Al-Quds Al-Arabi

لهجة الأردن «أقل حدةً» والألمان يبلغونه: صفقة واشنطن برنامج إجراءات وليست إعلاناً سياسياً

كوشنر أبلغ بوجود «مال على الطاولة بإمكانكم عدم تناوله»

- عمان - «القدس العربي» من بسام البدارين:

يتزايــد الانطباع وســط نخبــة العاصمة الأردنية عمــان بــأن تراكم معطيــات صفقة القــرن الأمريكية فــي الواقــع الموضوعي هو الأســلوب المعتمــد الآن علــى أن تتحول تلك الصفقة المشــبوهة إلى «إجــراءات تدريجية» على الأرض.

ورغــم أن العاهــل الأردني الملــك عبدالله الثاني أشــار في اجتماع لم يخصص للنشــر إلــى أن الصفقة تأجلت بحكــم إخفاق بنيامين نتنياهــو في تشــكيل حكومة إســرائيلي­ة، إلا أن القناعــة تتكثف حتى داخــل مواقع القرار وأجهزة الدولة بأن برنامج الصفقة نفســها في طريقه للتحول من «إعلان سياسي» مباشر إلى إجراءات ميدانيــة على الأرض تحظى معظمها بشــرعية دول عربية كبيرة، من بينها المغرب ومصر والسعودية.

وبالتوازي مــع إعلان الخارجية بأن الأردن سيشــارك في ورشــة عمل البحرين وسيقول كلمته السياســية، خففــت المقاومــة العلنية السياســية على الأقل من اللهجــة الأردنية لما ســيجري في البحرين وبــدأت تعلو «أصوات الواقعية السياســية» التي تقــول بأن المملكة ينبغي أن تحضر لقاء البحرين.

الحضور الضروري قناعة أشــار إليها، في آخر موقف معلــن، المفكر السياســي الأردني البــارز عدنان أبــو عودة، وهــو يتحدث عن ضــرورة تواجد بــاده في لقــاءات مثل هذا النوع، بعد سلسلة تحذيرات واقعية، وتحدث أيضــاً عبر «القــدس العربي» مبكــراً فيها عن صفقة بمضمون «اقتصادي». والواقعية تزداد فــي الأردن على نحو غير مســبوق منذ أعلنت المملكة التقاطــع والتعاكس مع خطة وترتيبات مستشــار الرئيس الأمريكي جاريد كوشــنر. لكن المنطوق الجديد في الصفقة الأمريكية أنها تحولت إلــى برنامج عمل تســتطيع أي دولة حليفة لواشنطن مقاطعته وتحمل كلفة المجازفة بالغياب عنه.

ويعني ذلك، حتى بتقدير سياســي مخضرم مــن وزن الوزيــر الســابق الدكتــور محمد الحلايقة، بأن «أخبث» ما في تلك الترتيبات بدأ يظهر على ســطح الأحداث، حيث يستطيع أي طرف أن يعارض أي فكرة أو مقترح أو مشروع سياســي دون أن يعيق ذلك ما يحصل إجرائياً على الأرض، ودون أن يعني أيضاً «التســليم» بالمضمون وبالنتائج.

سبق لسياســي محنك مثل طاهر المصري أن تحدث لـ «القدس العربي» عن «ترتيبات زاحفة وطويلة الأمد «تبــدأ بالكلام عــن صفقة تنمو واقعياً مقابــل إجراءات محــددة على الأرض يمكن لأي كان أن يعارضها لفظياً، لكنها ستقود إلى تصفية القضية الفلســطين­ية وبلع الأرض وتصدير الشعب للآخرين في الجوار.

حتــى التكشــيرة الدبلوماسـ­ـية الأردنية، عبــر الوزير أيمــن صفدي في وجــه الإعلان الأمريكي عن مشاركة عمان في لقاء البحرين، لا تخفي التبــدل الملموس في لهجــة الواقعية الأردنية، حيث يتبين لاحقاً أن كوشــنر نفسه أبلغ الأردنيــن عندما التقاهم بــأن أحداً «لن يفرض عليهم شيئاً» وبأن «حصة مالية وافرة تنتظرهم» وبإمكانهم ألا يوافقوا سياسياً وعلناً على أي مضمون.

مصدر مطلع سرب لـ»القدس العربي» بعض ما نقل على لسان كوشنر عندما زار عمان، حيث لّمــح إلى أن «المال ســيكون علــى الطاولة» وأن أحداً «لن يجبركم على تناوله». هنا يتضح بأن كوشنر لم يظهر أي يأس من التحدث مجدداً عن دور»للأردن ولدول الجوار في رعاية اللاجئين» عندما تكون «العودة إلى فلســطين القديمة»- كما ســماها - غير عملية وغيــر واقعية، وهذه تعبيرات- بتقديــر خبراء أردنيــن معنيينتؤشر إلى أن واشــنطن تعود لتكرار أسطوانة إغــاق صفحة وكالة غوث وتشــغيل اللاجئين )الأونروا(.

ولعــل التوافق حاصــل على أن المســاس بالأونروا بإصــرار أحد أبرز مظاهــر العدوان على الشعبين الأردني والفلسطيني، كما يلاحظ حلايقــة، خصوصــاً وأن المستشــار الأمريكي و»ظل كوشنر» غرينبلات، سبق أن صرح علناً بأنــه ليس صحيحاً أن إدارته ســتجبر الأردن على «وطن بديل أو توطين أو كونفدرالية».

يقود ذلــك إلى اســتنتاج لا يريد حتى كبار المســؤولي­ن الأردنيــن الوصــول إليــه الآن بســبب صعوبته وتعقيداته، وهــو أن موافقة الدول على إعلان سياســي أو توقيعها على أي وثيقة سياســية لها علاقة بمســتقبل القضية الفلسطينية «ليس شــرطاً الآن»، لأن الحديث عن دعم اقتصادي للشــعب الفلســطين­ي في المنفى والشتات، وعن «إجراءات» على الأرض تعكس وقائع القوة، وعن برنامج على أســاس «أمن دولة الاحتلال» وليس عن صفقة سياسية مكتوبة يكون المطلوب إقرارها أو الموافقة عليها.

أبلغت السفارة الألمانية في عمان سياسيين أردنيين عن شــيء من هذا القبيل، الأســبوع الماضي، وهي تتحدث عــن ترتيبات من الخطأ التحدث عنها بصفتها أشــبه باتفاق أو إعلان سياســي. هنا حصريــاً تلاحظ غرفــة القرار الأردنيــة التطــور اللافــت المتدحــرج، حيث يضغط الأمريكيون ومعهــم دول خليجية مثل الســعودية والبحرين والإمــارا­ت ومصر، من أجل «حضور نشاطات» وليس من أجل «إقرار أي وثيقة».

عدم وجود «حاجة» إلى إعلان رســمي لأي موقف من ملفات القضية الفلســطين­ية يشكل «مخرجاً» للدول الخليجية المهرولة نحو خطة كوشــنر وترتيبات الســام الاقتصادي، كما يشكل المخرج نفســه لأي دولة عربية تريد أن «ترفض» أي موقف أو تســعى للتمســك بأي مبــدأ. تلك حالة سياســية بامتيــاز، وخبيثة لم تختبرها ســابقاً المؤسســة الأردنية.. هنا التحدي الأبرز.

 ??  ?? هل سيكون الأردن وطنا بديلا للفلسطينيي­ن حسب ما تروج تسريبات «صفقة القرن»؟
هل سيكون الأردن وطنا بديلا للفلسطينيي­ن حسب ما تروج تسريبات «صفقة القرن»؟

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom