Al-Quds Al-Arabi

سلام المنطقة والعالم مرهون بقطع أذرع الأخطبوط الإيراني

- ايال زيسر إسرائيل اليوم 2019/1/13

الإغــاق الاقتصادي على إيران آخذ في الاشــتداد، وفي أعقابه تتعاظم أيضاً العزلة السياســية التي يجد الإيرانيون أنفسهم فيها. في لحظة نادرة من الصراحة اعترف الأســبوع الماضــي الزعيم الأعلى لإيران علــي خامينئــي بــأن العقوبات غير المســبوقة تثقل على الحكومة وعلى الجمهور في بلاده. ولكــن اليد الأمريكية لا تزال ممدودة، وقريباً ســتعقد واشنطن مؤتمراً دولياً في بولندا كي تفحص المزيد من الســبل لصــد الخطــر الإيراني على الاستقرار والأمن في العالم.

لقد احتلت إيران مكاناً مهماً في خطاب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومباو في القاهرة الأســبوع الماضي. وجاء الخطاب لإصــاح الانطبــاع الذي خلفــه خطاب الرئيس اوباما في القاهرة قبل نحو عقد. فاوباما كما يذكر وعد بفتح صفحة جديدة فــي علاقات الولايــات المتحــدة مع دول المنطقة، ولكن السياسة التي اتخذها، كما شرح بومباو، اعتبرت تعبيراً عن الضعف ومنحت تشــجيعاً للمحافــل الراديكالي­ة في الشرق الأوســط، وعلى رأسها إيران. أمــا الآن فالولايات المتحــدة مصممة، كما أضاف بومباو، علــى الدفاع عن حلفائها، وإبعاد إيران عن ســوريا ومكافحة حزب الله في لبنان.

يخيــل أن إرث اوبامــا ليــس وحده مــا ســعى بومبــاو إلــى إصلاحــه، بل وتصريحات الرئيــس ترامب، الذي أعلن الأســبوع الماضــي أن مــن ناحيته يمكن علي خامنئي لإيــران أن تفعل ما تشــاء في ســوريا. وبالمناسبة، يجدر بومباو أن يلفت الانتباه أيضاً إلــى ما جرى فــي وزارة الخارجية التي يقف على رأســها. ففي الوقت الذي يهاجــم فيها حزب الله ويعــد بمكافحته، تعمل الإدارة الأمريكيــ­ة على التعاون مع الحكومة اللبنانية وتخطط لمنح مساعدة مالية وســاح للجيش اللبناني، الشقيق التوأم لحزب الله.

ومــع ذلك، فــي كل ما يتعلــق بالقتال الاقتصــاد­ي ضد إيران، تبــدي الولايات المتحــدة تصميمــاً وتســجل نجاحات. يحتمــل أن يكــون الرئيــس ترامب بالغ في قوله إنه بســبب العقوبــات «لم تعد إيــران ذات الدولة إياهــا»، وإنها تضطر إلى ســحب قواتها من سوريا ومن اليمن. ولكن التقارير مــن طهران تفيد بالضائقة الاقتصاديـ­ـة المتعاظمــ­ة، التــي تجبــر الإيرانيــ­ن على ان يقلصــوا، مؤقتاً على الأقل، نشاطهم التأمري.

على الأمريكيين، الذين يحللون الشرق الأوســط وفق عالــم القيــم الغربي، أن يفهمــوا أن الكفاح ســيكون طويلاً، وأنه لن يحسم فقط في الســاحة الاقتصادية. فالتصــدي لإيــران يشــبه الكفــاح ضد أخطبــوط متعــدد الأذرع. ذراع واحــدة هي التواجد العســكري لإيران، في شكل الحرس الثوري، في صورة الميليشــي­ات التطوعيــة الشــيعية من أفغانســتا­ن، ومن الباكســتا­ن ومــن العــراق، والتي يمولهــا الإيرانيون ويســتخدمو­نها في كل أرجاء الشــرق الأوســط، أو من خلال رســل محليين، مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، بــل وحتى حماس في غزة.

ذراع أخــرى هــي منظومــة الإرهاب العالمي. بعــض منها انكشــف مؤخراً في أوروبا بفضل معلومات إســرائيلي­ة. فقد أعلن الاتحاد الأوروبي عن فرض عقوبات ضــد وزارة الاســتخبا­رات الإيرانيــ­ة والحرس الثــوري، بدعــوى أنهم وقفوا خلف المحاولات لتصفية معارضي النظام الإيراني في هولندا، والدانمارك وفرنسا.

ذراع أخــرى هي منظومــة الصواريخ بعيدة المدى، والأقمار الاصطناعية، وكذا السلاح النووي الذي تطوره إيران. وقبل بضعة أيام أعلن الرئيس حســن روحاني بأن بلاده ســتطلق قمريــن اصطناعيين إلى الفضاء، في ظل اســتخدام صواريخ من إنتاج إيرانية. أمــا تكنولوجيا إنتاج صواريــخ إطــاق الأقمــار الاصطناعية فضرورية لإيران لحاجة إنتاج الصواريخ بعيدة المدى القــادرة على الوصول حتى أوروبا، وفي المستقبل حتى إلى الولايات المتحدة، وحمل رؤوس متفجرة نووية.

إذا كانت واشــنطن تســعى لأن تصد الخطر الإيراني على سلام المنطقة والعالم، فإن عليهــا أن تقطع أذرع الأخطبوط التي تنطلــق من طهــران إلى أرجاء الشــرق الأوســط والعالم، وألا تحــاول المعالجة الموضعية لواحــدة منها فقط، مثلما فعلت إدارة أوباما.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom