المشترك في المحافظة

- دمشق ـ «القدس العربي» من هبة محمد:

تبدلت خريطة الســيطرة شمال غربي سوريا، بعد ان انحســرت الجبهة الوطنيــة للتحرير أبرز فصائل الشــمال المدعومة من انقرة، امام هيئة تحرير الشام التــي أضحت القــوة الضاربة وتمددت على اتســاع آخر معقــل لمعارضي النظام الســوري، في مســعى منها لفرض نفســها وامتلاك أوراق تزيد نقاط قوتها مســتبقة أي تفاهمات إقليمية ودولية تخص الشمال الســوري برمته، فيما برز أخيراً موقف تركي رافض لتحويل ســيطرة هيئة تحرير الشــام علــى المنطقة إلى ثغرة تســتثمرها طهران وموسكو من اجل خرق نظــام وقف إطلاق النار ونســف اتفاق «سوتشــي» بخصــوص إدلــب، وهو مــا ظهر من خــال اجتماع قادة الجيش والمخابــر­ات التركية، الســبت، بولاية هطاي على الحدود مع ســوريا، بحضور وزير الدفاع ورئيس الأركان وقائد القــوات البرية ورئيس جهاز الاستخبارا­ت، تزامناً مع تكثيف التعزيزات العسكرية التركية على تخوم إدلب، شــملت جنودًا وشاحنات محملة بدبابــات وعربــات مدرعة مخصصــة لنقل الجنود وإجراء تدريبات عسكرية، فيما يبدو السؤال الملح، هل خرج الحــل في ادلب من ايدي الفصائل ولم يعــد القرار داخليــاً، وهل بات إيقاف تمــدد النصرة امراً مســتحيلاً الا بتدخل خارجــي. ومقابل محاولة هيئة تحرير الشــام صبغ خــزان المعارضــة المدنية والعســكري­ة، بصبغتها، أكدت قيــادات من المعارضة الســورية لـ «القدس العربي » موقفها الجازم بوقوفها الى جانــب حليفها التركي بأي معركــة مرتقبة لقتال «التنظيمات الإرهابية» بمختلف مسمياتها، حيث لفت مصدر مســؤول فضل حجب هويته التنسيق المستمر بين الجبهة الوطنية وقيادات عســكرية تركية للعمل المشترك ضد هيئة تحرير الشام.

تعزيزات تركية

ووصلت مساء السبت، تعزيزات عسكرية تركية جديــدة ضمت قوات خاصة وناقــات جند مدرعة، إلى محافظــة هطاي الحدودية مــع محافظة إدلب، وقالت وكالة الأناضــول، إن القوات الخاصة قادمة من قطاعات عســكرية في مناطق مختلقة من البلاد، في إطار التعزيزات المتواصلة إلى النقاط العسكرية الحدودية، شملت شاحنات عسكرية محملة بعربات مدرعة مخصصة لنقل الجنود، وقطار يحمل دبابات وناقلات جند ومعــدات عســكرية، لتعزيز القوات التركية المنتشــرة على الحدود مع ســوريا، وصل معظمهــا الى قضاء «ألتين أوزو» في هطاي، وســط إجراءات أمنية مكثفــة، وتحركت باتجاه الوحدات الحدودية المتاخمة لإدلــب. ولضرورة الحفاظ على اســتقرار آخر منطقة خفض التصعيد ترعاه تركيا، عقد وزير الدفاع خلوصي أكار اجتماعاً ضم قيادات من الجيش والمخابرات بحضور رئيس الأركان يشار غولر وقائد القوات البريــة أوميت دوندار ورئيس جهاز الاســتخبا­رات هاكان فيــدان، بولاية هطاي المتاخمة لمحافظة ادلب، وتناول الاجتماع التطورات شــمالي ســوريا، وجهود الحفاظ على وقف إطلاق النــار بمحافظة إدلب في ضوء اتفاق سوتشــي بين تركيا وروســيا. وأكد «أكار» في الاجتماع بذل بلاده جهودًا كبيرة للحفاظ على وقف إطلاق النار وحالة الاستقرار في إدلب، مشيراً الى التعاون الوثيق بين أنقرة وموسكو في هذ الإطار.

هشــام ســكيف مســؤول لدى المكتب السياسي التابع الجيش الوطني اعتبر في تصريح مع «القدس العربي»أن تنظيم هيئة تحرير الشــام الذي تقوده جبهة النصــرة «تنظيما ارهابيا وقــوة امر واقع لا يمكن قبول سيطرتها بهذا الشكل المريب على اجزاء من ادلــب»، وأوضح المتحــدث ان الجيش الوطني «ليس لديه مصلحة بأن تسيطر النصرة على ادلب، ولذلك تحركنا بشــكل جيد ضدهــا، لكن التهديدات التي استخدمتها النصرة والانهيارا­ت التي اصيبت بها الفصائل جعلت من العمل العســكري الســريع غير ذي جــدوى لذلك آثرنا حاليــاً التريث من اجل التخطيــط لعمل نخلص بــه أهلنا مــن براثن هذا التنظيم واعتقد أن الاخوة الاتراك يهمهم أن لا تكون النصرة هي المسيطرة كما صرح مسؤوليهم اكثر من مرة».

واوضــح ان «القضية بالدرجة الأولى ســورية بحتــة ولتركيا مصلحة فــي أن لا يســيطر تنظيم إرهابي مصنــف دولياً على المنطقــة ولذلك نرى أن اي جهد تضعــه الحليفة تركيا في هــذا الجانب هو نقطة قوة لنــا» وفيما يخص الحديث عن عمل تركي – روسي مشــترك ضد جبهة النصرة وقتال فصائل المعارضة الى جانــب الضامن التركي وما يقابل ذلك من قتالها الــى جانب قوات النظام كون روســيا لا تملــك قوات برية على الأرض قال ســيكف ان أنقرة تدرك رفــض فصائل الجيش الحر أي دور روســي في ادلب ومحيطها وتراعي «حساســية موقفنا من روســيا ورفضنا التام لأي دور لها، كما ان التصريح الرسمي لم يحتم المشاركة الروسية» معرباً عن ثقته بــإدراك الجانب التركي الموقف كونــه «حليفاً ثابتاً ونحن لدينا أعداء مشــتركون وسوف نخوض معاً معارك منبج وشرق الفرات».

وتحدثــت مصادر محلية عن المشــاريع والأملاك العامــة التــي دخلت تحت ســيطرة هيئــة تحرير الشــام في ســهل الغاب، والتي تضم أكثر من 4000 تعزيزات تركية قرب أدلب دونم أحواض لتربية الأســماك كانت عائدة للنظام الســوري قبل الثــورة تحولت فيما بعد لمشــروع اســتثماري، إضافة لأكثر من 5000 دونم زراعي في محيط مطار الشــريعة الزراعي كانــت تعمل أحرار الشــام على تأجيرها ســنويا بمقــدار 15000 ليرة ســورية للدونم الواحد، واليوم مع ســيطرة هيئة تحرير الشــام أصبحت تلك المشاريع عائدة لحكومة الإنقاذ. وبحسب شــبكة «بلدي نيوز» المحلية توجد في منطقة ســهل الغــاب وجبل شحشــبو خطوط كهرباء واردة من مناطق سيطرة النظام كانت أحرار الشام تفرض رسوما عليها، في حين أن هيئة تحرير الشام وأســوة بباقي المناطق ســتعمل على تركيب عدادات أو قواطع أمبيرات لكل منزل في المنطقة التي يقدر عدد ســكانها بأكثر من 140 ألف نســمة بواقع 25000 عائلــة ومنــزل إضافة للأســواق والمحلات التجارية التي ستفرض عليها الهيئة ضرائب مالية، ناهيك عن فواتير مياه الشــرب العائدة جميعها إلى «حكومة الإنقاذ» ونــوه المصدر الى أن هيئة تحرير الشام ستعمل على إعادة افتتاح معبر قلعة المضيق الــذي تفاوتت أنباء عن إعادة افتتاحه منذ أيام، ولا يقل معبر قلعة المضيق عــن معبر مدينة مورك الذي يوفر دخلاً عالياً يقدر بملايين الدولارت سنويًا.

المحلل السياســي احمــد رحال اعتبــر ان كل ما شــهدته محافظة إدلب في الأشــهر الأخيرة، عبارة عن توافــق دولي، وقــال لـ»القــدس العربي»، إن المنطقة تحتــوي على ثلاثة ملايــن ونصف مليون مدني سوري، كان الهدف منه الإبقاء الوضع القائم مرحلياً، ريثمــا تتضح الصورة أكثر بالنســبة إلى المجتمع الدولي، في ظل اعتبار ان اي خيار يقود الى حرب روسية إيرانية على محافظة تحتوي هذا الكم من المدنيين هو أمــر مرفوض تركياً، إذ تعتبره أنقرة تحولاً سيهدد أمنها القومي، وكذلك يهدد أوروبا من وجهة هجرة جديدة، وتحت هــذا الإطار ولد اتفاق سوتشي برعاية روسية – تركية.

وأضــاف، أن الحراك الأخير الــذي أقدمت عليه هيئة تحرير الشام على حساب المعارضة في الشمال السوري، ســببه سيطرة حركة «نور الدين الزنكي » على معابر مهمة، ما دافع الهيئة الى الســيطرة على هذه البوابات، بهدف جعلها أدوات ترسم من خلالها حدوداً لهــا مع عفريــن وتركيا، وبالتالــي فإن كل ما ســيدخل إلى محافظات شــمال البلاد ووسطها، ســيمر تحت يدها، وفي خطوة متزامنة الســيطرة على الشــمال الســوري، بما فيها الطرقات الدولية الحيوية.

الإمساك بكافة القرارات

وغاية «تحرير الشــام» من ذلك، بحسب الرحال إمســاك «قائد الهيئة - أبو محمد الجولاني» بكافة القرارات السياسية والعســكري­ة المتعلقة بالمنطقة، والتفــاوض معه وحده دون أي تشــكيل آخر يتبع للمعارضة الســورية، وهو يعني مفاوضة القاعدة بمفردهــا، لافتاً الى فصائل من المعارضة الســورية منها «حركة أحرار الشام الإسلامية، وصقور الشام» قاموا برفع الرايات الخاصة بهيئة تحرير الشام فوق مقارهم العسكرية في إدلب، بعد الاتفاق الأخير الذي ابرم بين الجانبين.

وأشــار العميد الرحال، إلى مراقبة هيئة تحرير الشــام جميع تحركات المعارضة، مرجحــاً إمكانية ضرب أي تحرك يهدد مواقع سيطرتها قبل أن ينطلق، واعتبر أن الحل اليوم في محافظة إدلب لم يعد قراراً داخلياً، «وإذا لم يكن هنالك تدخل خارجي، لا يوجد أي إمكانية لايقاف تمدد هيئة تحرير الشام» بحسب رؤيته.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom