Al-Quds Al-Arabi

الجامعة العربية

-

حكومة ووزراء

ونبــدأ بالحكومة ووزرائها، حيــث طالب كرم جبر في «أخبــار اليوم» مــن الحكومة أن تتحــرك لاتخاذ مواقف حاســمة ضد انتشــار ظاهرة تأجير القنــوات الفضائية أوقاتا فيها للأطباء، للظهور والدعاية لأنفسهم والترويج لمنتجــات ووصفات طبية لا يكتبهــا الأطباء لمرضاهم بعد أن لم تتخــذ نقابة الأطبــاء أي إجــراءات ضدهم وقال: «نقابة الأطباء لا تهتم إلا بالدفــاع عن أخطاء الأطباء ولا تحقق شــكوى واحدة في ملفات الإهمــال الذي قد يودي بالحياة، مع أن الدور الأساسي لها بجانب ذلك هو الدفاع عن حقوق المرضــى، لم تحرك النقابة ســاكناً إزاء أطباء البرامــج المؤجرة في الفضائيات، ولم تبــد رأيا أو تصدر بياناً رغم استفحال الظاهرة، وأصبح في وسع أي طبيب يريد الشهرة أن يشتريها بفلوســه على حساب المرضى. حماية المهنة الإنســاني­ة العريقة تقتضــي تفعيل المعايير الأخلاقية والمهنية وإشعار الناس بأن هناك نقابة تحميهم من الجشع وتعاقب من يخطئ في صحتهم.»

قلة التمويل والخبرة

ويبــدو كذلك أن صمت وزارة الصحــة عن هؤلاء لأنها تركــز اهتماماتها علــى تنفيذ برنامج الرئيس السيســي للكشف عن صحة المصريين وعلاجهم مجانا من الأمراض الخطيرة، أي لغيــر القادرين منهم المصابين بالســرطان وأمراض الكلى وفيروس ســي الكبدي والســكر وضغط الدم والســمنة. كما إنها قاب قوســن أو أدنى من القضاء على ظاهرة نقص غرف وأسرة العناية المركزة، كما علمنا من أحمــد إمام في «الأهــرام»، الذي أخبرنــا بما هو آت: «الدكتــورة هالة زايد وزيرة الصحة والســكان قالت، إن الوزارة قامــت بالإعداد لمنظومة مهمة جــدا للقضاء على قوائم الانتظار للرعاية المركــزة والحضانات والطوارئ، موضحة أن هناك غرفة عمليات فــي الوزارة للانتهاء من هذه المنظومــة الجديدة. في المقابل يــرى الدكتور إيهاب الطاهر عضو مجلــس نقابة الأطبــاء، أن أزمة عدم توفر أســرة الرعاية المركزة والحضانات في مصر ليست وليدة اللحظــة، ولكنهــا منذ ســنوات طويلة وهنــاك عدد من المرضى يموتــون نتيجة النقص في الأســرة التي تعتبر أشــد من الحضانات، فلدينا نحو الثلث عجزا في أســرة الرعاية على مســتوى الجمهورية ولها عدة أســباب منها قلة التمويــل، فســرير الرعاية الواحــد يتكلف تجهيزه نحــو 4 ملايين جنيــه تقريبا، بالإضافة إلــى عدم وجود الأطباء والكوادر الطبية وأطقم التمريض المؤهلة في هذا التخصــص الدقيق، ناهيك عن نقــص الإمكانيات المادية لتحفيــز هؤلاء الأطباء للعمل في تلك المهمة الشــاقة التي تحتاج إلى مجهود عال، وبالتالــي فالكثير منهم يهربون ويعزفــون عن العمل في هــذه المهمة. وأضــاف أن هناك بعض المستشــفي­ات فيها أقسام للرعاية لكنها مغلقة لعدم وجــود الأطقم المدربــة للتعامل معها، وتكــون النتيجة ـ والرد واحد ـ لا يوجد ســرير. ويعيش الأهالي في معاناة وتعب لإيجاد ســرير قبل فــوات الأوان، بينما الأزمة في الحضانات تحســنت تقريبــا خلال الســنوات الأخيرة، وأطقم الأطباء والتمريض متوافرون في هذا التخصص، لكنها تحتاج إلى توفير اعتمادات مالية للقضاء على فكرة الانتظار بها، والبدء من الآن، فالأمر ســيحتاج إلى بضع سنوات حتى تنتهي من جذورها، لكن المهم هو عملية البدء مثلما حدث فــي قوائم الانتظار، فزيادة الاعتمادات المالية لوزارة الصحة والاهتمام بهــذا الجانب، وتحفيز الأطباء وتدريبهم ســيكون ســببا في نجاة الكثير من أسرنا ممن يتعرضون للموت نتيجة عدم وجود سرير رعاية.»

البطالة والنظافة

وفي «الأخبار» ســخر محمد درويش مــن الاتفاقيات التي وقعها في ألمانيا رئيس الوزراء مع عدد من الشركات الألمانيــ­ة لتتولى عمليــة تدوير القمامة فــي مصر، وتنبأ بفشــلها قائلا: «الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، بحــث في ألمانيا خلال زيارته الأســبوع الماضي مع كبار مســؤولي مصانــع تدوير المخلفات الاســتفاد­ة من التجربــة الألمانية. يا دولــة رئيس الــوزراء لا مانع من الاســتعان­ة بخبرات أوروبية، ولكــن التجربة تقول إننا اســتعنا منذ عام 2002 بشركتين إســبانية وإيطالية لنظافــة القاهرة، والنتيجة لا تخفى علــى أحد. يا دكتور مصطفى هناك فــرق بين برلين ومدريــد وروما والقاهرة بأحيائها العشــوائي­ة، أو حتى الراقية ناهيك عن الفارق بين ثقافات الشــعوب التي تســتند إليها في سلوكياتها. الحل في شركات تضم الشباب وتدعمه حضرتك وتضرب عصفورين بحجر واحد البطالة والنظافة.»

حديث «سي بي أس»

وإلى أبرز ما نشر تعليقا على الحديث الذي أذاعته قناة «سي بي أس» الأمريكية مع الرئيس السيسي وما قيل من وجود إهمال في الفريق الرئاســي، الذي لم يتبع القواعد المعمــول بها في مثل هذه المناســبا­ت، من طلب الأســئلة ووجود متدخلين في الحوار، وفي «البداية» شن الدكتور وائل الشــهاوي هجومه ضد القناة، واتهمها بعدم المهنية وقــال إن هذا الحديث مســجل منذ أكثر من ثلاثة أشــهر عندما كان الرئيس في نيويورك لحضور اجتماعات الأمم المتحدة وقال أولاً: تاريخ إجراء المقابلة مع السيد الرئيس كان فــي ســبتمبر/أيلول الماضــي على هامــش فعاليات الجمعيــة العامة للأمم المتحدة، أي قبل أكثر من 3 أشــهر، وهي سابقة لم تحدث من قبل في تأجيل حوار مع شخصية رفيعة كرئيــس جمهورية طوال هذه المدة. ثانيا: لم تلتزم القنــاة بالمعايير المهنيــة للمقابــات التلفزيوني­ة، حيث كانــت المصادر التي اســتضافته­ا القنــاة تعبر عن وجهة نظر واحدة، ومن المعــروف انتماؤهم للجماعات المتطرفة والإرهابية، ومن ثم افتقــدت المقابلة لتنوع المصادر، وهو ما يوصمها بالمقابلــ­ة المترصدة بالضيــف. ثالثًا: تم عمل مونتاج واضح للأســئلة والإجابات، فلم يتحدث الرئيس في المقابلــة التي لم تتجاوز 14 دقيقة ســوى ما مجموعه 6 دقائــق فقط. فهل كان الاتفاق مــع الرئيس أن يظهر لـ6 دقائق؟ وهل ما تم تسجيله معه هو فقط ٦6دقائق؟ أعتقد بالطبــع أن الإجابة هي لا، وخلال مدة الحــوار كانت كل الأسئلة التي وجهت للســيد الرئيس في موضوع واحد، رغــم أن الضيــف رئيس دولة تمثــل أكبر دول الشــرق الأوســط، ما كان يســتتبع تنوعا يغطي محاور عدة وهو ما لم يحدث، وبالتالي فهنــاك مراوغة واضحة وانتقائية لا مبرر لها وهــذا غير مهني وغير موضوعي من البرنامج. رابعا: إن اعتماد المذيع على تقرير لمنظمة «هيومان رايتس ووتــش» واعتباره دليــاً ومصدرًا لســؤاله حول فض رابعة هو افتقار للمهنية وتدليس على المشــاهدي­ن، حيث ســبق واعتذرت المنظمة نفســها عن عدم دقة معلوماتها وتزويرها لأحد شــهود العيــان في تقريرها. سادسًــا: اعتمد مذيــع البرنامج على اســتخدام العبارات المطاطة وتوجيه اتهامــات للدولة المصرية، عبر تضمين أســئلته بأن نوابا فــي الكونغرس يقولــون أو تقاريــر أمريكية تقول للإيحــاء بجدية كلامه المكذوب بــدون دليل واحد على وجود تعذيب، أو حالة قتل واحدة داخل الســجون المصرية، أو ثمة دليل واحد على احتجاز عشــرات الآلاف، كما ادعى المذيع غير المهني. سابعًا: هل علم الرئيس سياق البرنامج، وأنه تحقيق اســتقصائي وليس حوارًا منفردًا معــه قبل التســجيل؟ أعتقد لا، لأن أي ضيــف من العيار الثقيل في أي مجال يرفض أن يظهر في تحقيق استقصائي الغرض منه تكذيب كل ما يقوله بلا استثناء، إذن ما حدث هــو الاتفاق مع الرئيــس على إجراء حــوار منفرد ثم تم تغيير الســياق بعد ذلك لتحقيق استقصائي، الهدف منه تمرير أفكار معينة. وقد تعمدت القناة إعطاء المصادر التي اســتضافته­ا أهمية، من خلال قطع لحوار الرئيس وإظهار تلك المصادر في المقابلة، بما يخل بتكافؤ الفرص في الحوار فتحولت المقابلة إلى ما يشبه التحقيق التلفزيوني. ثامنًا: اســتخدمت القناة المشاهد على الشاشــة بطريقة تؤدي لتشــتيت ذهن المتابعين، وهي محاولة متعمده تثبت عدم المهنية. تاســعًا: اســتخدمت القناة الكلوزات القريبة مع الإضــاءة الخافتة فــي محاولة لاصطيــاد أي تعبير على ملامح وجه الرئيس لتستخدمه القناة في محاولة إحراج الرئيس، إلا أنها فشــلت في ذلك، كما فشلت طوال المقابلة أو التنويه عنها قبل يومين، في أن تسيء للسيد الرئيس. أما مسألة العرق وتعرق الرئيس أثناء إجراء الحوار فمن المعروف أثناء تســجيل أي لقاء أنه يتــم إيقاف التكييف والمروحــة، لأنهمــا تصــدران صوتًا يتداخــل مع صوت الضيف والمذيع، لذلك وفي أثناء التســجيل يمكن للضيف والمذيع أخذ استراحات بين الأســئلة لشرب الماء مثلاً، أو تجفيف العرق بمنديل، حتى تظهر الصورة ملائمة تقنيًا، إضافة لأنه من الضروري اســتخدام بعض أنواع الباودر لوجه الضيف لمنع ظهور أي لمعان لبشــرته نظرًا للإضاءة التي تكون محيطة به. أما أن المخرج والمذيع يترك الضيف يتصبــب عرقًا فهذا لا يحدث حتى في قنوات بير الســلم، وهو خطــأ تقني للمخــــــ­رج والمصور. هنــاك كثير من حلقات هذا البرنامج تم تسجيلها مع رؤساء دول وملوك، لكنها تميــزت بأنها لقــاءات فردية ومــدة الحلقة نصف ســاعة أو ســاعة مع الضيف وليس 6 دقائق كما حدث مع الرئيس .»

فريق الرئيس المعاون

وفي «المصري اليوم» واصل رئيس تحريرها الأســبق محمد الســيد صالح مهاجمــة الفريق المعــاون للرئيس واتهمه بارتكاب الأخطاء التــي أدت إلى هذا الموقف وقال غامزا النظــام: «كفانــي الزملاء في مطبوعــات ومواقع عديدة الحديث عن حوار الرئيس لشــبكة «سي بي أس» الأمريكيــ­ة، وما فيه من أخطــاء مهنية عديــدة، لا أخفي كصحافي فخــري واعتزازي وغيرتي مــن الإعلام الحر، وكيف يؤثر في الجميع انتهاء بقمة الهرم السياسي، وكيف ينتصر الجميع للحريــات وللصحافة والصحافيين، حتى لو كان الخصم هــو رئيس الجمهورية. بالطبع هذا يحدث في أمريكا وليس عندنا. مــا أريد أن أقوله متعلق بالفريق الذي وافق على أن يتم الحــوار في هذه الصيغة المقارنة، بين أداء المذيع نفسه والبرنامج نفسه مع الرئيس ومع ما قدمه زعماء آخرون، لن تكون في صالحنا تماما. الرئيس بخلفية عسكرية عظيمة ويمتلك مهارات عالية في القيادة، لكنه ليس خبيرا في الاقتصاد أو السياســة أو التاريخ أو الجغرافيا، أو ملمًا بكل الأرقام والبيانات المتخصصة. هو قائد أما التفاصيل التي ينطق بها فهي من مهام مساعديه. ينبغي أن لا يجري الرئيس حوارا لا يعرف أســئلته مقدمًا وينبغي أيضًــا أن لا تكون في حوزتــه معلومات وأرقام دقيقة من فريقه. أتمنى أن يفتح هذا الحوار الباب لقضايا متعلقة بمهارات ومهام المستشارين حول الرئيس وأهمية التعاطي الصحي مع الإعلام المحلي والدولي على السواء. هو مهم في جلب احترام النظام أو التقليل من شأنه، هذه بدهية لقد تعاملت في ســفاراتنا وقنصلياتنا في الخارج مع دبلوماســي­ين ودبلوماســ­يات معظمهم حاصلون على الدكتوراه من جامعــات غربية كبرى، فــي فروع العلوم السياســية أو الاقتصاد وجوه مشــرفة لمصر في الخارج لكنهم في الغالب بــا فرصة للتصعيد فــي الخارجية أو الرئاســة، إبحثوا عن المؤهلين من بين هؤلاء وامنحوهم حقوقهم، لن نتطور بالأجندة التقليدية وبأن كل ما يتم في مصر هو وفقًا «لتعليمات السيد الرئيس»، هو بشر يخطئ ويصيب هو يقول ذلك وعلينا أن نساعده بالمعلومات وأن ننبهه حين يخطئ وندعمه على الدوام. على كل مســؤول أن ينفذ الصواب وفقا لخبرته وطموحنا وإمكانياتن­ا.»

مسلمون وأقباط

لا يزال مشــهد افتتاح الرئيس السيســي في العاصمة الإدارية الجديدة مســجد الفتاح العليم وكنيســة ميلاد المســيح، وهما أكبر مسجد وكنيســة في المنطقة، يحظي بالاهتمــا­م وقال عنه في مجلة «روز اليوســف» أســامة ســامة تحت عنوان «مئة عــام بين الهــال والصليب:» «في عام 1919 وقف القمص ســرجيوس خطيبا على منبر الجامع الأزهر، وخطب الشــيخ محمــد عبدالله دراز في الكنيســة. وفي عام 2019 منذ أيام ألقى البابا تواضروس كلمة في افتتاح مسجد الفتاح العليم في العاصمة الإدارية الجديدة، وتحدث شــيخ الأزهر من داخل كاتدرائية ميلاد المســيح، خلال افتتاحهــا. مائة عام مرت بين المشــهدين تراوحت فيهــا العلاقات بين المســلمين والأقباط، بين المد والجزر بعد ثورة 1919، كانت الوحدة الوطنية متوهجة، كان وجود المســيحيي­ن في الحياة السياسية شيئا عاديا، وكان منهــم وزراء وقيادات في الأحــزاب المختلفة، وكان نجاح بعضهم فــي الانتخابــ­ات وفي دوائــر أغربها من المســلمين، أمرا لا يثير الدهشــة، ولكن لــم يخل الأمر من بعض الاضطرابــ­ات التي بــدأت منذ ثلاثينيــا­ت القرن الماضي، إذ يمكننــا هنا ملاحظة أن أغلــب هذه الحوادث تمــت بعد ظهور جماعــة الإخوان عــام 1928، إلا أن هذه الأحداث لم يكن لها تأثير كبيــر على مجمل العلاقات بين جناحي الأمة بعد ثــورة يوليو/تموز. كانت قبضة النظام برئاســة عبدالناصر حازمة، ولهذا لم يشهد البلد أحداثا طائفية تذكر، ولكن تأميم العمل السياسي أدى إلى انزواء الأقباط داخل الكنائس نسبيًا، ومع ذلك كانت العلاقة بين الكنيسة والدولة في أحسن حالاتها بسبب الصداقة التي جمعت الرئيس عبدالناصر والبابا كيرلس، وهو عكس ما حدث في الســبعيني­ات، وبعد تولي السادات الحكم بعد اغتيال الســادات وصعود مبارك للحكم لم يكن التصدي للتطرف إلا من منطق حمايــة النظام وليس الدولة، وهو ما ظهر في كل الانتخابات التــي جرت قبل وبعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 حتى جــاءت ثورة 30 يونيو/ حزيران، التي أطاحت بحكم الإخوان حقيقة. بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو خرج المسيحيون من أسوار الكنائس وأصبحــوا أكثر فاعلية في الحياة السياســية، كما عادت علاقات المودة بين الدولة والكنيســة بعــد تولي الرئيس السيســي واعتلاء البابا تواضروس كرسي البطريركية، ولكن ظــل تأثير المتطرفــن موجودا لدى عــدد قليل من البسطاء .»

سوريا ومصر

وإلــى قضية عودة ســوريا إلى مقعدها فــي الجامعة العربيــة، خاصة بعــد التطورات الأخيــرة على الأرض، وسيطرة الجيش الســوري على معظم الأراضي، وإعلان امريكا ســحب قواتها من هناك، وما ســبق ذلك من زيارة الرئيس الســوداني عمر البشير لدمشــق، ثم ما تلا ذلك من إعادة دولة الإمارات العربية ســفارتها هناك، وتلتها البحريــن، وكان متوقعا أن تكون مصر هي الســباقة في ذلك بســبب الموقف المعلن للرئيس السيسي المتضامن مع ســوريا في الحفاظ على الدولة هنــاك، ووحدة أراضيها والتنسيق في مسائل أمنية، ولكن جاءت تصريحات وزير الخارجية سامح شــكري صادمة للبعض، إذ قال عنها في «الوطن» عماد الدين أديب: «كيــف يمكن أن نفهم الموقف المصري الأخير من عودة ســوريا إلــى الجامعة العربية ومؤتمرات القمة العربية؟ جاء الموقف المصري على لسان سامح شكري وزير خارجية مصر في بيان صريح وواضح مكتــوب بعناية، ويعبر عــن تراكم خبرة الدبلوماسـ­ـية المصرية، التي تعتبر الأقدم والأعرق في عالمنا العربي. جاء البيان المصري على لسان ســامح شكري ليؤكد أن عودة ســوريا إلى محيطها العربي هي عودة مشروطة مرتبطة بمجموعة من الإجــراءا­ت الصريحة والمحددة بالنســبة للتسوية السياســية التي يتبناها المجتمع الدولي. وكان ســامح شــكري يريد أن يقول إن هذه الشروط لم تتوافر بعد لذلــك. توجيه الدعــوة للحكم في ســوريا لحضور القمة الاقتصاديـ­ـة في بيروت يوم 21 من هذا الشــهر لن يتم إذن، المعادلة هي أن القبول بالنظام في سوريا يرتبط -شــرطياً- بالقبول بالتســوية السياســية وشروطها الدوليــة. والمنطق المصــري الذي جاء على لســان وزير الخارجية يضعف التشكيك في نواياه، فالقاهرة ظلت من اليوم الأول محتفظة بكامل علاقاتها وتمثيلها الدبلوماسي مع ســوريا، ودفعت في بعض الأحيان ثمناً سياسياً غالياً لهذا الموقف. ســتظل ســوريا التاريــخ والجغرافيا دولة عربية مركزية وأساســية لا غنى عنها بصرف النظر عمن يجلس في دمشق على رأس الحكم.»

العرب لا يتعاونون في ما بينهم

أما رئيســة تحرير «الأهالي» أمينة النقاش فقد شــنت في «الوفد» هجوما عنيفا ضد تصريحات شــكري وأبدت دهشــتها منها كانت تتوقع أن تقود مصــر الدعوة لإعادة ســوريا، واتهمت العرب بأنهم لا يجيدون التعاون في ما بينهم بما يحقق مصالحهم، كما تفعل كل دول العالم وعلى رأسها أمريكا وقالت: «جاء تصريح وزير الخارجية سامح شكري بشأن استرداد سوريا لمقعدها في الجامعة العربية مخيباً للآمال، ليس لأنه يجافي فقط خطاب المصلحة، لكن أيضاً لأن المنطق الذي ســاقه يسهل الرد عليه. قال الوزير شــكري إنه ليس هناك أي جديد حول عودة مقعد سوريا إلى الجامعة عربية وبرر الوزير شــكري ذلك بأن العودة مرتبطة بتطور المسار السياسي وقيام دمشق بمسؤوليتها تجاه الشعب السوري لإنهاء الأزمة، ومرهون باتخاذ عدد من الإجراءات فــي إطار العمل السياســي لمجلس الأمن، وبفرض أن دمشــق لم تتخذ بعد تلك الإجراءات المشــار إليها، فإن ســوريا لاتزال عضواً فــي الأمم المتحدة، وفي معظم هيئاتهــا الدولية، فضــاً عن أن عــدداً من الدول العربية، إما لم يقطع علاقاته بدمشق مثل عمان والجزائر والسودان والكويت ولبنان، وإما أعادها مؤخراً مثل دولة الإمارات العربيــة والبحرين ويبرهن الإبقاء على الوضع الراهــن أن العرب لا يتعلمون مــن تجاربهم المريرة، التي جعلت العداء بين دولهم أشد ضراوة من عدائهم للخصوم والأعداء الخارجيين. يحدث ذلك بينما تســعى إسرائيل لجلــب الدعم الأمريكــي والغربي لضــم هضبة الجولان الســورية المحتلة، كي تصبح بشــكل قانونــي جزءاً من إســرائيل، ويحدث في الوقت نفسه الذي يعلن فيه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو من القاهرة اســتراتجي­ة بلاده فــي المنطقة التي تقوم على تحويــل بوصلة العداء فيها من إســرائيل إلى إيران، بدفع دولها للمشــاركة في حلف عســكري لمواجهتها. ألم يخســر العرب جميعاً من المقاطعــة العربية لمصــر على مدار عقد كامــل، عانت فيه الشــعوب أكثر مما عانت الحكومات؟ ألم يتحمل الشعب الســوري دون حكومته أعباء المقاطعــة العربية لبلاده التي شجعت على التمادي في التدخل الخارجي في الأزمة السورية. استعادة ســوريا لمقعدها في الجامعة العربية وهي دولة من مؤسسيها، قضية لا يليق سوى بمصر قيادة الدعوة لإتمامها في القمة العربية المقبلة».

وإلى «الأهرام» التي قال فيها أســتاذ العلوم السياسية في جامعة القاهر الدكتور علي الدين هلال:

«وأتصور أن عودة سوريا إلى مؤسسات العمل العربي المشــترك هي مصلحة عربيــة ومصرية، وتأكيــد للدور المصري فــي تحقيق اســتقرار المنطقة، والســعي لإنهاء بؤر التوتر فيها، وأن يكون الموقــف العربي طرفًا في هذا الســعي، بحيث تتم تدريجيًا إعادة التــوازن بين العرب والقــوى غير العربية في الشــرق الأوســط. وهكذا فإن عودة ســوريا إلى الجامعة العربية ليست مسألة قانونية أو مؤسســية وحســب، بل إنها تصب في تشكيل الموقف العربي عمومًا والسوري خصوصًا، وأُشير هُنا إلى مطالبة رئيس الوزراء الإسرائيلي الولايات المتحدة بالموافقة على ضم هضبة الجولان السورية إلى إسرائيل وتغيير وضعها القانوني من أرض محتلة إلى جزء من إسرائيل، ففي مثل هذا الادعاء تهديد واضح لوحدة سوريا وتكاملها الإقليمي ويُغري إسرائيل بمطالب مماثلة لأراض تسعى للسيطرة عليها في الأردن ولبنان.»

أمريكا ومصر وفلسطين

وإلــى المفاجــأة التي لــم تتوقعهــا أمريــكا ولا وزير خارجيتها في زيارته لمصر وهي الهجمات غير المســبوقة ضده وضد بلاده وحملت شتائم عديدة له، ورفضا لما جاء من أجله ولوحظ أن الرئيس السيســي سافر إلى الأردن للاجتمــاع مع الملك عبد الله الثاني، لبحث ما حمله الوزير ووجهت الاتهامــا­ت العديدة لأمريكا ودعمها لإســرائيل والتغاضي عن جرائمها التــي ارتكبتها اثناء وجوده من مهاجمة القوات السورية وإقامة طريق للفصل العنصري وقتل فلسطيني، والوحيد الذي أشــاد بالزيارة كان عبد المحسن سلامة في «الأهرام» الذي قال مع قدر من التحفظ: «العلاقات الاســترات­يجية مع أمريكا لا تمنع من أن يكون لمصر موقف ثابت وواضح تجاه الأحداث في المنطقة، حتى إن اختلف هذا الموقف مع الموقف الأمريكي، خاصة الموقف من القضية الفلســطين­ية، الذي تشــدد مصر عليه دائما وتلتزم بــه، ويقوم على ضرورة التوصــل إلى حل عادل وشامل يضمن حقوق الشــعب الفلسطيني وإقامة دولته المســتقلة وعاصمتها القدس الشــرقية، وفق المرجعيات الدوليــة. مصر لها موقف واضح ومســتقل في العديد من قضايا دول المنطقة، حيث كان الرئيس عبدالفتاح السيسي أول من طالب بضرورة الحفاظ على الدولة الســورية من السقوط والانهيار وترك الشــعب السورى يقرر مصيره بعيــدا عن التدخلات الأجنبية في شــؤونه، وترك مصير الرئيس الســوري بشار الأسد للشــعب السوري نفسه، وفــي البداية لم يكن هذا الموقف يروق للأمريكيين وبعض الدول الأخرى، والآن تحــول الموقف وتغير تماما لمصلحة الرؤيــة المصرية، بــل إن أمريكا الآن تريد ســحب قواتها من ســوريا مكتفية بما حدث. وعلى الجانب الآخر عادت البعثات الدبلوماسي­ة من جديد إلى دمشق، وأصبح هناك شــبه توافق على ضرورة الحفاظ على ما تبقى من الدولة الســورية. كبح جماح التطرف الإســرائي­لي ضرورة في هذه المرحلة لإعطاء الأمل للشعب الفلسطيني المكافح بعد سنوات طويلة من الصراع والقتال في المنطقة.»

إدارة ترامب

ثم انفجــرت الهجمــات العنيفة ففي «الشــروق» قال رئيس تحريرها عماد الدين حســن: «إحدى مزايا إدارة ترامب القليلة هي الوضوح والصراحة، التي تقترب كثيرًا من الفجاجة، وتلك كانت ميزة كلمــة بومبيو، حينما قال في أكثر من موضع أن بلاده تدعم إســرائيل واستقرارها وقوتهــا في مواجهــة أي مصدر تهديد لهــا، وحينما جاء الحديــث عن القضية الفلســطين­ية قال كلمــات عامة من قبيل: «ســنواصل الضغط للتواصل لســام حقيقي بين الطرفين» لم يقل ســيضغط على مَن؟ علمًــا بأن التحرك الوحيد الفعلى كان هو نقل السفارة الأمريكية إلى القدس العربية المحتلة في مايو/أيار الماضي في حين يرى كثيرون أن صفقة القرن «فنكوش».

خريطة جديدة للصراعات البديلة

أما أيمن الصياد فإنه في العدد نفسه رجح نجاح الوزير في تحقيق ما جاء من أجله إذ قال: «يحاول بومبيو، ولعله نجح، رسم خريطة جديدة للصراعات البديلة في الشرق الأوسط «طائفية» للأســف، لتكون بديلا عما عرفناه من صراع حقوق بين غاصب محتــل وصاحب أرض، لا مجال في حديثه لما كنا قد ســمعناه من أوباما يومها عن حقوق فلســطينية «مشــروعة» ولا لحل الدولتين رغم أن الفكرة ولدت في الأساس أمريكية.»

زارعو الإرهاب

لكن كان محمد محســن البنــا في «الأخبــار في غاية الغضب فقال: «مازالت الإدارة الأمريكية ترى أن الشــرق الأوســط والوطــن العربــي فــي قبضة يدهــا وتخطط لمســتقبله. ما قاله وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أمام حشــد منتقــى في الجامعــة الأمريكية فــي القاهرة الخميــس الماضي يعني تقســيم المنطقة كمــا خططت لها الإدارة الأمريكية، لتبقى إســرائيل الكبرى، والحجة الآن «دعم واشــنطن لجهود القضاء على الإرهاب» وقد نسوا أنهم من زرع هذا الإرهاب».

ترامب الرئيس المعتوه

أما المفاجأة فجــاءت من زميله في «الأخبار» خالد رزق الذي أفرغ جام غضبه على الوزير، وقال عنه تحت عنوان «بومبيو مع من تتكلم يا رجل» موجها إليه أعنف الألفاظ: «في بســاطة مطلقة وقف وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الخميس الماضي في الجامعة الأمريكية في القاهرة ليقول بأن بلاده هي قوة خير في منطقة الشرق الأوسط، وبأنها أبداً لم تكن قوة احتلال. ومضى وزير خارجية البلد الأشــد عدوانية وإجراماً في التاريخ الإنساني في خطابه الــذي ظن على ما يبــدو أن إلقاءه من القاهرة ســيضفي عليه مصداقية ما، ليشــرح كيف وقفت الولايات المتحدة ضد الإرهاب، وليحدد لنا وللعالــم كيف علينا أن نتعامل مع قضايا منطقتنا، ومع من نتعامــل ومن ينبغي لنا عدم التعامل معهم .هكــذا وفي بجاحة وقحة يريد منا بومبيو، أن نغفل تاريخنا القريب وحتى حاضرنا بكل ما يحفلا به من حروب عدوانية شــنتها بلاده خارج كل أطر الشرعية الدولية والأعراف الإنســاني­ة ونواميــس العلاقات بين الدول، ومن دون مبرر على بلادنا، من ليبيا إلى السودان والصومال واليمن والحرب العدوانية المدمرة الأوسع في العراق التــي انتهت باحتلال بلاد الرافدين وتمزيقها، إلى عدوان واحتلال بعده قائم على الأرض السورية، وإنما أن هذا المأفون لم يراع قواعد الدبلوماسي­ة، وأعلن من أرضنا مواقف عدائية تجاه ســوريا، التي هــدد بأن ترامب على استعداد لتنفيذ عمليات عسكرية بها مجدداً، وتجاه إيران التي طالــب العالم بعدم التعاون مع نظامها، والمشــارك­ة بتنفيذ العقوبات الأمريكية ضدها ومحاربتها، وزاد بذكر حزب الله اللبناني الذي قال إن قوته كبيرة وهو ما لا تقبل به بلاده التي ســتعمل مع إسرائيل للقضاء على ترسانته وإلى ذلك راح ليبشــر بأهمية التطبيع بين العرب والكيان الصهيوني، داعياً إلى ما وصفه بالتحام سياسي بين مصر والأردن وبلاده ـ التبعية هي ما يقصد ـ روشتة صهيونية يصفها لنا منــدوب إدارة أمريكية متصهينة لا ترد إلا على رؤوس مجانين في إدارة يرأسها معتوه».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom