240 مثقفا يهوديا يطالبون حكومة ألمانيا برفض ضغوط دولة الاحتلال لتبني قرار البونديستاغ اعتبار «بي دي أس» حركة لاسامية
فيما تمارس حكومة الاحتلال ضغوطاً كبيرة على حكومة ألمانيا لتبني قرار البوندستاغ باعتبار حركة المقاطعة الدولية «بي دي أس» حركة لاســامية، يطالبها 240 مثقفاً إسرائيلياً ويهوديــاً بــارزاً بعــدم التــورط بذلك. وكشــفت صحيفة «هآرتــس» أمس أن حكومة ألمانيا منقســمة حيال الســؤال هل تتبنى قرار البرلمان )البونديســتاغ( من الشــهر الماضي باعتبــار حركة المقاطعــة الدولية لاســامية أم لا، منوهة أن هناك تبعات مالية تترتب على مثل هذا القرار أبرزها مستقبل التمويل الألماني لجمعيات مؤيدة لحركــة المقاطعة الدولية. وأشارت الصحيفة الإســرائيلية الى أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل لم تحدد بعد موقفها الرسمي.
يذكر أن قرار البوندســتاغ في هذا الســياق يشكّل المرة الأولى التي يصــادق فيها برلمان أوروبي علــى اتهام حركة المقاطعة الدولية باللاســامية. لكن هــذا القرار لا يعتبر وفق النظــم الألمانية قانوناً جديداً بل دعــوة للحكومة بتبني هذا الموقف من حركة المقاطعة الدولية.
وجــاء في تلك الدعــوة البرلمانية الألمانيــة أن الملصقات الداعية لعدم شــراء منتوجات إســرائيلية تثيــر تداعيات مرتبطة بالشــعار النازي «لا تشــتروا من اليهــود ». ونقلت «هآرتس» عن مصادر فــي ألمانيا قولهــا إن وزارة الداخلية الألمانية بقيــادة المفوض الأعلى لمكافحة اللاســامية فليكس كلاين تميل لتبني قرار البونديســتاغ لكن وزارة الخارجية الألمانية تعارض ذلك.
وأشارت الى أن مصادر في وزارة الخارجية الألمانية تعتبر أن مقاطعة إسرائيل أمر غير مقبول لكنها ترى بحركة المقاطعة الدولية تشكيلة واسعة من المواقف وينبغي معاينتها كل على حدة من أجل حسم السؤال ما إذا كانت هناك ميزات لاسامية. وكشف عن قيام 240 مثقفاً يهودياً بتوجيه عريضة للحكومة الألمانية تعــارض قرار البوندســتاغ، معتبــرة أن المقاطعة وســيلة احتجاج شرعية وغير عنيفة. ومن بين الموقّعين على العريضة الباحثة في التاريــخ اليهودي دكتورة يعرا بينغر وزميلها المؤرخ الدكتور عاموس غولدبيرغ. كما وقّعها رئيس الكنيســت الأســبق أفراهام بورغ الذي يدعو إسرائيل منذ سنوات للتوقف عن الانشــغال المهووس بالمحرقة وبالماضي والانتقال للغد والكف عن استغلال المحرقة لغايات سياسية كما عبّر في كتابه «الانتصار على هتلر.»
ويدعو المثقفون اليهود حكومــة ألمانيا الامتناع عن تبني قرار البونديستاغ ومساندة حرية التعبير ومواصلة تمويل جمعيات فلسطينية وإسرائيلية تناهض وتتحدى الاحتلال بوسائل ســلمية وتكشــف عن جرائمه وانتهاكاته للقانون الدولي.
وطبقاً لهذه العريضة التي ســبقتها عريضة مشابهة في الشــهر الماضي تم توجيهها للبوندستاغ قبيل اتخاذه القرار المذكور، فإن المنظمات الحقوقية الفلســطينية والإسرائيلية تدافع عن المبــادئ والقيم الديمقراطية الليبرالية وســلطة القانــون في ألمانيــا ودول أخــرى وهي في حاجــة للدعم الاقتصادي أكثر من أي وقت مضى. كما بادر المتحف اليهودي فــي برلين لتبني العريضة هذه ونشــرها على حســابه في تويتر وســرعان ما تعرض لهجوم مضاد شارك فيه السفير الإسرائيلي في برلين جيرمي يسخاروف الذي وصف تعميم العريضة وتبنيها بـ « الأمر المخجل.»
يشار الى أن تسريبات صحافية أفادت أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو طالب المستشارة الألمانية بالتوقف عن تمويل المتحف اليهودي في برلين بعدما استضاف عرضاً حول القدس طرحت الرؤية الفلسطينية الإسلامية للمدينة. كمــا طالبها بوقف تمويل منظمــات حقوقية أخرى مناهضة للاحتلال مثل مهرجان الســينما في برلين ومنظمات كنسية مناصرة للحق الفلسطيني وموقع انترنت إسرائيلي يدعى 972 الذي يحصل على تمويل من صندوق «هاينريخ بل».
ولم ينفِ مكتب نتنياهــو ذلك، موضحاً أن رئيس حكومة الاحتلال طــرح أمام قــادة مختلفــن في العالــم موضوع التمويل لمنظمات فلســطينية وإسرائيلية تتعامل مع الجنود الإسرائيليين كمجرمي حرب وتساند «الإرهاب الفلسطيني» وتدعو لمقاطعة إسرائيل.
وفي ســياق متصل عاد الى البلاد أمس النائب يوســف جباريــن من الجبهة الديمقراطية للســام والمســاواة بعد جولة من اللقاءات السياسية والمحاضرات في ألمانيا، شملت لقاءات في البرلمان الألماني «البونديســتاغ» وبرلمان مدينة هامبورغ، بالإضافة الى محاضرة في جامعة هامبورغ والى لقاء مع قيادة الجالية الفلسطينية في برلين.
وحســب بيان صادر عن مكتب جبارين فقد جاءت جولة العمل هذه بعــد دعوةٍ من الجالية الفلســطينية والمنظمات الالمانيــة الصديقــة، منوهاً أنــه قدم محاضــرة في جامعة هامبورغ حول قانــون القومية اليهودية وإســقاطاته على نضال ومكانة العرب الفلســطينيين في إسرائيل ومخاطره على الشــعب الفلســطيني وحقوقه التاريخية. وشارك في الأمســية الى جانب جباريــن نادر الســقا، رئيس الجالية الفلســطينية في شــمال المانيــا وعضو المجلــس الوطني الفلسطيني.
وفي لقاءاته مع قيادة حزب اليســار الألماني «دي لينكي» عرض جبارين مواقــف المواطنين العرب في إســرائيل من مجمــل قضايا العنصريــة وقضايا الاحتــال، وتطرق الى مخاطــر صفقة القــرن الأمريكية، وكذلك الــى خطورة قرار البوندســتاغ الالمانــي باعتبار حركة المقاطعــة بانها حركة لاســاميّة، موضحاً المغالطات الخطيرة التي جاءت بالقرار. كما شــارك في البرنامج الخاص الذي دعت اليه الســفارة الفلســطينية لتكريم مناصري القضية الفلســطينية وعلى رأسهم البروفيسور وعضو البرلمان الألماني السابق نورمان بيتش، الذي قامت ســفيرة فلسطين، خلود دعيبس، بمنحه درعا تقديريا خاصا.
واختتــم جباريــن الجولة بلقــاء في برلين مــع قيادات الجالية الفلســطينية، حيث قدم مداخلة حول مسيرة البقاء والتجذّر للجماهير الفلســطينية الأصلية في البلاد، «وعلى اســتمرار اســقاطات النكبة حتــى يومنا هــذا، مثل قانون القومية اليهودية وغيره، كما وجرى حوار واســع ومفتوح مع الحضور بمشاركة السفيرة دعيبس».
وقــال في تعقيبــه على جولــة العمــل: «نواصل عرض مواقفنا بعزةٍ وشــموخ مــن على كل منصةٍ فــي العالم، كما ونعزز أيضاً تواصلنا مع أبناء شــعبنا في مسيرتنا الموحدة نحو التحرر والاستقلال».