Al-Quds Al-Arabi

قصف نقطة تركية مجدداً في سوريا... رد حازم من أنقرة وحشود ضخمة حول إدلب

- دمشق - «القدس العربي» من هبة محمد:

دون الالتفات إلى تحذيرات تركية سابقة، وفي ما يبدو أنه محاولة روســية لجر أنقرة إلى مواجهة مع النظام الســوري، قصفت قوات الأسد نقطة المراقبة التركية في شــير مغار شــمال غربي حماة، وردت تركيا بشكل حازم على لســان وزير الخارجية فيما قالت وزارة الدفــاع، إن قوات النظام، اســتهدفت نقطة المراقبة التركية التاســعة في المنطقة الواقعة ضمن مناطق خفــض التصعيد فــي محافظة إدلب شمال غربي سوريا.

وعلق وزير الخارجية التركي مولود تشــاووش أوغلو حــول اســتهداف نقطــة المراقبــة التركية بسوريا بأنه «لا يمكن التسامح مع تحرشات النظام بجنودنا، سنوقفه عند حده، على الجميع أن يعرفوا حدودهم». وأوضحت الوزارة في بيان لها، أن قوات النظــام، المتمركزة في منطقة تل بازان، اســتهدفت نقطة المراقبة بالمدفعية وقذائف الهاون، دون وقوع خسائر بشــرية، حيث اقتصرت الأضرار على بعض التجهيزات والمعدات الموجــودة فيما أعربت الدفاع التركية عن ثقتها بأن هذا الاستهداف كان متعمداً.

وردت القــوات التركيــة المرابطة فــي المنطقة، على القصف بشكل مباشــر، عبر أسلحتها الثقيلة، حســب وزارة الدفاع التي اكدت ان القيادة « تتابع التطــورات الحاصلة في المنطقة عــن كثب، وأجرت المبادرات اللازمة عبر روسيا».

ويبدو ان اســتهداف نقاط المراقبة التركية بات أمراً اعتيادياً في ســابقة لم تكــن موجودة، وهو ما يشير إلى علم موسكو بهذه الاستهدافا­ت او رعايتها على اقل تقدير فيمــا يرجح مراقبون أن النظام ومن خلفه إيران يستغلان حالة القلق والارتباك التركي - الروسي.

ويقرأ الباحث السياســي «يمان دابقي» ان المراد من الحادثة ممارسة سياسة الانزلاق بغية الوصول لحد الصدام المباشر، «إذ ان الردود عليها ليس دليل ضعف بل عــدم رغبة في مزيد من التــورط، كما ان التعاطي معها يتطلب حنكة سياســية لا ردود أفعال عشوائية». وعبر وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو حول استهداف نقطة المراقبة التركية بسوريا عن عــدم «قبول هــذا العدوان للنظــام» معتبراً أن قصف نقاط عســكرية «مخالف لمذكــرة إدلب التي أبرمناها مع روسيا».

قوات النظام الســوري لا يمكن أن تزج نفســها بمواجهة مباشــرة مــع تركيا بــدون حصولها على ضــوء أخضر روســي، حيث يســعى النظــام إلى الضغط على الضامــن التركي وإحراجــه داخلياً، وهو ما اســتنتجه الباحث السياســي لــدى مركز عمران للدراسات الاســترات­يجية، ايمن الدسوقي، حيــث اعتبر في حديــث مع «القــدس العربي»، ان سبب تكثيف الضغوط العسكرية على نقاط المراقبة التركية هو لدفعها للانســحاب من مناطق تمركزها، وإظهار أنقرة بمظهر «الضامن الضعيف »، واستغلال ذلك في حــال حدوثه لضرب العلاقــة بين الجانب التركي وفصائل المعارضة، فضلاً وهو الأهم تقويض الاتفاق الروسي التركي، الذي يلجم النظام عن شن عملية عسكرية واسعة النطاق في إدلب.

في المقابل، تستثمر روسيا الاستهداف المتكرر من قبل قوات النظام لنقاط المراقبة التركية، حسب رأي الدسوقي، من اجل الضغط على أنقرة ودفعها لإعادة النظر بحســاباته­ا فيما يتعلق بالمعارك الدائرة في ريف حماة الشــمالي وملف «اللجنة الدستورية،» فضلاً عن محاولة اســتثمار هذه الاستفزازا­ت لفتح قناة تواصل مباشــرة بين الطرفــن بحجة ضرورة التنســيق مســتقبلاً للحيلولة دون تكرار مثل هكذا حوادث، ويؤشــر الرد التركي لعــدم خضوع أنقرة للتهديــدا­ت والضغــوط واســتعداد­ها للتصعيــد عسكرياً إن تطلب الموقف ذلك، ومن المحتمل أن يدفع الرد التركي روسيا إلى إعادة ضبط الصراع ليكون بين الفرقاء المحليــن، مخافة الانزلاق إلى مواجهات أكبر أطرافها الضامنين.

استدراج تركيا

وبالرغم من التصريحات الرسمية التي اعتبرت أن اســتهداف نقطة المراقبة التركية التاســعة، في ريــف حمــاة مخالف لاتفــاق ادلــب، الا ان المحلل السياســي التركي حمــزة تركين أصر علــى انه لا يمكن وســم ذلك بـ»انهيار اتفاقيات» حيث صنفها تكين لـ »القــدس العربي » على أنها «محاولة جديدة لسلســلة ســابقة من اجل اســتدراج تركيا من قبل روسيا والنظام السوري وإيران إلى أمر واضح وتم التخطيط له من قبلهم». واســتطرد: ربما نستطيع القول إن هذه الاســتفزا­زات يمكن أن تكون اختبار جدية تصريحــات الرئيس اردوغان حول الرد على أي اعتداء جديــد ولن تقف مكتوفــة الأيدي، فهذه الأطــراف تختبر الجديــة التركية عبر اســتهداف محيط النقطة التاســعة في مدينة مــورك في ريف حماة.

وقال تكين لاحظنــا أن الرد التركي جاء بشــكل ســريع وقوي من حيــث الحجم ونوعية الســاح المستخدم والمعلومات الاســتخبا­راتية تفيد بوقوع خســائر كبيرة فــي مواقع جيش النظام الســوري المستهدفة، وهنا وصلت الرسالة التركية الواضحة، بأن أنقرة لن تتخلى عن إدلب سياســياً ومن حيث الدعم، ولن تســحب قواتها مــن هناك على الإطلاق مهمــا كانت الضغــوط والظروف والاســتفز­ازات. وأيضاً أن تركيا لن تنجر لحرب يرســمها الآخرون، وهــي تتدخل وتتصرف وفق ما تقــرره هي، وليس وفق ما تقرره بقية الأطراف، ومن هذه الرسائل، أن تركيا مســتعدة لرد عسكري أكبر حال أي استهداف جديد للجيش التركي ونقاط المراقبة في المســتقبل، وبعد اليوم لن يكــون هنالك أي هدوء تركي ضد أي اعتداء علــى قواته وما تريده فــي إدلب على وجه الخصــوص. واعتبر تكــن ان الرد التركي رســالة للجميع، بأن «انقرة ســتواصل دعمهــا للمعارضة الســورية المعتدلة وتتوعد بمزيد مــن حيث الكمية والنوعية .»

حماية الاتفاق

تركيــا، وفــق رأي المتحــدث، لا تريــد إنهــاء الاتفاقيات مع روسيا «سوتشي» بما يخص الشمال السوري، وهي متمســكة به فيما يتعلق بإدلب، وإلا سيكون الخيار «حرباً شــاملة» في المنطقة، ووضع اكثــر من 3 ملايــن مدني تحت خط النــار، وهذا ما لا تريــده انقرة، وأيضاً لا يريــده الأهالي في إدلب. وحتى اللحظــة الاتفاق التركي الروســي لم ينهر، والاتصالات على أعلى المســتويا­ت بين الجانبين في هذه اللحظات لإبقاء التفاهمــا­ت صامدة، وواضح أن النظام السوري يستفز فقط، ولا يستطيع التقدم على الأرض، ويقدم لجمهوره فقاعة إعلامية جديدة حسب رأي تكين.

وبعد الإعلان عن الهدنــة المفترضة والتي هدفها إعادة ترتيب الصفوف، تتواتر الأنباء عن حشــود عسكرية ضخمة روســية، إلى حميميم وطرطوس، وصفها خبــراء بأنها الأضخم منذ حملة الاجتياح بـ 26 نيسان الماضي، وفي المقابل رصدت حشود تركية ضخمة أيضاً وصلت إلــى مناطق التماس من الدول الضامنة للمعارضة، هدفها وفق الباحث السياســي يمان دابق تثبيت نقاط التقدم فــي محاور المتقدمة شــرق ريف وغرب حماه، وريف اللاذقية، وتحسين الخطوط الدفاعية، موضحاً ان هذه الحشــود تنذر بمرحلة هي الأعنف ستشهدها منطقة خفض التوتر الرابعة في الأيام المقبلة.

وأشــار مســؤول ســوري معارض، الأحد، إلى إمكانية تســليح الجيش الســوري الحر بأســلحة مضادة للطائرات خلال فترة قريبة.

وقــال عضو الهيئة السياســية ومديــر الدائرة الإعلاميــ­ة في الائتلاف الوطنــي أحمد رمضان عبر حســابه في موقع التواصل الاجتماعــ­ي «تويتر»: «إذا واصلــت روســيا اســتخدام طيرانها الحربي في قصف المدنيــن في إدلب وريفــي حماة وحلب، فإن تزويد الجيس الســوري الحر بأسلحة مضادة للطائرات أصبح مسألة وقت». وقال مصدر عسكري واســع الاطلاع لـــ «القــدس العربــي»، ان هناك دعوات داخل المجلس الامن القومي التركي من أجل تسليح المعارضة الســورية المعتدلة الموالية لتركيا بمنظومات دفاع جوي في حين لم يصدر عن الحكومة التركية أي تصريحات رسمية بهذا الخصوص.

وقبــل أيام أصيبــت طائرة حربية روســية من طراز «سوخوي» في الشــمال خلال تنفيذها غارات على المنطقــة، لتعترف موســكو بالحادثة، في حين اتهمــت وكالاتها الإعلاميــ­ة - تركيــا - بالوقوف وراء العملية، من خلال تزويد المعارضة الســورية بصواريخ مضادة للطائرات.

إلا أن القيادي فــي المعارضة الســورية، العقيد فاتح حســون، كان قــد نفى في وقت ســابق خلال حديث خاص مــع «القدس العربي» حــدوث ذلك، قائلاً: «لم نتــزود بهذه الأنواع مــن الصواريخ من الدول الداعمــة، والذي اســتطعنا الحصول عليه، كان بشــكل ذاتي، حصل خــال معاركهم مع النظام السوري، وأن هذه الأســلحة لم تحدث فارقاً كبيراً بســبب حدوث خلل فــي البعض منهــا، جراء عدم مراعاة ظروف النقل والتخزين الخاصة بالصواريخ ذات الحساســية العاليــة كونها مــزودة برؤوس جيروسكوبية حرارية أو ليزرية .»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom